أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-12-2019
![]()
التاريخ: 23-5-2017
![]()
التاريخ: 27-4-2019
![]()
التاريخ: 1-2-2022
![]() |
في حالة عدم وجود احد الورثة المتقدم ذكرهم ، فأن هنالك من يستحق حقاً في تركة الميت ، أي تؤول اليه حقوق التركة ، دون ان يمّت الى الميت بصلة نسبٍ او سبب ، بمعنى اخر دون ان يكون من ضمن الورثة ، وعلى هذا فان ما يأخذه من التركة لا يكون ارثاً بل استحقاقاً ، ذلك اننا علمنا ان للارث شروطاً ، منها صلة القرابة او الزوجية او الولاء بين الوارث والمورث ، ولا صلة هنا . ولذلك فقد اطلقنا على هؤلاء المستحقين اسم ( المستحقين غير الورثة ) .
ان هؤلاء المستحقين يتمثلون بالاتي :
1.المقر له بالنسب .
2.الموصى له بجميع المال .
3.بيت المال .
وسنتحدث عن كل هؤلاء في مطالب ثلاثة .
الفقرة الاولى
المُقـَر له بالنسـب
يتنوع الاقرار بالنسب الى نوعين :
النوع الاول : اقرارٌ ليس فيه تحميل النسب على الغير .
النوع الثاني : اقرارٌ فيه تحميل النسب على الغير .
فالنوع الاول هو الذي يكون بأصل النسب كالبنوة المباشرة وبالأبوة المباشرة ، والامومة المباشرة ، مثل ان يقر شخص بان هذا الولد ابنه ، او ان هذا الرجل ابوه ، او هذه المرأة امه ، فاذا اقر الشخص بالولد او الاب او الام كان هذا الاقرار قاصراً على نفسه فقط ويكون ملزماً به طبقاً للأصل العام في الاقرار ، وهو انه حجة قاصرة على المقر لا تتعداه الى غيره الا اذا صدقه ذلك الغير او قامت البينة على صحة هذا الاقرار . ان هذا النوع من الاقرار يثبت به النسب متى تحققت شروط معينة. واذا ثبت النسب ثبت التوارث بين المقر والمقر له ، وثبتت كافة الحقوق المترتبة على صحة الاقرار ، وعلى هذا فان الابن او الاب او الام في هذه الحالة يعد ضمن الورثة الحقيقين يرث كما يرثون ويلحق بذلك في حكم الميراث الاقرار بالزوجية اذا لم يوجد مانع من موانع الزوجية وقت الاقرار ، فاذا مات المقر مصراً على اقراره ورثته الزوجة المقر بزوجيتها .
اما النوع الثاني من الاقرار فهو الاقرار الذي فيه تحميل النسب على الغير ، وهو الذي يكون بما يتفرع عن اصل النسب كالأخوة والعمومة ، مثل ان يقر شخص بان فلاناً اخوه ، فهذا ولا شك اقرار على غيره وهو ابوه . او يقر بأن فلاناً ابن ابنه ، فهذا ولاشك فيه تحميل النسب على الغير وهو ابن المقر لانه لكي يكون المقر له بالنسب ابن ابن المقر يجب ان يكون ثابت النسب لابن المقر ، وهذا هو معنى تحميل النسب على الغير . وهذا النوع من الاقرار لا يسري الا في حق المقر فقط ولا يسري في حق غير المقر ، فلا يكفي في اثبات النسب الا اذا صدقة المقر عليه او قامت البينه الكاملة على صحة هذا النسب ، فاذا لم يصدق المقر عليه ولم تقم بينة شرعية لم يثبت النسب من الغير ، لان الاقرار حجة قاصرة على المقر لولايته على نفسه دون غيره ، فلا يثبت في حق غيره الا اذا صدقه ذلك المقر عليه او قامت البينة على صحة الاقرار .
