أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-12-2019
2024
التاريخ: 1-12-2016
1653
التاريخ: 1-12-2016
2137
التاريخ: 12-1-2020
1539
|
حينما تولى الإمام علي عليه السلام أمور المسلمين، فإنه ورث من سلفه عثمان صعوبات كثيرة، وواقعاً في غاية الفساد والانحراف، لا سيما انشقاق معاوية عن الدولة الإسلامية وتفرده بالشام، الأمر الذي شق المجتمع الإسلامي إلى شقين، في كل منهما كيان لا يعترف بالآخر. وقد سارع الإمام إلى إعلان منهجه وسياسته إلى الناس منذ اللحظة الأولى لتوليه الحكم وبين لهم: (إن المسألة بالنسبة إليه ليست تبديل شخص بشخص آخر، وليست مسألة فارق اسمي بين زعيم الأمس وزعيم اليوم، وإنما المسألة اختلاف شامل للمنهج، وفي كل القضايا المطروحة) (1).
ومن هذه القضايا، إلغاء مبدأ التفاضل في العطاء وإعلان مبدأ المساواة بين المسلمين، واعتبارهم سواء في الحقوق والواجبات، وهو يقول: (الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه) (2). ويقول في كتابه لمالك الأشتر عندما عينه والياً على مصر: (إنصف الله وانصف الناس في نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك إلا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده... وليكن أحب الأمور أوسطها في الحق وأعمها في العدل) (3).
وبشأن سياسته عليه السلام في توزيع المال يقول: (وإني حاملكم على منهج نبيكم ومنفذ فيكم ما أمره، ألا وإن كل قطيعة أقطعها عثمان، وكل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال، فإن الحق لا يبطله شئ) (4). وبهذه الإجراءات فقد صادر الإمام عليه السلام جميع ما وهبه عثمان من الأموال العظيمة لطبقة الأرستقراطيين، وألغى كذلك كل أشكال التمييز في توزيع المال على الناس مؤكداً أن التقوى والسابقية في الإسلام، وهي الأسس التي كان يعتمدها الخليفة عمر في توزيع العطاء أمور لا تمنح أصحابها امتيازات في الدنيا، فالله يتولى جزاءه، أما في هذه الدنيا فالناس سواسية في الواجبات والحقوق (5) ويقول الإمام عليه السلام في ذلك: (وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرى أن الفضل له على سواه لصحبته، فإن الفضل النير غداً عند الله، وثوابه وأجره على الله) (6).
وعلى الصعيد الإداري والسياسي، فقد قام الإمام عليه السلام بعزل الولاة الذين عهد إليهم عثمان ولاية الأقاليم الإسلامية. وبين أسباب عزلهم بقوله:
(ولكني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولاً، وعباده خولاً، والصالحين حرباً، والفاسقين حزباً، فإن فيهم من شرب فيكم الحرام، وجلد حداً في الإسلام، وإن منهم من لم يسلم حتى رضخت له على الإسلام الرضائخ) (7). وكما يوضح الشهيد الصدر: (فإن الإمام علياً عليه السلام لو كان قد أمضى هذه الأجهزة الفاسدة التي خلفها عثمان من قبله، فليس من المعقول بمقتضى طبيعة الأشياء أن يستطيع أن يمارس عملية التغيير الحقيقي في هذه التجربة التي يتزعمها) (8).
وأمام هذا الواقع الجديد الذي أراد الإمام عليه السلام إجراءه، فإنه ولدوافع متعددة لم يرق لبعض الناس هذه التغييرات، ولا رؤية الإمام علي في سدة الحكم، فقاموا ضده وأثاروا الفتن وسيروا الجيوش معلنين العصيان والتمرد وحتى أولئك الذين وقفوا موقف الحياد كان لهم دورا كبير في تفاقم الأوضاع وسلبيتها حيث يصف العلامة المودودي موقفهم بقوله: (إن وقوف بعض أكابر الصحابة موقف الحياد في بيعة علي (عليه السلام) قد ساعد على تفاقم الفتنة التي أرادوا درأها (ومن هؤلاء الصحابة: عبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقاص، ومحمد بن سلمة الأنصاري، وغيرهم) ممن كان له نفوذا كبير، فبعث حيادهم وانعزالهم الشك والارتياب في قلوب الناس، في حين كان على الأمة أن تتعاون مع سيدنا علي لإعادة أمن وسلام نظام الخلافة الراشدة) (9).
وسترى فيما يلي تفصيلاً لحوادث العصيان والتمرد التي سيرت ضد خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإمام المسلمين.
____________
(1) الأديب، دور أئمة البيت في الحياة السياسة، ص 86.
(2) نهج البلاغة، ج 1، ص 59.
(3) نهج البلاغة، ج 1 ص 217.
(4) المصدر السابق، ص 438.
(5) المصدر السابق، ص 59.
(6) الأديب، دور أئمة أهل البيت في الحياة السياسة، ص 89 - 90.
(7) شرح نهج البلاغة لمحمد عبده، ج 1 ص 269. (5) نهج البلاغة ج 1 ص 59.
(8) تقديم كتاب (تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة) للدكتور عبد الله فياض.
(9) المودودي: الخلافة والملك، م. س.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاب الفلسفة الغربية برؤية الشيخ مرتضى مطهري
|
|
|