أقرأ أيضاً
التاريخ: 15/12/2022
1057
التاريخ: 14/12/2022
816
التاريخ: 15/12/2022
1185
التاريخ: 14/12/2022
1202
|
مع الحروب الصليبية في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي ازدهرت كثيراً من المدن التجارية في إيطاليا كجنوه و بيزا وفينيسيا وغيرها من المدن الإيطالية التي استفادت من عمليات نقل الجيوش ومعداتها. ذلك بالإضافة إلى النشاط التجاري الذي صاحب الحروب الصليبية، والذي أدى إلى نشاط الملاحة في البحر المتوسط وإلى تحسن الخرائط الملاحية المعروفة باسم بورتلانو (Portolano) التي تعتبر أساساً للخرائط الملاحية في الوقت الحاضر. وكان من نتائج هذه الحروب ازدياد النشاط التجاري بحيث اتجهت كثير من الرحلات إلى مناطق خارج نطاق البحر المتوسط (1).
وقد كان للبرتغاليين قصب السبق في الكشوف الجغرافية خلال القرن الخامس عشر ، حيث تمكنوا من الوصول إلى الهند عن طريق بحري جديد لا يمر بالأراضي الإسلامية ولا يخضع لنفوذ المسلمين. وقد ساعدهم في ذلك استقرار أوضاع بلادهم السياسية بعد أن طردوا العرب المسلمين إلى المناطق الجبلية في غرناطة. ولذلك فقد وجهوا اهتمامهم منذ بداية القرن الخامس عشر الميلادي لاكتشاف طرق جديدة خارج نطاق البحر المتوسط .
وتعتبر رحلة هنري الملاح التي قام بها عام 1215م ، هي أولى المحاولات الكشفية التي قام بها البرتغاليون ومن ثم تتابعت هذه المحاولات منذ عام 1234 حتى عام 1497م .
وتعتبر الرحلة التي قام بها بارثولوميودياز عام 1487م البداية الحقيقية لاكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، حيث أبحر دياز من ميناء لشبونة باتجاه الجنوب في المحيط الأطلسي وكشف سواحل أفريقيا الغربية ووصل إلى رأس الرجاء الصالح وتجاوزه باتجاه الشمال حتى وصل إلى خليج الجوا (Algoa) على الساحل الشرقي لأفريقيا، ولكنه لم يدرك أنه بذلك اكتشف الطريق البحري الموصلة إلى الهند.
بعد ذلك بنحو عشر سنوات كانت رحلة فاسكو ديجاما 1497م التي انطلقت من مصب نهر تاجوس باتجاه الجنوب. وقد سار ديجاما في طريق مخالف لسابقيه بعيداً عن الساحل حتى وصل إلى خليج سمي باسم سانت هيلانة، ومن سانت هيلانة أبحر جنوباً ومروراً على رأس الرجاء الصالح متجهاً إلى خليج موصل، ومن ثم اتجه شمالاً إلى موزمبيق وممبسة وماليندي، وقابل بعض التجار العرب وحصل منهم على كثير من المعلومات التي تتصل بالملاحة والتجارة في هذه المنطقة، كما استعان ديجاما بأدلاء من الملاحين العرب وأبحر شرقاً إلى أن وصل إلى الهند وأرسى سفنه في كلكتا سنة 1498م وبذلك تم اكتشاف الطريق البحري للهند، حيث عاد ديجاما بعد ذلك إلى لشبونة.
بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، والوصول بحراً إلى الهند ازدادت السيطرة البرتغالية على تجارة المناطق الآسيوية، حيث استولوا على سيلان عام 1507م وعلى ملقا عام 1511م، وبذلك وضعوا أيديهم على الطرق التجارية المؤدية إلى الصين والمحيط الهادي ولا سيما بعد وصولهم إلى كانتون عام 1511م واستيلائهم على جزيرة (Luchu) عام 1518م. كما أنهم وصلوا إلى بكين عام 1520م وإلى اليابان عام 1542م. وتبع ذلك امتداد تجارة البرتغاليين إلى الملايو والهند الصينية وبلاد الشرق الأقصى.
