أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-8-2021
5547
التاريخ: 1-6-2016
4459
التاريخ: 9-3-2017
2902
التاريخ: 2023-10-08
1476
|
ذهب قسم آخر من الفقهاء(1). إلى أن العقد الطبي هو عقد مقاولة في أغلب الأحوال، على اعتبار أن هذا العقد يقوم على أساس الاتفاق بين الطبيب والمريض الذي بموجبه يقوم الأول بعلاج الثاني وتقديم خدماته إليه مقابل أجر معلوم، وتقديم الخدمات أو العلاج عمل مادي، ولكن لاينفي ماديته هذه من أن يكون عملاً عقلياً. إلا أن أغلب الأحوال هذه، لا يمكن تعميمها ودليلنا في ذلك هو عدم التطابق بين العقدين وإن اقتربا في بعض الوجوه. وفي ضوء ذلك سوف نتناول أوجه الشبه والاختلاف بين العقد الطبي وعقد المقاولة وذلك في نقطتين:
أولاً. أوجه الشبه بين عقد المقاولة والعقد الطبي:
يقترب عقد المقاولة من العقد الطبي في الأمور الآتية:
1. إن كلا العقدين يعد من حيث الأصل من العقود الرضائية التي لا تتطلب شكلاً معيناً إلا في الحالات التي تتفق فيها الأطراف على شكلية معينة.
2. كما أن كلا العقدين يُعَّدْ من العقود الملزمة للجانبين التي تفرض التزامات متقابلة على طرفيها (المقاول ورب العمل في عقد المقاولة) و (المريض والطبيب في العقد الطبي) وعليه إذا لم يقم أحد الطرفين بتنفيذ التزامه، جاز للطرف الآخر فسخ العقد مع التعويض وفقاً للقواعد العامة.
3. كما يقترب العقد الطبي من حيث الأصل من عقد المقاولة بأنهما من عقود المعاوضة، إذ يلتزم المريض بالأجر، تجاه قيام الطبيب بعمله، كما يلتزم رب العمل بالأجرة تجاه المقاول.
4. ويقترب العقد الطبي من عقد المقاولة، في أنَّ كلاً من المريض ورب العمل في الغالب هم من عامة الناس وعديمي الخبرة مقارنة بالطبيب والمقاول، مما يفرض على الطبيب والمقاول التزاماً بتبصيرهم تبصيراً كافياً من أجل أن تتوازن كفتا العقد. وعلى الرغم من ذلك، فان أوجه الشبه هذه وحدها لاتكفي للقول بأن العقد الطبي هو عقد مقاولة؛ فغالبية العقود المدنية تشترك مع بعضها بهذه النقاط، هذا ما يدعونا إلى عدم التطابق بين العقد الطبي، وعقد المقاولة فان اشتركا في بعض النقاط فانهما يفترقان في بعضها الآخر.
ثانياً. أوجه الاختلاف بين عقد المقاولة والعقد الطبي:
يختلف العقد الطبي عن عقد المقاولة في الجوانب الآتية:
1. كما نعلم أن الأصل في التزام الطبيب في العقد الطبي هو التزام بوسيلة، وهذا على خلاف التزام المقاول في عقد المقاولة، لأن رب العمل يطلب عملاً يتحتم إنتاجه وما على المقاول إلا أن يختار الوسائل المختلفة التي تؤدي في النهاية إلى الوصول إلى النتيجة المرجوة(2).
2. ويختلف عقد المقاولة عن العقد الطبي من حيث أن التزام الطبيب يرد على جسم الإنسان، في حين أن التزام المقاول يرد في الغالب على أشياء جامدة غير حية.
3. كما أن شخصية الطبيب في العقد الطبي تعدّ محل اعتبار، فاذا مات ينقضي العقد، في حين أن الأصل في عقد المقاولة أن شخصية المقاول ليست محل اعتبار، وعليه لا ينقضي العقد بموت المقاول إلا إذا كانت مؤهلاته الشخصية محل اعتبار، كما أن الطبيب لا يستطيع أن يوكل علاج المريض لطبيب آخر، في حين أن المقاول يستطيع ذلك من خلال المقاولة من الباطن إلا إذا اتفق على خلاف ذلك(3).
4. في عقد المقاولة العادي يستطيع رب العمل أن يطلب انجاز العمل على نفقة المقاول، وهذا ما لا يستطيعه المريض في العقد الطبي، لأن إرادة المريض حرة في اختيار طبيبه، إلا أن له حق الرجوع على الطبيب الأول بالتعويض.
5. ويختلف عقد المقاولة عن العقد الطبي من حيث، أن الأخير غير لازم لا من جهة الطبيب ولا من جهة المريض، فيستطيع المريض أن يرجع عنه ولا يجبر على أن يبقى تحت علاج طبيب لا يريده أو أصبح لايثق به، كما يستطيع الطبيب أن يرجع في العقد ولا يمكن إكراهه، وما هذا إلا تطبيقاً لمبدأ حرية الطبيب في اختيار مرضاه مقابل حرية المريض في اختيار طبيبه. على الرغم من كل هذا، ومع قناعتنا بأن مهنة الطب لا تتفق مع عقد المقاولة فإن هناك بعض الحالات التي قد يقترب فيها العقد الطبي من عقد المقاولة، كما هو الحال بالنسبة إلى الأعمال المختبرية، أو ما يسمى بالتحاليل الطبية، أو التزام مصرف الدم، ونقله، ونقل الأمصال، والتركيبات الصناعية كطقم الأسنان، والأطراف الصناعية، لأن طبيب الأسنان عندما يتعاقد على عمل أسنان صناعية، أو طبيب الكسور عندما يتعاقد على عمل أطراف صناعية مثلاً، فانهما يسخران الوسائل التقنية في مثل هذه الفروض من أجل تحقيق نتيجة معينة بالذات وعلى شكل مقاولة. إلا أن هذه الحالات لايمكن تعميمها، لأن النصوص القانونية التي نظمت عقد المقاولة لايمكن أن تنطبق على العقد الطبي، لأن فحواها يتعلق عادةً بتسليم العمل أو يتعلق بمسألة العيب في العمل أو المادة(4). وهذا بدوره يقودنا إلى القول بعدم التطابق بين العقد الطبي، وعقد المقاولة، بالرغم من رفعة مقام الفقهاء الذين وصفوا العقد الطبي في أغلب الأحوال بأنه مقاولة إلا أن هذا الاتجاه يبقى محل نظر، إذ لايمكن تعميمه.
_______________________________________
- ينظر في تفصيل ذلك:
- د. عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، العقود الواردة على العمل، المجلد الأول، ج7، دار إحياء التراث العربي، بيروت- لبنان، 1964، ص18 ؛
- Faraon, La responsabilite civile du medecin en droit Francais, delictuelle, these, Paris, 1951, P.39.
2- د. حسن زكي الإبراشي، مسؤولية الأطباء والجراحين المدنية، دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة، دون سنة طبع، ص98؛ د. عبد الرشيد مأمون، المصدر السابق، ص113؛ د. محمد عادل عبد الرحمن، المسؤولية المدنية للأطباء، أطروحة دكتوراه، جامعة الزقازيق، 1985، ص48.
3- د. محمد لبيب شنب، شرح أحكام عقد المقاولة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1963، ص43؛
أستاذنا د. جعفر الفضلي، الوجيز في العقود المدنية، مطبعة التعليم العالي، الموصل، 1989، ص465.
4- ينظر: المواد من (864-881) من القانون المدني العراقي.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|