يرى الدُّكتور سامي سعيد الأحمد أن مُصْطَلَح السَّاميـة الذي اصبح شائعا في حقل الدراسات اللغوية الحديثة يطلق على مجموعة من اللغات المتقاربة نسبة إلى سام احد أولاد نوح (عليه السلام)، اذ اطلق هذا الاسم على العرب والكنعانيين والاراميين والفينيقيين والعبريين والبابليين والاشوريين ، وهذه التسمية «لا تستند على اساس رصين من الواقع التاريخي ولا تدعمها المصادر المعتمدة والادلة المستندة على التمحيص الموضوعي والدقة العلمية»⁽¹⁾.

وأول من اطلق تلك التَّسمية الباحث: شلوتسر على تلك الشعوب مستندا إلى العهد القديم، عندما كان يبحث عن تسمية مشتركة للعبريين والعرب والاحباش الذين ظهر في لغاتهم تشابه وصلات قرابة، وقد استند في هذه التسمية إلى نص توراتي يتحدث عن انساب نوع بعد الطوفان⁽²⁾ . «وكان بنو نوحٍ الذين خرجوا من السفينة ساماً وحاماً ويافثاً ، وحام هو أبو كنعان، هؤلاء الثلاثة هم بنو نوح ومنهم

ص53

انتشر كل سكان الارض»⁽³⁾.

فالسَّاميون هم أبناء سام بحسب ما ورد في النَّص التَّوراتي الَّذي أتى على ذكر شعوبهم وفق ما أراده اليهود، إذ أبعد اليهود الشَّعب الكنعاني عن دائرة الشُّعوب السَّاميـة -إنْ صحت هذه التسمية- وادخلوا بالمقابل شعبين آخرين هما عيلام ولود في جدول بني سام على الرَّغم من أنه ليست هنالك صلة قرابة بين هذين الشعبين من جهة، كما انه ليست بينهما وبين الشعوب السَّاميـة أيّ قرابة من جهة اخرى⁽⁴⁾ ، وهذا ما قال به كثير من باحثينا العرب، إلا اننا راجعنا تاريخ الشعوب في سفر التكوين الفصل العاشر الصفحة التاسعة فوجدنا الاتي : «21وولد لسام ايضا بنون، وهو ابو جميع بني عابر، وأخو يافث الاكبر22، وبنو سام: عيلام وآشور، وأرفكثاد، و لود، وآرام23»⁽⁵⁾.

مهما يكن من شيء حول طبيعة هذا التقسيم للشعوب التي صدرت عن انساب نوح (عليه السلام)، فإنِّها من اصل لغوي واحد، وهذا ما يعنينا في هذا المقام، ودليل ذلك هو إفادة الاوربيين من البحث في اللغة العربيَّـة في القرن السادس عشر، بهدف قراءة العهد القديم في نصه العبري ، لذلك أستعين باللغة العربيَّـة لفهم بعض الجوانب الغامضة في النص العبري للعهد القديم⁽⁶⁾ ، وهذا ما يجعل الباحث يذهب إلى أن اللغة العربيَّـة هي اقرب اللغات العروبية إلى اللغة الأم إن لم تكٌ هي عينها تلك اللغة التي خلقت قبل خلق الانسان وهي لغة اهل الجنة.

اما طبيعة تنظيم تلك اللغات وجمعها فلم تك في بادئ الأمر ترتكن إلى تنظيم منهجي واضح ، لكن القائمين على هذه اللغات قد توسلوا اخيرا بالمنهج العلمي

ص54

الذي أُعتمد في تصنيف اللغات الهند اوربية، وكان لهذا المنهج اثره في ابحاثهم التاريخية والاثرية، وحصيلة هذا الجهد العلمي الكشف عن الآلاف من النقوش تنوعت بين أكادية وفينيقية وعربية بائدة، ومن نتائج هذه الابحاث انها اثبتت ان هذه اللغات تتشابه في ما بينها من حيث المادة اللغوية، فضلا عن ان اللغات الحديثة منها التي ترشحت عن ذلك الاصل القديم ما زالت تحتفظ بجملة من الخصائص اللغوية المشتركة.

ص55

__________________

(1) المدخل الى دراسة تاريخ اللغات الجزرية : 3 .

(2) ينظر : علم اللغة العربية : 132 .

(3) سفر التكوين : الفصل التاسع : 7 .

(4) فقه اللغات السامية : 11 .

(5) سفر التكوين : الفصل العاشر .

(6) ينظر : علم اللغة العربية : 132 .