أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-2-2018
1774
التاريخ: 1-07-2015
1980
التاريخ: 1-07-2015
1764
التاريخ: 1-07-2015
5239
|
[هذا] بعض ما جرى في سقيفة بني ساعدة على ما نقله السيد الجليل المرتضى ، الذي لا يحتمل الاختلال والمساهلة في النقل لثقته ، ولكونه معاصرا لصاحب المغني رادا عليه ، فإن ساهل في النقل أدنى مساهلة اغتنمه صاحب المغني وفضحه ، لوجود الكتب التي نقل أخبار السقيفة منها وغيرها عن الخصم .
قال : روى هشام بن محمد ، عن أبي مخنف ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ، أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لما قبض اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة، فقالوا : نولي هذا الأمر من بعد محمد ( صلى الله عليه وآله ) سعد بن عبادة ، وأخرجوه إليهم وهو مريض ، قال : فلما اجتمعوا قال لابنه أو لبعض بني عمه : إنني لا أقدر لشكواي أسمع القوم كلهم كلامي ، فتلق مني قولي فاسمعهموه ، فكان يتكلم ويحفظ الرجل قوله ، فيرفع به صوته ويسمع صوته ، ويسمع صوته أصحابه .
فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه : يا معشر الأنصار إن لكم سابقة في الدين ، وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب ، إن محمدا ( صلى الله عليه وآله ) لبث بضع عشر سنة في قومه ، يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأنداد ، فما آمن به من قومه إلا رجال قليل ، والله ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسوله ، ولا أن يعزوا دينه ، ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيما عموا به ، حتى إذا أراد الله بكم الفضيلة ساق إليكم الكرامة ، وخصكم بالنعمة ، فرزقكم الإيمان به وبرسوله ، والمنع له ولأصحابه ، والاعزاز له ولدينه ، والجهاد لأعدائه .
فكنتم أشد الناس على عدوه منكم ، وأثقله على عدوه من غيركم ، حتى استقامت العرب لأمر الله طوعا ، وأعطى البعيد المقادة صاغرا داخرا ، وحتى أثخن الله لرسوله بكم في الأرض ، ودانت بأسيافكم له العرب ، وتوفاه الله إليه وهو عنكم راض ، وبكم قرير العين ، استبدوا بهذا الأمر دون الناس .
فأجابوه بأجمعهم أن قد وفقت في الرأي ، وأصبت في القول ، ولن نعدو وما رأيت نوليك هذا الأمر ، فإنك فينا مقنع ، ولصالح المؤمنين رضا ، ثم إنهم ترادوا الكلام ، فقالوا : إن أتت مهاجرة قريش فقالوا : نحن المهاجرون وصحابة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونحن عترته وأولياؤه ، فعلام تنازعون الأمر من بعده ؟ فقالت طائفة منهم : فإنا نقول : فمنا أمير ومنكم أمير ، ولن نرضى بدون ذلك أبدا ، فقال سعد بن عبادة حين سمعها : هذا أول الوهن .
وأتى عمر الخبر ، فأقبل إلى منزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأرسل إلى أبي بكر وأبو بكر في الدار ، وعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) دائب في جهاز رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأرسل إلى أبي بكر أن أخرج إلي ، فأرسل إليه أني مشتغل ، فأرسل إليه قد حدث أمر لا بد لك من حضوره ، فخرج إليه ، فقال : أما علمت أن الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة ؟ يريدون أن يعقدوا هذا الأمر لسعد بن عبادة ، وأحسنهم مقالة من يقول : منا أمير ومن قريش أمير ، فمضيا مسرعين نحوهم ، فلقيا أبا عبيدة ، فتماشوا إليه ، فلقيهم عاصم بن عدي وعويم بن ساعدة ، فقالا لهم : ارجعوا فإنه لن يكون إلا ما تحبون ، فقالوا : لا نفعل . فجاؤوا وهم مجتمعون ، فقال عمر بن الخطاب : أتيناهم وقد زورت في نفسي كلاما أردت أن أقوم به فيهم ، فلما أن وقعت فيهم ذهبت لأبتدئ المنطق ، فقال لي أبو بكر : رويدا حتى أتكلم ، ثم أنطق بعد بما أحببت ، فنطق ، فقال عمر : فما شئ كنت أريد أن أقول إلا وقد أتى عليه أبو بكر .
