تذكرون كيف ان المرأة تلد في بعض الاحيان توأمين ، وقد يكونان متشابهين تماماً ، بحيث يصعب التفريق بينهما ! السبب انهما أتيا في الاصل من بيضة ملقحة واحدة ، فهما متشابهان تماماً تماماً . اما اذا اتى التوأمان من بيضتين مختلفتين لا علاقة لههما ببعضهما ، فانهما لا يكونانا متشابهين ، الا كما يتشابه الاخوة فيما بينهم ، ولا يكونان مثل بعضهما في الذكورة والانوثة . يحصل هذا النوع الاخير في رحم المرأة عندما تتلقح بيضتين انثويتين في آن واحد بحيوانين منويين . وهذا نادر الحدوث ، ولكنه يحدث بارادة الله تعالى . وفي الواقع ان للمرأة مبيضين يعملان بالتناوب ، فعندما يعمل احدهما يكون الاخر في وضع الراحة. وفي الشهر التالي ينعكس الامر ... وهكذا . وعليه لا ينقذف في الشهر الواحد الى الرحم الا بيضة واحدة آتية من احد المبيضين . ولكن في بعض الاحيان يصيب المرأة خوف او مرض او ازمة نفسية ، وبقدرة الله تعالى يعطي كل مبيض بيضة في نفس الشهر ، وتتلقح البيضتان بماء الرجل، كل بيضة يلقحها حيوان منوي مختلف ، فتعطيان توأمين . ويكون في هذه الحالة كل توأم في كيس منفصل ، له مشيمة لوحده وكيس لوحده . وعند الطلق قد ينزل احد التوأمين ويظل الاخر عدة ساعات في بطن امه ، لان له كيساً منفصلاً .

اما اذا كان التوأمان ناتجين من بيضة واحدة ، فعندها يكون التوأمان في كيس واحد متلاصقين ، ويكونان متشابهين تماماً (شق التّوم) . واذا كان احدهما ذكراً فالأخر ذكر ، وذلك لانهما ناتجان عن بيضة واحدة . وعند الولادة يولدان معاً ، النهما في كيس واحد . وما تتصورون عن وضعية هذين الولدين في كيسهما وليس بينهما اي حجاب ، كيف يعانقان بعضهما ويركبان على بعضهما ، ولعلهما يتناجيان مع بعضهما ، لا احد يعلم ذلك الا الله تعالى .

الان كيف ينتج توأمان من بيضة واحدة ؟ يكون في الرحم بيضة انثوية واحدة نزلت من احد المبيضين ، يلقحها حيوان منوي واحد ، فتصبح بيضة ملقحة . هذه البيضة عادة تعلق بجدار الرحم وتبدأ بالتغذي والانقسام والتكاثر ، وتعشش في الجدار كما يعشش الطير في عشه . تحفر هذه البيضة في جدار الرحم ، وتبدأ بالتغذي ، صانعة حفرة كالعش تماماً .

في الاحوال الطبيعية تتكاثر البيضة باستمرار ، البيضة تصبح اثنين ، والاثنان تصبحان اربع ، والاربع ثماني ... وهكذا ، حتى تصير ملايين من الخلايا . هذه الملايين من الخلايا تعطي ما يشبه نقطة الدم . وبزيادة التكاثر يتشكل الجسم التوتي  ، الذي يتطور الى العلقة ، والعلقة تتحول الى مضغة . ثم تبدأ المضغة بالتخلق ، حيث تظهر العينان والاصابع وحتى الاظافر ... الخ .

لكن بقدرة قادر ، فان اول ما تنقسم البيضة الملقحة الى شطرين ، ينعزل كل شطر لوحده ، ويبدأ بالانقسام والتكاثر بشكل منفصل عن الشطر الاخر ، فيعطس الشطر الاول مخلوقاً ، والشطر الثاني مخلوقاً اخر . ويكون المخلوقان متشابهين تماماً  وفي كيس واحد.

وفي بعض الاحيان ، وهو نادر جدا ، تنقسم البيضة الاولى الى اثنين ، والاثنان الى اربع ، والاربع كل واحدة منها بشكل منفصل تعطي مخلوقا ، فنحصل على اربعة توائم . وعليه اذا كان التوائم في كيس واحد ، فان عددهم يكون زوجيا دائما ، من مضاعفات الاثنين : توأمين ، او اربعة ، او ثمانية ... وهكذا . ثم بقدرة الله يأتون الى الدنيا.

والان تصوروا كيف ان الجنين وهو في كيسه لا يتنفس ، لكنه اول ما ينزل من بطن امه يلاقي الهواء ، فانه يشرع بالتنفس ، وذلك انه في تلك اللحظة يأتي امر انعكاسي من الدماغ الى الرئتين يأمرهما بالتنفس ، فتبدأ عملية التنفس ، بعد ان كان الجنين في بطن امه بدون تنفس . لقد كان في بطن امه موجودا ضمن غلاف اول وثان وثالث وماء ، فكيف به ان يتنفس ! انه موجود في ظلمات ثلاث ، محفوظ في قرار مكين . يقول تعالى : {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } [الزمر : 6].