أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-10-2016
1392
التاريخ: 30-10-2016
2514
التاريخ: 1-11-2016
2450
التاريخ: 30-10-2016
1199
|
العصر البابلي الحديث (الكلداني)
تسلسل ملوك الدولة البابلية الجديدة
(1) نبو بلاسر (620 – 605 ق.م.)
(2) نبوخذ نصر الثاني (604-562 ق.م.)
(3) اميل مردوخ (561-560 ق.م.)
الابنة (كاشيا)
(4) (زوجها) نرجال شاراوسو (559 – 556 ق.م.).
(5) لاباشي مردوخ (556 ق.م.)
(6) الأب (نبوبلاتسواقبي) – الام (اداد جوبي)
(7) نبونيدس (555-539 ق.م.)
(بلشازار)
ابن نيجالدي نانا (كبيرة كاهنات اور)
بعد ما حقق نبوبلاسر مراده لم يقم باحتلال اشور كما لم يقم باعمار خرائبها، موجها اهتمامه لجنوب العراق فضلا عن بعض العمليات العسكرية اللازمة لتأمين انتصاراته، اما حلفاؤه الميديون، فقد قنعوا بما تحصلوا عليه من الغنائم والاسلاب ميممين وجههم شطر ارمينيا واسيا الصغرى، اي انهم لم يشاركوا بنوبلاسر السيطرة على الامبراطورية الاشورية البائدة.
ولقد ركز نبوبلاسر على توطيد نفوذه العسكري على الاقليم السوري الذي كان يعلم تماما – فيما يرى احد الباحثين – ان الحفاظ على السيطرة عليه غاية في الصعوبة مقارنة بالسيطرة عليه اليت لم تكن يوما يسيرة ابداً، ولقد عهد بهذه العمليات الجديدة إلى ابنه وقائد جيشه نبوخذ نصر، قانعا بالبقاء في بابل منذ العام التاسع لحكمه.
ولقد جرد ابنه حملة للاستيلاء على قرقميش ووقف الزحف المصري على عهد نيكاوالثاني – نجحت في ضم قرقميش وعدد من المدن الواقعة على الضفة اليسرى للفرات حوالي عام 605 ق.م. الا ان الجيش المصري أعاد الكرة واستعاد مناطقه المسلوبة في سوريا لاسيما قرقميش بمعاونة فرق المرتزقة اليونان. فما كان من نبوخذ نصر الا ان هاجم الحامية المصرية بها واعمل في افرادها القتل والفتك، وفرت فلول القوات المصرية عائدة إلى مصر تتبعها القوات البابلية التي دانت لها السيطرة على كل سوريا وفلسطين حتى وصلت إلى منطقة بلوزيوم على الحدود المصرية، او توغلت حتى دلتا النيل في رأي آخر. الا ان وصول اخبار وفاة نبوبلاسر دفعت نبوخذ نصر إلى العودة قافلا نحو بابل ليصلها بعد ثلاثة وعشرين يوما حيث توج ملكا في ذات العام 605 ق.م.
ومما لا شك فيه ان عهد نبوخذ نصر (604 – 562 ق.م.) كان عهدا متفردا بذاته في هذا العصر البابلي الجديد. ونظرا لتعدد المصادر التي تناولت اعماله، فقد حملت هذه المصادر صيغا مختلفة لاسمه، ففي العهد القديم يدعى (نبوخذ نصر) و(نبوخذ واصر) بمعنى (ليحمي الاله نبو التاج). أما المؤرخ اليهودي يوسيفوس فيطلق عليه (نبوكود دروسوروس) و(نبوخذ درنوسور). اما المصادر اليونانية فتطلق عليه (نبوكودورسوروس)، و(بنو خودروسورس) ونبوكوللاسسار) دون اشارة إلى مدلول او معنى. اما المصادر العربية فتطلق عليه اسم (بختنصر) بمعنى ابن الصنم. و(بخت نرسى) اي كثير البكاء و(نبوخذ نصار) بمعنى عطارد ينطق. اما الطبري فيذكره باسم (بخترشه) دون الاشارة لمعناه.
اما المصادر السومرية فتعطيه اسمين؛ الأول (نبوكودورى اوصر) بمعنى نبوحامي الحدود، والثاني (نبوخذ نصر) بمعنى الوريث الشرعي او الابن البكر، وهو القرب الاسماء إلى الرجحان فضلا عن قربه من اسم والده.
