أقرأ أيضاً
التاريخ: 6/9/2022
1704
التاريخ: 30-11-2015
5343
التاريخ: 11-12-2015
5053
التاريخ: 28-09-2014
5053
|
بين سبحانه حال الناس في الآخرة فقال {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ} [القيامة : 22] يعني يوم القيامة « نَاضِرَةٌ » أي ناعمة بهجة حسنة عن ابن عباس والحسن وقيل مسرورة عن مجاهد وقيل مضيئة بيض يعلوها النور عن السدي ومقاتل جعل الله سبحانه وجوه المؤمنين المستحقين للثواب بهذه الصفة علامة للخلق والملائكة على أنهم الفائزون « إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ » اختلف فيه على وجهين ( أحدهما ) أن معناه نظر العين ( والثاني ) أنه الانتظار واختلف من حمله على نظر العين على قولين ( أحدهما ) أن المراد إلى ثواب ربها ناظرة أي هي ناظرة إلى نعيم الجنة حالا بعد حال فيزداد بذلك سرورها وذكر الوجوه والمراد أصحاب الوجوه روي ذلك عن جماعة من علماء المفسرين من الصحابة والتابعين لهم وغيرهم فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه كما في قوله تعالى وجاء ربك أي أمر ربك وقوله وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار أي إلى طاعة العزيز الغفار وتوحيده وقوله إن الذين يؤذون الله أي أولياء الله .
( والآخر ) أن النظر بمعنى الرؤية والمعنى تنظر إلى الله معاينة رووا ذلك عن الكلبي ومقاتل وعطاء وغيرهم وهذا لا يجوز لأن كل منظور إليه بالعين مشار إليه بالحدقة واللحاظ والله يتعالى عن أن يشار إليه بالعين كما يجل سبحانه عن أن يشار إليه بالأصابع وأيضا فإن الرؤية بالحاسة لا تتم إلا بالمقابلة والتوجه والله يتعالى عن ذلك بالاتفاق وأيضا فإن رؤية الحاسة لا تتم إلا باتصال الشعاع بالمرئي والله منزه عن اتصال الشعاع به على أن النظر لا يفيد الرؤية في اللغة فإنه إذا علق بالعين أفاد طلب الرؤية كما أنه إذا علق بالقلب أفاد طلب المعرفة بدلالة قولهم نظرت إلى الهلال فلم أره فلو أفاد النظر الرؤية لكان هذا القول ساقطا متناقضا وقولهم ما زلت أنظر إليه حتى رأيته والشيء لا يجعل غاية لنفسه فلا يقال ما زلت أراه حتى رأيته ولأنا نعلم الناظر ناظرا بالضرورة ولا نعلمه رائيا بالضرورة بدلالة أنا نسأله هل رأيت أم لا وأما من حمل النظر في الآية على الانتظار فإنهم اختلفوا في معناه على أقوال ( أحدها ) أن المعنى منتظرة لثواب ربها وروي ذلك عن مجاهد والحسن وسعيد بن جبير والضحاك وهو المروي عن علي (عليه السلام) ومن اعترض على هذا بأن قال إن النظر بمعنى الانتظار لا يتعدى بإلى فلا يقال انتظرت إليه وإنما يقال انتظرته فالجواب عنه على وجوه منها أنه قد جاء في الشعر بمعنى الانتظار معدي بإلى كما في البيت الذي سبق ذكره :
ناظرات إلى الرحمن وكقول جميل بن معمر :
وإذا نظرت إليك من ملك والبحر دونك جُدتني نعما
وقول الآخر :
إني إليك لما وعدت لناظر نظر الفقير إلى الغني الموسر
ونظائره كثيرة ومنها أن تحمل إلى في قوله { إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القيامة : 23] على أنها اسم فهو واحد الآلاء التي هي النعم فإن في واحدها أربع لغات إلي وألي مثل معا وقفا وإلي وإلي مثل جدي وحسي وسقط التنوين بالإضافة ,
وقال أعشى وائل :
أبيض لا يرهب الهزال ولا *** يقطع رحما ولا يخون إلى.
