المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الشكر قناة موصلة للنعم الإلهية
2025-01-12
أسباب ودوافع الكفران وطرق علاجه
2025-01-12
عواقب كفران النعمة
2025-01-12
معنى كفران النعمة
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 2
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 1
2025-01-12

الهدف من الحياة في عالم اليوم
2023-09-18
حـقائـق عـن العـوالـم المختلفـة
30-11-2019
مُكَون الكتروني electronic component
15-1-2019
الميرزا محمد الملقب علم الهدى ابن محسن
6-2-2018
ابو الحسن الاشعري
26-05-2015
حفار عذق (اغريض عرجون) النخيل Oryctes elegans Prell
8-1-2016


الاتفاقات الخاصة بمسؤولية المنظمة مع الدول المتعاقدة معها  
  
1994   08:30 صباحاً   التاريخ: 8-3-2017
المؤلف : هديل صالح الجنابي
الكتاب أو المصدر : مسؤولية المنظمة الدولية
الجزء والصفحة :
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / المنظمات الدولية /

أصبح من المسلم به تمتع المنظمة وموظفيها وممثلي الدول الأعضاء بالحصانات والامتيازات التي يتطلبها استقلالهم للقيام بمهام وضائفهم المتصلة بالمنظمة على أتم وجه، ولكن إعطاء الدول الأعضاء في المنظمة الدولية حرية اختيار ممثليها يجعل من مركز الدولة التي تستضيف المنظمة مركزاً دقيقاً وحساساً، إذ عليها أن تتقبل استقبال ممثلي الدول الأعضاء التي لا يكون لها ببعضها علاقات بل وقد تكون العلاقات بينها وبين بعض هذه الدول مقطوعة ومع ذلك علينا أن نقر لمندوبي هذه الدول بالحد اللازم على الأقل من المزايا والحصانات، حيث تتمتع البعثات الدائمة بمزايا وحصانات تتشابه بصفة عامة بتلك التي تتمتع بها البعثات الدبلوماسية للدول، وجاء ذلك في اتفاقية فينا لتمثيل الدول في علاقاتها مع المنظمات ذات الطابع العالمي لعام 1975، إذ قسمت هذه الاتفاقية المزايا والحصانات إلى أقسام ثلاث، يخص الأول منها مقر البعثة ووثائقها، ويخص الثاني لتسهيلات المتعلقة بعملها، أما الثالث فهو متعلق بالمزايا والحصانات الشخصية(1)، كما أن دولة المقر لا تملك أن تطلب ممن لا تطمئن اليه من ممثلي الدول الأعضاء أن يغادر إقليمها لكونه أصبح شخصاً غير مرغوب فيه –على عكس الحال بالنسبة للدبلوماسيين- ومن ثم نجد أن إطلاق الحرية لممثلي الدول الأعضاء على إقليم دولة المقر من دون قيدٍ أو شرط قد يضر بالأمن القومي لدولة المقر  ولكل ما تقدم ليس هناك من بد في أن يترك لدولة المقر بعض الحرية التي تضمن من خلالها الدفاع عن أمنها قدر المستطاع، وهذا الأمر تهتم بتنظيمه عادةً اتفاقيات المقر، وهي في العادة –أي اتفاقيات المقر- (اتفاقات ثنائية تبرم بين الدولة التي يوجد بها مقر المنظمة الدولية من جهة وبين المنظمة ذاتها من جهةٍ أخرى ممثلة في العادة في الموظف الإداري الأعلى للمنظمة)(2).    وهذه الاتفاقات تتناول المركز القانوني للمنظمة، وكذلك المركز القانوني لممثلي الدول لدى المنظمة سواء في البعثات الدائمة أم الوقود التي تحضر جلسات أجهزتها، وتعد اتفاقات المقر من أكثر الاتفاقات شيوعاً من بين الاتفاقات التي تبرمها المنظمات الدولية، وإن اللجوء إلى المعاهدة الدولية عند إنشاء مقر المنظمة في دولة معينة يعود إلى أن المعاهدة هي الوسيلة المثالية لخلق وترتيب التزامات قانونية متبادلة بين أشخاص القانون الدولي، إذ أن الوضع القانوني لمنظمة دولية فوق أراضي دولةٍ ما يجب ألا ينجم عن عمل إرادي متفرد صادر عن الدولة المضيفة بصيغة قانون مثلاً، بل يجب أن يبنى على أساس اتفاق مبرم بين الطرفين حتى لا يكون لهذه الدولة أن تعدلهُ وفقاً لرغبتها فلو كان ذلك لدولة المقر، فأن المنظمة ستكون في حالة تدفعها لقبول وضع قانوني ليس في صالحها إذا ما رغبت في الاستمرار في مباشرة أنشطتها، كما أنها ستكون تحت رحمة التغيرات السياسية أو تغيرات الرأي العام في هذه الدولة، ولاشك في أن أية منظمة دولية لا يمكنها تحمل مثل هذه التغيرات المتتابعة(3)، ولاسيما أن لاختبار مقر المنظمة أهمية كبرى في ضمان حسن سير العمل وانتظامه، وقيام المنظمة بأداء رسالتها في جو من الطمأنينة وأكيدة بصفة عامة في ظل توفر الحصانات والامتيازات التي تتمتع بها أمانتها العامة، كما يجب ألا يؤدي وجود هذا المقر في دولةٍ عضو إلى خلق مرتبة لهذه الدولة لا تتمتع بها سائر الدول الأعضاء، كما يجب ضمان توفير الإمكانات المناسبة لخدمة المنظمة في سبيل تحقيق أهدافها(4)، وهكذا مثلاً يوجد مقر منظمة الصحة العالمية في جنيف، كما أن المقر الرئيسي لمنظمة الأمم المتحدة موجود في نيويورك. ويكيق القاضي (اكو) وجود منظمة دولية فوق أراضي الدولة المضيفة بأنها (واقعة قانونية ذات أصل ثنائي ... والتي تتضمن إنشاء علاقة قانونية ثنائية دائمة بين شخصين متميزين يعيشان فوق أراضي دولة معينة)(5). وهناك مبدأ عام يحكم مقر المنظمة الدولية يتمثل في أن الأنشطة التي يمكنها أن تمارس داخل هذه المقرات هي الأنشطة المتعلقة بالمنظمة فقط، واستناداً إلى هذا المبدأ تمتع دولة المقر للمنظمة وضعاً خاصاً على أراضيها ما لم يوجد اتفاق يقضي بعكس ذلك، وأي خروج على هذا المبدأ يعد أمراً غير مسموح به، وغير مبرر سواءٌ من الناحية العملية أو القانونية(6). وبالاستناد إلى ما تقدم يترتب على عاتق دولة المقر عدة التزامات في حرمة المباني والأماكن الخاصة بالمنظمة وموجوداتها، كما تكون حرمة مقر المنظمة مصونة فلا تخضع أملاكها أو موجوداتها أينما كانت وأياً كان حائزها لأي إجراءات تسرية أو استيلاء أو مصادرة أو نزع ملكية أو كأي شكل آخر من أشكال التدخل بإجراء تنفيذي أو إداري أو قضائي أو تشريعي، وتكون حرمة محفوظات كافة الوثائق مصونةً سواء كانت خاصة بالمنظمة أم كانت في حيازتها، كما تلتزم دولة المقر بحماية هذا المقر وتشديد الحراسة عليه وأن تلبي نداء المنظمة عندما تدعو الحاجة إلى المحافظة على النظام في حالة وقوع حادث، كما تلتزم دولة المقر بعدم الدخول إلى أي مبنى من مباني المنظمة إلا بإذنها، ويترتب على ذلك بطلان دخول المبلغين والإجراءات القضائية والتنفيذية المتخذة، إلا أنه توجد في هذا الأمر بعض الاستثناءات، وذلك في حالة الدفاع عن النفس، وفي أحوال الضرورة كحدوث حريق أو قيام الدليل على نية ارتكاب جريمة داخل المبنى(7). ويترتب على منع السلطات المحلية من دخول المبنى أن تمتنع المنظمة عن إيواء الأشخاص الفارين من العدالة (حق الملجأ العادي) أو الفارين من الاضطهاد السياسي (حق الملجأ السياسي)، ولكن هذه النتيجة تشير اشكالية في حالة إبرام دولة المقر لمعاهدة تسليم مجرمين مع دولة أخرى، إذ يمكن التساؤل هنا عما إذا كان يجوز للدولة المضيفة أن تدفع بهذه المعاهدة لمنع خروج شخص جاء إلى المنظمة لعرض وجهة نظرهِ في حالة كون الدولة الأخرى قد طالبت فعلاً بتسليمهِ؟ هذه المشكلة من المشاكل الصعبة التي يمكن أن تثور في مواجهة دولة المقر، وهي تدخل في إطار المشكلة العامة المتعلقة بالآثار بين المعاهدات المتتالية المتعلقة بموضوعٍ واحد، ويقرر رأي قانوني لسكرتارية الأمم المتحدة (بأن الدولة المضيفة يمكنها أن ترجوا الدولة التي أبرمت معها اتفاقيات تسليم مجرمين بأن يؤكدوا لها أنهم لن يطلبوا التسليم ولن يتخذوا الإجراءات اللازمة لذلك لطلب تسليم أشخاص فوق أراضي الدولة المضيفة على أثر دعوة من منظمة الأم المتحدة)(8). ولكن بعد كل ما تقدم لنا أن نتساءل هل يحق للمنظمة الدولية نقل مقرها من دولة إلى أخرى فمما تقدم يتبين أنهُ من الضروري، لكي تمارس المنظمة عملها على إقليم دولة معينة، أن تضع الترتيبات اللازمة بالاتفاق مع تلك الدولة لتنظيم وضع المنظمة فيها وهذه الدولة قد تكون عضواً في المنظمة أو غير عضو فيها فهل بإمكان المنظمة بعد إبرام الاتفاق مع دولة معينة أن تقوم بنقل المقر إلى دولة أخرى وإلغاء الاتفاق الأول؟ إن بقاء المقر في المكان الذي اختاره الأعضاء هو الأصل، ولكن هذا لا يمنع من نقل المقر إلى دولةٍ أخرى إذا قررت الدول الأعضاء ذلك، ولابد من الإشارة إلى مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، فقد طولب بنقلهِ إلى تونس بناءً على قرار من مؤتمر وزارة الخارجية والاقتصاد العرب في بغداد بسبب توقيع مصر لاتفاق سلام مع الكيان الصهيوني، وبالفعل فقد تم نقل المقر إلى تونس، كما جرت العديد من المحاولات لنقل مقر الأمم المتحدة من نيويورك، ولكن الأغلبية المطلوبة لنفاذ هذا الاقتراح لم تتوفر، كذلك ظلت أديس أبابا مقراً لمنظمة الوحدة الأفريقية عشر سنوات إلى أن عقدت الدورة الحادية والعشرين لمجلس وزراء المنظمة في عام 1973، واشترك في هذه الدورة كل الدول الأعضاء، وقد طالبت بعض الدول الأعضاء وعلى رأسها ليبيا بنقل مقر المنظمة إلا أن المجلس لم يتخذ قراراً بهذا الخصوص(9).

وما يهمنا هنا هو معرفة مدى التزام الدولة المضيفة باحترام حصانات ومزايا ممثلي الدول الأعضاء في المنظمات الدولية، لاسيما في حالة تعارض هذهِ المزايا والحصانات مع مصالح الدولة المضيفة، ويتم ذلك من خلال دراسة الواقع العملي، إذ أن اعطاء الدول الأعضاء في المنظمات الدولية الحرية الكاملة في اختيار مندوبيها وحرمان الدولة المضيفة من الحق في منع من لا ترغب بهم من دخول اقليمها، واسباغ المزايا والحصانات على هؤلاء الأشخاص، ومنع الدولة المضيفة من فرض الرقابة عليهم كل هذهِ الأمور لا تتفق مع ما جرى عليه العمل في الواقع الدولي، كما يجب عدم الأخذ بظاهر النصوص فحسب، فالصعوبات التي يثيرها تطبيق هذه الحصانات كثيرة، إذ لا يمكن بأي شكل من الأشكال إغفال حقوق الدولة الأساسية في المحافظة على أمنها القومي فإذا ما تعارضت مصالح الدولة الذاتية الضرورية مع مصالح المنظمة الدولية فمصالح الدولة هي التي تفضل، إذ أن الأخذ بما هو عكس ذلك قد يؤدي إلى عزوف الدول عن الاشتراك في المنظمات الدولية، ذلك أن مبدأ السيادة هو حق من الحقوق الأساسية للدول وإذا ما قبلت إحدى الدول بفرض بعض القيود على سيادتها فإنها بكل تأكيد ستراعي في الوقت نفسهُ عدم المساس بعناصره الجوهرية، كما أن انضمامها إلى المنظمات الدولية لا يتعارض مطلقاً مع احتفاظ الدولة بحق تقرير المصير في المسائل التي تعدها من صميم اختصاصها الداخلي. وبعد كل ما ذكر يمكن أن نتساءل عن مدى تأثير مصالح الدول وأمنها القومي – أي الحفاظ عليها من أي انتهاك- على ما تتمتع به المنظمة الدولية ذاتها من مزايا وحصانات وكذلك على ما يتمتع به مندوبو الدول الأعضاء لدى المنظمات الدولية؟

وسنجيب على الشق الأول من السؤال وهو أثر الأمن القومي على حصانات وامتيازات المنظمة ذاتها، فقد أصبح من المسلم به تمتع المنظمة باستقلال تام في ممارستها لأعمالها، ويعود هذا الوجود المتميز إلى تمتعها بالشخصية القانونية الدولية في الحدود التي يرسمها دستور المنظمة، ويترتب على كل ما تقدم أن تتمتع المنظمة في أراضي الدول الأعضاء بالحصانات والامتيازات اللازمة لتسهل لها القيام بعملها، وأصبحت دساتير المنظمات تنص على ذلك، ولكن هذا الأمر يثير –في الوقت نفسه- حفيظة الدول، إذ أن التمتع بهذه المزايا والحصانات قد يكون لهُ خطره على أمن الدولة أو قد يؤثر على حياديتها أو قد يكون مجرد تغطية لأنشطة هدامة، ولذلك عمدت الدول إلى التنسيق مع المنظمات الدولية وذلك من خلال الاتفاقات التي تعقد بين الطرفين في سبيل الحفاظ على أمن الدولة أو حيادها، وكذلك انتظام عمل المنظمة من أجل تحقيق أهدافها كما في الاتفاق المبرم بين كلً من سويسرا ومنظمة العمل الدولية، والذي ينص على أن تضمن الدولة المضيفة للمنظمة الدولية الاستقلال والحرية في العمل، وأن تعترف بأن المنظمة التي تقوم عليها مباني المنظمة تعد خارجة عن أقليم الدولة –المحمل بالتزام الحياد- وهذا النص يتتبع بالضرورة رفع مسؤولية الدولة عن كل ما يحدث داخل الجزء الذي خرج عن ولايتها، وبالتالي فهو يضمن التوفيق بين حسن أداء المنظمة لوظائفها وبين المحافظة على حيادية الدولة المضيفة، كما أن هذا الاتفاق لا يقلل من حق الدولة المضيفة في اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية أمنها القومي، وهذا ما أكدته كلً من المواد (18 و 25) من الاتفاق المبرم بين سويسرا ومنظمة العمل الدولي(10). أما عن احتمالية كون المنظمة مجرد تغطية لنشاط هدام أو كونها عاملاً سهل لهذا النشاط فأن مثل هذا الأمر يصيب الدول والحكومات بالقلق الشديد، غير أن مثل هذا النشاط التعسفي للمنظمة يكون في الغالب صادراً من خلال أحد موظفيها أو بعضهم، لذلك يمكن معالجة المسألة من خلال حرص المنظمة على اختيار أعلى مستوى من الموظفين من حيث الكفاءة والنزاهة الموضوعية، وكذلك أن تكون مسؤولة الموظف أمام المنظمة خالصة، وأن تقرر الحصانة لحماية الوظيفة وليس الشخص، كما أن ممارسة هذه الحصانات يجب أن تكون على هدى معايير السلوك المسؤول، كما أن هناك واجباً على المنظمة يتمثل في أنها إذا ما تأكدت لها بعض الشكوك فعليها أما أن توضح هذا الشك لموظفيها أو أن تتخذ الإجراء التأديبي المناسب بحقه حتى تتمكن من تبرئة ساحتها وتجنب نفسها تحمل المسؤولية، ولكن وفي كل الأحوال على المنظمة احترام القانون في سائر الإجراءات التي تخذها، إلا أنه لا يجوز للمنظمة أن تتخذ أي إجراء على أساس مجرد الشك غير المعزز بالأدلة، وهذه الأسس والمبادئ التي يجب أن تعمل المنظمة على هداها تدخل بصفة أولية ضمن القانون الإداري للمنظمات الدولية، وإذا ما نظرنا إلى العمل الدولي تجد فيهِ تطبيقات كثيرة لهذهِ المبادئ، من ذلك قضية (Gubitcher) وقضية (Melekh)، وقضية (Egeror)، إذ أنه في جميع هذه القضايا أنهم هؤلاء الموظفون في الأمم المتحدة وهم رعايا روس بانتهاك القوانين الأمريكية الخاصة بالتجسس، وعندما دفع هؤلاء بالحصانة التي يتمتعون بها ردت المحكمة هذا الدفع، وقالت أن الحصانة لا تشمل الأفعال التي لا صلة لها بوظيفة المتهم(11). كذلك قد يثور مفهوم الأمن القومي عندما لا تكون لدولة المقر علاقة دبلوماسية بدولة عضو أو أن تكون غير معترفة بدولة عضو أصلاً في هذه الحالة يكون منح المزايا والحصانات للمنظمة أمراً متروكاً لتقدير دولة المقر إذ أنه يتوقف على مدى استعدادها للمجاملة، وهذا الأمر يتوضح من خلال ما قامت به السلطات الفرنسية في عام 1966، إذ أنها اقتحمت مقر البعثة الصينية لدى اليونسكو واستولت عليه وطردت موظفي البعثة، الأمر الذي أثار