أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-6-2020
![]()
التاريخ: 9-7-2020
![]()
التاريخ: 31-8-2016
![]()
التاريخ: 30-8-2016
![]() |
هل الجمل الشرطية تدلّ على الانتفاء عند الانتفاء مع الخلوّ عن القرينة ؟
فيها خلاف :
نسب بعض الأكابر ـ أدام الله أظلاله ـ إلى المتقدّمين : أنّ النكتة الوحيدة في دلالة القضايا على المفهوم ـ شرطية كانت أو وصفية أو غيرهما ـ هي شيء واحد غير مربوط بالدلالات اللفظية ، ومجمله : أنّ الغرض الوحيد في الكلام عند العقلاء هو الإفادة والاستفادة ، فكما هو أصل متّبع في أصل الكلام فهكذا هو أصل في قيوده الواردة فيه .
وتوضيحه : أنّ الأصل العقلائي في كلّ فعل صادر من شاعر مختار ـ ومنه الكلام ـ بما أ نّه فعله هو الحمل على أ نّه صدر لغرض لا لغواً .
ثمّ في الكلام أصل آخر ; وهو أنّ صدوره للتفهيم لا لغرض آخر ; لأنّه آلة التفهيم ، واستعماله لغيره خلاف الأصل ، ولو شكّ في الاستعمال الحقيقي والمجازي يحمل على الأوّل .
ولا إشكال في جريان الأصل العقلائي في القيود الزائدة في الكلام ، فإذا شكّ في قيد أنّه أتى به لغواً أو لغرض يحمل على الثاني ، وإذا شكّ أنّه للتفهيم أو غيره حمل على الأوّل ، وما يكون القيود آلة لتفهيمه هو يرجع إلى دخالتها في الموضوع ، وأنّ إتيان الموضوع مقيّداً لأجل كون الموضوع هو الذات مع القيد ، وهذا ليس من قبيل الدلالات اللفظية ، كما مرّ .
فتحصّل من ذلك : أنّ إتيان القيد يدلّ على دخالته في الحكم ، فينتفي عند انتفائه ، من غير فرق بين الشرط والوصف وغيرهما ، هـذا حاصل ما قرّره دام ظلّه(1) .
والحقّ : أنّ هذا التقرير لا يفيد شيئاً ما لم يضمّ إليه شيء آخر ; وهو أنّ عدم الإتيان بشيء آخر في مقام البيان يدلّ على عدم قرين له ، وبه يتمّ المطلوب ، وإلاّ مجرّد عدم لغوية القيود لا يدلّ على المفهوم ما لم تفد الحصر .
وهو أحد الطرق التي تشبّث به المتأخّرون ، وسيأتي تقريره مع جوابه .
ومحصّل تقريره : أنّ المتكلّم إذا كان في مقام بيان موضوع حكمه فلابدّ أن يأتي بكلّ ما يتقوّم به طبيعة الحكم ، فلو أتى ببعض دون بعض لأخلّ بغرضه ، فلو كان المقوّم لوجوب الإكرام أحد الأمرين من المجيء والتسليم لما كان له ذكر أحدهما وحذف الآخر .
وحكم المقام حكم باب المطلقات ، فكما يعلم من عدم ذكر الإيمان عدم دخالته فهكذا المقام ; إذ المفروض أنّه بصدد بيان ما يتوقّف عليه طبيعة الإكرام .
وأنت خبير : أنّ ضمّ هذه المقدّمة إلى الاُولى لا يفيد في إثبات المدّعى أيضاً ; لأنّ كون المتكلّم في مقام البيان لا يقتضي عدا أن يبيّن ما هو تمام الموضوع لوجوب الإكرام المسوق له الكلام ، والمفروض أنّه بيّنه ; حيث قال : «إن جاءك زيد فأكرمه» ، وأمّا إذا فرضنا أنّ للإكرام موضوعاً آخر ـ وهو تسليم زيد ـ فلزوم بيانه لم يدلّ عليه دليل ، ولا يعدّ عدم بيانه نقضاً للغرض ولا كلامه لغواً .
مثلاً قوله : «إذا بلغ الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء» يدلّ باعتبار التقييد بالكرّ على أنّ ذات الماء ليس موضوعاً للحكم ، وإلاّ لكان القيد لغواً ، ويدلّ على أنّ هذا الموضوع المقيّد تمام الموضوع للحكم ، ولا يكون قيد آخر دخيلاً فيه ، وإلاّ كان عليه البيان .
وأمّا عدم نيابة قيد آخر عن هذا القيد وعدم صدور حكم آخر متعلّقاً بالجاري أو النابع فليس مقتضى التقييد ولا مقتضى الإطلاق .