قال عبد الله بن عبد الرحمن : فبدأ أبو بكر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله تعالى بعث محمدا ( صلى الله عليه وآله ) رسولا إلى خلقه وشهيدا على أمته ، ليعبدوا الله ويوحدوه وهم يعبدون من دونه آلهة شتى ، يزعمون أنها لمن عبدها شافعة ، ولهم نافعة ، وإنما هي من حجر منحوت ، وخشب منجور ، ثم قرأ {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ } [يونس: 18] ، {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] .
فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم ، فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه والإيمان به والمواساة له ، والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم ، وتكذيبهم إياهم ، وكل الناس لهم مخالف وعليهم زار ، فلم يستوحشوا لقلة عددهم ، وتكذيب الناس لهم ، وإجماع قومهم عليهم ، فهم أول من عبد الله في الأرض ، وآمن بالله وبالرسول ، وهم أولياؤه وعترته ، وأحق الناس بهذا الأمر من بعده ، لا ينازعهم في ذلك إلا ظالم ، وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين ، ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام ، رضيكم الله أنصارا لدينه ورسوله ، وجعل إليكم هجرته ، وفيكم جلة الصحابة وأزواجه ، وليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم ، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء ، لا تفاتون بمشورة ، ولا تقضى دونكم الأمور .
فقام إليه المنذر بن الحباب بن الجموح - هكذا روى الطبري ، والذي رواه غيره أنه الحباب بن المنذر - فقال : يا معشر الأنصار أملكوا على أيديكم ، فإن الناس في فيئكم وظلكم ، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم ، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم، أنتم أهل العزة والثروة ، وأولوا العدد والتجربة ، وذووا البأس والنجدة ، وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون ، فلا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم ، وتنتقض أموركم ، إن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير .
فقال عمر بن الخطاب : هيهات لا يجتمع اثنان في قرن ، إنه والله لا يرضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم ، ولكن العرب لا تمنع أن يولي أمورها من كانت النبوة فيهم ، وولي أمورهم منهم ، ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة، والسلطان المبين ، من ذا ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل ، أو متجانف لإثم ، أو متورط في هلكة .
فقال الحباب بن المنذر : يا معشر الأنصار أملكوا على أيديكم ، ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه، فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر ، فإن أبوا عليكم ما سألتموه فأجلوهم من هذه البلاد ، وتولوا عليهم هذه الأمور ، فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم ، فإنه بأسيافكم دان لهذا الأمر من لم يكن يدين ، أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب ، أما والله لئن شئتم لنعيد بها جذعة .
فقال له عمر : إذا يقتلك الله ، فقال : بل إياك يقتل ، فقال أبو عبيدة : يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر وآزر ، فلا تكونوا أول من بدل وغير .
فقام بشير بن سعد أبو النعمان بن بشير ، فقال : يا معشر الأنصار أما والله لئن كنا أولى فضيلة في جهاد المشركين ، وسابقة في هذا الدين ، ما أردنا به إلا رضا ربنا وطاعة نبينا ، والكدح لأنفسنا ، فما ينبغي لنا أن نستطيل بذلك على الناس ، ولا نبتغي من الدنيا عرضا ، فإن الله ولي المنة علينا بذلك ، ألا إن محمدا ( صلى الله عليه وآله ) من قريش ، وقومه أحق به وأولى ، وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر أبدا ، فاتقوا الله ، ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم .
فقال أبو بكر : هذا عمر وأبو عبيدة ، فأيهما شئتم فبايعوا ، فقالا : لا والله لا نتولى هذا الأمر عليك ، وأنت أفضل المهاجري ، وثاني اثنين إذ هما في الغار ، وخليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على الصلاة ، والصلاة أفضل الدين ، فمن ذا ينبغي له أن يتقدمك ، أو يتولي عليك هذا الأمر ، أبسط يدك نبايعك ، فلما ذهبا ليبايعا سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه .
فنادى الحباب بن المنذر يا بشير بن سعد عقبك عقاق ، ما أحوجك إلى ما صنعت ، أنفست على ابن عمك الإمارة ، فقال : لا والله ولكن كرهت أن أنازع قوما حقا جعله الله لهم .
