أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2016
4586
التاريخ: 9-8-2016
2201
التاريخ: 28-8-2016
2107
التاريخ: 9-7-2020
2556
|
قد قسموا الواجب...إلى المطلق والموقت، (فالمطلق) عبارة عن الواجب الذى لم يؤخذ فيه الزمان قيدا، وهذا كقول المولى لعبده: (اعط درهما) فان الامر قد تعلق بنفس الاعطاء من غير ان يقيد بصدوره في زمان خاص من جهة عدم دخالته في الغرض الباعث على الامر، وهذا لا ينافى احتياج الفعل إلى الزمان، لوضوح الفرق بين ملازمة الفعل للزمان وجودا وبين اخذه فيه قيدا من جهة دخالته في الغرض الموجب للأمر به، فظرف الزمان في الواجب المطلق كسائر الخصوصيات الفردية الملازمة للطبيعة المأمور بها وجودا من غير ان يكون لها دخل فيه. (واما الموقت) فهو عبارة عن الواجب الذى اخذ فيه الزمان قيدا من جهة دخالته في الغرض.
ثم ان الموقت ايضا على قسمين فان الزمان المأخوذ قيدا اما ان يكون بقدر ما يحتاج إليه الفعل عقلا من غير زيادة ونقصان بحيث يكون الزمان كاللباس المخيط على قدر قامة الفعل، واما ان يكون اوسع مما يحتاج إليه عقلا ، (فالأول) يسمى بالمضيق كقوله: (صم من الفجر إلى المغرب)، (والثاني) يسمى بالموسع كقوله: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: 78].
(ثم انك) قد عرفت (في مبحث الضد) ان التخيير بين الافراد التدريجية في الواجب الموسع ليس تخيير شرعيا بل هو تخيير عقلي، فقوله مثلا: اقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ليس مساوقا لان يقول: صل في الآن الاول أو في الآن الثاني أو في الآن الثالث إلى آخر آنات الزمان حتى يكون ذكر الزمان الوسيع بمنزلة التخيير الشرعي بين الافراد التدريجية التي يمكن وقوعها فيه وان كان قد يتوهم ذلك، بل معنى قوله: اقم الصلاة (الآية) انه يجب عليك ايجاد طبيعة الصلاة المقيدة بوقوعها بين الحدين (اعني من الظهر إلى الغروب) وهذه الطبيعة المقيدة كما ان لها افرادا دفعية، كذلك لها افراد تدريجية ولكن المولى لم يلاحظ هذه الافراد بل لاحظ امرا وحدانيا يكون تمام المحصل لغرضه وجعل هذا الامر الوحداني متعلقا لطلبه، وهذا الامر عبارة عن طبيعة الصلاة المقيدة بوقوعها بين الحدين، وما يوجده المكلف في الآن الاول مثلا يكون فردا لهذه الطبيعة المقيدة ويكون محققا للامتثال لا بما هي طبيعة موجودة في هذا الآن بل بما هي طبيعة موجودة بين الحدين، وهكذا حال ما يوجده في الآن الثاني أو الثالث.
(وبالجملة) المأمور به في الواجبات الموسعة هو الطبيعة الكلية المقيدة بوقوعها بين الحدين. (وبهذا البيان يظهر لك) ان مضى بعض الوقت في الموسع لا يوجب تضيقه شرعا وان كان قد يتوهم في بادى النظر ان الموسع كلما مضى بعض من وقته صار وقته اضيق شرعا إلى ان يبقى من الوقت بمقدار اتيان الواجب فيصير حينئذ مضيقا شرعيا، (والسر في ذلك) هو م ذكرناه من ان التخيير بين اجزاء الوقت ليس تخييرا شرعيا بل هو تخيير عقلي، وما تعلق به الامر عبارة عن الطبيعة المقيدة بوقوعها بين الحدين، وعلى المكلف ايجاد هذه الطبيعة المأمور بها، فالفرد الذى يوجده المكلف في آخر الوقت ايضا امتثال لهذ الامر، ولكن لا بما هو موجود في هذا الزمان المضيق، بل بما هو موجود بين الحدين (اعني من الظهر إلى الغروب مثلا الذى جعل ظرفا للواجب في لسان الدليل) (وبعبارة اخرى) الواجب على المكلف في آخر الوقت ليس هو ايجاد الصلاة في هذا الوقت المضيق بل الواجب عليه حينئذ ايضا ايجاد طبيعة الصلاة الكلية المقيدة بوقوعها بين الحدين، وما يوجده المكلف في آخر الوقت انما يقع امتثالا من جهة كونه فردا لهذه الطبيعة، كما ان ما يوجده في اول الوقت أو وسطه ايضا كذلك، وعدم جواز تأخيره من آخر الوقت ليس من جهة كونه واجبا مضيقا بل من جهة ان التأخير منه يوجب فوات الطبيعة الكلية المأمور به.
