أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-5-2017
![]()
التاريخ: 2025-01-09
![]()
التاريخ: 24-4-2019
![]()
التاريخ: 7-2-2016
![]() |
الديون عموماً اما ان تكون ديوناً عينيةً او مطلقة (1) ، والمراد بالديون العينية ما تعلقت يعينٍ من الاموال ويقال لها الممتارة او الموثقة ، والديون المطلقة هي مالم تتعلق بعين من الاموال . وتسمى بـ ( الديون المرسلة ) لانها ارسلت او اطلقت عن التقييد بالتعلق بعين من المال . فالديون العينية تتعلق بالمال اثناء الحياة لانها ارتبطت بعين من الاموال واصبحت متعلقة بهذه العين ، واصبحت العين محلاً لها ، وضماناً لوفائها . كمثل العين التي رهنت وسلمت للمرتهن ، فانه تعلق حقه بها ، ويكون هو احق بها من غيره حتى يستوفي دينه . اما الديون المطلقة فانها تتعلق بالذمة حال الحياة ويكون ضمانها اموال المدين بصورة عامة فاذا اصبح الانسان مديناً في حياته ، شغلت ذمته بدينه ، وكان وعاءاً اعتيادياً ومحلاً له . والتزم به وتتوجه اليه المطالبة به ، ووجب عليه الوفاء به فوراً ان كان الدين حالاً ولم يكن ذا عسرة ،او عند زوال العسرة ،او حلول الاجل ان كان مؤجلاً . بل ذهب الامامية ابعد من ذلك فقالوا : يجب عليه نية القضاء منذ لزمه الدين فقد ورد عنهم : (( ويجب على المديون نية القضاء سواء قدر على ادائه او لا ، بمعنى العزم ، وان عجز عن الاداء اذا قدر . سواء اكان صاحب الدين حاضراً او غائباً لان ذلك من مقتضى الايمان ، كما يجب العزم على اداء كل واجب ، وترك كل محرم وقد روي ( ان كل من عزم على قضاء دينه اعين عليه . وانه ينقص من مؤونته بقدر قصور نيته )(2) .
ولا تتعلق الديون المطلقة بالاموال حال الحياة ، وانما الذي يتعلق بها الديون العينية ، ومعنى ذلك ان ترتبط بها بحيث تكون الاموال محلاً لوفائها وضماناً لها . ففي حالة الديون العينية ،يرتبط الدين بهذه العين وتكون ضماناً له ، ولا يتصرف المدين بها ا لا بأذن صاحب الحق الذي تعلق بها . واما في حالة الديون المطلقة فأن له التصرف في امواله سواء ما كان يملكه حالة لزوم الدين ، وما كان يملكه بعده ، وسواء اكان التصرف بعوض كالبيع والاجارة ، ام بغير عوض، مادام هذا التصرف في عينٍ لم يتعلق حق الغير بها ، وما دام قبل الحجر عليه بسبب السفه او الدين . او قبل الاصابة بمرض الموت(3) . فاذا حجر عليه بسبب الدين او السفه او العته او نزل به مرض الموت ، فان الدين ولو كان مطلقاً ، يتعلق بامواله التي يملكها حال الحياة ، او حال المرض لنقص الذمة وضعفها . وتكون الاموال في هذه الحالة محلاً لوفاء الدين ، وضماناً له ، فيتقيد تصرفه عند الجمهور بما لا يضر الدائنين ، كما يتقيد تصرفه في العين المرهونة باجازة المرتهن . ويرى اكثر فقهاء المالكية : ان للغرماء طلب ابطال تصرفه قبل الحجر عليه وان كان في صحته اذا كان هذا التصرف ضاراً بديونهم . وان لم يكن الدين محيطاً بماله ، كما اذا تبرع بشيء من ماله ولم يفضل بعده ما يفي بالدين(4) . وذهب فقهاء الامامية في هذا الشأن الى ان المدين يمنع من التصرف بما يضر الغرماء وبما زاد على الثلث في التبرع ، اذ ورد في ذلك قولهم : (( والمريض ممنوع ( أي من التصرف ) مما زاد عن الثلث . اذا تبرع به اما لو عاوض عليه بثمن مثله نفذ )(5) . فقد قيد نفاذ التصرف بأن تكون المعاوضة بثمن المثل وبمفهوم المخالفة ان المعاوضة اذا كانت بأقل من ثمن المثل لا تنفذ ، لما يترتب عليه من الاضرار بالغرماء . ونخلص مما سبق ان الدين العيني حال الحياة محله العين التي تعلق بها . اما الدين المطلق فأن محله حال الحياة الذمة عند الجمهور ، ولا تعلق له بالاموال ،الا في حالة الحجر على المدين بأي سبب كان ،او في حالة الاصابة بمرض الموت.
