أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-8-2016
1605
التاريخ: 1-9-2016
1705
التاريخ: 16-10-2016
2042
التاريخ: 5-8-2016
1693
|
إطلاق المشتقّ على ذات باعتبار الحال ـ يعني عند اتّصافها بالمبدإ ، كالضارب لمباشر الضرب ـ حقيقة وفاقا ، وباعتبار المستقبل ـ أي قبل اتصافها به ، كالميّت لمن لم يمت وسيموت ـ مجاز قطعا ، وباعتبار الماضي ـ أي بعد وجوده وزواله عنه ، كالضارب لمن ضرب وزال عنه الضرب ـ ففيه خلاف. فأصحابنا (1) ، والمعتزلة (2) ، وابن سينا (3) على أنّه حقيقة. والأشاعرة (4) على أنّه مجاز.
وذهب بعض (5) إلى أنّه إن لم يمكن بقاؤه فحقيقة ، كالكلام ؛ فإنّ كلّ جزء منه أتى لا يمكن أن يبقى في زمان ، ولا يقارن الماضي ولا المستقبل ، وإن أمكن ولم يبق فمجاز ، كالضرب وأمثاله.
وتوقّف جماعة كالآمدي (6) ، وابن الحاجب (7).
وذكر جماعة أنّ محلّ النزاع ما إذا لم يطرأ على المحلّ وصف وجودي ينافي الأوّل ، كإطلاق الضارب على من انقضى عنه الضرب من دون طريان وصف ينافي الضرب. ومع الطريان ـ كإطلاق الأبيض على من زال عنه البياض وهو الآن أسود ـ فمجاز اتّفاقا.
وفي كلام بعض أصحابنا أنّ الخلاف فيما كان المشتقّ محكوما به ، كقولنا : زيد ضارب ، أو متكلّم ونحوه ، وأمّا إذا كان محكوما عليه ، كقوله تعالى : {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2] ، و {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: 38] و {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ } [التوبة: 5] فحقيقة بلا كلام (8).
وذكر بعض (9) آخر أنّ النزاع في المشتقّ الذي بمعنى الحدوث ، كالضارب وأمثاله ، دون الذي بمعنى الثبوت ، كالمؤمن والكافر والحلو والحامض.
وقال بعض المتأخّرين : إنّ الإطلاق المذكور حقيقة إذا كان اتّصاف الذات بالمبدأ أكثريّا بحيث يكون عدم الاتّصاف مضمحلاّ في جنب الاتّصاف ، سواء كان المشتقّ محكوما عليه أو به ، وسواء طرأ الضدّ أو لا ، كالكاتب ، والخيّاط ، والقارئ ، والمعلّم ، والمتعلّم وأمثالها (10).
والحقّ المذهب الأوّل ؛ لأنّ الضارب ـ مثلا ـ وضع في اللغة (11) لمن ثبت له الضرب ، وهذا المفهوم شامل لمباشر الضرب ، ولمن ضرب وزال عنه الضرب ، فإخراج أحد الفردين منه تحكّم.
واستدلّ عليه أيضا ، بأنّ الإطلاق المذكور لو لم يكن حقيقة ، لما صدق مثل المتكلّم والمخبر على أحد حقيقة ؛ لأنّ الكلام مركّب من حروف متتالية ينقضي السابق منها بطريان اللاحق ، ولا شبهة في أنّ ماهيّة الكلام لا تتحقّق بحرف واحد ، بل بعدّة حروف ، وتحقّقها في آن واحد ممتنع ، فلا يتحقّق كلام أصلا ؛ لأنّه قبل حصولها لم يتحقّق ، وبعده قد انقضى (12).
ولا يخفى أنّ هذا يرد (13) على أكثر الأفعال.
والحقّ : أنّ المعتبر في اتّصاف ذات بالمبدإ في الحال هو أن يقال في العرف : إنّها متّصفة به ، وهذا متحقّق ما دام الفاعل مباشرا للفعل بالمباشرة العرفيّة ، أي ما دام لم يحصل فصل بين أجزاء الفعل بحيث يقول العرف : زالت المباشرة.
واستدلّ عليه أيضا : بأنّه لو لم يكن الإطلاق المذكور حقيقة ، لما صدق المؤمن على النائم والغافل حقيقة ؛ لأنّ الإيمان بأيّ معنى اخذ غير موجود لهما (14).
وهذا الدليل أيضا غير تامّ ؛ لأنّه يمكن أن يقال : هذا الإطلاق مجازي ، أو مبدأ الإيمان موجود في خزانة النفس عند النوم والغفلة.
وقد استدلّ عليه بأدلّة أخر أيضا إلاّ أنّها غير تامّة ، كما قالوا : قد يطلق الضارب ـ مثلا ـ على من انقضى عنه الضرب ، ويقال : زيد ضارب أمس ، والأصل في الإطلاق الحقيقة (15).
وقد عرفت (16) أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة في أمثال هذه الصور ، فالمعتمد ما قدّمناه (17).
هذا ، واستدلّ على المذهب الثاني بوجوه كلّها مندفعة ، وعمدة أدلّتهم : أنّه لو كان إطلاق الضارب ـ مثلا ـ على من انقضى عنه الضرب حقيقة ، لما صدق قولنا : « زيد ليس بضارب الآن » مع أنّه صادق بالاتّفاق.
والجواب : أنّ في (18) « الآن » ليس ظرفا للنفي حتّى يكون المراد أنّه يصدق في (19) الآن أنّه ليس بضارب مطلقا ؛ لأنّه عين النزاع ، بل هو ظرف للمنفيّ ، أعني ضاربا ، كما هو المتبادر من هذا التركيب ، فيكون المراد أنّه يصدق أنّه ليس بضارب بضرب موجود في الحال ، ولا ينافي ذلك قولنا : إنّه يصدق في الحال أنّه ضارب مطلقا.
واورد عليه : بأنّ قولنا : « زيد ليس بضارب الآن » وقتيّة ، وهي مستلزمة للمطلقة العامّة بشرط اتّحاد موضوعهما ، فيصدق قولنا : « زيد ليس بضارب في الجملة » ؛ لأنّ المطلقة أعمّ القضايا الفعليّة ، وصدق الخاصّ يستلزم صدق العامّ ، وهو ينافي قولنا : زيد ضارب مطلقا (20).
واجيب : بمنع التنافي بين المطلقتين المختلفتين كيفا. هذا. مع أنّا لا نسلّم كون « زيد ليس بضارب الآن » وقتيّة ، بل هي أيضا مطلقة ؛ لأنّ « الآن » ليس ظرفا لسلب مطلق الضرب ، بل قيد للمحمول ، والمراد أنّه ليس بضارب بضرب موجود في الحال ، فكأنّه قيل : « زيد ليس بضارب بالضرب الفلاني ». ويشترط في الوقتيّة أن يكون الوقت وقتا للنفي ، وإذا كانت مطلقة فيكفي للمورد الإشارة إلى ثبوت التنافي بينها وبين المطلقة الموجبة ، ولم يكن له حاجة إلى تجشّم بيان الاستلزام (21).
وعلى التقديرين فإيراده ساقط ؛ لأنّه ـ كما اشير إليه ـ لا تنافي بينها وبين المطلقة الاولى ؛ إذ لا تنافي بين المطلقتين ؛ لأنّ النفي في الجملة لا ينافي الثبوت في الجملة.
وغير خفيّ أنّ هذا الجواب غير صحيح ؛ لتحقّق التكاذب بين المطلقتين المختلفتين كيفا عرفا ، فإنّه يقال في الردّ على من قال « زيد قائم » : « هو ليس بقائم » والتكاذب العرفي مستلزم للتنافي اللغوي ، مع أنّ صحّة النفي من خواصّ المجاز ، فينافي الحقيقة.
والحقّ في الجواب أن يقال : صدق النفي المطلق لغة ممنوع ، بل هو عين النزاع كما عرفت ، فلا يجوز لغة أن يقال : « زيد ليس بضارب ». نعم ، يجوز ذلك عقلا ؛ بناء على أنّ صدق نفي الضرب الحالي مستلزم عقلا لصدق نفي الضرب في الجملة.
مثاله : أنّه لا يجوز لغة أن يقال : « ليس الإنسان بحيوان » ويجوز عقلا أن يقال ذلك ؛ بناء على أنّ حيوانا ما كالحيوان الصاهل منفيّ عنه ، ولكنّ جواز السلب في الجملة عقلا لا ينافي الثبوت حقيقة ، فإنّ الحيوان حقيقة في الإنسان ؛ لكونه من أفراد مفهومه مع جواز سلبه عنه في الجملة عقلا. وسرّ ذلك أنّ بناء الحقيقة على اللغة لا على العقل.
واستدلّوا أيضا بأنّه لا يطلق الكافر على المؤمن الذي أسلم بعد الكفر ، وإلاّ لصدق على أكثر الصحابة في حال إسلامهم أنّهم كفّار ، وكذا لا يصدق على العنب الحلو أنّه حامض ،
وعلى التمر اليابس الأسود أنّه رطب أخضر (22).
واجيب عن الأوّل : بأنّ المنع فيه شرعي. وعن أخويه : بأنّ المنع فيهما عرفي ، واللغة لا تأبى عن الإطلاق المذكور وإن كان مستبعدا عند العقل (23).
وإن خصّص الدعوى بما إذا لم يطرأ على المحلّ ضدّ أو نقيض ـ كما ذكره بعض (24) ـ فيندفع هذا الدليل ؛ لأنّ عدم الإطلاق في الامور المذكورة يكون حينئذ اتّفاقيّا ؛ لأجل طريان الضدّ ، ويكون خارجا عن الدعوى ، إلاّ أنّ الاتّفاق المذكور لم يثبت ، بل خلافه ثابت. فالحقّ في الجواب ما ذكر أوّلا.
إذا عرفت هذا ، تعلم حقيقة الحال في المذاهب الأخر ، والتخصيصات المذكورة ، ووجه فسادها.
ثمّ إنّ فروع هذا الأصل كثيرة :
منها : إذا وقف أحد شيئا على سكّان موضع مخصوص ، فعلى ما اخترناه لا يبطل حقّ بعض السكّان بالخروج ، وإن كان مدّة كثيرة.
ومنها : بقاء كراهية الطهارة بالماء المسخّن بالشمس بعد برده.
ومنها : كراهية الحدث تحت الأشجار التي أثمرت في الماضي ولم تكن مثمرة بالفعل.
وأمثال هذه الفروع كثيرة.
وكيفيّة التفريع في جميعها ظاهرة عليك بعد الإحاطة بما ذكرناه.
____________
(1) راجع تمهيد القواعد : 84 ، القاعدة 19.
(2) راجع المحصول 1 : 240.
(3) حكاه عنه الفخر الرازي في المصدر.
(4) منهم الفخر الرازي في المصدر 1 : 239 و 240.
(5) قاله القاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى 1 : 176.
(6) الإحكام في أصول الأحكام 1 : 86.
(7) حكاه عنه الأسنوي في نهاية السؤل 2 : 82.
(8) تمهيد القواعد : 85 ، القاعدة 19.
(9) ذهب إليه شارح الشرح كما في شرح تجريد الاصول للنراقي الثاني ( مخطوط ).
(10) قاله الفاضل التوني في الوافية : 63.
(11) راجع لسان العرب 8 : 35 ، « ض ر ب ».
(12) راجع المحصول 1 : 240.
(13) في « أ » : « لا يرد ».
(14 و 15) راجع : المحصول 1 : 240 ، والإحكام في أصول الأحكام 1 : 86 ـ 88.
(16) راجع ص 67 ـ 69.
(17) في ص 80.
(18 و 19) كذا في النسختين. ولكنّ كلمة « في » زائدة.
(20) راجع المحصول 1 : 240 ـ 250.
(21) راجع نهاية السؤل 2 : 73 ـ 90.
(22) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 1 : 89.
(23) قاله العلاّمة في تهذيب الوصول : 68 و 69.
(24) تقدّم في ص 79 ـ 80.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|