وقياس المقام بالمطلق بالجاري أو النابع فليس مقتضى التقييد ولا مقتضى الإطلاق وقياس المقام بالمطلق قياس مع الفارق ; إذ الشكّ هنا في نيابة قيد عن آخر بعد تمامية قيود الحكم المسوق له الكلام ، والشكّ هناك في تمامية قيود الحكم المسوق له ، وأنّه هل هو تمام الموضوع أو لا ؟
وأمّا المتأخّرون : فقد استدلّوا بوجوه غير نقية عن الإشكال ، كلّها مسوقة لإثبات كون القيد علّة منحصرة ، وظاهر ذلك كون الترتّب العلّي أو مطلق الترتّب من المسلّمات عندهم ، مع إمكان منع الأوّل ، بل كفاية مطلق الملازمة العرفية لصحّة قولنا «لو جاء زيد لجاء عمرو» إذا كانا مصاحبين غالباً بلا تجوّز أيضاً . نعم لو لم يكن بينهما ملازمة مطلقاً لما صحّ استعمال الأداة إلاّ بنحو من العناية .
ومن الوجوه المستدلّ بها : دعوى تبادر العلّة المنحصرة من القضية(2) أو انصرافها إليها(3) ، وإثباته على المدّعي ، مع شيوع الاستعمال في غيرها بلا عناية .
وما ربّما يدّعى من الأكملية (4) فهو كما ترى .
ومنها : التمسّك بإطلاق أداة الشرط لإثبات الانحصار ، كالتمسّك بإطلاق الأمر لإثبات كونـه نفسياً تعيينياً(5) .
وما ربّما يورد عليه من أنّ الإطلاق فرع التقييد ، ومعاني أدوات الشرط آليات لا تقبل التقييد ، فكيف يؤخذ بإطلاقها(6) ؟ فمدفوع بما مرّ ; من أنّ التقييد يمكن أن يكون بلحاظ ثان ، وتقدّم الوجوه الاُخر في ذلك ، فراجع(7) .
نعم ، الإشكال كلّه في أصل الاستدلال ; لما عرفت في باب الأوامر من أنّ الأقسام كلّها تتميّز عن المقسم بقيود خارجة منه ، وإلاّ لزم أن يكون القسم عين المقسم ، وهو باطل ، فالإطلاق لا يثبت نفسية الأمر ولا غيريته ، بل كلّ منهما متميّز عن نفس الطلب بقيد خاصّ ، فلا يعقل أن يكون عدم بيان قيد مثبتاً لقيد آخر .
فالحكم في المقيس عليه باطل ، فكيف المقيس ؟ ! لأنّ الترتّب العلّي ينقسم إلى قسمين : انحصاري وغير انحصاري ، فكلّ واحد مشتمل على خصوصية زائدة على مقسمه ، فلا معنى لإثبات أحدهما بعدم البيان ، على أنّ القياس مع الفارق ، يعلم ذلك بالتأمّل .
ومنها : التمسّك بإطلاق الشرط ; حيث إنّه لو لم يكن بمنحصر يلزم تقييده ; ضرورة أ نّـه لو قارنه أو سبقه الآخـر لما أثّر وحـده ، وقضيـة إطلاقـه أ نّه يؤثّر كذلك مطلقاً(8) .
وفيه : أنّ معنى الإطلاق ليس أنّ الشرط مؤثّر ; سواء قارنه الآخر أم سبقه أم لحقه ، أو أنّ ذلك مؤثّر وحده بل لا يفيد الإطلاق ـ أي عدم ذكر القيد في مقام البيان ـ إلاّ كون الشيء تمام الموضوع للحكم ، وأنّه لو كان شيء آخر دخيلاً كان عليه البيان .
وأمّا لزوم بيان ما هو قرين لهذا الموضوع في تعلّق الحكم فلم يدلّ عليه دليل ; لعدم لزوم نقض الغرض .
وما ذكر في الاستدلال من أنّه لو لم يكن بمنحصر لزم تقييده ، فلم يعلم له وجه صالح .
وإن شئت قلت : إنّ الإطلاق في مقابل التقييد ، وكون شيء آخر موضوعاً للحكم أيضاً لا يوجب تقييداً في الموضوع بوجه .
وأمّا قضية الاستناد الفعلي بالموضوع مع عدم قرين له قبله وبعده فهو شيء غير راجع إلى الإطلاق والتقييد ; فإنّ الاستناد واللا استناد في الوجود الخارجي بالنسبة إلى المقارنات الخارجية غير مربوط بمقام جعل الأحكام على العناوين ; فإنّ الدليل ليس ناظراً إلى كيفيـة الاستناد في الوجود ; فضلاً عن النظر إلى مزاحماته فيه .
وكيف كان فالإطلاق غير متكفّل لإحراز عدم النائب ; وإن كان كفيلاً لإحراز عدم الشريك ـ أي القيد الآخر ـ ولو فرض إحراز كون المتكلّم بصدد بيان العلّة المنحصرة أو الموضوع المنحصر فهو غير مربوط بمفهوم الشرط ، بل مع هذا يفهم الحصر مع اللقب أيضاً ، لكنّه لأجل القرينة لا لأجل المفهوم الذي وقع مورد النزاع .
ومنها : ما نقلـه المحقّق المحشّي في تعليقته الشريفـة ، وأشار إليه بعض الأكابر ـ دام ظلّه ـ (9) وهـو أنّ مقتضى الترتّب العلّي أن يكون المقدّم بعنوانـه الخاصّ علّة ، ولو لم تكن العلّة منحصرة لزم استناد التالي إلى الجامع بينهما ، وهو خلاف ظاهر الترتّب على المقدّم بعنوانه(10) .
