أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-11-2016
1008
التاريخ: 13-11-2016
1082
التاريخ: 13-11-2016
1020
التاريخ: 13-11-2016
981
|
شغلت حضرموت منطقة واسعة من جنوب شبه الجزيرة العربية، وجمعت في أرضها الواسعة بين الجبال العالية وبين الوديان العميقة. ويبدو أن واديها الكبير وادي حضرموت كان مجرى مائيًا ضخمًا خلال الدهور المطيرة القديمة، ويمتد جزؤه الخصب نحو 60 ميلًا وتجري فيه بضعه أنهار صغيرة منها نهر ميفع وهو نهر يحتمل أن يكون لاسمه صلة قديمة باسم مدينة ميفعة التي كانت من أقدم العواصم المعروفة لحضرموت.
وانتفعت حضرموت بساحل طويل على بحر العرب أو المحيط الهندي قامت عليه ميناء رئيسية أسمتها النصوص القديمة قنأ، وأطلق العبرانيون القدماء عليها اسم كنية، بينما أطلق الإغريق عليها اسم كاني Cane وتقوم على أطلالها بير علي الحالية.
ولا يزال المعروف من تاريخ المراحل الأولى لحضرموت قليلًا - ولازال الخلاف بين تقديرات الباحثين لبداية تكوينها السياسي واسعًا، فبينما أخذ فلبي برأي هومل ببداية عصور الملكية فيها بأواخر القرن الحادي عشر ق. م. أرخها ألبرايت بأواخر القرن الخامس ق. م. على أساس أنه بعد أن اختفت شخصية كرب إيل وتر السبأي القوية من الجنوب قامت الملكية في حضرموت وربما بدأت بما يشبه التبعية لدولة معين بحيث حكمهما معًا ملك واحد يدعى صدق إيل. وإذا صح هذا فقد يعني ترابط الجارتين معين وحضرموت في مجالات التجارة وتخالفهما للوقوف في وجه دولة سبأ ذات المطامع الواسعة. وبعد جيلين أو ثلاثة انفرد بحكم حضرموت أمير من أصل معيني يدعى معد كرب أسس بها أسرة حكم مستقلة، مع بقاء العلاقات الودية بين البيتين الحاكمين قائمة بحيث كان الكتبة في كل منهما يسجلون أحيانًا اسم ملك الدولة الثانية إلى جانب اسم ملكهم في النصوص التي تتناول ذكر المنشآت الجديدة والاحتفالات الكبيرة. وامتد هذا الوضع الذي لازال الشك يحيط بتفاصيل فترة صعب تحديد أمدها، ثم غابت أسماء ملوك حضرموت. وعلل بعض المؤرخين هذه الظاهرة باحتمال خضوع حضرموت مرة أخرى خضوعًا مباشرًا لدولة معين، بينما عللها بعضهم الآخر بخضوعها لدولة أخرى من الدول الجنوبية مثل سبأ، وكان الملك السبئي شعر أوتر قد زوج أخته ملك حلك من الملك الحضرمي العزيلط ثم خاصمه وهاجر عاصمته.
وبعد هذه الفجوة ازدهرت الملكية الحضرمية من جديد وبدأها ملك يسمى يدع إيل بيين. ومرة أخرى ليس ما يعرف يقينًا عن الظروف التي بدأ بها ملك ولكن تخلفت بضعة قرائن يمكن الاستفادة منها في تصور هذه الظروف. ومنها أن يدع إيل بيين هذا ذكر في نصوصه أن أباه رب شمس كان من أحرار يهبأر، وذلك مما قد يعني أنه لم يكن من بيت مالك قديم وأنه بلغ العرش بمسعاه الشخصي. وقد يزكي هذا الاستنتاج أن عددًا من رعاياه تفاخروا في نصوصهم بأنهم ساعدوه، دون أن يبينوا نوع هذه المساعدة. وليس من المستبعد أنها كانت مساعدته على بلوغ العرش. وقد بدت العلاقات بين مملكته الجديدة وبين دولة سبأ التي أصبحت أكبر الدول الجنوبية في ذلك الحين علاقات طيبة. وذلك مما يحتمل معه أن سبأ عاونته على إعلان ملكه أو أنها على الأقل رضيت بما قام به في سبيل إعلان ملكه.
وزادت منذ عهد يدع إيل بيين شهرة العاصمة الحضرمية شبوة التي ذكرت نصوصه أنه عمرها بعد خرابها وأعاد تشييد حصن ومعبد رئيسي فيها. وتناقل المؤرخون والرحالة الكلاسيكيون اسم هذه العاصمة بمترادفات متقاربة تحرفت بعض الشيء عن اسمها الحقيقي، ومن هذه المترادفات: Sobatha, SabatA. Sabbatha.
