أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-15
1125
التاريخ: 3-9-2017
3270
التاريخ: 1-5-2016
3123
التاريخ: 2024-04-14
1026
|
تعدُّ الشخصية الانسانية نظاماً مفتوحاً تدخل فيه الطاقة وتخرج منه باستمرار وما يبقى من طاقة يُحفظ في الذاكرة ثمّ يخرج ببطء أيضاً على مر السنين ونقصد بالطاقة : المعرفة والعلم , وما يصبُّ في ذهن الانسان من علوم او ملاحظات يراها في الخارج تترجم لاحقاً على شكل صور ذهنية وأقوال وأفعال لفظية أو مكتوبة وحركات معبّرة ومواقف اجتماعية وفهم ذاتي واجتماعي ومواصفات شخصية عامة اكتسبت صفة الفضيلة او الرذيلة وفهم ذاتي واجتماعي ومواصفات شخصية عامة اكتسبت صفة الفضيلة او الرذيلة ومن خلال تلك الطاقة يصوغ الانسان انبساط تعامله مع الاخرين او انقباضه ويصوغ ايضاً قوة الارتباط بمعتقده او يقدّر ضعف ذلك الارتباط وكونه صالحاً كي يكون قدوة للآخرين او عدم صلاحه لذلك وكل انسان يستطيع ان يحمل القلم بيده ولكن القدرة على الكتابة لا تتوفر لكل فرد ما لم يكن متعلماً وحتى الذين يعرفون الكتابة فإن عمق مؤلفاتهم يختلف من واحد لآخر بالدرجة لا بالرتبة فالصحبة مع رسول الله (صلى الله عليه واله) قضية شبيهة بالقلم الذي يمسكه صاحبه ممن يعرف الكتابة ممن لا يعرفها .
ومن هنا نفهم مغزى الاسبقية في الاسلام فالذي يشبّ على الايمان بالله سبحانه ورسوله (صلى الله عليه واله) وبكتابه المجيد منذ نعومة اظفاره فكأنما يمتلئ من طاقة العلم والمعرفة الدينية حداً بحيث لا تخرجُ منه الا الحكمة والعلم وتكون صوره الذهنية غنية بأجواء الوحي وكلام الله سبحانه والرسالة التي يحتكّ بمصداقها وصاحبها (صلى الله عليه واله) كل يوم , فعلي (عليه السلام) عندما يتكلّم لا يخرج من فمه الشريف الا جواهر الافكار الدينية وعندما يخطب تنـزل الكلمات الشرعية النقية كالزلال العذب بين شفتيه الشريفتين فهو لا يخلط الصور الذهنية للوثنية بالصور الذهنية للاسلام كما كان يفعل بعض المسلمين لأنه عاش (عليه السلام) مع رسول الله (صلى الله عليه واله) يتلقى منه العلم والمعرفة عن النبع الصافي المتصل بالسماء وعندما كان يتصرف مع الآخرين فقد كان سلوكه نابعاً من السلوك الديني النظيف الذي علمه إياه رسول الله (صلى الله عليه واله) وبذلك فقد كان سلوكه (عليه السلام) وعواطفه وافكاره نابعة من تأثيرات النبي (صلى الله عليه واله) قبل البعثة وبعدها ومن كتاب الله المجيد وما اوتي من نعمة ادراك الاسلام بصورته الواقعية , والاسبقية في الاسلام والتعلم من رسول الله (صلى الله عليه واله) لم تقتصر على السلوك الفكري او الذهني بل تعدت الى الدوافع الانسانية مثل الحاجات الجسدية الضرورية كالطعام والشراب والنوم فقد كان طعام علي (عليه السلام) يشبه طعام رسول الله (صلى الله عليه واله) من حيث الزهد والتعفف عن ملء البطن وكان اهل بيت النبوة (عليه السلام) قليلاً من الليل ما يهجعون وكانوا بالأسحار يمارسون العبادة ويستغفرون وكانوا يتلون كتاب الله ليل نهار وقد كان شد الحجر على البطن من الجوع والحرمان من النوم بسبب العبادة سمة من سمات اولئك السابقون السابقون .
ولا شك ان الاسبقية في الاسلام اعطت علياً (عليه السلام) شخصية دينية ناضجة تشعر بامتداد عمق التكليف وانتشاره في كل مساحة من مساحات ذهنه وجسده وعلاقة خشية وخوف من الله عزّ وجلّ واطمئنان عاطفي وروحي بتقبل التضحيات والخسارة في سبيل الله وثقة مطلقة ويقين قاطع بالمولى عزّ وجلّ وادراك واقعي للأحكام والعقائد وذاتية مملؤة تعرف موقعها في الحياة والمجتمع والكون وتلك كانت فلسفة حياة كاملة عند علي (عليه السلام).
وبالجمال فان الاسبقية في الاسلام حددت لعلي (عليه السلام) حاجاته الدينية والدنيوية وتصوراته الذهنية عن الخلق والوجود وموقفه الثابت من الاحداث والقضايا الخارجية وخطه في العقيدة والحكم والقرار وخطط العمل لنصر الاسلام ضد الشرك والنفاق والقسط والنكوث والمروق.
لقد منحت الاسبقية لعلي (عليه السلام) علماً وجعلته عبداً وسيداً في نفس الوقت ؛ عبداً لله سبحانه بكل ما تعنيه العبودية من معنى , وسيداً على نفسه بكل ما تعنيه كلمة السيادة من سيطرة على الشهوات والرغبات واصبح علي (عليه السلام) مكتفياً ذاتياً لا يحتاج الى مساعد او مستشار يستشيره في الاحكام الشرعية كما كان الخلفاء الاوائل مثلاً يعانون منه واصبح لا يطمع الا في مرضاة الله سبحانه كما كان يقول: الله لو ادخلني الله النارَ وله في ذلك رضى ما قلت انها النار ولكن قلت انها الجنة لان جنتي رضاه , بينما كان الآخرون من بني امية وغيرهم يطمعون في السلطة والمنـزلة الاجتماعية واللذائذ الدنيوية .
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|