وعلى اية حال فلم تتوقف مجهودات نبوخذ نصر العسكرية عما كانت عليه ابان عهد والده لا سيما ي الجهة الغربية بعد ما ضمن تأمين الجبهة الشمالية الشرقية على يد الخلفاء الميديين الذي عقد معهم تحالفا مكنه من التفرغ للجبهة الاخرى. ولقد كانت صلاته على الجبهة الغربية تستهدف وضع حل للتدخل المصري المتكرر فيها، وتأمين طرق التجارة بين المنطقة السورية وأجزاء المنطقة الاخرى بما يعود بالنفع الاقتصادي على بابل. فضلا عن تأمين العمق الاستراتيجي لدولته بالسيطرة على سوريا وضمها للمملكة البابلية.
وهكذا وفي العام التالي لوفاة والده مباشرة كان نبوخذ نصر ينفذ الحملات ذات الطابع الوقائي إلى سوريا والتي هدفت إلى استعراض من قوته وجمع جزى مدن الساحل السوري ومملكة يهوذا والمدن الفلسطينية. وقد نجحت هذه الحملات في تحقيق المرجو منها باستثناء مدينة عسقلان التي عارضت الوجود البابلي، فما كان من نبوخذ نصر الا ان اتخذ من الاجراءات كتدمير المدينة واسر حاكمها ما جعلها عبرة لغيرها من المدن التي كان لزاما على حكامها التفكير عدة مرات قبل مناوءة بابل العداء او طلب العون من مصر، مثلما فعل حاكم عسقلان. كما حمل عددا من الاسرى اليهود ضمانا لخضوع ملكهم يواقيم.
ولقد ظلت هذه الحملات التأديبية سمة الزحف العسكري البابلي على المنطقة الغربية حتى عام 601 ق.م. حيث زحف لمقابلة الجيش المصري قرب الحدود المصرية، حيث لقى الجانبان خسائر فادحة جعلت نبوخذ نصر ينسحب عائدا إلى بلاده في حين لم يكن بمكنة نيكاو الثاني التحرك نحو سوريا. ويبدو ان خروج هذه المعركة على هذا النحو قد شجع يواقيم ملك يهوذا، على شق الطاعة عن بابل وعدم دفع الجزية وتجديد الحالف مع مصر.
ولقد حفز هذا التمرد نبوخذ نصر عام 597 ق.م على دفعه واعادة الأمور إلى نصابها، فاتجه صوب اورشليم واحتلها واستلب مقدراتها. ولم يكتف باسر الاسرة الحاكمة، بل قاد عددا من الاسرى بلغ حسب ذكر سفر الملوك الثاني عشر الاف اسير فيما يعرف بالسبي البابلي الثاني. وعين على الحكم حاكما من قبله يدعى صدقيا، احد اعمام يواقين ابن يواقيم صاحب شرارة التمرد الذي مات قبل الحصار البابلي، وتحمل ابنه تبعة تمرده.
وخلال العامين التاليين يبدو أن صمت المصادر عن الاحداث كان يرجع إلى بعض القلاقل الداخلية في بابل من قبل بعض العناصر الكلدانية بمساعدة عيلام ضد نبوخذ نصر، حتى ان عامه العاشر للحكم (595 ق.م.) قد شهد سلسلة من الثورات التي جابهها نبوخذ نصر بقوة وأعمل في المتمردين سفكا وقتلا. وفي ذات الوقت كان النشاط المصري على عهد ابسماتيك الثاني في فلسطين تتصاعد حدته، ونجح بالفعل ضم صدقيا إلى الجانب المصري. ولم يكتف هذا الاخير بذلك بل جمع إلى صفه صور وصيدا ومؤاب وعمون وايدوم.
ويبدو ان التحالف لم يؤت ثماره على النحو المرجو اذ انسحب ملك ايدوم، في حين كان ضرب صدقيا كفيلا بدحر المدن الاخرى، وبالفعل جهز نبوخذ نصر جيشه عام 589 ق.م وحاصر اورشليم التي كان كبار رجالاتها منقسمين على أنفسهم ما بين مؤيد لنبوخذ نصر أو مؤيد لأبسماتيك الثاني، وظلت محاصرة ثمانية عشرة شهرا تعرضت خلالها لمجاعة قاسية ولم يكن هناك بد من التسليم لا سيما بعد ضرب ما حولها من المدن واقتحام اسوارها وفشل التدخل المصري إلى جانب صدقيا.
