أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-9-2016
1240
التاريخ: 5-9-2016
1449
التاريخ: 18-8-2016
3715
التاريخ: 6-9-2016
1322
|
تقدم في الحلقة ...[الثانية] ان للمولى الحقيقي سبحانه وتعالى حق الطاعة بحكم مولويته. والمتيقن من ذلك هو حق الطاعة في التكاليف المقطوعة، وهذا هو معنى منجزية القطع، كما ان حق الطاعة هذا لا يمتد إلى ما يقطع المكلف بعدمه من التكاليف جزما، وهذا معنى معذرية القطع. والمجموع من المنجزية والمعذرية هو ما نقصده بالحجية.
كما عرفنا ... ان الصحيح في حق الطاعة شموله للتكاليف المظنونة والمحتملة ايضا، فيكون الظن والاحتمال منجزا ايضا، ومن ذلك يستنتج ان المنجزية موضوعها مطلق انكشاف التكليف ولو كان انكشافا احتماليا لسعة دائرة حق الطاعة، غير ان هذا الحق وهذا التنجيز يتوقف على عدم حصول مؤمن من قبل المولى نفسه في مخالفة ذلك التكليف، وذلك بصدور ترخيص جاد منه في مخالفة التكليف المنكشف. إذ من الواضح انه ليس لشخص حق الطاعة لتكليفه، والادانة بمخالفته اذا كان هو نفسه قد رخص بصورة جادة في مخالفته.
اما متى يتأتى للمولى ان يرخص في مخالفة التكليف المنكشف بصورة جادة؟
فالجواب على ذلك أن هذا يتأتى للمولى بالنسبة إلى التكاليف المنكشفة بالاحتمال او الظن، وذلك بجعل حكم ظاهري ترخيصي في موردها، كأصالة الاباحة والبراءة ولا تنافي بين هذا الترخيص الظاهري والتكليف المحتمل او المظنون، لما سبق من التوفيق بين الاحكام الظاهرية والواقعية، وليس الترخيص الظاهري هنا هزليا، بل المولى جاد فيه ضمانا لما هو الاهم من الاغراض والمبادئ الواقعية، واما التكليف المنكشف بالقطع فلا يمكن ورود المؤمن من المولى بالترخيص الجاد في مخالفته، لان هذا الترخيص اما حكم واقعي حقيقي، واما حكم ظاهري طريقي، وكلاهما مستحيل.
والوجه في استحالة الاول انه يلزم اجتماع حكمين واقعيين حقيقيين متنافيين في حالة كون التكليف المقطوع ثابتا في الواقع، ويلزم اجتماعهما على اي حال في نظر القاطع، لأنه يرى مقطوعه ثابتا دائما فكيف يصدق بذلك، والوجه في استحالة الثاني ان الحكم الظاهري ما يؤخذ في موضوعه الشك ولا شك مع القطع فلا مجال لجعل الحكم الظاهري، وقد يناقش في هذه الاستحالة بان الحكم الظاهري كمصطلح متقوم بالشك لا يمكن ان يوجد في حالة القطع بالتكليف، ولكن لماذا لا يمكن ان نفترض ترخيصا يحمل روح الحكم الظاهري ولو لم يسم بهذا الاسم اصطلاحا، لأننا عرفنا ... ان روح الحكم الظاهري هي انه خطاب يجعل في موارد اختلاط المبادئ الواقعية، وعدم تمييز المكلف لها لضمان الحفاظ على ما هو أهم منها، فاذا افترضنا ان المولى لاحظ كثرة وقوع القاطعين بالتكاليف في الخطأ وعدم التمييز بين موارد التكليف وموارد الترخيص، وكانت ملاكات الاباحة الاقتضائية تستدعي الترخيص في مخالفة ما يقطع به من تكاليف ضمانا للحفاظ على تلك الملاكات، فلماذا لا يمكن صدور الترخيص حينئذ؟ والجواب على هذه المناقشة، ان هذا الترخيص لما كان من اجل رعاية الاباحة الواقعية في موارد خطأ القاطعين فكل قاطع يعتبر نفسه غير مقصود جدا بهذا الترخيص، لأنه يرى قطعه بالتكليف مصيبا، فهو بالنسبة اليه ترخيص غير جاد، وقد قلنا ... ان حق الطاعة والتنجيز متوقف على عدم الترخيص الجاد في المخالفة.
ويتلخص من ذلك.
اولا: ان كل انكشاف للتكليف منجز ولا تختص المنجزية بالقطع لسعة دائرة حق الطاعة.
وثانيا: ان هذه المنجزية مشروطة بعدم صدور ترخيص جاد من قبل المولى في المخالفة.
ثالثا: ان صدور مثل هذا الترخيص معقول في موارد الانكشاف غير القطعي.
ومستحيل في موارد الانكشاف القطعي، ومن هنا يقال: إن القطع لا يعقل سلب المنجزية عنه بخلاف غيره من المنجزات. هذا هو التصور الصحيح لحجية القطع ومنجزيته، ولعدم امكان سلب هذه المنجزية عنه. غير ان المشهور لهم تصور مختلف، فبالنسبة إلى اصل المنجزية، ادعوا انها من لوازم القطع بما هو قطع، ومن هنا آمنوا بانتفائها عند انتفائه، وبما اسموه بقاعدة قبح العقاب بلا بيان، وبالنسبة إلى عدم امكان سلب المنجزية وردع المولى عن العمل بالقطع، برهنوا على استحالة ذلك بان المكلف اذا قطع بالتكليف حكم العقل بقبح معصيته، فلو رخص المولى فيه لكان ترخيصا في المعصية القبيحة عقلا، والترخيص في القبيح محال ومناف لحكم العقل.
اما تصورهم بالنسبة إلى المنجزية فجوابه ان هذه المنجزية انما تثبت في موارد القطع بتكليف المولى لا القطع بالتكليف من أي أحد، وهذا يفترض مولى في الرتبة السابقة، والمولوية معناها حق الطاعة وتنجزها على المكلف فلابد من تحديد دائرة حق الطاعة المقوم لمولوية المولى في الرتبة السابقة، وهل يختص بالتكاليف المعلومة او يعم غيرها؟ واما تصورهم بالنسبة إلى عدم امكان الردع، فجوابه ان مناقضة الترخيص لحكم العقل وكونه ترخيصا في القبيح، فرع ان يكون حق الطاعة غير متوقف على عدم ورود الترخيص من قبل المولى، وهو متوقف حتما لوضوح ان من يرخص بصورة جادة في مخالفة تكليف لا يمكن ان يطالب بحق الطاعة فيه، فجوهر البحث يجب ان ينصب على انه هل يمكن صدور هذا الترخيص بنحو يكون جادا ومنسجما مع التكاليف الواقعية أولا؟ وقد عرفت انه غير ممكن.
وكما ان منجزية القطع لا يمكن سلبها عنه كذلك معذريته، لان سلب المعذرية عن القطع بالإباحة، اما ان يكون بجعل تكليف حقيقي، او بجعل تكليف طريقي، والاول مستحيل للتنافي بينه وبين الاباحة المقطوعة، والثاني مستحيل لان التكليف الطريقي ليس الا وسيلة لتنجيز التكليف الواقعي كما تقدم، والمكلف القاطع بالإباحة لا يحتمل تكليفا واقعيا في مورد قطعه لكي يتنجز فلا يري للتكليف الطريقي أثرا.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاب الفلسفة الغربية برؤية الشيخ مرتضى مطهري
|
|
|