أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-8-2016
1706
التاريخ: 5-9-2016
1451
التاريخ: 6-9-2016
1105
التاريخ: 5-9-2016
1299
|
إنّ الشهرة على أقسام ثلاثة :
أ. الشهرة الروائيّة.
ب. الشهرة العمليّة.
ج. الشهرة الفتوائيّة.
أمّا الأُولى، فهي الرواية التي اشتهر نقلها بين المحدِّثين وكثرت رواتها، كالأحاديث الواردة في نفي التجسيم والتشبيه ونفي الجبر والتفويض عن أئمة أهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ ويقابلها النادر.
ثمّ إنّ الخبر المشهور إنّما يكون معبِّراً عن الحكم الشرعي فيما إذا أفتى الفقهاء على وفقه، وأمّا إذا رواه المحدّثون و لكن أعرض عنه الفقهاء، فهذه الشهرة موهنة لا جابرة.
أمّا الثانية، فهي الرواية التي عمل بها مشهور الفقهاء وأفتوا على ضوئها، فهذه الشهرة تورث الاطمئنان، و تسكن إليها النفس، وهي التي يصفها الإمام في مقبولة عمر بن حنظلة الّتي وردت في علاج الخبرين المتعارضين اللّذين أخذ بكلّ واحد منهما أحد الحكَمين في مقام فصل الخصومات بقوله : «يُنظرُ إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به، المجمعَ عليه عند أصحابك فيُؤخذ به من حُكْمنا، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك».(1)
وعلى ضوء ذلك فالشهرة العملية تكون سبباً لتقديم الخبر المعمول به على المتروك الشاذّ الذي لم يعمل به.
وهل يكون عمل الأصحاب المتقدّمين بالرواية جابراً لضعف سندها وإن لم يكن لها معارض؟
ذهب المشهور إلى أنّه جابر لها. نعم الجابر للضعف هو عمل المتقدّمين من الفقهاء الذين عاصروا الأئمة ـ عليهم السَّلام ـ ، أو كانوا في الغيبة الصغرى، أو بعدها بقليل كوالد الصدوق وولده والمفيد وغيرهم، وأمّا المتأخّرون فلا عبرة بعملهم ولا إعراضهم، وقد أوضحنا ذلك في محاضراتنا.(2)
وأمّا الثالثة، فهي عبارة عن اشتهار الفتوى في مسألة لم ترد فيها رواية وهي التي عقدنا البحث لأجله، مثلاً إذا اتّفق ا لمتقدّمون على حكم في مورد، ولم نجد فيه نصاً من أئمّة أهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ يقع الكلام في حجّية تلك الشهرة الفتوائية وعدمها.
والظاهر حجّية مثل هذه الشهرة، لأنّها تكشف عن وجود نص معتبر وصل إليهم و لم يصل إلينا حتى دعاهم إلى الإفتاء على ضوئه، إذ من البعيد أن يُفتي أقطاب الفقه بشيء بلا مستند شرعي و دليل معتدّ به، و قد حكى سيد مشايخنا المحقّق البروجردي في درسه الشريف أنّ في الفقه الإمامي مسائل كثيرة تلقّاها الأصحاب قديماً وحديثاً بالقبول، وليس لها دليل إلاّ الشهرة الفتوائية بين القدماء، بحيث لو حذفنا الشهرة عن عداد الأدلّة، لأصبحت تلك المسائل فتاوى فارغة مجرّدة عن الدليل.
ويظهر من غير واحد من الروايات أنّ أصحاب أئمّة أهل البيت كانوا يقيمون وزناً للشهرة الفتوائية السائدة بينهم و يقدّمونها على نفس الرواية التي سمعوها من الإمام ـ عليه السَّلام ـ،ولنأت بنموذج:
روى عبد اللّه بن محرز بيّاع القلانص قال: أوصى إليّ رجل وترك خمسمائة درهم أو ستمائة درهم، وترك إبنة، وقال: لي عصبة بالشّام، فسألت أبا عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ عن ذلك فقال: أعط الابنة النصف، والعصبة النصف الآخر، فلمّا قدمت الكوفة أخبرت أصحابنا فقالوا: اتّقاك، فأعطيت الابنة النصف الآخر. ثمّ حججت فلقيت أبا عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ فأخبرته بما قال أصحابنا وأخبرته أنّي دفعت النصف الآخر إلى الابنة، فقال: أحسنت إنّما أفتيتك مخالفة العصبة عليك..(3)
توضيح الرواية: انّه إذا توفّي الأب و لم يكن له وارث سوى البنت، فالمال كلّه لها، غاية الأمر: النصف الأوّل فرضاً و النصف الآخر ردّاً.
ولكن أهل السنّة يورّثون البنت في النصف و العصبةَ في النصف الآخر، و قد كان حكم الإمام في اللقاء الأوّل بما يوافق فتوى العامة، و لمّا وقف الراوي على أنّ المشهور بين أصحاب الإمام غير ما سمعه ترك قول الإمام وعمل بما هو المشهور عند أصحابه. فلولا أنّ للشهرة الفتوائية قيمة علمية لما عمل الراوي بقول الأصحاب، وهذا يدلّ على أنّه كانت للشهرة الفتوائية يومذاك مكانة عالية إلى حدّ ترك الراوي القولَ الذي سمعه من الإمام وقد أخبر الإمام عند وفد إليه في العام القادم وهو عليه صحّح عمله.
___________
1. الوسائل:18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 1. و قد رواها المشايخ الثلاثة في جوامعهم و تلقّاها الأصحاب بالقبول. ولذلك سمّيت بالمقبولة.
2. المحصول في علم الأُصول:3/207ـ 208.
3. الوسائل: 17، الباب 5 من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد، الحديث4.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|