أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-12-02
294
التاريخ: 22-12-2015
5694
التاريخ: 1-12-2015
4758
التاريخ: 8-11-2014
5388
|
قال تعالى : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة : 5].
« اياك نعبد » مدحة وثناء لله رب العالمين ؛ لانه بيان للحمد « واياك نستعين » مسألة ودعاء وطلب حاجة ؛ لانه مبين بـ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة : 6]. ومن شرائط اجابة الدعاء تقديم المدحة لله والثناء عليه قبل المسألة ، كما ورد في غير واحد من الاخبار : اذا طلب احدكم الحاجة ، فليثن ربه وليمدحه ، فان الرجل منكم اذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام احسن ما يقدر عليه (1).
وفي حديث سيدنا امير المؤمنين سلام الله عليه : المدحة قبل المسألة (2).
فهذا منه سبحانه تعليم للعباد ، وارشادهم الى طريق المسألة ، وكيفية الدعاء ، وطلب الحاجة منه عز اسمه.
وأما ايثار صيغة المتكلم مع الغير على المتكلم وحده ، فلعل النكتة فيه ارشاد الله تعالى الى ملاحظة القارىء دخول الحفظة ، او حضار صلاة الجماعة ، او جميع حواسه وقواه الظاهرة والباطنة ، او جميع ما حوته دائرة الامكان واتسم بسمة الوجود.
وذلك لان هذه السورة نزلت لتعليم العباد ، وارشادهم الى طريق الاخلاص ، وسبيل الاختصاص ، والاقبال عليه تعالى.
فكأنه قال لهم : قولوا اياك نعبد بصيغة المتكلم مع الغير ، ارشدهم الى ان عبادته سبحانه لا ينبغي ان تكون بمجرد اللسان ، حتى تكون منزلة صلاة الفذ ؛ بل به وبالجنان المستلزم لمتابعة القوى والاركان ، فيتحقق به مصداق صيغة المتكلم ، فحينئذ تكون تلك الصلاة بمثابة صلاة الجماعة.
بيان ذلك : انه لما كانت بين الجوارح والقلب علاقة شديدة ، يتأثر كل منهما بالاخر ، كما اذا حصلت للاعضاء آفة ، سرى اثرها الى القلب فاضطرب ، واذا تألم القلب بخوف مثلا سرى اثره الى الجوارح فارتعدت ، كان القلب بمنزلة السلطان ، والجوارح بمنزلة العسكر.
فمتى توجه القلب الى جناب الله تعالى ، كان كل جارحة على الوجه المطلوب في احوال الصلاة ، بأن لا يطرق رأسه ، وينظر حال القيام الى موضع سجوده ، ولا يسمع الى كلام احد غير ما يقوله مع معبوده ، وتكون يده ورجله وحركاته وسكناته على الوجه المطلوب ، بأن لا يلتفت الى غير جنابه الاقدس ، وبذلك تصير الصلاة صلاة جماعة ، فيحقق مساغ نون المتكلم مع الغير ، فيصح له ان يقول : اياك نعبد واياك نستعين.
والحاصل : انه انما اختار صيغة المتكلم مع الغير على صيغة المتكلم وحده ، ليدل بذلك على عظم شأن عبادة الله تعالى ، لما فيه من الاشارة الى ان هذا الامر العظيم والخطب الجسيم مما لا يمكنه ان يتولاه وحده ، بل يحتاج الى معاون ونصير وممد وظهير. وكذا الكلام في طلب الاعانة.
وأما ما قيل بلزوم الاحتراز بذلك عن الكذب الظاهر ، وما نقل عن مالك بن دينار انه قال : لولا اني مأمور بقراءة هذه الآية ما كنت قرأتها قط ، لاني كاذب فيها.
فهو غير لازم ؛ لان نبينا واوصياءه ـ عليهم السلام ـ كانوا يقرؤون هذه الآية مع استعانتهم بغير الله تعالى في الامور الدينية والدنيوية ، وهذا مما لا يمكن انكاره.
كيف ؟ والانسان مدني بالطبع يحتاج بعضهم في امور معاشه ومعاده الى بعض. فالاستعانة بغيره تعالى من حيث انه جعله سبباً ، وابى ان يجري الاشياء الا بأسبابها ، راجعة الى الاستعانة به تعالى ، ولا يلزم منه كذب ولا تهور ، فان لكل امرء ما نوى ، وانما الاعمال بالنيات.
وكذا الكلام في الخضوع لاهل الدنيا من الملوك والوزراء ونحوهم ، فانه ان كان من باب التقية ودفع الضرر ، فظاهر انه لا ينافي دعوى حصر الخضوع في الله.
وان كان من باب التعظيم ورعاية الادب من حيث ان لوجودهم مدخلا في حفظ بيضة الاسلام وترويج شريعة سيد الانام عليه وآله السلام ، فكذلك.
ولذلك جوز بعض علمائنا السجود الذي هو اقصى غاية الخضوع للملوك والابوين والاخوة ، كما وقع في اخوة يوسف ـ عليه السلام ـ على قصد الادب والتعظيم ، واعتقاد انهم عبيد مخلوقون.
فان الخضوع للإنسان يقع على وجه الادب والتعظيم ، ويكون راجحا اذا كان في العرف تركه اهانة والانسان اهل التعظيم ، لانه عبد الله ، فتعظيمه تعظيم الله.
وبالجملة الاستعانة بغير الله وتعظيمه وتكريمه بالقيام له ، بل الخضوع ونحوه اذا كان اهلا له ، او من باب التقية ودفع الضرر ، او لان له مدخلا في تحصيل المعاش والمعاد ونحو ذلك ، لا ينافي دعوى حصر العبادة والاستعانة في الله تعالى ، بعد ان كانت نيته صادقة وغرضه ما ذكرناه ، فتأمل.
اقول : والعبادة نسبة بين العابد والمعبود ، فتحققها ذهناً وخارجاً موقوف على تحققهما ، لكن المعبود ادخل في ذلك من العابد ، اذ لولاه لما عبد العابد ، فلم يتحقق العبادة.
فينبغي للعابد ان يعبده كأنه بحضرته ويراه ، فان لم يكن يراه فانه يراه ، كما قال سيد الاوصياء وسند الاتقياء سلام الله عليه وعلى ذريته الاصفياء : اعبد الله كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فانه يراك.
فينبغي لك التبتل والانقطاع اليه بتجافيك عن دار الغرور ، وترقيك الى عالم النور ، ومؤانستك به ومجالستك له ومكالمتك معه ، فتكون صلاتك بذلك معراجك ، تعرج فيها الى سماء الحقيقة.
كما ورد في الخبر عن سيد البشر ـ صلى الله عليه وآله ـ عدد قطرات المطر : الصلاة معراج المؤمن.
فانه يعرج فيها بنعت بعد نعت ، ووصف بعد وصف ، من مرقاة الى مرقاة ، ودرجة الى درجة ، حتى اذا بلغ محل الحضور وعالم النور ، يرفع عنه الحجاب ، ويقام على الباب ، ويرخص في الخطاب ، فيقول بلسان ذليق طليق اياك نعبد واياك نستعين.
فيصير جليسا لربه ، دثارا لخالقه ، مقترحا على رازقه ، منادما لمالك دار الفناء ودار البقاء ، مشرفا بحضرة سلطان السماء ، فيقول : اهدنا الصراط المستقيم.
فيكون حاله حال راهب لما قيل له : ما اصبرك على الوحدة؟ قال : انا جليس ربي ، اذا شئت ان يناجيني قرأت كتابه ، واذا شئت ان اناجيه صليت.
____________
(1) اصول الكافي : 2 / 485 ح 6.
(2) اصول الكافي : 2 / 484 ح 2.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
بمناسبة تجديد الثقة لهما...الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يقدم التهاني والتبريكات لأميني العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين
|
|
|