فلما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد ، وما تدعو إليه قريش ، وما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة ، قال بعضهم لبعض وفيهم أسيد بن الحضير وكان أحد النقباء : والله لئن وليتها الخزرج عليكم مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة ، ولا جعلوا لكم فيها معهم نصيبا أبدا ، فقوموا فبايعوا أبا بكر ، فقاموا إليه فبايعوا ، فانكسر عليهم أعني على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا اجتمعوا عليه من أمرهم .
قال هشام : قال أبو مخنف : وحدثني أبو بكر محمد الخزاعي ، أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايقت السكك ليبايعوا أبا بكر، فكان عمر يقول : ما هو إلا رأيت أسلم فأيقنت بالنصر .
قال هشام : عن أبي مخنف ، قال : قال عبد الله بن عبد الرحمن : فأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر ، وكادوا يطأون سعد بن عبادة ، فقال ناس من أصحاب سعد : اتقوا سعدا لا تطأوه ، فقال عمر ، اقتلوه قتله الله ، ثم قام على رأسه فقال : لقد هممت أن أطأك حتى يندر عضوك ، فأخذ قيس بلحية عمر وقال : والله لئن حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة، فقال أبو بكر : مهلا يا عمر الرفق هاهنا أبلغ ، فأعرض عنه عمر .
وقال سعد : أما والله لو أرى من قومي ما أقوى على النهوض لسمعتم مني في أقطارها وسككها زئيرا يجحرك وأصحابك ، أما والله لألحقنك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع ، احملوني من هذا المكان ، فحملوه فأدخلوه داره وترك أياما ، ثم بعث إليه أن أقبل فبايع ، فقد بايع الناس وبايع قومك .
فقال : أما والله حتى أرميكم بما في كنانتي من نبلي ، وأخضب منكم سنان رمحي ، وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي ، وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي ، ولا أفعل وأيم الله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الأنس ما بايعتكم ، حتى أعرض على ربي وأعلم ما حسابي .
فلما أتي أبو بكر بذلك ، قال له عمر : لا تدعه حتى يبايع ، فقال بشير بن سعد : إنه قد لج وأبى ، فليس بمبايعكم حتى يقتل ، وليس بمقتول حتى يقتل معه أهل بيته وولده وطائفة من عشيرته ، فاتركوه وليس تركه بضائركم ، إنما هو رجل واحد ، فتركوه وقبلوا مشورة بشير بن سعد واستنصحوه لما بدا لهم منه ، وكان سعد لا يصلي بصلاتهم ، ولا يحج بحجهم ، ولا يفيض بإفاضتهم ، فلم يزل كذلك حتى هلك أبو بكر .
بعد نقل السيد هذا الخبر قال : فهذا الخبر يتضمن من شرح أمر السقيفة ما فيه للناظر معتبر ، ويستفيد الواقف عليه أشياء :
منها : خلوه من احتجاج قريش على الأنصار بجعل النبي ( صلى الله عليه وآله ) الإمامة فيهم ، لأنه تضمن من احتجاجهم عليهم ما يخالف ذلك ، وأنهم إنما ادعوا كونهم أحق بالأمر من حيث كانت النبوة فيهم ، ومن حيث كانوا أقرب إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) نسبا ، وأولهم له اتباعا .
ومنها : أن الأمر إنما بني في السقيفة على المغالبة والمخالسة ، وأن كلا منهم كان يجذبه بما اتفق له وعن من حق وباطل وقوي وضعيف .
ومنها : أن سبب ضعف الأنصار وقوة المهاجرين عليهم انحياز بشير بن سعد حسدا لسعد بن عبادة ، وانحياز الأوس بانحيازه عن الأنصار .
ومنها : أن خلاف سعد وأهله وقومه كان باقيا لم يرجعوا عنه ، وإنما أقعدهم عن ما يتعلق بإمامة أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب ( عليه السلام )
الخلاف فيه بالسيف قلة الناصر (1) .
______________
(1) الشافي للشريف المرتضى 3 : 184 - 192 .
|
|
هل تعرف كيف يؤثر الطقس على ضغط إطارات سيارتك؟ إليك الإجابة
|
|
|
|
|
مجالس العزاء الكاظمي .. حين تجتمع القلوب على حب سابع الأئمة تتجسد رسالة الزيارة بأسمى صورها
|
|
|