أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-12-2017
2761
التاريخ: 29-6-2016
2951
التاريخ: 2023-12-27
1209
التاريخ: 24-11-2016
1970
|
ـ المعتقدات – ومما تتكون الهوية :
لماذا حدث ان عدد اسرى الحرب من الجنود الامريكيين ممن ابلغوا عن زملائهم في الحرب الكورية كان اكثر من أي حرب اخرى في التاريخ الحديث؟ الجواب هو لأن الصينيين، على العكس من حلفائهم الكوريين الشماليين، فهموا القدرة الكامنة في تحول الهوية في ان تحول على الفور وفي لحظة واحدة لا مجرد القناعات والقيم التي حملوها طيلة حياتهم فحسب، بل كذلك افعالهم وبدلا من ان يعاملوا الاسرى معاملة وحشية فقد تابعوا طريقتهم البارعة في شن حرب نفسية لم تصمم لاستخلاص معلومات او لإحداث اذعان، بل لكي يحولوا الامريكي المحارب الى فلسفتهم السياسية كانوا يعرفون انهم اذا استطاعوا ان يقودوه الى مجموعة جديدة من القناعات والقيم، فانه سيرى في دور بلاده في الحرب دورا مدمرا لا جدوى منه، وبذلك فانهم سيساعدون الصينيين بأي طريقة يطلبونها منهم ولقد نجحوا في ذلك.
وفهم ما فعلوه يمكن له ان يساعدك في فهم لماذا وصلت الى هويتك الحالية وكيف يمكن لك ان توسع هذه الهوية، وبالتالي حياتك برمتها في غضون دقائق قليلة، لقد كانت المهمة المطروحة امام الصينيين هائلة فعلا كيف يمكنك ان تغير هوية انسان ما بشكل كامل دون ان تهدده بالموت او تعده بالحرية؟ كيف يمكن تحقيق ذلك خصوصا وهم يعرفون انه تم تدريب الجندي الأمريكي بحيث لا يعطي الا اسمه ورتبته ورقمه التسلسلي؟ كانت خطتهم بسيطة : ابدأ بخطوات بسيطة ثم ابن عليها لقد فهم الصينيون ان الطريقة التي تحدد بها هوية أي شخص هي عن طريق افعالهم فمثلا، كيف تعرف ماهية صديقك الحقيقية؟ اليس طريق تعامله مع الناس ومعاملته لهم؟
لقد كان السر لدى الصينيين هو انهم فهموا باننا نقرر من نحن.
ـ أي هويتنا الشخصية – بالحمل على افعالنا بأنفسنا ايضا وبعبارة اخرى فأننا ننظر الى ما نفعله لنقرر من نحن لقد ادرك الصينيون انهم لكي يحققوا هدفهم الأوسع، وهو تبديل قناعة السجين حول هويته ، فان كل ما عليهم ان يفعلوه هو ان يدفعوا السجين الى فعل اشياء لا يفعلها الا متعاون معهم.
هذه ليست مهمة سهلة، ولكنهم ادركوا ان بإمكانهم ان ينفذوا هذه المهمة اذا انهكوا الاسير الامريكي من خلال التحدث معه لفترات تستمر اثنتي عشرة الى عشرين ساعة، ومن ثم يطلبون منه طلبا ضئيلاً : يحملونه مثلا على ان يقول : ان الولايات المتحدة ليست كاملة أو (صحيح ان البطالة ليست مشكلة في الصين) وبعد ان يضعوا هذا الاساس سيبدؤون في البناء عليه. فهم يفهمون حاجة هذا الأسير الامريكي للتوافق مع نفسه، اذ ما ان يعلن رسميا بانه يقول ما يؤمن به فلا بد له من ان يسند هذا بالفعل، وبعد ذلك يكتفون بان يطلبوا من الاسير ان يكتب... بعض الامور التي يعتبر فيها امريكا ليست كاملة.