وتعاقب بعد عهد يدع إيل بييين عدد من ملوك حضرموت، استطاعت دولتهم في فترة ما من القرن الأول الميلادي أن تسيطر على الأجزاء الشرقية من دولة قتبان بعد أن ضعف شأن هذه الدولة الأخيرة. فسيطرت على جزء من وادي بيحان وعثر فيه على ثلاثة نصوص تمجد أسماء ثلاثة ملوك حضرميين. غير أن تدخل حضرموت في شؤون الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة جر عليها مشكلات كثيرة من القبائل الحميرية حتى أصبحت الحدود بينهما بين مد وجذر لأحديهما على حساب مصلحة الأخرى. وجرى عليه مشكلات أخرى مع دولة سبأ. ثم أعقبت ذلك عهود سلام ظهر فيها الملك الحضرمي إيل عزيليط أو إلعزيلط الثاني وأثبت في نص من نصوصه أنه إيل عزيليط ملك حضرموت ابن عم ذخر، وأنه سار إلى حصن أنود ليتلقب (بلقب الملك). وأشار عدد من أتباعه إلى أنهم صاحبوه في هذه المرحلة. كما سجل رجلان من أشراف حمير أن ملك سبأ وذوريدان ثأران يعوب أوفدهما لحضور حفله. وتنم هذه المصادر مجتمعة عن أن حصن أنود هذا الذي لا زالت بعض أطلاله باقية تشرف على واد ينتهي إلى العاصمة شبوة قد توفرت له ذكريات خاصة في عهود الملكية الحضرمية، وأن حفل التولية كان حفلًا ضخمًا يلائم المناسبة التي أقيم من أجلها وأن العلاقات بين حضرموت وبين دولة سبأ التي دخلت في طور جديد من أطوار الملكية جمعت فيه بين سبأ وحمير، أو سبأ وريدان، قد غدت علاقات طيبة. وورد في نص ملك حضرمي آخر أنه حين احتفل بيوم توليته العرش في حصن أنود ضحى بقرابين كثيرة تضمنت 35 ثورًا و82 كبشًا و25 غزالًا وثمانية فهود؟.
ويذهب الظن إلى أن إيل عزيليط الثاني ابن عم ذخر هو الملك الذي ورد ذكره باسم إليازوس Eleazus في مصدرين إغريقيين، عرف أحدهما باسم كتاب الطواف حول البحر الإريتيري، ومن الآراء الحديثة في شأنه ما يحتمل تأليفه في حوال الربع الأول من القرن الثالث الميلادي، وقد وصف فيه إليازوس بأنه ملك بلاد البخور والطيب وأنه أقام في عاصمته Sabatha وامتد سلطانه إلى قنأ. وذكر عن هذه الميناء قنأ أنها كانت سوقًا لكل اللادن الذي ينمو في البلاد ويؤتى به إليها على ظهور الجمال وفي الأرماث المحلية المصنوعة من الجلد، وفي القوارب، ولها تجارة أخرى مع مدن الساحل البعيد، ومع بيريجازا وسكيثيا (في وادي السند) وعمان وفارس المجاورة لها. وفي هذ الوصف ما يشير إلى ثراء حضرموت من تجارتها البرية والبحرية في أيامه.
وعبر الحضرميون عن معبودهم الأكبر الذي تخيلوه يهيمن على القمر باسم سين وهو الذي عبر عنه جيرانهم من الجنوبيين بأسماء عم وود، وإلمقه. وإذا كان هناك ما يضاف إلى هذه المقارنة فهو أن اسم سين سبق أن أطلقه الأكديون والبابليون كذلك في العراق على معبودهم الذي تخيلوه معنيًا بالقمر أيضًا، مما يعني أنه كان اسمًا ساميًا قديمًا واسع الانتشار، وربما كانت له صلته أيضًا بتسمية سيناء المصرية وإن وجدت آراء أخرى لتفسير هذه التسمية.
وانتشرت معابد سين هذا في العاصمة شبوة وفي الحواضر الحضرمية الكبيرة وعرفت في كل منها بصفة مميزة. وكان منها معبد كشفت عن آثاره بعثة جرترود كيتون طومسون في بلدة حضرمية عرفت قديمًا باسم مذاب وتعرف الآن باسم الحريضة. وكشفت هذه البعثة حول المعبد عن عدد من المقابر القديمة تضمنت إلى جانب جثث أصحابها أعدادًا كثيرة من أدوات الحياة اليومية كالأواني من الفخار والخزف، والقلائد وما إليها، مما يعنى أن المعبد كان محورًا لعمران واسع من حوله ضم مساكن الأحياء وقبور الموتى.
وإذا كانت حضرموت قد أقامت أغلب بنيانها الاقتصادي على امتداد نشاطها إلى منطقة ظفار المنطقة الرئيسية لإنتاج أفضل أنواع اللادن والكندر، ثم تصديرها شرقا وغربا، فهى قد اهتمت كذلك بتنمية ثروتها الزراعية التى كشفت البحوث الحديثة عن عدد من مشروعات الري التى خدمتها.
واستمرت حضرموت في سبيلها الاقتصادي والسياسي حتى اشتدت المنافسة بينهما وبين صديقتها القديمة سبأ وذوريدان، وتطورت هذه المنافسة إلى حروب عنيفة عملت حضرموت معها على زيادة حصونها وأسوارها لمقاومة السبأيين.
وبقيت من هذه الأسوار أطلال سور كبير كان يحمي منطقة ميفعة ولكن الحروب انتهت بانتصار السبأيين في عهد ملكهم شمر يهر عش الثالث في أواخر القرن الثالث الميلادي، وبلغ من أهمية انتصاره عليها أن شجعه على أن يبدأ عهدًا جديدًا للملكية السبأية تلقب فيه هو ومن تلاه من الملوك بلقب ملك سبأ وذوريدان وحضرموت ويمنت. ويذهب رأي حديث إلى اعتبار يمنت هذه أو يمانة تمثل الجزء الجنوبي من حضرموت والمطل على ساحل البحر العربي (أو المحيط الهندي). وربما حاولت حضرموت النهوض بعد ذلك بقليل ولكن الحملات السبأية الحميرية تكررت عليها وأخضعتها لنفوذها المباشر منذ أواسط القرن الميلادي الرابع.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تستعدّ لتكريم عددٍ من الطالبات المرتديات للعباءة الزينبية في جامعات كركوك
|
|
|