أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-3-2016
3712
التاريخ: 11-12-2017
2632
التاريخ: 8-8-2017
2525
التاريخ: 15-3-2016
6224
|
يعد النظام الاتهامي اقدم النظم ظهوراً في المجال الاجرائي حيث لم تكن المجتمعات قد استوعبت او نظمت سلطتها القضائية بصورة متكاملة من جهة ، وكانت الجريمة ذات مفهوم خاص لا تتعدى اضرارها المجني عليه وتنحصر الدعوى الناشئة عنها بين الخصوم من جهة اخرى .ولهذا فان الدعوى الجنائية تكاد تتطابق مع خصائص الدعوى المدنية بهذا المفهوم الخاص بها(1).وقد ظهر هذا النظام في الحضارات الاولى في اغلب الشرائع العراقية القديمة وفي مصر الفرعونية واليونان والرومان وبصورة قريبة من ذلك في النظام القضائي الاسلامي وان اهم الضمانات التي وفرها هذا النظام للمتهم هي العلنية والشفهية وحضور الخصوم(2). هذا ولم يعرف النظام الاتهامي في صورته التقليدية مرحلة التحقيق الابتدائي كما هو الحال في نظام التنقيب والتحري ، فالنظام الاتهامي يقوم على دور الفرد في رفع دعواه مباشرة ضد خصمه وان يكون دور القاضي محايداً يشاهد الاجراءات وينظمها. ولهذا شبهت الخصومة الجنائية طبقاً لهذا النظام بانها اشبه بمبارزة بين خصمين(3). ودور القاضي الحيادي هذا يجعل الدعوى نزاعاً بين خصمين يطلق على احدهما المدعي ، وعلى الاخر المدعى عليه ، ويقع على عاتق كل طرف منهم جمع الادلة والاثباتات التي من شأنها ان تؤيد اقواله وادعاءه والذي يكون بشكل علني يحضره جمهور الناس .ويكون دور القاضي هنا ترجيح الادلة وبالتالي الحكم بحسب هذه الادلة لقد حرص هذا النظام على تحقيق المساواة بين طرفي الدعوى فالمجني عليه هو الذي يقوم بتحريك الدعوى ويجمع الادلة التي من شانها ان تبين ادعاءه وتدين المتهم ، الذي كان بدوره يتمتع بحرية مطلقة في البقاء حراً يجمع الادلة التي تبرئ ساحته من ارتكاب مثل هذا الفعل . ورغم المزايا التي يتميز بها مثل هذا النظام الا انه من الممكن ان يؤخذ عليه بانه كان يترك المجني عليه وحيداً يحمل اعباء اقامة وتحريك الدعوى ، لان ذلك من شانه ان يضعف موقفه وخاصة اذا كان الجاني من الاشخاص ذوي السطوة مما يؤدي الى ان يقوم المجني عليه بترك حقه يضيع لان الجريمة لم تصبه بضرر يذكر. اضافة الى تحكم الجاني وجبروته(4). وقد كان اختيار القاضي في هذا النظام يتم من كلا الخصمين في احوال معينة ، والذي كان يعتبر بمثابة حكم ، الا انه وفي كثير من الاحيان كان دوره سلبياً بحيث تكون مهمته مقتصرة على فحص الادلة التي تقدم اليه من اطراف الدعوى ، وبالتالي لم يكن يتطلب منه ان يكون مؤهلاً تأهيلاً علمياً معيناً حتى انه لم يكن يشترط فيه ان يكون رجل قانون . وهذا النظام يتفق وفكرة الديمقراطية . وذلك للمزايا التي تميز بها ، من حيث وجاهية المحاكمة بين الخصوم وشفاهيتها امام القاضي وتمكين الاطراف من الادلاء بدفاعهما بشكل علني امام الجمهور .وان اهم ما يميز النظام الاتهامي عن نظام التنقيب والتحري هو عدم جواز الاستجواب كوسيلة من وسائل التحقيق. لقد لحق التطوير بالنظام الاتهامي ، فعرف مرحلة التحقيق الابتدائي في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة . فإجراءات التحقيق الابتدائي في المملكة المتحدة امام القضاة magistrates لا تختلف عن اجراءات نظر الدعوى في مرحلة المحاكمة والقاضي يقتصر دوره على ادارة الجلسة ، وتبدأ اجراءات التحقيق بسماع شهود الاتهام بمعرفة المدعي .فهو الذي يوجه اليه الاسئلة ،كما ان للمتهم حق مناقشتهم ، ثم يلخص المدعي اقوال شهود الاتهام ، ويتلو بعد ذلك القاضي التهمة على المتهم موضحاً طبيعتها . ويسأله عما اذا كان لديه ما يقوله بعد ان ينبهه الى انه غير مجبر على الكلام وان عليه الا يخشى وعداً او وعيداً وان ما قد يقوله قد يتخذ دليلاً ضده في المحاكمة . ثم يساله عما اذا كان يرغب ان يحلف اليمين وان يدلي بشهادته ، وما اذا كان يرغب في استدعاء شهود لسماع اقوالهم ، ومن هذا يتبين ان القاضي لا يناقش الشهود ، بل ان طرفي الدعوى هما اللذان يقومان بذلك، كما انه لا يستجوب المتهم ولا يجوز للاتهام استجوابه. فاذا طلب المتهم ان تسمع اقواله كشاهد ، فان الطرف الاخر هو الذي يناقشه، وليس القاضي ، وهو نفس النظام المتبع في الولايات المتحدة الامريكية(5). ان التحقيق الابتدائي سواء تم بمعرفة