فاذا ثبت نسب مجهول النسب بالاقرار المذكور ، فانه يرث بالقرابة في الدرجة التي يعطيها له ذلك النسب . وان لم يثبت نسبه من المقر عليه ، فان جمهور الفقهاء قد ذهبوا الى انه لا يرث مطلقاً لا بنسب ولا بغيره ، وعلى هذا فليس له مرتبة عندهم ، وقال الشافعي ان المقر له يستحق التركة لا بوصفه وارثاً ، ولكن بوصفه مستحقاً. اما عند الحنفية ، فان المقر له – في هذه الحالة – يرث المقر بالشروط الاتية :
1.ان يكون مجهول النسب .
2.عدم ثبوت نسبه من ذلك الغير ، بأن لم يصدقه المقر عليه ورثته .
3.موت المقر وهو مصر على اقراره ، فلو رجع عنه وانكره ثم مات لا يرث المقر له منه(1). وبناءاً على ذلك اذا مات شخص كان قد اقر لآخر مثل هذا الاقرار ولم يكن له وارث ،او كان الوارث احد الزوجين ، فان التركة او الباقي منها بعد نصيب احد الزوجين يكون له .
الفقرة الثانية
الموصى له بأكثر من الثلث
ان الموصى له بشيء من التركة مقدم على الورثة ، وعلى هذا فان التركة لا توزع على ورثة المتوفي الا بعد تنفيذ وصاياه اذا كانت في حدود الثلث ، بعد اداء ديونه . اما اذا كانت الوصية بأكثر من الثلث او بجميع المال ، ولم تجز الورثة فانه لا يعطي للموصى له الا الثلث . اما في حالة عدم وجود احد الورثة المذكورين سابقاً ، ولا مقر له بالنسب على الغير ، فان الوصية بما زاد على الثلث او بجميع المال ، تعطى للموصى له سواء كان شخصاً او جهة خيرية ، ولو ان المتوفى قد ترك مع الموصى له احد الزوجين ، اخرج الثلث اولاً ، ثم اخذ الموجود من الزوجين فرضة ، وما بقي من التركة يعطى مرة اخرى للموصى له ، والى هذا الرأي ذهب الحنفية والحنابلة . ولعل العلة في ذلك تكمن في ان منع الموصى له من اخذ الزيادة على الثلث الا باجازة الورثة ، انما كان لمصلحة هؤلاء الورثة ، و حيث لم يوجد ورثة هاهنا ، فقد استحق ما اوصى له به . والى هذا الرأي ذهب فقهاء الشيعة الامامية ، بمعنى انهم اجازوا للموصى له بأكثر من الثلث او بجميع المال اخذ ما زاد على الثلث عند عدم وجود احد الورثة بيد انهم يختلفون عن الرأي السابق بكونهم اضافوا شرطاً اخر ، وهو عدم وجود الزوج الذي يرد عليه ، وعلى هذا فانهم جعلوا مرتبة الموصى له بأكثر من الثلث بعد مرتبة الرد على الزوج فقط ، مما يعني انه اذا كان هنالك زوج يرد عليه ، فان الزيادة ترد عليه ولا تذهب الى الموصى له بأكثر من الثلث . اما المالكية والشافعية فانهم ذهبوا الى عدم استحقاق الموصى له الا الثلث فقط ، وعلى هذا فان الموصى له بالكثر من الثلث او بجميع المال لا يأخذ ما زاد على الثلث ، فالزيادة هنا تذهب الى بيت المال لان الوصية عندهم بما زاد على الثلث لا تنفذ الا اذا كان للموصي ورثة يجيزون هذه الزيادة ، وحيث لا ورثة هنا ، لذا فان الزيادة تذهب الى بيت المال (2).
الفقـرة الثالثة
بيـت المـال ( الخزانة العامة )
ان بيت مال المسلمين هو عبارة عن محل يدخل فيه المال تحت يد امين ليصرف في مصالح المسلمين ، ويقابل عندنا في مصطلحات اليوم مصطلح ( الخزانة العامة ) او ( خزانة الدولة ) .