أي لا يخون نعمة من أنعم عليه وليس لأحد أن يقول إن هذا من أقوال المتأخرين وقد سبقهم الإجماع فإنا لا نسلم ذلك لما ذكرناه من أن عليا (عليه السلام) ومجاهدا والحسن وغيرهم قالوا المراد بذلك تنتظر الثواب ومنها أن لفظ النظر يجوز أن يعدى بإلى في الانتظار على المعنى كما أن الرؤية عديت بإلى في قوله تعالى أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل فأجرى الكلام على المعنى ولا يقال رأيت إلى فلان ومن إجراء الكلام على المعنى قول الفرزدق :
ولقد عجبت إلى هوازن أصبحت مني تلوذ ببطن أم جرير
فعدي عجبت بإلى لأن المعنى نظرت ( وثانيها ) أن معناه مؤملة لتجديد الكرامة كما يقال عيني ممدودة إلى الله تعالى وإلى فلان وأنا شاخص الطرف إلى فلان ولما كانت العيون بعض أعضاء الوجوه أضيف الفعل الذي يقع بالعين إليها عن أبي مسلم ( وثالثها ) أن المعنى أنهم قطعوا آمالهم وأطماعهم عن كل شيء سوى الله تعالى ووجوده دون غيره فكنى سبحانه عن الطمع بالنظر أ لا ترى أن الرعية تتوقع نظر السلطان وتطمع في إفضاله عليها وإسعافه في حوائجها فنظر الناس مختلف فناظر إلى سلطان وناظر إلى تجارة وناظر إلى زراعة وناظر إلى ربه يؤمله وهذه الأقوال متقاربة في المعنى وعلى هذا فإن هذا الانتظار متى يكون فقيل إنه بعد الاستقرار في الجنة وقيل إنه قبل استقرار الخلق في الجنة والنار فكل فريق ينتظر ما هو له أهل وهذا اختيار القاضي عبد الجبار .
وذكر جمهور أهل العدل أن النظر يجوز أن يحمل على المعنيين جميعا ولا مانع لنا من حمله على الوجهين فكأنه سبحانه أراد أنهم ينظرون إلى الثواب المعد لهم في الحال من أنواع النعيم وينتظرون أمثالها حالا بعد حال ليتم لهم ما يستحقونه من الإجلال ويسأل على هذا فيقال إذا كان بمعنى النظر بالعين حقيقة وبمعنى الانتظار مجازا فكيف يحمل عليهما والجواب أن عند أكثر المتكلمين في أصول الفقه يجوز أن يراد بلفظة واحدة إذ لا تنافي بينهما وهو اختيار المرتضى قدس الله روحه ولم يجوز ذلك أبو هاشم إلا إذا تكلم به مرتين مرة يريد النظر ومرة يريد الانتظار .
وأما قولهم : المنتظر لا يكون نعيمه خالصا فكيف يوصف أهل الجنة بالانتظار فالجواب عنه أن من ينتظر شيئا لا يحتاج إليه في الحال وهو واثق بوصوله إليه عند حاجته فإنه لا يهتم بذلك ولا يتنغص سروره به بل ذلك زائد في نعيمه وإنما يلحق الهم المنتظر إذا كان يحتاج إلى ما ينتظره في الحال ويلحقه بفوته مضرة وهو غير واثق بالوصول إليه وقد قيل في إضافة النظر إلى الوجوه إن الغم والسرور إنما يظاهران في الوجوه فبين الله سبحانه أن المؤمن إذا ورد يوم القيامة تهلل وجهه وأن الكافر العاصي يخاف مغبة أفعاله القبيحة فيكلح وجهه وهو قوله { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ } [القيامة : 24] أي كالحة عابسة متغيرة {تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } [القيامة : 25] أي تعلم وتستيقن أنه يعمل بها داهية تفقر ظهورهم أي تكسرها وقيل إنه على حقيقة الظن أي يظنون حصولها جملة ولا يعلمون تفصيلها وهذا أولى من الأول لأنه لو كان بمعنى العلم لكان أن بعده مخففة من أن الثقيلة على ما ذكر في غير موضع وذكر سبحانه هذه الوجوه الظانة في مقابلة الوجوه الناظرة فهؤلاء يرجون تجديد الكرامة وهؤلاء يظنون حلول الفاقرة فيكون حال الوجوه الراجية للأحوال السارة على الضد من حال الوجوه الظانة للفاقرة .
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|