أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-07-2015
1598
التاريخ: 3-07-2015
1704
التاريخ: 3-4-2018
19073
التاريخ: 29-11-2018
1150
|
________________________________________________
... أنّ الواجب بالذات ـ الذي هو صاحب الكمال ، ومنزّه عن صفات النقص ، وهو صاحب الجلال ـ صاحب صفات الجمال ، التي هي صفات الفعل والصفات الثبوتيّة الإضافيّة ، وهي كثيرة :
منها : الجود ، وهو عبارة عن إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي لا لغرض ولا لعوض (1).
ووجه ثبوته : أنّ واجب الوجود لو أعطى غير من هو أهل للإعطاء يلزم القبح ، ولو كان متعوّضا لكان ناقصا مستكملا ومحتاجا إلى غيره ، ولو كان إعطاؤه لغرض عائد إليه يلزم ذلك أيضا ، وكلّ ذلك ينافي وجوب الوجود.
ومنها : الملك ؛ لأنّ الملك هو الغنيّ المفتقر إليه ، وواجب الوجود كذلك ؛ لأنّه لا يفتقر إلى غيره ؛ لوجوب وجوده وجميع أغياره محتاج إليه ؛ لأنّه منه أو ممّا هو منه.
ومنها : التمام ، وهو الذي حصل له جميع ما يمكن أن يحصل لغيره ، وواجب الوجود كذلك ؛ لامتناع كون كمالاته بالقوّة ... وإلاّ يلزم التغيّر والانتقال المنافي لوجوب الوجود.
ومنها : فوق التمام ، وهو أن يحصل منه جميع ما يمكن أن يحصل لغيره ، وواجب الوجود كذلك ؛ لأنّ وجود جميع أغياره مستند إليه ، مستفاد منه ، وكذلك سائر الصفات.
ومنها : الحقّيّة ، وهي بمعنى الثبوت والدوام وعدم قبول العدم والفناء ، وهي من فروع السرمديّة.
ومنها : الخيريّة ؛ وذلك لأنّه وجود محض والوجود خير محض ، فذات البارئ هو الخير.
ومنها : الحكمة ، وهي العلم بالأشياء على ما هي عليه ، والعمل على وفق الصواب ، وواجب الوجود كذلك ؛ لأنّه تعالى عالم ... وكلّ ما يصدر عنه فهو على وفق المصلحة ...
ومنها : الجبّاريّة ؛ لأنّ الجبّار هو الذي يجبر الشيء على ما لا يقتضيه ، وواجب الوجود كذلك؛ لأنّه يجبر الممكنات على الوجود الذي ليس من مقتضيات ذاتها.
ومنها : القهّاريّة ؛ لأنّه يغلب الممكنات بانتزاع الصور والأعراض من موادّها وإفاضة الوجود عليها.
ومنها : القيموميّة ؛ لأنّه القائم بذاته ، المقيم لغيره.
ومنها : الرازقيّة ، وهي مثل الجود.
ومنها : الخالقيّة ، وهي من آثار القدرة.
ومنها : اليد ، وهي عبارة عن القدرة أو النعمة.
ومنها : الوجه ، وهو عبارة عن الوجود أو الحياة.
ومنها : الرحمة والكرم والرضا ، وهي راجعة إلى الإرادة ؛ لأنّها إرادات مخصوصة مقتضية للإحسان بسبب كما في الرحمة ، أو بدونه كما في الكرم ، أو لبقاء الإحسان على ما كان كما في الرضا.
ومنها : الصنع والإبداع والتكوين والإحداث.
والأوّل : عبارة عن إيجاد شيء مسبوق بالمادّة والمدّة كإيجاد المواليد.
والثاني : عبارة عن إيجاد شيء غير مسبوق بالمادّة والمدّة كإيجاد الفلك الأعظم.
والثالث : عبارة عن إيجاد شيء مسبوق بمدّة غير مسبوق بمادّة كإيجاد العناصر.
