أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-3-2016
3420
التاريخ: 8-04-2015
3709
التاريخ: 8-04-2015
3914
التاريخ: 29-3-2016
6658
|
أسرع الوفد إلى هانئ عشيّة فوجدوه جالساً على باب داره فسلّموا عليه وقالوا له : ما يمنعك مِنْ لقاء الأمير فإنّه قد ذكرك وقال : لو أعلم أنّه شاكٍ لعدته؟
فقال لهم : الشكوى تمنعني , وأبطلوا هذا الزعم وقالوا له : إنّه قد بلغه أنّك تجلس كلّ عشيّة على باب دارك وقد استبطأك والإبطاء والجفاء لا يحتمله السلطان أقسمنا عليك لما ركبت معنا , وأخذوا يلحّون عليه في زيارته فاستجاب لهم على كرهٍ فدعا بثيابه فلبسها ودعا ببغلة فركبها فلمّا كان قريباً مِن القصر أحسّت نفسه بالشرّ فعزم على الانصراف وقال لحسّان بن أسماء : يابن الأخ إنّي والله لخائف مِنْ هذا الرجل فما ترى؟
فقال حسّان : يا عمّ والله ما أتخوّف عليك شيئاً ولِمَ تجعل على نفسك سبيلاً؟ وأخذ القوم يلحّون عليه حتّى أدخلوه على ابن مرجانة فاستقبله بعنف وشراسة وقال : أتتك بخائن رجلاه , وكان شريح إلى جانبه فقال له :
اُريدُ حياتَهُ ويريدُ قتلي عذيركَ مِنْ خليلِكَ مِنْ مُرادِ
وذعر هانئ فقال له : ما ذاك أيّها الأمير؟ فصاح به الطاغية بعنف : أيهٍ يا هانئ! ما هذه الاُمور التي تتربّص في دارك لأمير المؤمنين وعامّة المسلمين؟ جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك وظننت أنّ ذلك يخفى عليّ؟ فأنكر ذلك هانئ وقال : ما فعلت ذلك وما مسلم عندي.
ـ بلى قد فعلت .
وطال النزاع واحتدم الجدال بينهما فرأى ابن زياد أنْ يحسم النزاع فدعا معقلاً الذي جعله عيناً عليهم فلمّا مثُلَ عنده قال لهانئ : أتعرف هذا؟
ـ نعم.
وأسقط ما في يدي هانئ وأطرق برأسه إلى الأرض ولكنْ سرعان ما سيطرت شجاعته على الموقف فانتفض كالأسد وقال لابن مرجانة : قد كان الذي بلغك ولن أضيع يدك عندي تشخص لأهل الشام أنت وأهل بيتك سالمين بأموالكم فإنّه جاء حقّ مَنْ هو أحقّ مِنْ حقّك وحقّ صاحبك .
فثار ابن زياد وصاح به : والله لا تفارقني حتّى تأتيني به , وسخر منه هانئ وأنكر عليه قائلاُ له مقالة الرجل الشريف : لا آتيك بضيفي أبداً , ولمّا طال الجدال بينهما انبرى إلى هانئ مسلم بن عمر الباهلي وهو مِنْ خدّام السلطة ولمْ يكن رجل في المجلس غريب غيره فطلب مِن ابن زياد أنْ يختلي بهانئ ليقنعه فأذن له فقام وخلا به ناحية بحيث يراهما ابن زياد ويسمع صوتهما إذا علا, وحاول الباهلي إقناع هانئ فحذّره مِنْ نقمة السلطان وإنّ السلطة لا تنوي السوء بمسلم قائلاً : يا هانئ أنشدك الله أنْ تقتل نفسك وتدخل البلاء على قومك إنّ هذا الرجل ابن عمّ القوم وليسوا بقاتليه ولا ضائريه فادفعه إليه فليس عليك بذلك مخزاة ولا منقصة ؛ إنّما تدفعه إلى السلطان , ولمْ يخفَ على هانئ هذا المنطق الرخيص فهو يعلم أنّ السلطة إذا ظفرت بمسلم فسوف تنكّل به ولا تدعه حيّاً وإنّ ذلك يعود عليه بالعار والخزي إنْ سلّم ضيفه وافد آل محمّد فريسة لهم قائلاً : بلى والله عليّ في ذلك أعظم العار أنْ يكون مسلم في جواري وضيفي وهو رسول ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنا حي صحيح الساعدين كثير الأعوان , والله لو لمْ أكنْ إلاّ وحدي لما سلّمته أبداً , وحفل هذا الكلام بمنطق الأحرار الذين يهبون حياتهم للمثُل العُليا ولا يخضعون لما يخلّ بشرفهم , ولمّا يئس الباهلي مِنْ إقناع هانئ انطلق نحو ابن زياد فقال له : أيّها الأمير قد أبى أنْ يسلّم مسلماً أو يُقتل .
وصاح الطاغية بهانئ : أتأتيني به أو لأضربنَّ عنقك , فلم يعبأ به هانئ وقال : إذن تكثر البارقة حولك , فثار الطاغية وانتفخت أوداجه وقال : وا لهفا عليك! أبا البارقة تخوّفني؟! وصاح بغلامه مهران وقال : خذه فأخذ بضفيرتي هانئ وأخذ ابن زياد القضيب فاستعرض به وجهه وضربه ضرباً عنيفاً حتّى كسر أنفه ونثر لحم خديه وجبينه على لحيته حتّى تحطّم القضيب وسالت الدماء على ثيابه وعمد هانئ إلى قائم سيف شرطي محاولاً اختطافه ليدافع به عن نفسه فمنعه منه فصاح ابن زياد : أحروري أحللت بنفسك وحلّ لنا قتلك؟
وأمر ابن زياد باعتقاله في أحد بيوت القصر واندفع حسّان بن أسماء بن خارجة وكان ممّن أمّن هانئاً وجاء به إلى ابن زياد وقد خاف مِنْ سطوة عشيرته ونقمتها عليه فأنكر عليه ما فعله بهانئ قائلاً : أرسله يا غادر! أمرتنا أنْ نجيئك بالرجل فلمّا أتيناك به هشمت وجهه وسيلت دماءه وزعمت أنّك تقتله؟! وغضب منه ابن زياد فأوعز إلى شرطته بتأديبه فلهز وتعتع ثمّ ترك , وأمّا ابن الأشعث المتملّق الحقير فجعل يحرّك رأسه ويقول ليسمع الطاغية : قد رضينا بما رأى الأمير لنا كان أم علينا إنّما الأمير مؤدب , ولا يهمّ ابن الأشعث ما اقترفه الطاغية مِنْ جريمة في سبيل تأمين مصالحه ورغباته .
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|