القضاة Magistrates ام المحققين coroners هو تحقيق حضوري يجري في حضور المتهم ومحاميه ، ولكن ليس من المحتم طبقاً للشريعة العامة الانجليزية ان تعقد جلسات التحقيق علانية . فللقاضي الا يسمح بالحضور لغير المدعي والمتهم ومحاميه اذا راى ان ذلك في صالح العدالة ذلك ان التحقيق الابتدائي ليس محاكمة . كذلك فقد جرى العمل في الولايات المتحدة الامريكية على ان تعقد جلسات التحقيق الابتدائي في علانية يشهدها الجمهور ولكن هذه العلانية ليست حقاً دستورياً مثل علانية المحاكمات ، فللقاضي ان يأمر بقصر حضور اجراءات التحقيق على اطراف الخصومة والدفاع وموظفي المحكمة(6). هذا وقد اعتبر القضاء الانكليزي هذه العلانية في صالح الجمهور الا انه تبين ان اباحة نشر اجراءات التحقيق قد يضر المتهم وخاصة في نفوس المحلفين في مرحلة المحاكمة . وقيل بانه اذا كانت جلسة التحقيق العلانية قد نشرت في الصحف اخبارها واذاعت ادلتها ، فسوف يكون من الصعب ازالة تأثيرها من اذهان المحلفين، ومع ذلك ذهب البعض الى ان عدم العلانية قد يضر بالمتهم نفسه وذلك باعتبار ان العلانية ضمان لعدم اتخاذ اجراءات غير مشروعة ضد المتهم ، وتحت تأثير هذا الجدل شكلت لجنة بوزارة الداخلية البريطانية في سنة 1957 لبحث مدى الاحتفاظ بمبدأ علانية اجراءات التحقيق الابتدائي، ومدى ملاءمة وضع قيود على نشر هذه الاجراءات . وقد انتهى تقرير اللجنة الى وجوب الابقاء على علانية جلسات التحقيق الابتدائي والاكتفاء بما هو مقرر ، من حق القاضي المحقق في ان يعقد الجلسة في غير علانية ، على ان ينص صراحة على انه لا يجوز للقاضي استعمال هذه السلطة الا اذا راى حظر النشر . وقالت اللجنة ان سرية التحقيق تثير الشبهة حول ما يجري في غرفة التحقيق بعيداً عن رقابة الراي العام ، وانه من الممكن توقي الاضرار الناجمة عن العلانية بفرض قيود على نشر اجراءات التحقيق. وبهذا تم الفصل بين مبدأ علانية التحقيق ومبدأ نشر اخباره اذ من الممكن حظر النشر رغم العلانية(7). ومهما يكن من قواعد هذا النظام الاساسية فانه لم يبق على وتيرة واحدة ولم يحتفظ بصورته البدائية الخالصة وانما اصابه التبديل والتعديل الى ان استقر على ما هو عليه الحال في تشريعات انكلترا و الولايات المتحدة الامريكية . ورغم هذا فان هذا النظام لا يخلو من العيوب او الماخذ ومن اهمها انه يؤدي الى افلات الكثير من المجرمين من العقاب بسبب ترك امر الاتهام بيد المجني عليه وحده او اقاربه مما يجعله كثيراً ما يحجم عن توجيـه الاتهام الى الجاني لتخاذله او خشية بأسـه او رغبة في الثأر منه بنفسـه ولا يخفى ما لافلات الجاني من العقاب من اضعاف كبير للقوة الرادعة للعقوبة وتهديد لا من المجتمع وطمأنينته. وان هذا النظام يؤدي الى طمس الحقيقة فسلبية القاضي ازاء الخصوم تجعل امر البحث عن الادلة بيد المجني عليه وهو امرٌ كثيراً ما يُعجَز عنه لانه عملية فنية يجهلها الكثيرون واستعانته بمحام يكلفه عبئاً مالياً قد ينوء به وقد يعمل المتهم اذا كان ميسور الحال الى شراء امتناع شهود الاثبات عن الشهادة وهذا يؤدي الى ان يظل القاضي السبيل الى الحقيقة.
_________________
[1]- وقد ظهر هذا النظام ، كنظام قانوني في روما القديمة وفي اليونان في العصر التقليدي وفي القوانين الجرمانية ، وفي فرنسا في العصرالاقطاعي ، ولايزال هذا النظام قائماً في الاقل في فكرته الاساسية في تشريعات الدول الانكلوسكسونية.
فاضل زيدان محمد ، سلطة القاضي الجنائي في تقدير الادلة ، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون جامعة بغداد ، 1987 ، ص46.
2- د.رؤوف عبيد ، مبادئ الاجراءات الجزائية ، مطبعة الاستقلال الكبرى ، القاهرة ، الطبعة الحادية عشرة ، 1976، ص18.
3- طارق احمد فتحي سرور ، المرجع السابق ، ص98، الدكتورة فوزية عبد الستار، شرح قانون الاجراءات الجنائية ، 1977، ص24.ا
4- د.محمود نجيب حسني ، شرح قانون الاجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1982 ، ص44.
5- د.جمال الدين العطيفي ، المرجع السابق، ص379.
6- د.محمد صالح امين ، التنظيم القضائي الانكلوامريكي والسوفيتي ، مجلة القضاء العددان الاول والثاني ، السنة الرابعة والاربعون ، ص174.
7- طارق احمد فتحي سرور، المرجع السابق، ص99.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|