وبالفعل دخل نبوخذ نصر اورشليم عام 587 ق.م. منتصرا، وهرب صدقيا الا انه قبض عليه في أريحا، وتم احضاره امام نبوخذ نصر في مقره على نهر الاورنت حيث نكل بأبنائه امامه ثم سمل عينيه وتم نقله اسيرا إلى بابل. وأعمل رجال نبوخذ نصر التدمير في المدينة ونقلوا ابراجها وانتهكوا مقدساتها، وسبوا من بقي من اهلها إلى بابل بغير رجعة لتصبح اورشليم منذ ذلك الحين اثرا بعد عين، بعد فشل اخر محاولات نبوخذ نصر في البقاء عليها جسدا بلا روح وتعيين جدليا حاكما من قبله الا انه اغتيل ليسدل الستار نهائيا عن علاقة يهوذا ببابل وذلك حوالي عام 582 ق.م.
اما علاقته بميديا فقد شكلت جزءا هاما من عهده، اذ نجح حلفائه بالأمس على عهد ملكهم كي اخسار من السيطرة على منطقة الاورارتو والزحف غربا نحو آسيا الصغرى. حيث مملكة ليديا التي ازدهرت مقدراتها الاقتصادية بعد زوال سيطرة اشور على طرق التجارة بالمنطقة. وكانت النتيجة الحتمية لتعارض مصالح الممتلكين هو صراع لم يحسم لصالح احداهما وانتهى إلى عقد هدنة بواسطة نبوخذ نصر الذي ارسل أحد قادته لهذا الغرض. وعلى الرغم من نجاح المهمة وتثبيت الحدود بين الدولتين. الا ان نبوخذ نصر قد انتابه الشك من توجهات ميديا لا سيما على اخريات عهده، الأمر الذي دفعه كأجراء وقائي إلى بناء حائط دفاعي شمال بابل، يمتد من سيبار إلى اوبيس، كما قام بتحصين عدة مدن على امتداد حدود اورارتو فضلا عن السيطرة على كليكيا. كل ذلك ضمانا لمنع اية هجوم محتمل على مملكته من ناحية الشمال.
بيد انه من سوء الطالع ان الجزء الاخير من عهد نبوخذ نصر لم يترك لنا اية معلومات يعتمد بها، الأمر الذي دفع الباحثين إلى الاعتماد على مدونات العهد القديم. اذ يذكر كتاب الملوك الواقعة الخاصة بمقتل حاكم اورشليم السالف ذكرها، والاشارة إلى غزو مصر دون اعطاء تفاصيل كافية لذلك اما وثائق الاخبار البابلية، فرغم اهميتها كمصدر لعهد هذا الملك الا ان احداثها تحتاج إلى مزيد من الدراسة والتنقيح حتى يمكن ترتيبها ترتيبا معتمدا.
وان كان من الجدير بالذكر ان نعقب على مسألة السبي البابلي التي قام بها نبوخذ نصر في ضوء عدة اعتبارات منها ولا، ان سياسة السبي بعامة قد جرى فيها نبوخذ نصر على عادة أسلافه حكام اشور، وان اختلف عنهم أنه نقلهم إلى بابل دون تفريقهم او تهجير اقوام غيرهم مكانهم. ومنها ثانيا أنها لم تقتصر على اليهود دون الشعوب الاخرى، وان نجحوا هم دون غيرهم في استغلالها لصالح وجودهم بالمنطقة كالعادة. بل واتخذوها ذريعة لتفسير مساندتهم للفرس عند غزوهم للعراق، علما بأن سبيهم كان في ذلك العصر وضعا طبيعيا لأناس ناصبوا حكامهم العداء لدولة لهم وهي بابل. ولعل مغالاتهم في استغلال الحدث هو الذ التضارب في عدد مراته واساليب معاملتهم وغير ذلك من تفاصيل شأنها ان تعطي صورة متكاملة عن الوضع برمته حسبما ور الدراسات المستقلة عن هذا الملك.
وعلى أية حال، فقد كانت لنبوخذ نصر اسهاماته المعمارية واثار زخرت بها بابل وغيرها من المدن مثل سيبار ولارسا والوركاء وأ قصرين احدهما القصر الجنوبي واطلق عليه اسم (قصر حياة والذي مائل في تخطيطه القصر الجنوبي وان قلت مساحته عنه.
ويرى الباحثون ان نمط العمارة البابلية التي خلفتها لنا اثا يمثل نموذجا فريدا للجمع بين اساليب العمارة السومرية القـ معالم البناء الاشوري في شكل متميز بذاته بنسب للنمط البابلي.