احتجاج مدير عام اليونسكو، فأجابت الحكومة الفرنسية على ذلك الاحتجاج بأن المباني تعود إلى الحكومة الصينية التي لا تمثلها حكومة الصين الشعبية وحدها، وأن الحكومة الفرنسية لم تكن على علم بأن تلك المباني قد انتقلت عن السفارة التي كانت لجمهورية الصين إلى بعثتها لدى اليونسكو، ومن ثم ليس للبعثة سند قانوني لشغل المبنى، وقد أكد مدير عام اليونسكو أن وجهة النظر الفرنسية تتعارض مع نصوص اتفاق جنيف بين اليونسكو وفرنسا، إلا أن هذا الخلاف بين مدى ما يمكن فرضه من قيود على مزايا وحصانات المنظمات الدولية بسبب اعتبارات الأمن القومي، إلا أنه على الرغم من احتمالية تهديد أمن الدولة من قبل المنظمات الدولية فأن هذا الأمر لا يبرر التردد في منح الحصانات والامتيازات للمنظمة كي تمارس نشاطاتها بصورة مرضية، بل يكون لهذا المنح وهذه الممارسة مفهوم نسبي وليس مطلقاً ...(12).أما بالنسبة لحصانات مندوبي الدول الأعضاء ... أن مندوبي الدول في المنظمات الدولية يتمتعون بمزايا وحصانات في دولة المقر تساوي المزايا والحصانات التي يتمتع بها الممثل الدبلوماسي هذا بالنسبة للبعثات الدائمة أما ممثلوا الدول في المؤتمرات والاجتماعات التي تدعو اليها المنظمة أبان اضطلاعهم بأعمالهم الرسمية وأثناء سفرهم إلى مقر الاجتماع وعودتهم منه فأنهم يتمتعون بحصانات وامتيازات أيضاً إلا أنها أقل من تلك التي يتمتع بها أعضاء البعثات الدائمة، ثم أن للدول حق اختيار ممثليها ثم أنه قد يكون من بين أعضاء المنظمة دولة أو عدة دول تكون علاقاتها مقطوعة المقر أو لا تكون لها بهم علاقات أصلاً، لذلك فمن غير الممكن أن يترك هؤلاء من دون قيد أو شرط فللدولة –أي دولة المقر- أن تدافع عن أمنها قدر المستطاع، وهذا ما تهتم به الاتفاقات إذ أنه في الاتفاق الذي أبرم بين الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة هناك نص يشير إلى أن يكون للممثلين الدائمين للدول الأعضاء حق الوصول من وإلى مقر الهيئة بغض النظر عن العلاقات التي بين دولهم وبين الولايات المتحدة، أما ما يتمتعون به من حصانات وامتيازات فيقتصر فقط على المنطقة التي يوجد فيها المقر الرئيسي، وعلى مساكنهم والعكس بالعكس، وكذلك أثناء سفرهم إلى دولة أجنبية في مهمة رسمية، كما أن المادة (9) من الاتفاقية الخاصة بتمثيل الدول في علاقتها بالمنظمات الدولية ذات السمة العالمية قد أكدت على حرية الدول الأعضاء في إرسال البعثات إلى دولة المقر، إلا أنها عادت وقيدت هذا الحق بشروط منها الظروف والأحوال في الدولة المضيفة، وذلك في المادة (14) من الاتفاقية ذاتها(13)، ومن خلال نظرة فاحصة إلى الواقع الدولي نجد أن الدول لا تتردد في اتخاذ ما يلزم من الإجراءات لحماية أمنها القومي، كما أن ممثل الدولة لا يستطيع أن يدعي لنفسهِ حمايةً أكثر مما يدعيها الممثل الدبلوماسي ولاسيما إذا ما أساء هو التصرف في استخدام حصانته، وعلى هذا الأساس قررت السلطات السويسرية اعتبار سكرتير أول البعثة الإيرانية بمكتب الأمم المتحدة في جنيف شخصاً غير مرغوب فيه وطردته من البلاد في (30) آب 1976 لارتكابه أفعالاً غير مشروعة، وقد تلجأ الدولة إلى ممارسة اختصاصها القضائي حيال بعض      ممثلي الدول خاصةً في حال اتهامهم بجرائم تمس بأمن الدولة، من ذلك محاكمة ممثل البعثة الكوبية الدائمة لدى الأمم المتحدة أمام إحدى المحاكم الأمريكية بعد أن اتهم بالتآمر والتجسس مع آخرين، وقد طعن بحصانتهِ استناداً إلى المادة (105) من ميثاق الأمم المتحدة، ولكن المحكمة الأمريكية رفضت هذا الطعن على أساس أن الحصانة مكفولة للاستقلال في ممارسة الوظائف فقط(14).        من ذلك يتبين أن الحصانات والمزايا التي تتمتع بها كلٌّ من المنظمة وممثلوا الدول الأعضاء في دولة المقر هي حصانات مفيدة وليست مطلقةً، وأن الخروج على هذه القيود يحمل المنظمة المسؤولية.