وعند كثير من المالكية ، محله الذمة ايضاً ، ولكن للدائنين حق الاعتراض على تصرفه اذا كان ضاراً بحقوقهم ، ولو لم يحجر عليه . او يمرض بمرض الموت . ولو لم يكن الدين محيطاً وتأسيساً على ما تقدم فانه بمقتضى رأي الجمهور لا يكون للغرماء ولا للورثة حق الاعتراض على تصرف المدين حالة المرض ما دام على قيد الحياة . لعدم التحقق من ان هذا المرض هو مرض الموت . لانه لا يعلم انه مرض الموت الا اذا افضى اليه واتصل به فعلاً . فقبل الوفاة لا حق لواحد منهم في الاعتراض ويكون التصرف نافذاً ما دام المدين على قيد الحياة . فاذا مات ظهر اثر الموت مستنداً الى اول وقت حدوث التصرف ويكون للغرماء والورثة عند ذلك حق الاعتراض . ولقد تعلقت الديون بالاموال في حالة الحجر ، وفي حالة الاصابة بمرض الموت لان كلاً منهما سبب مفض الى التعلق . فأما في حالة الحجر فأن الديون تتعلق بأموال المحجور عليه عند الحجر مباشرةً لان الحجر نفسه ، هو المؤثر في تعلق الديون بأمواله ، لانه حكم عليه بالمنع من التصرف في الموجود من امواله ، حفظاً لحق الدائنين بحيث تكون محلاً لوفائها وضماناً لها . ولهذا لم تتعلق عند الحنفية بالاموال التي يملكها بعد الحجر لانها كانت معدومة عند الحجر، والمعدوم لا يكون محلاً للوفاء ولا ضماناً له . خلافاً لمن رأى من الحنابلة انها تتعلق بالاموال التي يملكها بعد الحجر ، لانه نقص في اهليته للتصرف . لذا يبطل بيعه لماله ولو بقيمتة ، واذا نقصت اهليته ظهر ذلك فيما يملكه بعد الحجر(6). واما تعلق الديون بالاموال في مرض الموت ، فلان هذا المرض طريق الى الموت ، لانه يضعف القوى شيئاً فشيئاً حتى تزول الحياة . فهو سببٌ للموت ، ومفض اليه حقيقة . وكثيراً ما يعطى السبب حكم المسبب اذا دعت اليه المصلحة . وفي اقامة المرض مقام الموت ، مصلحة وهي حفظ حق الدائنين ، مما يترتب على تصرفات المريض من الاضرار بهم . فقد يحاول المدين الانتقام من دائنيه ، ويؤثر بأمواله من يحبه حيث انه قد شعر بانقطاع اماله فيها . فأقتضت الحكمة ان يدفع الضرر عن الغرماء بحيث تكون امواله محلاً لديونهم وضماناً لها . وعلى هذا ذهب بعض الفقهاء الى ان الديون تتعلق بالاموال مستندةً الى اول وقت حصول المرض . ولما كان تعلق الديون هو عبارة عن الارتباط كما ذُكر بحيث تكون الاموال ضماناً لها ، فانه يقتضي ان يكون التعلق بماليتها ، أي بمقدار ما فيها من مالية ، وهو قيمتها التي يقوّمها بها المقومون ولا يتعلق بصورتها وهيئتها أي بذات الاشياء فلذلك كان له ان يبيع منها ما يريد بقيمته ، ويشتري ما يشاء بقيمته بحيث يترتب على تصرفه نقص في قيمتها ، وليس للغرماء ان يعترضوا عليه الا اذا كان التصرف ضاراً بمصلحتهم ، بأن كان تبرعاً ،او بغبنٍ عليه ، ولو يسيراً .فأذا مات عُلم ان هذا المرض هو مرض موت ، وظهر اثره مستنداً الى اول المرض . وانه تصرف في اموال تعلق بها حق الغرماء والورثة .. فيكون للغرماء والورثة عند ذلك حق الاعتراض ، ويكون تصرفه موقوفاً فيما زاد على الثلث ، ونافذاً في الثلث بالنظر للورثة . ولا ينفذ حتى من الثلث ، بالنظر للدائنين ، اذا كان الثلثان غير كافيين للوفاء (7) .
________________________
1- سوف نتناول هذا الموضوع بشيء من التفصيل عند الحديث عن اقسام الديون فيما بعد . ت
2- الشهيد الثاني ، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، ج4 ، ص17-18 ، الكليني ، الكافي ، ج5 ، ص95 والحديث مذكور في الوسائل للحر العاملي ، كتاب التجارة ، ابواب الدين ، الباب 5 ، الحديث 3.
3- مرض الموت : هو المرض الذي يغلب فيه هلاك صاحبه وينتهي بموته ، ينظر : الشيخ على الخفيف ، مدى تعلق الحقوق ، ص156.
4- الدر دير ، الشرح الكبير ، ج3 ، ص262 .
5- الشهيد الأول ، اللمعة الدمشقية ، ج4 ، ص106 ، الشهيد الثاني ، الروضة البهية ، ج4 ، ص106 .
6-البهوتي ، كشاف القناع ، ج3 ، ص423 ، طبعة دار الفكر ، بيروت ، 1402 هـ .
7- ينظر بصدد ما تقدم : ابن قدامه ، المغني ، ج5 ، ص124 ، دار الفكر ، بيروت ، ط1 ، 1405 هـ ، علي الخفيف ، مدى تعلق الحقوق ، ص155-157 ، العلامة الدكتور السنهوري ، مصادر الحق ، ج5 ، ص84-85 ، طبعة 1958 ، الكشكي ، التركة ، ص107-110 .
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|