ولقد توفي نبوخذ نصر عام 562 ق.م. تاركا خلفه ارب واحدة بشكل مؤكد هي كاشيا واخرى غير مقطوع بصحة نس ضرب خلفاؤه في علاقتهم وصراعهم على العرش الذي اعطى من قوى فرصة لضرب الدولة بشكل ساعد على سرعة انهيارها نتناول عهود هؤلاء الخلفاء في وحدة واحدة.
خلفاء نبوخذ نصر:
كان اول هؤلاء الخلفاء هو ابنه اميل – مردوخ الذي جلس لحوالي عامين، وقد اشارت إليه النصوص ذلك العصر بحسن معاملة اليهود وعلى رأسهم ملكهم يواقين الذي قضى بقية عمره نديما على مائدة اميل – مردوخ. الا ان هذا الاخير قد اغتيل في ظروف غامضة ذهب فيها الباحثون مذاهب شتى.
اذ يرى البعض انه كان لاهيا بدرجة جعلت زوج اخته القائد نرجال شار أوسور إلى الانقلاب عليه واغتياله. او ان هذا الاخير قد انقلب عليه لعدم اقتناعه بشخصه وقدرته على ملئ فراغ والده. وان ذهب البعض الاخر إلى ان احد اخوته قد قتله في محاولة لاغتصاب العرش، فما كان امام القائد وزوج الاخت من سبيل الا التدخل لا قرار الأمور التي انتهت بتوليه العرش.
وعلى اية حال، فقد اعتلى نرجال اشار اوسور (نريجلاسر) العرش لمدة ثلاث سنوات (559 – 556 ق.م.) وقد ساعدته خليفته العسكرية كأحد الذين شاركوا في حصار اورشليم، على القيام بحملة إلى كليكيا. الا انه اشتهر أيضاً ببعض الاعمال العمرانية في معابد بابل وبورسيبا، وما دون ذلك فحكمه يكتنفه الغموض حتى وفاته. اذا امتدت المعارضة لحكم ابنه لباشي مردوخ، الذي استمر في الحكم مدة لأقل من عام جابه خلالها رغم صغر سنه معارضة قوية أودت بحياته في النهاية على يد كبار القادة في الجيش وقد اختار هؤلاء من بينهم واحد هو نبونيدس الذي ربما كان زوجا للابنة الثانية نبوخذ نصر اذا صح نسبها له.
وقد اعتلى نبونيدس (نبونائيدس) العرش عام 555 ق.م. حيث اعتبره بعض الباحثين مؤسساً لسلالة بابلية جديدة، وهو امر لا نميل إليه لان ظروف توليه الحكم جاءت في سياق تداعيات احداث متعلقة بذات الملوك الذين ظهر في كتفهم، حتى وان صح عدم انتسابه بالمصاهرة للأسرة المالكة.
وعلى أية حال، فقد امتد عهده لستة عشر عاما (555-539 ق.م) وواكب حكمه متغيرات جدية على الساحة الدولية. ويبدو ان ظروفه السنية واهتماماته الدينية قد باعدت بينه وبين مواكبة الاوضاع السياسية الجديدة. ذلك انه كان ابنا لأبوين شغلا منصب الكهانة لا سيما امه التي قضت فيه عمراً طويلا لكونها عاشت لأكثر من مائة عام، لذا فلا عجب ان يتولى الحكم وقد ناهز العقد السادس من عمره. ويبدو ان اهتمامه بإله القمر بشكل لم يتوقعه عباد مردوخ قد جعلهم يرمونه بالتجديف في حق هذا الاله رغم انه نال منه اهتماما بالغا يشهد به اعماره لمعبده في بابل.
بيد ان الظروف الاقتصادية في الداخل قد أثرت على اوضاع بابل بعامة على عهده، ذلك ان نشاطات اسلافه العسكرية والعمرانية قد استنزفت خزانة البلاد. الا ان الاوضاع السياسية في المنطقة الغربية قد استدعت تدخله الفوري مما زاد الطين بلة في الداخل.
حقيقة أنه عين ابنه بل شار اوسور (بلشازار) كحاكم مشارك حتى يصرف الأمور في غيابه، الا ان حملته على المدن السورية عام 553 ق.م. والتي وصل فيها حتى تيماء في شمال الجزيرة العربية لم تكن من وجهة نظر بعض الباحثين أكثر من تصرف تطوعي لم يكن يستلزم تحركه السريع. كما ان بقاءه هناك لعشر سنوات بعيدا عن بابل لمجرد ضمان السيطرة على طرق التجارة من هناك زاد من سوء تقييم الموقف الداخلي والخارجي. لا سيما وان البعض في غمرة اتهامهم لنبونيدس بالتحيز للاله سين قد فسروا بقاءه هناك في تيماء إلى عبادة اله القمر في هذه المنطقة، الأمر الذي شجعه على البقاء للأشراف على عبادة اله القمر هناك بحكم تأثير امه كاهنة اله القمر عليه.