فاذا مات شخص ولم يترك احداً من المستحقين الورثة ، ولا المستحقين غير الورثة المتقدم ذكرهم جميعاً ، فان تركته تذهب الى بيت المال ، ذلك ان بيت المال في الاسلام مكلفٌ بواجبات اجتماعية كثيرة ، منها اعالة الفقراء ، ومداواتهم ، والقيام بحاجاتهم ، والانفاق على اليتامى واللقطاء الذين لا مال لهم ، وامثال ذلك من كل ما يحتاج اليه المجتمع من النفقات العامة ، وما يحتاج اليه الضعفاء وذوو الحاجات . وعلى الرغم من القول بأيلولة تركة من لا وارث له ولا مستحق الى بيت المال ،بيد ان الفقهاء اختلفوا في توصيف بيت المال ، فهل انه يستحق تلك التركة بوصفه وارثاً ، ام بوصفه جهةً مستحقة ً للمال الضائع وللمال الذي لا مالك له ؟ لقد ذهب المالكية والشافعية الى ان التركة التي لا يوجد لها مستحق فانها تؤول الى بيت المال بوصفه وارثاً ، فبيت المال وارثٌ لمن لا وارث له ، حيث انه يقوم بمصالح المسلمين فيكون ذلك دليلاً على ميراثه . وذهب الحنفية والحنابلة الى ان التركة التي لا يوجد لها مستحق – وارثاً كان او غير وارث – فانها تؤول الى بيت المال ، ولكن ليس بوصفه وارثاً ،وانما تؤول التركة اليه على سبيل الفئ ( الغنيمة ) بوصفها ( التركة ) مالاً ليس له مستحق فيصرف في مصارفة ، بمعنى ان التركة تؤول الى بيت المال بطريق رعاية المصلحة ، فيصرف فيما تصرف فيه اموال المصالح العامة ، حيث لا مستحق لها . بدلالة ان الذمي بوضع ماله في بيت المال ايضاً اذا لم يترك احداً من الورثة او المستحقين مع انه لا ميراث للمسلم من غير المسلم ويسوى بين الذكر والانثى في العطية منه ، في حين انه لا تسوية بينهما في المواريث . ثم ان بيت المال يستحق هذه التركة ، لان هذا الشخص يستحق من بيت المال كلفة تجهيزه ودفنه ان لم يكن عنده ما يكفي لذلك فيكون من العدل ان تؤول تركته الى بيت المال اعمالاً لقاعدة ( الغرم بالغنم ) .
اما فقهاء الشيعة الامامية فانهم جنحوا للقول بان التركة التي ليس لها مستحق فانها تؤول الى ( الامام ) واذا كان الامام غائباً فانها تصرف في مصارفه بنظر المجتهد العادل (3). ويمكن أن نستنتج بأن الإختلاف في هذا التوصيف لاتترتب عليه أية ثمرة ما دامت النتيجة واحدة ً،وهي ايلولة التركة الى بيت المال بوصفه شخصاً معنوياً يمثل الجهة المالية العامة .
خلاصـة
مما تقدم يمكن ان نخلص الى ان اصناف المستحقين في الفقة الاسلامي ، يتمثل بالاتي :
اولاً : المستحقون للتركة في الفقه السني : ويتمثلون بالترتيب الاتي :
1.اصحاب الفروض .
2.العصبات النسبية .
3.العصبات السببية .
4.ذوو الرد .
5.ذوو الارحام .
6.مولى الموالاة .
7.المقر له بالنسب حملاً على الغير .
8.الموصى له بأكثر من الثلث او بجميع المال .
9.بيت المال (4).
ثانياً : المستحقون للتركة في الفقه الشيعي الامامي :
ان الذين يستحقون تركة الميت وسواء كانوا ورثة او غير ورثة ، فإنهم يتمثلون بحسب المنظور الامامي ( الجعفري ) بالاتي ، حسب اسبقيتهم :
1.الابوان المباشران والاولاد وان نزلوا .
