أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-05
1389
التاريخ: 2023-09-22
1395
التاريخ: 2023-06-01
1404
التاريخ: 2023-05-28
1094
|
ينبغي إعطاء المزيد من الاهتمام بالمعارف الإلهية التي ترتبط بالله سبحانه ، وأسمائه وصفاته وأفعاله وغير ذلك ممّا تناوله القرآن بالدقة المشهودة ، لأنّ تناول القرآن لهذه المعارف بهذا الشكل يدلّ ـ بوضوح لا يقبل الجدل ـ على أنّ النبيّ الاُمّي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأخذ هذه المعارف إلاّ من مستقى ( الوحي ) ، إذ من المستحيل لابن الجزيرة الخالية من أيّة حضارة وثقافة أن يأتي ـ في كتابه ـ بما أبهر عقول الفلاسفة والمفكّرين ، في القديم والحديث ، وذلك من لدن نفسه وصنع فكره ، أو يكون قد تلقّاها في مدرسة ، أو اقتبسها من معلّم في أرض لم يعرف أهلها إلاّ الأوهام ، ولم يؤمنوا إلاّ بالخرافة ، فلا ثقافة ولا مثقّفين ، اللّهمّ إلاّ بضعة أشخاص (1) لم ينالوا من الثقافة إلاّ صبابات هي إلى الجهل أقرب منها إلى العلم والمعرفة.
إنّ القرآن جاء بأُصول وأفكار في مجال المعارف العقلية العليا لم يقف عليها حتى النوابغ من الفلاسفة ، في الشرق والغرب ، إلاّ عن طريق ذلك الكتاب الإلهي وهدايته.
إنّ من الظلم الفضيع إهمال دراسة هذه المعارف العليا بحجة أنّها مسائل غيبية يجب الاعتقاد بها إجمالاً ، وترك دراستها ومناقشتها وتحليلها.
والعجب أنّه روي عن الإمام مالك أنّه جاء إليه رجل فقال : يا أبا عبد الله { الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ } كيف استوى ؟
فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء. ثم قال : « الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلاّ مبتدعاً ».
فأمر به أن يخرج (2).
ونحن نعتقد أنّه كان على الإمام أن يجيب على سؤال السائل ويهديه إلى مراده سبحانه من هذه الآية بدل رميه بالابتداع وإخراجه من المجلس.
كما أنّ من الظلم أيضاً ما يرتكبه بعض كتّابنا المسلمين المعاصرين ، حيث أخذ يفسّر هذه المعارف العقلية الإلهية بالأُمور المحسوسة ويحاول تطبيقها على الشؤون المادية فصار فعله بذلك من أوضح مصاديق ( تفسير القرآن بالرأي ) الذي تواترت الأحاديث الشريفة من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) على نهيه.
من أجل هذا ، ولكي نسلم من التخبّط والعشوائية في معرفة هذه المعارف والقضايا الاعتقادية يتعيّن علينا أن ندرسها بعناية بالغة على نمط ( التفسير الموضوعي ) من دون فرق بين موضوع وآخر ، حتى نقف ـ من هذا السبيل ـ على واحدة من أهم جهات الإعجاز القرآني ، ونكون من المتعمّقين في القرآن ومعارفه. وما روي عن الإمام علي بن الحسين السجاد (عليه السلام) إذ قال ، لمّا سئل عن التوحيد :
« إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ علم أنّه يكون في آخر الزمان أقوام متعمّقون فأنزل الله تعالى : { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } والآيات من سورة الحديد إلى قوله : { وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } فمن رام وراء ذلك فقد هلك ». (3)
أقول : إنّ ما روي عنه (عليه السلام) لا يعني أنّ الإمام أراد حصر الآيات الباحثة عن المعارف والقضايا الاعتقادية في هذه الآيات ، بل لمّا كان ما جاء في هذه الآيات في القمّة من تلك المعارف ، أشار إليها الإمام خاصة دون إرادة الحصر.
__________________
(1) لقد نقل البلاذري في كتابه « فتوح البلدان » أنّ الذين كانوا يعرفون الكتابة في مكة ـ آنذاك ـ لا يتجاوزون سبعة عشر شخصاً ، وفي المدينة أحد عشر شخصاً ، وإليك نصّ ما قاله في هذا المجال :
« دخل الإسلام وفي قريش سبعة عشر رجلاً كلهم يكتب » ثمّ عدهم وذكر أسماءهم وقال :
« كان الكتّاب بالعربية في الأوس والخزرج قليلين ... فجاء الإسلام وفي الأوس والخزرج عدة يكتبون » ثمّ ذكر أسماءهم راجع فتوح البلدان ص 456 ـ 459 باب في أمر الخط.
(2) مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية ، ج 1 ، ص 443.
(3) الكافي ، ج 1 ، باب النسبة ، الحديث 3.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
راية الإمامين الكاظمين ترفرف حزناً في سماء البصرة الفيحاء
|
|
|