وعلى أية حال. فيبدو أنه كان مكرها على البقاء بسبب ظروف بابل نفسها وتفشي المجاعة بها وان اعداءه انفسهم لم يمكنوه من العودة.
ويبدو ان السبب في الشكوك التي حملت حول بعض الكتابات قديما وحديثا على تصرفات هذا الملك، انما ترجع لتنامي قوة فارس حتى بلغت مبلغا لا يستهان به على يد احد حكامها الطموحين؛ قورش الثاني. فقد نجح هذا الملك في غضون عشر سنوات في تكوين امبراطورية؛ بدأها بالسيطرة على الميديين من بني جلدته ثم مملكة ليديا. ثم سار باتجاه جبال طوروس عابرا نهر دجلة. وقد احتل في خلال زحفه نحو الغرب منطقة كليكيا التابعة لمملكة بابل. وهكذا تبدى الخطر الفارسي الجديد على المنطقة.
وهكذا كان لزاما على بابل ان تنفض تحالفها مع الفرس وتبحث عن حليف جديد، فلم تجد امامها سوى مصر التي عانت هي الاخرى من تهديد طموحات قورش لمصالحها. وكان نبونيدس قد عاد راجعا إلى بابل الا ان القدر لم يمهله اذ قام قورش بغزو بابل عام 539 ق.م.، وانضم له أحد القادة البابليين بمنطقة الجوتي شمال شرق العراق. ويبدو ان هذه الحالة من الخيانة لم تكن الوحيدة التي تمت ضد نبونيدس وابنه قائد جيشه بيلشازار الذي قتل في هذه المعارك فقد انضمت عناصر اخرى لجانب الملك الفارسي من بينها بالطبع الاسرى اليهود الذين اعتبروا قورش بطلا ومخلصا لهم لا سيما بعد سماحه لهم بالعودة إلى فلسطين.
اما بابل فقد حافظ الملك الفارسي عليها لتحقيق سياسة متوازنة لا تسمح بتأليب اهلها عليه، كما حافظ على المعبودات ومقدساتها لا سيما الاله مردوخ. وبالنسبة لنبونيدس فهناك من يذهب إلى انه لاقى نفس مصير ابنه، وهناك من يذهب إلى الزعم بأن قورش قد استبقاه وعينه حاكما على مقاطعة كرمان في وسط ايران. وهو الأمر الذي لا يمكن قبوله لأنه لا يتوافق مع قواعد الصراع ولا مع سني عمر نبونيدس، ويبدو ان سوقها كان في المصادر المساندة لقورش والتي حاولت تجميل وجه هذا الغزو وقائده حتى انها ذهبت إلى الزعم بأن البابليين قد استقبلوه بترحاب وأنهم (قبلوا أقدامه سعداء باستلامه الملكية، حيث اشرقت وجوهم بالسعادة، وحيوه كسيد نقلهم من الموت إلى الحياة، وانه جنبهم الاذى والكوارث فعبدوا اسمه).
وبالطبع فان هذا النوع من الدعاية كان معروفا آنذاك لأهداف سياسية، وبالتالي فان التعامل معها في البحث التاريخي لابد ان يتوخى الحذر.
والواقع فانه لا يجب ان نغفل احد الجوانب الايجابية في عهد نبونيدس ونحن نسدل الستار على عهده. ذلك انه اشتهر إلى جانب تعمير المعابد بالبحث والتنقيب عن آثار الأسبقين وجمعها واعادة نسخها لا سيما قوائم الملوك.
كذلك فقد بلغ اهتمامه بالأشراف على عبادة الاله سين وضمان استمراريتها بنفس الدرجة التي حظيت به على عهده، ان قام بتعين ابنته كاهنة كبرى للاله سين.
وعلى أية حال، فبسقوط بابل على يد قروش الفارسي عام 539 ق.م. تزوى اخر حواضر حضارة الرافدين، ولتسيطر على المنطقة قوة جديدة هي الامبراطورية الفارسية والتي قامت على ارض ايران وهيمنت على كل العالم القديم.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|