وفيه ـ مضافاً إلى ما قدّمناه من صحّة استعمال القضية الشرطية في مطلق المتلازمين ، فالعلّية والمعلولية ممّا لا أصل لهما في المقام ـ أ نّه يرد عليه أنّ قياس التشريع بالتكوين منشأ لاشتباهات نبّهنا على بعضها(11) ; لأنّ العلّية والمعلولية في المجعولات الشرعية ليست على حذو التكوين ; من صدور أحدهما عن الآخر حتّى يأتي فيهما القاعدة المعروفة ; إذ يجوز أن يكون كلّ من الكرّ والمطر والجاري دخيلاً في عدم الانفعال مستقلاًّ بعناوينها ، كما هو كذلك .
على أنّ القاعدة مختصّة للبسيط البحت دون غيره .
ولو أغمضنا عن ذلك كلّه لا يمكن الإغماض عن أنّ طريق استفادة الأحكام من القضايا هو الاستظهارات العرفية ، لا الدقائق الفلسفية ، فتدبّر .
ومنها : ما يظهر عن بعض الأعاظم ، وحاصلة : جواز التمسّك بإطلاق الجزاء دون الشرط ; قائلاً أنّ مقدّمات الحكمة إنّما تجري في المجعولات الشرعية ، ومسألة العلّية والسببية غير مجعولة ، وإنّما المجعول هو المسبّب على تقدير وجود سببه ، فلا معنى للتمسّك بإطلاق الشرط ، بل مقدّمات الحكمة تجري في جانب الجزاء ، من حيث عدم تقييده بغير ما جعل في القضية من الشرط ، مع كونه في مقام البيان ، ويحرز كونه في مقامه من تقييد الجزاء بالشرط .
و دعوى كونه في مقام البيان من هذه دون سائر الجهات فاسدة ; فإنّه لو بني على ذلك لانسدّ باب التمسّك بالإطلاقات في جميع المقامات ; إذ ما من مورد إلاّ ويمكن فيه هذه الدعوى(12) ، انتهى ملخّصاً .
وفيه أوّلاً : أنّ لازم ما ذكره عدم التمسّك بالإطلاق في أغلب الموارد ; لأنّ مصبّ الإطلاق في قول الشارع مثلاً «اعتق رقبة» إن كان مفاد الهيئة فهو معنى حرفي غير قابل لجريان مقدّماته فيها على مذهب القائل ، وإن كان مادّتها أو نفس الرقبة فليستا من المجعولات الشرعية . وما هذا إلاّ أنّ إجرائها لا ينحصر بالمجعولات الشرعية ، بل الغالب جريانها فيما له أثر شرعي .
مثلاً إذا قال : «إن ظاهرت فاعتق رقبة» ، وشكّ في اعتبار قيد في الرقبة تجري المقدّمات في نفس الرقبة التي جعلت موضوع الحكم ، وكذا يتمسّك بإطلاق المادّة لو شكّ في كيفية العتق ، مع عدم كونهما مجعولين شرعاً ، فكما يقال في مثل ما ذكر : أنّ ما جعل موضوعاً أو متعلّقاً هو تمامهما ، وإلاّ لكان عليه البيان فكذا يقال في المقام : لو كان شيء آخر دخيلاً في الشرط لكان عليه البيان ، وهذا غير مربوط بجعل السببية والعلّية .
وثانياً : أنّ ما أورده في إثبات إطلاق الجزاء عين ما ردّه في ناحية الشرط ، وما الفرق بين المقامين ؟ ! مع قطع النظر عمّا ذكـره ; مـن حديث عـدم مجعوليـة العلّية والسببية .
وثالثاً : أنّ منع مجعولية السببية والعلّية في غير محلّه ...
_____________________
1 ـ لمحات الاُصول : 273 ـ 274 .
2 ـ معالم الدين : 78 ، قوانين الاُصول 1 : 175 / السطر15 .
3 ـ الفصول الغروية : 147 / السطر27 .
4 ـ اُنظر مطارح الأنظار : 170 / السطر27 ، كفاية الاُصول : 232 .
5 ـ اُنظر كفاية الاُصول : 232 .
6 ـ نفس المصدر .
7 ـ تقدّم في الجزء الأوّل : 317 .
8 ـ اُنظر كفاية الاُصول : 232 .
9 ـ لمحات الاُصول : 282 ـ 283 .
10 ـ نهاية الدراية 2 : 416 .
11 ـ تقدّم في الجزء الأوّل : 227 و 245 .
12 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1 : 481 و 483 ـ 484 .
|
|
ليس التفاح.. أطباء يكشفون فاكهة تبقيك بعيدا عن الاكتئاب
|
|
|
|
|
إيلون ماسك يعلن تعرض منصة "إكس" لهجوم سيبراني "ضخم"
|
|
|
|
|
مركز الثقافة الأسرية ينظم أمسية رمضانية ثقافية لعدد من العوائل المتعففة
|
|
|