الوقت الذي ينشأ فيه الحق في تعويض الضرر المعنوي (في اطار القضاء الاداري) |
4361
11:41 صباحاً
التاريخ: 11-4-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-4-2017
5703
التاريخ: 23-12-2019
1831
التاريخ: 15-6-2016
5743
التاريخ: 6-4-2017
4340
|
إن من مقتضى النتائج التي تترتب على دعوى المسؤولية الإدارية أو المدنية هو صدور حكم نهائي فيها يقضي بإلزام المسؤول بتعويض المضرور ، ولا شك أن هذه هي نتيجة طبيعية ويترتب عليها من الناحية العملية أهمية تتمثل في تحديد الوقت الذي ينشأ فيه حق المضرور في التعويض ، فهل ينشأ هذا الحق من تاريخ الحكم به أو أنه ينشأ من وقت وقوع الضرر المعنوي ؟ للإجابة عن ذلك نقول بأن هناك نظريتين يمكن الاعتداد بهما في تقدير الضرر المعنوي وهما وقت صدور الحكم بالتعويض ، ووقت وقوع الضرر المعنوي . ولمعرفة ما استقر عليه الأمر ينبغي التعرض لهاتين النظريتين في النقطتين الاتيتين :
يرى جانبٌ من الفقه أن الحكم بالتعويض هو منشئ له لا كاشف له ، وذلك لأن الحق في التعويض يبقى حقاً غير محدد المقدار ، ومن ثم فالحكم هو الذي يحدد مقدار التعويض ، ولهذا يجب الاعتداد بكافة العناصر التي توجد وقت صدور الحكم ، ويضيف أنصار هذه النظرية أن المضرور يظل في انتظار صدور الحكم له بالتعويض ، لكي يستبدل الأشياء التالفة بغيرها ، أو ليصلح هذه الأشياء ومن ثم فإن من العدل أن يقدر له ذلك وقت الحكم(1). وقد وجدت هذه النظرية بعض التطبيقات القضائية القديمة ، حيث ذهبت محكمة التمييز ((النقض)) الفرنسية إلى القول بأن حق المضرور في التعويض ينشأ في تاريخ صدور الحكم(2). وفي قرار آخر لها أوضحت أيضاً أن الحق في التعويض عن الضرر في نطاق المسؤولية العقدية ينشأ وقت النطق بالحكم(3).
ثانياً . نشوء الحق في التعويض من وقت وقوع الضرر
خلافاً للنظرية السابقة القائلة بنشوء الحق في التعويض من تاريخ صدور الحكم ، يذهب أغلب الفقه في القانون إلى أنه يجب الأعتداد بوقت وقوع الضرر كتاريخ لنشوء الحق في التعويض ، وذلك لأن المسؤولية تترتب على ما وقع من ضرر ، وأنه قبل أن يصاب الشخص بالضرر ، لا يمكن أن نتصور نشوء حق له في التعويض عما لم يصبه ، ولهذا فإن العبرة بتاريخ وقوع الضرر والحكم ما هو إلاّ كاشف أو مقررٌ لحق التعويض لا منشأ له كما يزعم ذلك أصحاب النظرية السابقة(4). وتطبيقاً لذلك نجد أن القضاء الفرنسي قرر بأن حكم القاضي لا يعد سوى مقرراً لحق المضرور في التعويض ، إذ أن هذا الحق ينشأ من وقت حدوث الفعل الضار(5). وفي حكم آخر له ورد أيضاً بأن الحق في التعويض يولد وقت الاعتداء على المصلحة المشروعة للمضرور(6). وإذا كانت هذه الأحكام تسري على المسؤولية التقصيرية ، فإنها تسري أيضاً من باب أولى على المسؤولية العقدية , وهو الرأي الذي يستقر عليه أغلب الفقه الفرنسي(7). واستناداً إلى ما تقدم فإن مصدر الحق في التعويض حسب الرأي المستقر عليه اليوم ينشأ من العمل غير المشروع الذي ارتكبه المسؤول ، فرتب في ذمته الالتزام بالتعويض من وقت تحقق أركان المسؤولية الثلاثة ، وبعبارة أدق من وقت وقوع الضرر لا وقت ارتكاب الخطأ(8)، وذلك استناداً إلى القاعدة المعروفة بأن لا مسؤولية من دون ضرر .