والرابع : عكسه كإيجاد الزمان.
وكلّ ذلك راجع إلى القدرة أو الإرادة.
وبالجملة ، فالإبداع أعلى مرتبة من الإحداث والتكوين وهما من الصنع ، ولكلّ من الإحداث والتكوين جهة رجحان ومرجوحيّة من جهة الاحتياج والعدم الزمانيّ.
وإلى مثل ما ذكرنا أشار المصنّف مع بيان الشارح القوشجي بقوله : ( وعلى ثبوت الجود ) «عطف على قوله : على سرمديّته (2). يعني وجوب الوجود كما يدلّ على سرمديّته (3) ، يدلّ على ثبوت هذه الأمور التي نذكرها الآن :
منها : الجود ، وهو إفادة ما ينبغي لا لعوض ؛ فإنّ واجب الوجود لو كان مستعوضا (4) بإفادة ما ينبغي للممكنات ، لكان ناقصا بذاته ، مستكملا بغيره ، فكان محتاجا إلى غيره.
( و ) منها : ( الملك ) ؛ لأنّ الملك هو الغنيّ الذي لا يستغني عنه شيء ، وواجب الوجود كذلك؛ لأنّه لا يفتقر إلى غيره ، وكلّ ما هو غيره مفتقر إليه من أنّه منه أو ممّا هو منه.
( و ) منها : ( التامّ (5) ) ؛ لأنّ التامّ هو الذي حصل له جميع ما من شأنه أن يحصل له ، وواجب الوجود كذلك ؛ لأنّه يمتنع عليه التغيّر والانفعال.
( و ) منها : ( فوقه ) أي فوق التمام ، وهو أن يحصل منه جميع ما من شأنه أن يحصل لغيره ، وواجب الوجود كذلك ؛ لأنّ الوجود كلّه مستند إليه ، مستفاد منه.
( و ) منها : ( الحقّيّة ) أي وجوب الوجود يدلّ على أنّه تعالى حقّ ، أي ثابت دائما ، غير قابل للعدم والفناء.
( و ) منها : ( الخيريّة ) أي وجوب الوجود يدلّ على أنّه تعالى خير ؛ وذلك لما سبق من أنّ الوجود خير محض ، والعدم شرّ محض ، وقد سبق أيضا أنّ وجوب الوجود يقتضي أن يكون ذات الواجب نفس الوجود ، فذات البارئ تعالى هو الوجود ، والوجود هو الخير ، فذات البارئ تعالى هو الخير.
( و ) منها : ( الحكمة ) وهي العلم بالأشياء على ما هي عليه ؛ لأنّ وجوب الوجود يقتضي التجرّد ، وكلّ مجرّد عالم بالأشياء كما هي.
( و ) منها : ( التجبّر ) ؛ لأنّ الجبّار هو الذي يجبر الشيء على ما لا يقتضيه ، ولا شكّ أنّ واجب الوجود كذلك ؛ لأنّ كلّ موجود سواه لا يقتضي الوجود وهو يوجده ويجبره على الوجود.
( و ) منها : ( القهر ) لأنّه يقهر عدم الممكنات بإعطاء الوجود وإفاضته عليها.
( و ) منها : ( القيّوميّة ) لأنّه هو القائم بذاته الذي يقيم به جميع الممكنات.
( وأمّا اليد والوجه والقدم والرحمة والكرم والرضا والتكوين ، فراجعة إلى ما تقدّم ) يعني أنّ اليد عبارة عن القدرة ، والوجه عن الوجود ، والقدم عن البقاء ، والرحمة والكرم والرضا كلّ واحدة منها إرادة مخصوصة ، والتكوين ليس أمرا وراء القدرة والإرادة.