ثم ان الامر في الموقتات هل يقتضى بنفسه اتيان المأمور به في خارج الوقت إذا عصى في وقته أو لا يقتضى ذلك؟ (فيه وجهان) وهذا هو النزاع المشهور بينهم الذى عبروا عنه تارة بان القضاء بالأمر الاول أو بأمر جديد، واخرى بان الموقت هل يفوت بفوات وقته اولا.
(والظاهر) انه لا وجه (يعتنى به) للقول بالاقتضاء إذ الامر لا يقتضى الا اتيان متعلقه، والمفروض ان متعلقه عبارة عن الطبيعة المقيدة بالوقت، وحينئذ فلا معنى لاقتضائه اتيان الفعل بعد مضى وقته (وبعبارة اخرى) الامر لا يدعو الا إلى متعلقه سواء كان طبيعة مطلقة أو مقيدة بقيد خاص، ومن القيود ايضا قيد الوقت فكما انه إذا امر المولى عبده بإتيان طبيعة مقيدة بغير الوقت من القيود فعصاه العبد لا يمكن ان يقال باقتضاء هذا الامر لإتيان الطبيعة المطلقة بدون القيد، فكذلك الامر في الموقتات لما عرفت من عدم الفرق بين قيد الوقت وبين سائر القيود التي تؤخذ في متعلق الامر من جهة دخالتها في غرض المولى. وبعبارة ثالثة تشخص الامر وتحصله انما يكون بتحصل متعلقه، وامتياز الاوامر ليس الا بامتياز متعلقاتها، وما هو المتعلق في الموقتات عبارة عن الطبيعة المقيدة بصدورها في الوقت المعين، فبعد انقضاء الوقت لا يعقل ثبوت الطلب الاول، إذ ما ادعى بقائه بعد الوقت ان كان عبارة عن الطلب المتعلق بالطبيعة المطلقة.
(ففيه) ان الطلب لم يكن متعلقا بأصل الطبيعة حتى يبقى بعد الوقت، وان كان عبارة عن الطلب المتعلق بالطبيعة المقيدة بالوقت (ففيه) ان بقائه مستلزم للتكليف بما لا يطاق إذ الطبيعة بقيد كونها في الوقت المعين لا يمكن ايجادها في غير هذا الوقت.
(فان قلت): هذا إذا كان التقييد بالوقت بدليل متصل، واما إذا كان بدليل منفصل بان كان هن امران تعلق احدهما بأصل الطبيعة والاخر بإيجادها في الوقت المعين بنحو تعدد المطلوب فحينئذ يقتضى الامر الاول اتيان الطبيعة بعد الوقت ايضا.