ومع أن الفضل يعود للبرتغاليين في اكتشاف السواحل الغربية لإفريقيا إلا أنهم لم ينجحوا في التوغل إلى داخل القارة، سواء عن طريق مصبات الأنهار بسبب وجود الشلالات، أو عن طريق اليابس بسبب انتشار البعوض وذباب تسي تسي وكثرة الأمراض المستوطنة في هذه البلاد. واكتفوا بإنشاء بعض المراكز التجارية الساحلية لاستخدامها كمحطات لقوافلهم في طريقها إلى الهند، ومارسوا التجارة مع القبائل الإفريقية التي تعيش بالقرب من السواحل.
نافست إسبانيا البرتغال في التجارة وفي محاولة الوصول إلى الهند بحراً. ودرءاً لوقوع أي صدام بين الدولتين فقد اتجه الإسبان في بحثهم عن الهند باتجاه الغرب. وقد عزز كريستوفر كولومبس الذي كان يعتقد – حسب رأي بطليموس – أن قارة آسيا تمتد كثيراً نحو الشرق، وأن اليابان تقع على بعد 1500 ميل من الساحل الشرقي للصين، هذا الاتجاه لدى ملك وملكة إسبانيا، واستطاع أن يحصل على موافقتهم ودعمهم في تمويل رحلة بحرية إلى الهند عن طريق المحيط الأطلسي بالاتجاه غرباً. وبناءً على ذلك قام كولومبس بأربع رحلات باتجاه الغرب اكتشف خلالها جزر الهند الغربية وأجزاء من أمريكا الوسطى.
فقد أبحر في المرة الأولى في آب 1492 من إسبانيا متجهاً إلى جزر كناري ومن ثم اتجه غرباً واكتشف جزراً كثيرة من أهمها جزيرة كوبا وجزيرة هايتي ثم عاد إلى إسبانيا عام 1493. وكان من نتائج هذه الرحلة أن سعت ملكة إسبانيا لدى البابا ألكسندر السادس للحصول على مرسوم يعطي الإسبان حق السيادة على كل الأراضي التي يكتشفونها ويمنع البرتغاليين من منافستهم في تلك الجهات. وفعلاً أصدر البابا عام 1493 مرسوماً قرر فيه أن كل الأراضي التي تكتشف إلى الغرب من خط يقع على بعد 300 ميل من الرأس الأخضر والممتد بين القطبين تصبح ملكاً لإسبانيا، والأراضي الجديدة التي تكتشف إلى الشرق من هذا الخط تؤول للبرتغال. وقد عُدِل هذا الخط عام 1494 بحيث يتفق مع خط الطول 47 غرب غرينتش.
بعد ذلك تابع كولومبس رحلاته ، فكانت الرحلة الثانية عام 1493 وكان الغرض منها متابعة الكشوف التي بدأها في الرحلة الأولى. والرحلة الثالثة عام 1498 وصل بها إلى جزيرة تراينداد، والرحلة الرابعة عام 1502، التي لم تتمخض عن اكتشاف أي طريق جديد، ولكنه توصل إلى معرفة ساحل أمريكا الوسطى، وبذلك تم اكتشاف العالم الجديد.
لقد أذكت الكشوف الجغرافية الكبرى التي قام بها البرتغاليون والإسبان نار الغيرة لدى بقية الشعوب الأوربية ، وخاصة الهولنديين والإنجليز، الذين ضربوا بأوامر البابا عرض الحائط وبدؤوا بمنافسة كلاً من البرتغاليين والإسبان في المناطق التي اكتشفوها، واشتد الصراع كثيراً في القرنين السابع عشر والثامن عشر إلى أن تمكن الهولنديون والإنجليز من السيطرة على معظم أجزاء إفريقيا وأمريكا المكتشفة آنذاك. ثم بعد ذلك سيطروا على استراليا ونيوزيلندة. ولم يتركوا للإسبان والبرتغاليين سوى مناطق صغيرة المساحة قليلة الأهمية.
