للأنشطة السياحية جانبين: جانب ذاتي خاص بالفرد والجماعات المرتحلة، والجانب الآخر عملي يتمثل في المنشآت والأنشطة الاقتصادية التي تقوم بتقديم الخدمات المتطلبة لهؤلاء المرتحلين.

وتتمثل العناصر والعوامل الداخلة في تكوين النشاط الاقتصادي هي نفسها التي تتدخل في تكوين النشاط السياحي. والأخير نجده يتناسب في طبيعته ومداه مع مجموعة من العناصر تبرز في النهاية مدى تقدمه وانتشاره.

وتتكون موارد السياحة من عناصر ثلاثة: طبيعية وبشرية وحضارية وتتضح في العمود الراسي من شكل مملكة الجغرافية الاقتصادية السياحية.

وهي تتأثر بمدى عملها كجزء من ظاهرة السياحة بعوامل طبيعية وبشرية واقتصادية اجتماعية يمثلها العمود الافقي من نفس الشكل. وينتج عن التفاعل بين العناصر الخمسة الرئيسية المكونة لهذه المملكة أنشطة متنوعة يمارسها الانسان لتحقيق الاشباع المادي مما يجعلها أنشطة اقتصادية. كما ان الانسان يمارس نفس هذه الأنشطة الاقتصادية ولكن ليس لهذا الغرض ولكن لتحقيق اشباع من نوع آخر هو نفسي او ذهني او بدني أي أنشطة ترويحية تمارس في أوقات الفراغ.

فالإنسان ان كان يمارس الزراعة والصيد وتربية الحيوان وقطع الأشجار والبحث عن المعادن والوقود كأنشطة اقتصادية فأننا نجد نفس الممارسات كأنشطة ترويحية أيضا تتم في موطن الفرد او في مواطن أخرى. كذلك حال الصناعات التحويلية فالهوايات الصناعية والإصلاح والتركيبات نجدها كهوايات شديدة التنوع لقطاعات كبيرة من الناس ليس بغرض تحقيق الكسب المادي ولكن لتحقيق اشباع من نوع آخر.

كما ان اقتناء الآثار واللوحات والتماثيل وطوابع البريد والعملات وغيرها من جوانب اهتمامات الانسان بل قد نجد منها هواية اقتناء علب الثقاب نجدها تحقق اشباعا بالاقتناء كما انها قد تحقق اشباعا آخر بمبادلاتها بين الهواة والنقاش للمفاضلة بينها. كذلك الحال في حرف الخدمات ومن بينها النقل الذي اصبح من الممارسات البشرية لتقديم خدمات مجانية للغير للإحساس بالرضى والقناعة والطمأنينة النفسية.

بل اننا نجد ان نفس الأنشطة الاقتصادية والتكسب اصبح في بعض المناطق ولدي بعض الناس جزءا من عملية الترويح. وهي تظهر في رحلات الطلاب التي تجمع ما بين العمل ولكن بغرض التمتع والتعلم والمشاهدة والرحلة والتنقل. ونجدها في تشجيع البانيا مثلا للسياحة بالعمل، وكذلك ما تفعله إسرائيل لتجذب الشباب لها للعمل وللسياحة كوسيلة لتحقيق منافع متعددة لها.

وتتم الحركة السياحية والترويحية في وسط مكاني له ظاهراته الجغرافية التي تكون مثلثا محصلته من الجانب الاقتصادي تكوين الموارد الاقتصادية ومن الجانب السياحي توفير الإمكانات لمثل هذه الأنشطة. وهي ظاهرات قد تكون موجودة في عديد من مناطق العالم ولكنها لا تظهر كمنطقة سياحية الا لعوامل بعضها داخلي من نفس المكان وبعضها خارجي ويرتبط جانب منها بدوافع وعوامل متباينة.

ويوضح هذه العناصر المتفاعلة لتكوين المنطقة السياحية والنشاط السياحي المثلثات الثلاثة لتشاط ومنشآت السياحة.

فالإنسان منذ البداية لم يتجه الى الترويح الا بتوفر عناصر ثلاثة هي: الوفرة ووقت الفراغ وتولد الرغبة في ممارسة أنشطة خلاف الأنشطة الإنتاجية.

وتتطلب هذه الممارسات توفر عناصرها من الطبيعة والبشر والحضارة. ولم يكن للإنسان ان يمارسها في الأماكن التي تمارس فيها الا بمراعاة المدة الزمنية المتاحة لها. وتحددت مواطنها وكذلك مدد التمتع بها بالمسافة التي تقع فيها وارتباطها بمدى توفر نظم للنقل سهلة وسريعة ومريحة. وهي لا يتسنى استغلالها وممارسة الأنشطة الترويحية دون ان تكون تكلفة هذا التمتع في طاقة موارد الانسان وفي الوفورات التي تتحقق له.

ويلخص المثلث (ب) الدوافع السياحية واساسها الوفرة ووقت الفراغ والرغبة. وترتبط الوفرة باقتصاديات الافراد والمجتمعات. وتدرج وقت الفراغ في التزايد من قمة المجتمع والقيادات ومن أساليب ومطالب ممارسة الأنشطة الاقتصادية الى ان اصبح متاحا لمختلف فئات السكان وتحرص قطاعات الاعمال على استغلال وقت الفراغ فيما يعود على العملية الإنتاجية من فائدة باعتبار استثماره عامل أساسي في إعادة تنشيط العمال. والرغبة وهي تتباين حسب اهتمامات الافراد والجماعات والمعرفة والموارد السياحية والترويحية المتاحة.

وان كانت هذه العناصر الثلاثة هي مكونات الدوافع السياحية فان تحولها الى حركة ونشاط يولد طلبا على السياحة والأنشطة الترويحية فتدخل فيه عوامل ثلاثة رئيسية يوضحها المثلث (جـ) وهي: الزمن – المسافة – التكلفة.

وهي ترتبط بعدد من العوامل المادية تتمثل في وسائل وطرق النقل وخصائصها، وتسهيلات الاعالة والاعاشة وخدمات المرافق العامة. فالتكلفة تتدخل في تحديد المسافة والزمن، والزمن يحدد المسافة والتكلفة، والمسافة تؤثر في كل من العنصرين الآخرين. وقد تباينت فاعلية هذه العناصر الثلاثة كعوامل للنشاط السياحي والترويحي بالتطورات التي شهدتها العوامل المادية المرتبطة بها.

ويساعدنا تحليل هذه المثلثات على تفهم ظاهرة السياحة في تغيرها عبر القرون وذيوعها بين فئات الافراد والجماعات في الشعب الواحد وانتشارها عبر انحاء العالم. كما تقدم لنا تفسيرا للتطورات الضخمة التي شهدتها الحركة السياحية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية.