أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-10-2015
3770
التاريخ: 30-01-2015
3639
التاريخ: 23-2-2019
2337
التاريخ: 5-5-2016
3859
|
تمر بعض الحوادث في دنيا الوجود وتذهب من دون أن تترك أثرا مهما يذكره التأريخ وإن كان لها في وقتها من الخطورة شأن كبير وتمر بعض الحوادث الأخرى في ميدان الحياة فتبقى خالدة خلود الدهر لأنها تركت أثرا اجتماعيا عاد بالخير العميم على الانسان وتجتاز بعض الحوادث على مسرح الحياة فتملأ الدنيا بالمآسي والخطوب وتعود بشقاء الانسان واستعباده من هذه الحوادث المفجعة والرزايا المؤلمة حادثة صفين التي تجسم فيها الصراع بين الحق والباطل وبين العدل والجور والظلام والنور وبين الخلافة الدينية التي تنشد صالح الانسان واسعاده وبين الحكم الفوضوي الذي لا يهدف إلا إلى الإثرة والاستغلال والمتاجرة بمصالح الشعوب.
إن الشعوب الاسلامية لم تقرر مصيرها الحاسم في وقعة صفين فقادها ذلك الى الاستعباد والاذلال والخضوع للظلم والجور وقد المح الى ذلك الاستاذ مالك الجزائري في ايضاحه للأسس القويمة التي تبناها مؤتمر باندونج اذ يقول : ولقد عرف التأريخ الاسلامي لحظة كهذه في معركة صفين تلك الحادثة المؤسفة المؤثرة التي نتج عنها التذبذب في الاختيار الحتم بين علي ومعاوية بين المدينة ودمشق بين الحكم الديمقراطي الخليفي والحكم الاسري ولقد اختار المجتمع الاسلامي في هذه النقطة الفاصلة في تأريخه الطريق الذي قاده اخيرا الى القابلية للاستعمار والى الاستعمار .
لقد انخذل المجتمع الإسلامي في حادثة صفين فلم يقرر مصيره الحاسم فانتج ذلك خذلان الامام أمير المؤمنين وارغام الامام الحسن من بعده على الصلح وتسلم الامويين لقيادة الحكم في البلاد فامعنوا في قتل الاخيار ومطاردة المصلحين واشاعة الظلم والجور في الأرض .
اعلن معاوية التمرد على حكومة الامام ورفض البيعة والدخول فيما دخل فيه المسلمون اما بواعث عصيانه فهي ما يلي :
1 ـ لقد علم معاوية أن الامام لا يقره في منصبه ولا بد أن يجرده من جميع امواله التي اختلسها من بيت مال المسلمين ولو كان يحتمل أنه يبقيه على حاله ويقره على بذخه واسرافه لما اعلن العصيان والخروج عليه إن الامام لا يداهن في دينه ولا يطلب النصر بالجور ولا يقر الظلم وهو حتف الظالمين والمعتدين فكيف يبقى معاوية في جهاز الحكم وهو يعلم أنه لا واقعية له ولا حريجة له في الدين وقد اصدر في اليوم الأول من خلافته عزله عن مقره وقد كتب إليه معاوية يسأله أن يبقيه على حاله أو يجعله واليا على مصر فامتنع من اجابته وقد لام عقبة بن أبي معيط معاوية على ذلك وكتب له رسالة جاء فيها :
معاوية إن الشام شامك فاعتصم بشامك لا تدخل عليك الأفاعيا
فان عليا ناظر ما تجيبه فأهد له حربا تشيب النواصيا
وحام عليها بالصوارم والقنا ولاتك مخشوش الذراعين واصيا
إن معاوية ومن يمت به يعلمون اتجاه الامام وأهدافه الرامية الى تحقيق العدل في البلاد والقضاء على الغبن الاجتماعي واقصاء الظالمين عن مراكزهم وانهم سيعودون في ظل حكومته نكرات لا امتياز لهم كما كانوا فى عهد الرسول فلذا اعلنوا عليه البغي حفظا على مصالحهم الضيقة .