وقد استطاع الهولنديون السيطرة التامة على طريق الهند الذي يدور حول إفريقيا، وأنشؤوا أول شركة تجارية كبرى – شركة الهند الشرقية الهولندية – وأقاموا المستعمرات والمحطات التجارية على طول هذا الطريق ، ومن أشهر هذه المحطات مستعمرتهم في منطقة الكيب، التي أقاموها عام 1652 والتي كانت عبارة عن محطة تجارية في منتصف الطريق بين هولندا والهند، تزود سفن شركتهم بالماء والمؤن الغذائية. ومن ثم كانت هذه المحطة مركزاً ونقطة للوثوب منها والتوغل نحو الداخل. وقد ساعدت المعلومات التي نقلها المستكشفون والتجار عن هذه المناطق في تدفق المبشرين والشركات التجارية والمستوطنين الأوربيين إلى هذه البلاد، وانتهى الأمر باحتلالها والسيطرة عليها، فامتلك الأوربيون الأراضي الصالحة للزراعة والمناجم والمصانع وشركات النقل وعملوا على استنزاف خيرات هذه البلاد.
لقد كان للكشوف الجغرافية تأثيرٌ كبيرٌ في التجارة العالمية. فقبل ذلك كانت معظم التجارة تنقل عبر الطرق البرية أو عن طريق المحيط الهندي والبحار الداخلية ـ البحر الأحمر والبحر المتوسط ـ ولكن بالدوران حول إفريقيا والوصول إلى أمريكا تحول مركز الثقل التجاري من المحيط الهندي وأسيا نحو المحيط الأطلسي الذي أصبح بعد ذلك أهم الطرق التجارية البحرية.
كما أدت الكشوف الجغرافية بشكل غير مباشر إلى ازدهار نوع قديم من التجارة هو تجارة الرقيق، حيث اتخذت هذه التجارة بعد كشف أمريكا مظهراً جديداً، فقد اشتد الطلب على اليد العاملة الرخيصة في العالم الجديد للعمل في مناجم الذهب والفضة وللعمل في المزارع. وبعد أن أثبت الأرقاء الزنوج، الذين أحضرهم البرتغاليون قدرتهم على العمل في الظروف الصعبة في أمريكا الجنوبية اشتد الطلب عليهم من قبل الإسبان، فزادت أرباح تجار الرقيق من هذه التجارة، وربحت البرتغال أموالاً طائلة منها. وقد سارت تجارة الرقيق في بادئ الأمر ببطء شديد، لكنها نشطت بشكل كبير خلال القرن الثامن عشر بعد أن دخل حلبة التنافس في هذه التجارة الهولنديون، الذين استطاعوا أن يسيطروا على هذه التجارة منذ عام 1661، عندما تكونت لهم شركات تعمل بتجارة الرقيق، واستطاعوا أن يطردوا البرتغاليين من مراكزهم التجارية في أفريقيا.
كما دخل حلبة المنافسة في تجارة الرقيق كلٌ من الإنجليز والفرنسيين، بعد أن حصلت دولهم على مستعمرات في أمريكا، وازدياد حاجة هذه الدول للرقيق للقيام باستغلال ثروات هذه المستعمرات. وقد استمرت هذه التجارة الشاذة بعد ذلك نحو قرن ونصف، وأصبحت أول تجارة عالمية على نطاق واسع في ذلك الوقت، وكانت طرق نقل العبيد أهم الطرق الملاحية الدولية. ولم يبدأ منع هذه التجارة إلا في القرن التاسع عشر عندما فقدت إنكلترا معظم مستعمراتها في أمريكا ولم تعد بحاجة إلى الرقيق، وإنما أصبح من مصلحتها إبقاء الإفريقيين في مستعمراتها الإفريقية للقيام بعمليات الاستغلال الاقتصادي لها. فحملت لواء محاربة هذه التجارة إلى أن استطاعت أن تمنعها بشكل نهائي في نهاية القرن التاسع عشر .
______________
(1) Wood, H.J., Exploration and Discovery, London, 1951, p 57.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|