للشهادة أهمية خاصة في (المسائل الجنائية)، إذ انها احدى الأدلة المعنوية التي يعتمد عليها في تقرير مصير المتهم، فقد تقضي على حياة إنسان بريء سواء بالإعدام او السجن او التشهير او سوء السمعة، كما أنها قد تكو نفي نفس الوقت سببا في براءة مذنب يستحق العقاب الشديد. ونظراً لأهمية الشهادة هذه فقد أصبحت دراستها من خلال شخصية الشاهد من الأمور الضرورية والحيوية في مجال علم التحقيق الإجرامي، إذ ان الشاهد كإنسان يخضع الى عوامل عديدة لا حصر لها تؤثر ليس في كيانه الجسمي وحواسه فحسب بل في تكوينه النفسي وفي علاقاته الاجتماعية مما يؤثر بدوره في صحة الشهادة سواء عن قصد او غير قصد. ان الحقائق العلمية التي توصل اليها علم النفس بفروعه المختلفة (التجريبي والمرضي والتحليلي) قد بينت بأن إدراك الإنسان وانتباهه وذاكرته وعواطفه وتقديره للزمن والمسافة إنما تتأثر بعوامل كثيرة ومختلفة بعضها عضوي وبعضها نفسي واجتماعي، بعضها شعوري والبعض الآخر لا شعوري، وهذا كله بدوره ما يؤثر في صحة الشهادة ولذلك كان الأصل في الشهادة الخطأ والاستثناء هو الصواب. فإذا أردنا ان نحصل على شهادة موضوعية فإننا نحتاج الى كثير من الصبر والخبرة والفهم لأعماق النفس الإنسانية المتغيرة دائما تبعا لتغير الظروف المحيطة بها.