وفي وضعيته المنهكة تلك يطلب من الاسير ان يكتب وثيقة كاملة يهاجم فيها بلده ويمتدح نظام الصين وهكذا يحصلون على وثيقة بخط يده والان عليه ان يبرر لنفسه لماذا فعل ذلك، اذ لم يضرب ولم تعرض عليه مكافآت خاصة. كل ما فعله هو انه قدم تصريحات قليلة لكي يبقى متساوقا مع ما كتبه بالفعل. وها هو الان قد وقع الوثيقة فكيف يفسر رضاه عن فعل ذلك؟ وبعد ذلك يطلب منه ان يقرأ هذه الوثيقة في جلسة مناقشة مع الاسرى الاخرين، او ان يكتب مقالة كاملة عن الموضوع.
حيث يذيع الصينيون هذه المقالات الى جانب اسماء الاسرى الذين كتبوها يكتشف الاسر فجأة انه اصبح متعاونا عن نفسه بالقول انه تعرض للتعذيب ولذا فان عليه ان يبرر سلوكه لنفسه لكي يحافظ على احساسه بالاستقامة وهنا يعلن على الفور بانه كتب ما كتب وهذا ما يصفه بالتعامل معه بنفس الطريقة التي يتعاملون فيها مع حراس السجن وسرعان ما تدفعه هويته الجديدة الى التنديد بالولايات المتحدة، بل انه لكي يحافظ على التماسك بين بياناته المعلنة وبين المسمى الجديد الذي يوصف به، يأخذ في التعاون تعاونا واسعا مع اسرية وقد كانت هذه واحدة من ابدع اوجه الاستراتيجية الصينية، اذ ما ان يكتب الأسير شيئا فلن يستطيع ان يدعي امام نفسه بان ما حدث لم يقع قط هذه هي الحقيقة بالأسود والابيض، وبخط يده ليراها الجميع، وهو ما دفعه لكي (يقيم توافقا بين قناعاته ونظرته الى نفسه وبين ما فعله والذي لا يمكن انكاره).
قبل ان نصدر حكما قياسيا على هذا الأسير الامريكي علينا ان نتمعن بانفسنا هل اخترت انت هويتك عن وعي، ام انها نتيجة ما قاله لك الاخرون، وللحوادث الهامة في حياتك ولعوامل اخرى حدثت دون ان تعيها او توافق عليها؟ ما هي انماط السلوك الثابتة التي تبنيتها والتي تساعد الان في تشكيل قواعد هويتك؟ هل ترضى مثلا بان تخضع لعملية مؤلمة لأخذ نقي العظم واعطائه لشخص غريب؟ الاستجابة الاولى لمعظم الناس هي لا اطلاقا غير ان دراسة اجريت في عام 1970 بينت للباحثين انه اذا امكن اقناع اشخاص بان تماسك هويتهم يعتمد على مثل هذه العملية فان الكثيرين سيوافقون على مثل هذا الاجراء لمصلحة الغير.
كما اظهرت الدراسة انه حين طلب من الاشخاص الخاضعين لها ان يقدموا التزامات صغيرة، وتبع ذلك عملان بسيطان يظهران بان عدم التبرع يبدو وكانه لا يتوافق مع شخصيتهم (اخذ العديدون يظهرون استعدادا اكبر لتطوير هوية جديدة اخذو ينظرون الى انفسهم كمتبرعين) وهم اشخاص يلتزمون دون قيد او شرط بمساعدة الاخرين عن طريق التضحية الشخصية وما ان حدث ذلك، وحين تم الطلب منهم بعد ذلك بأن يتبرعوا بنقي العظم، شعر هؤلاء الاشخاص بانهم مجبرون بحكم قوة هويتهم، الجديد على ان يستجيبوا، بغض النظر عن الوقت والمال والالم الجسدي الذي يوافق عملية التبرع هذه لقد اصبحت هذه النظرة لأنفسهم كمتبرعين انعكاسا لمن هم كأشخاص ولا توجد قوة دفع قادرة على تشكيل السلوك البشري مثل الهوية، وقد تتساءل : (أليست هويتي محدودة بحدود تجربتي وخبرتي؟) لا، بل هي محدودة بمفهومك وتفسيرك لتجربتك فهويتك ليست الا القرارات التي اتخذتها عمن تكون، وماذا قررت ان تدمج نفسك به وبذا تصبح عبارة عن المسميات التي اعطيتها لنفسك بالطريقة التي تحدد وتعرف بها هويتك انما تحدد وتعرف حياتك.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|