وفي مصر نلاحظ أن القضاء العادي غير مستقر على رأي معين ، فتارة يقتضي بأن حق المضرور يترتب وقت وقوع الضرر ، وتارة يقضي بأن حق المضرور في التعويض ينشأ من يوم الحكم(9). ومن الجدير بالذكر أن هناك رأياً وسطاً ، ينادي بضرورة التمييز بين الالتزام بتعويض الضرر , وبين الالتزام بدفع التعويض ، فالالتزام بتعويض الضرر ينشأ من وقت حدوث الضرر . وهو حق يخلف الورثة فيه مورثهم بعد وفاته , إلاّ أن تعويض هذا الضرر يتحول إلى التزام بدفع التعويض وقت الحكم ، ولهذا يجب الأعتداد بهذا الوقت في تقدير مبلغ التعويض ، ومن ثم يجب الأخذ بعين الاعتبار التطورات التي تكون قد حدثت منذ وقت الضرر(10). أما في إطار القانون الإداري ، فإننا نرى أن مجلس الدولة الفرنسي يقرر بأن الحق في تعويض الضرر الشخصي ينشأ بتاريخ حدوثه(11)، وبذلك يكون قد أخذ بالرأي الذي استقر عليه أغلب الفقه الفرنسي كما مرَّ بنا, ونحن بدورنا نؤيد ذلك ، ونرى أيضاً بأن الأحكام التي تقضي بأن تعويض الضرر المعنوي ينشأ وقت الحكم ما هو إلاّ خلطٌ بين نشوء الحق بالتعويض وبين تقويم الضرر المعنوي ، إذ أن تقدير قيمة الضرر يكون كما سنرى وقت صدور الحكم لا وقت ارتكاب الضرر ، ولذلك فلا يصح الأهتداء بإحداهما لتحديد الآخر . ومما لاشك فيه أن هذا الرأي يحقق فوائد كثيرة منها أنه يجوز للمضرور إبتداءً من هذا الوقت أن يتصرف في حقه بمختلف التصرفات القانونية ولا حاجة له لأنتظار صدور الحكم . كما أن التقادم يسري في دعوى المسؤولية من وقت وقوع الضرر أو من وقت العلم بالضرر وبالمسؤول عنه ، لا من وقت صدور الحكم(12).
__________________
1- ينظر في ذلك الدكتور مقدم السعيد : التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية ، دراسة مقارنة ، الطبعة الأولى ، دار الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت ، 1985 ، ص259 .
2- صدور هذا الحكم في 5/11/1936 ، أشار له الدكتور مقدم السعيد : مصدر سابق ، ص259 .
3- صدر هذا الحكم في 2/12/1947 ، أشار له الدكتور مقدم السعيد : مصدر سابق ، ص260 .
4- ينظر في ذلك الدكتور مقدم السعيد : مصدر سابق ، ص 260 .
5- صدر هذا القرار عن محكمة ((بوردو)) في 21/5/1947 ، أشار له الدكتور مقدم السعيد : مصدر سابق ، ص260 .
6- صدر هذا القرار عن محكمة ((السين)) في 16/7/1947 ، أشار له الدكتور مقدم السعيد : مصدر سابق ، ص260 .
7- ينظر في ذلك الدكتور مقدم السعيد : مصدر سابق ، ص261 . وكذلك حسين عامر : المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية ، الطبعة الأولى ، مطبعة مصر ، القاهرة ، 1956 ، ص 526 .
8- ينظر في ذلك الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري : الوسيط في شرح القانون المدني ، الجزء الأول ، نظرية الالتزام بوجه عام ، مصادر الالتزام ، الطبعة الأولى، 1952 ، ص1088 .
9- ينظر في ذلك الدكتور مقدم السعيد : مصدر سابق ، ص261 .
10- ينظر في ذلك الدكتور مقدم السعيد : مصدر سابق ، ص262 .
11- ينظر في ذلك الدكتور جان باز : الوسيط في القانون الإداري اللبناني ، 1981 ، ص563 .
12- ينظر في ذلك الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري : مصدر سابق ، ص1088 .
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|