(قلت): ان كان المدعى حينئذ بقاء الامر الاول كما ذكرت (ففيه) انه خارج من محل النزاع إذ النزاع فيما نحن فيه انما هو في ما لو عصى الواجب الموقت في وقته، والامر الاول بناء على تعدد المطلوب وكونه امرا مستقلا في قبال الامر الثاني لا وقت له حتى يعصى بانقضاء وقته، وان كان المدعى بقاء الامر الثاني. (ففيه) ما عرفت آنفا من كونه مستلزما للتكليف بما لا يطاق، إذ الزمان الماضي يستحيل اعادته (هذا) وشيخنا الاستاد صاحب الكفاية بعد تسليمه ما ذكرناه من عدم الاقتضاء استثنى في آخر كلامه قسما من الموقتات فاختار الاقتضاء في هذا القسم وهو عبارة عما إذا كان التوقيت بدليل منفصل ولم يكن له اطلاق في التقييد بالوقت وكان لدليل الواجب اطلاق (قال قدس سره ) ما حاصله: انه يؤخذ حينئذ بأطلاق دليل الواجب ويحمل دليل التوقيت على كونه بنحو تعدد المطلوب (انتهى).
وفيما ذكره نظر، فانه (قدس سره) قد جعل هذا القسم ايضا من الموقتات، والتوقيت عبارة عن تقييد الطبيعة المطلوبة بقيد الوقت وهذا المعنى لا يلائم تعدد المطلوب، فان التقييد عبارة اخرى عن حمل، المطلق على المقيد، وذلك انما يتصور فيما إذا احرز وحدة الطلب والحكم فلا يعقل ان يجتمع مع تعدد المطلوب (توضيح ذلك) انه إذا كان لنا دليلان: احدهما مطلق والاخر مقيد فهو على نحوين :
(الاول) ان يحرز كونهما بصدد بيان حكم واحد، غاية الامر تعارضهما من جهة المتعلق كما إذا قال المولى: ان ظاهرت فاعتق رقبة، وقال ايضا ان ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة فانه من الواضحات ان الثابت على تقدير الظهار حكم واحد غاية الامر ان مقتضى ظاهر الدليل الاول هو كون عتق الرقبة بأطلاقه متعلقا للوجوب، ومقتضى الدليل الثاني هو كون المتعلق وما هو تمام المطلوب عبارة عن عتق الرقبة المقيدة بالأيمان فحينئذ يحمل المطلق على المقيد من جهة ان ظهور المقيد في دخالة القيد اقوى من ظهور المطلق فيرفع اليد عن ظاهره.
(الثاني) ان لا يحرز وحدة الحكم بل يعلم أو يحتمل تعدده و حينئذ لا مجال لحمل المطلق على المقيد إذ لا تعارض بينهما حتى يحمل احدهما على الاخر، فيؤخذ بظهور كل واحد منهما فيثبت حكمان تعلق احدهما بالطبيعة المطلقة والاخر بالمقيدة، ومن هذا الباب ما ورد في المستحبات من المطلقات والمقيدات إذ لا سبيل إلى احراز وحدة الحكم في الاحكام الندبية فلا يحمل المطلق فيها على المقيد بل يحمل الاول على مرتبة ضعيفة من الندب والثاني على مرتبة قوية منه، ولأجل ذلك اشتهر بينهم ان حمل المطلق على المقيد لا يتمشى في ادلة السنن، (وبالجملة) حمل المطلق على المقيد اما يتمشى فيما إذا احرز وحدة الطلب والمطلوب، ففرض تعدد المطلوب يوجب الخروج مما نحن فيه، إذ الكلام انما هو في الموقت الذى هو قسم من المقيدات.
(فان قلت): يمكن ان يكون دليل المطلق ناظرا إلى بيان مطلوبية اصل الطبيعة، ودليل المقيد ناظرا إلى تقييد المرتبة القوية، ومقتضى ذلك هو كون اصل الطبيعة مطلوبة مطلقا سواء اتى بها في الوقت اوفى خارجه، غاية الامر ان ايجادها في الوقت يوجب شدة المطلوبية .
(قلت): نعم ولكنه ايضا خارج مما نحن فيه فان الدليلين على هذا لا تعارض بينهما ولا يحمل المطلق منهما على المقيد (والحاصل) ان محل النزاع فيما نحن فيه هو الموقت الذى هو قسم من المقيدات فما ذكرت من بقاء المطلق على اطلاقه خارج مما نحن فيه فافهم وتأمل جيد.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|