وذهب الشيخ أبو الحسن الأشعريّ إلى أنّ اليد صفة مغايرة للقدرة ، والوجه صفة مغايرة للوجود. (6)
[ وذهب عبد الله بن سعيد (7) إلى أنّ القدم صفة مغايرة للبقاء ، وأنّ الرحمة والكرم والرضا صفات مغايرة للإرادة ] (8)
وذهب الحنفيّة (9) إلى أنّ التكوين صفة أزليّة زائدة على السبع المشهورة ، أخذا من قوله تعالى: {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117] فقد جعل قوله : ( كُنْ ) مقدّما على كون الحادث ، أعني وجوده ، والمراد به التكوين والإيجاد والتخليق ، قالوا : وإنّه غير القدرة ؛ لأنّ القدرة أثرها الصحّة ، والصحّة لا تستلزم الكون ، فلا يكون الكون أثرا للقدرة ، وأثر التكوين هو الكون.
والجواب : أنّ الصحّة هي الإمكان ، وأنّه للممكن ذاتيّ ، فلا يصلح أثرا للقدرة ؛ لأنّ ما بالذات لا يعلّل بالغير ، بل بالإمكان يعلّل المقدوريّة ، فيقال : هذا مقدور ؛ لأنّه ممكن ، وذلك غير مقدور ؛ لأنّه واجب أو ممتنع ، فإذن أثر القدرة هو الكون ـ أعني كون المقدور ووجوده ـ لا صحّة إمكانه ، فاستغنى عن إثبات صفة أخرى يكون أثرها الكون.
فإن قيل : المراد بالصحّة ـ التي جعلناها أثرا للقدرة ـ هو صحّة الفعل بمعنى التأثير والإيجاد من الفاعل ، لا صحّة المفعول في نفسه ، وهذه الصحّة هي الإمكان الذّاتي الذي لا يمكن تعليله بغيره.
وأمّا الصحّة الأولى ، فهي بالقياس إلى الفاعل معلّلة بالقدرة ؛ فإنّ القدرة هي الصفة التي باعتبارها يصحّ من الفاعل طرفا الفعل والترك ، فلا يحصل بها منه أحدهما بعينه ، بل لا بدّ في حصوله من صفة أخرى تتعلّق به ، أي بذلك الطرف وحده ، فتلك الصفة هي التكوين.
قلنا : كلّ من ذينك الطرفين يصلح أثرا للقدرة ، وإنّما يحتاج صدور أحدهما بعينه عنه إلى مخصّص وهو الإرادة المتعلّقة بذلك الطرف ، وحينئذ لا حاجة إلى مبدأ للكون غير القدرة المؤثّرة فيه بواسطة الإرادة المتعلّقة به » (10).
__________________
(1) « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : 323 ـ 336.
(2) في المصدر : « ونفي الزائد ».
(3) في المصدر : « نفي الأمور المذكورة ».
(4) كذا في النسخ والمصدر ، والأصحّ : « مستعينا ».
(5) كذا في النسخ ، وفي المصدر و « تجريد الاعتقاد » : 195 و « كشف المراد » : 30 : « التمام » بدل « التامّ ».
(6) « المحصّل » : 437 ؛ « كشف المراد » : 301 ؛ « مناهج اليقين » : 198 ؛ « شرح المقاصد » 4 : 174.
(7) « المحصّل » : 437 ـ 438 ؛ « كشف المراد » : 301 ؛ « مناهج اليقين » : 198 ؛ « شرح المواقف » 8 : 109 ؛ « شرح المقاصد » 4 : 174.
(8) الزيادة أضفناها من المصدر.
(9) نسبه إليهم في المواقف كما في « شرح المواقف » 8 : 113 ، وفي « المحصّل » : 435 نسبه إلى بعض فقهاء الحنفيّة.
ونسبه العلاّمة في « كشف المراد » : 301 إلى جماعة منهم ، وفي « مناهج اليقين » : 197 إلى فقهاء ما وراء النهر ، وقال في « شرح المقاصد » 4 : 169 : « اشتهر القول به عن الشيخ أبي منصور الماتريدي ».
(10) « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : 336 ـ 337.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاب الفلسفة الغربية برؤية الشيخ مرتضى مطهري
|
|
|