2.الاجداد والجدات ( وان علوا ) والاخوة والاخوات وفروعهم .
3.الاعمام والعمات والاخوال والخالات وفروعهم .
4.مولى النعمة او العتق .
5.ضم امن الجريرة (5). المقر له بالنسب حملاً على الغير .
6.ذوو الرد ( الرد على الزوج زيادةً على فرضة اذا لم يكن سواه وعدا الامام وارث على المشهور ) .
7.الموصى له باكثر من الثلث او بجميع المال .
8.مولى الامامة .
هذا هو ترتيب المستحقين للتركة في الفقه الاسلامي ، مع ملاحظة ان الميراث بالعصبات ليس له وجود في الفقه الامامي ، بل الميراث بالقرابة يقوم مقامه ، هذا مع التنويه الى ان ميراث القرابة يكون بعد الفروض دائماً ، وان اصحاب الفروض عندهم تسعة وليس اثنا عشر كما موجود في الفقه السني .
_____________________
1- ينظر : د. عبد الكريم زيدان ، أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام ،ص242 ، د. زكريا البرديسي ، الميراث والوصية ، ص265 ، د. مصطفى السباعي ، الاحوال الشخصية ، ص573 ، د. محمود محمد حسن ، احكام المواريث ، ص349-351 .
2- ينظر : ابن رشد ، مصدر سابق ، ص336 ، ذ. محمود محمد حسن ، احكام المواريث ، ص353-354 ، د. احمد الكبيسي ، الوجيز في شرح قانون الاحوال الشخصية ، ج2 ، ص136-137 .
3- ينظر بصدد ما تقدم : الحصفكي ، الدر المختار ،" المطبوع في هامش رد المختار" ، (فقه حنفي )، ج6 ، ص766 ، ابن عابدين ، الحاشية ( فقه حنفي ) ، ج6 ، ص766 ، السرخي ، المبسوط ، ( فقه حنفي ) ، ج29 ، ص138 ، الخرشي ، شرح مختصر خليل ، ( فقه مالكي ) ، ج8 ، ص171 ، الشربيني ، مغنى المحتاج ( فقه شافعي ) ، ج3 ، ص4 ، احمد المرتضى ، شرح الازهار ( فقه زيدي ) ، ج4 ، ص473 ، الطوسي ، الخلاق ( فقه امامي ) ، ج4 ، ص22 الذي يقول بهذا الصدد : (( ميراث من لا وارث له لا ينقل الى بيت المال ، وهو للإمام خاصة ، وعند جميع الفقهاء " يقصد فقهاء الجمهور " ينقل الى بيت المال ويكون للمسلمين ، وعند الشافعي : يرثه المسلمون بالتعصيب ، وعند ابي حنيفة في احدى الروايات عنه ، وفي الرواية الاخرى
بالموالاة دون التعصيب )) ، وكذا الصدوق ، الهداية ( فقه امامي ) ، ص343 الذي يذكر في هذا الموضع : (( قال الصادق ( ع ) : من مات ولا وارث له فماله لا مام المسلمين )) .
4- لقد جمع احدهم هؤلاء المستحقين في منظومة فرضية قال بها الاتي :
يُعطى ذوو الفروض ثم العصبة ثم الذي جاد بعتق الرقبة
ثم الذي يعصبه كالجد ِ ثم ذوو الارحام بعد الرّد ِ
ثم مُحمّل وَرَامَوال ٍ ثم مُزادٌ ثم بيتُ المال ِ
5- ان ضامن الجريرة هو الذي يقابل مولى الوالاة في اصطلاح الفقه الحنفي .
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
ضمن مؤتمر ذاكرة الألم في العراق ورقة بحثية تتناول الأهداف والاستراتيجيات التي يعتمدها كرسي اليونسكو لتطوير دراسات حوار الأديان
|
|
|