2 ـ ورأى معاوية أن له قوة على مقاومة الامام ومناجزته وذلك لما له من النفوذ والمكانة في بلاده فانه لم يعمل فيها عمل وال يظل واليا طول حياته ويقنع بهذا المنصب ثم لا يتطاول إلى ما وراءه ولكنه عمل فيها عمل صاحب الدولة التي يؤسسها ويدعمها له ولا بنائه من بعده فجمع الأقطاب واشترى الانصار بكل ثمن في يديه وأحاط نفسه بالقوة والثروة واستعد للبقاء الطويل وقد حفزته هذه القوى التي يتمتع بها الى مناجزة الامام ومقاومته.
3 ـ ومما دفعه الى التمرد خروج عائشة وطلحة والزبير فقد فتحوا له الطريق ومهدوا له السبيل فان واقعة صفين انما هي امتداد لحرب الجمل ونتيجة من نتائجها فلو لا خروجهم واعلانهم للعصيان وتطبيلهم بدم عثمان لما استطاع معاوية أن يشق الكلمة ويخرج على الامام ويناجزه الحرب.
4 ـ وشيء آخر جدير بالاهتمام علل به معاوية عصيانه وخروجه على النظام القائم وذلك في رسالته التي بعثها لمحمد بن أبي بكر وقد جاء فيها : كان ابوك وفاروقه أول من ابتزه حقه وخالفاه على امره على ذلك اتفقا واتسقا ثم دعواه الى بيعتهما فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما فهما به الهموم واردا به العظيم ثم انه بايع لهما وسلم لهما وأقاما لا يشاركانه في أمرهما ولا يطلعانه على سرهما حتى قبضهما الله واضاف يقول : فان يك ما نحن فيه صوابا فأبوك استبد به ونحن شركاؤه ولو لا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب ولسلمنا إليه ولكن رأينا أباك فعل ذلك به من قبلنا واخذنا بمثله .
وهو تعليل وثيق للغاية فانه لو لا منازعة الشيخين للامام وابتزازهما لحقه لما استطاع معاوية ان يخالفه ويخرج عليه ولكنه احتذى حذوهما وسار على طريقتهما فبغى على الامام وأفسد عليه جيشه وتركه في أرباض الكوفة يتمنى الموت ليستريح مما ألم به من الشؤون والشجون.
5 ـ ومن الامور التي حفزته على العصيان والتمرد على الامام هو المطالبة بدم عثمان فقد اتخذ قتله وسيلة الى نيل أهدافه وبلوغ أمانيه وقد ارصد جميع أبواق دعايته لتهويل أمره والاشادة بذكره وتنزيهه عن كل ذنب حتى انقادت له قلوب اهل الشام وأترعت نفوسهم بالحقد والكراهية للامام فاذا بهم يظهرون الحزن والاسى اكثر مما يظهر وإذا بهم يحثونه ويستعجلونه على الحرب والمطالبة بدمه اكثر مما يستعجل , ولم يكن هناك ادنى مجال للشك في أن معاوية لا يهمه أمر عثمان ولا يقيم لمقتله وزنا فقد استنجد به لما حوصر وضويق وطلب منه المعونة فلم يخف لنصرته ولم يستجب له ولم يسعفه بشيء ولو كان يروم المطالبة بدمه لكان اولى الناس بالعقوبة والتنكيل مستشاره ووزيره عمرو بن العاص فهو الذي سعر الدنيا نارا على عثمان وكان يقول : والله لألفى الراعي فاحرضه على عثمان فضلا عن الرؤساء والوجوه ؛ فمطالبته بدم عثمان ليست الا وسيلة لتحقيق غايته والظفر بالملك الذي يحلم به , هذه بعض الاسباب والبواعث التي دعت معاوية لمناجزة الامام واعلانه للحرب عليه .
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تستعدّ لتكريم عددٍ من الطالبات المرتديات للعباءة الزينبية في جامعات كركوك
|
|
|