________________

[1]- J.G.Fennessy, Op., Cit, P.71.

2 - د. مصطفى سيد عبد الرحمن – قانون التنظيم الدولي – الطبعة الأولى – دار النهضة العربية – مصر – 1990 – ص193.

3- د. احمد ابو الوفا- المنظمات الدولية وقانون المسؤولية الدولية – المجلة المصرية للقانون الدولي – العدد (51) لسنة 1995 – ص316.

4 - د. محمد الحسيني مصلحي – المنظمات الدولية – دار النهضة العربية – مصر – 1989 – ص131.

5 - د. أحمد أبو الوفا – مصدر سابق – ص316.

6- نفس المصدر السابق – ص317.

7 - د. محمد الحسيني مصلحي – مصدر سابق – ص134.

8- د.احمد أبو الوفا – مصدر سابق – ص317.

9- د. محمد الحسيني مصلحي – مصدر سابق – ص135.

10- د. فادي الملاح – سلطات الأمن والحصانات والامتيازات الدبلوماسية في الواقع النظري والعملي مقارناً بالشريعة الإسلامية – المعارف بالاسكندرية – مصر – 1986 – ص505.

11 - د. فادي الملاح – مصدر سابق – ص506-507.

12- د. فادي الملاح – مصدر سابق – ص508.

13- J.G.Fennessy, Op. Cit, PP. 63-65.

14 - د. محمد حافظ غانم- المسؤولية الدولية (دراسة لاحكام القانون الدولي ولتطبيقاتها التي تهم الدول العربية) – معهد الدراسات العربية – جامعة الدول العربية – مصر –1962– ص55-57.

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .