أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014
1382
التاريخ: 30-05-2015
1476
التاريخ: 27-01-2015
1177
التاريخ: 8-10-2014
1384
|
تجد في سورة التوبة والفتح والحشر نماذج من هذا القسم ، يقول سبحانه : { فَإِن رَّجَعَكَ اللهُ إِلَىٰ طَائِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الخَالِفِينَ } ( التوبة ـ 83).
فأخبر عن قعودهم ، وعدم خروجهم مع النبي ، فقوله سبحانه : { فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا } معناه لن يكون لكم شرف صحبة الإيمان ، بالخروج معي إلى الجهاد في سبيل الله ، ولا إلى غيره من النسك أبداً ما بقيت : { وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا } من الأعداء لا بالخروج والسفر إليهم ، ولا بغير ذلك.
ويتلوه ما جاء فيه من التنبّؤ بما يحلف به المنافقون كقوله سبحانه : { لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } ( التوبة ـ 42).
فأخبر عن حلفهم في المستقبل القريب ، وعن كذبهم في حلفهم هذا. قال : الطبرسي وفي هذه دلالة على صحة نبوّة نبيّنا إذ أخبر أنّهم سيحلفون قبل وقوعه فحلفوا وكان خبره على ما أخبر به (1)
ومثله قوله سبحانه : { سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } ( التوبة ـ 95 ) وفي هذه السورة شيء كثير من هذا الضرب من التنبّؤ ، فتدبّر في آياتها ومضامينها تجدها مملوءة من الإخبارات الغيبية ، وقد نزلت في حق المنافقين المتخلفين عن غزوة تبوك.
ونظير تلكم الآيات ما ورد في سورة الفتح من التنبّؤ حول الأعراب الذين تخلّفوا عن النبي في الخروج إلى الحديبية ودونك بعض الآيات : { سَيَقُولُ لَكَ المُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } ( الفتح ـ 11).
وقوله سبحانه : { سَيَقُولُ المُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ اللهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } ( الفتح ـ 15).
وفي هاتين الآيتين إخبارات غيبية عن كثير مما تفوّه به المخلفون وعن ما يضمرون في أنفسهم ، وما يصيبهم في المستقبل ، يظهر ذلك لكل من أمعن النظر في مفاد الآيتين ودونك تفسيرهما :
لمّا أراد النبي المسير إلى مكة عام « الحديبية » معتمراً وكان في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة ، استنفر من حول المدينة من القبائل إلى الخروج معه ، وهم « غفار » و « أسلم » و « مزينة » و « جهينة » و « أشجع » و « الدئل » ، حذراً من قريش أن يتعرضوا له بحرب أو بصد وهو أحرم بالعمرة وساق معه الهدي ليعلم الناس أنّه لا يريد حرباً ، فتثاقل عنه كثير من الأعراب ، فتخلّفوا عنه ، واعتلوا بالشغل ، فأخبر سبحانه عن العذيرة التي سوف يتشبّثون بها ، عند رجوع النبي وأصحابه عن الحديبية بقوله : ( شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا ) كما أخبر عن أنّهم سوف يطلبون من النبي أن يستغفر لهم والحال أنّهم كاذبون في معذرتهم التي تمسّكوا بها ، وفي ما يطلبون من النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم ) من الاستغفار لهم ، وهم لا يبالون استغفر لهم النبي أم لم يستغفر.
ثمّ أخبر سبحانه عن أنّ النبي بعد منصرفه عن الحديبية بالصلح ، سوف يتوجّه إلى « خيبر » ويأخذ من أهلها مغانم ، وأنّ هؤلاء المتخلّفين يطلبون من النبي أن يتبعوه حتى يشاركوا المسلمين في ما يأخدون من المغانم ، وأنّ النبي يجيبهم بأنّكم : { لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ اللهُ مِن قَبْلُ } ولأجل ذلك خص النبي مغانم « خيبر » لمن شهد الحديبية.
ويظهر من قوله سبحانه : ( كَذَٰلِكُمْ قَالَ اللهُ ) أنّ الله سبحانه كان قد أخبر نبيّه عن تخلفهم في الحديبية ، أيضاً كما أخبره عن تخلّفهم في غزوة خيبر.
ونظير ما سبق قوله سبحانه : { قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } ( الفتح ـ 16).
فأخبر المتخلّفين عن غزوة الحديبية بأنّهم سيدعون إلى معركة عنيفة تدور بينهم وبين قوم اُولي بأس شديد ، فدعاهم النبي بعد سنتين إلى المقاتلة مع قبائل هوازن وحنين وثقيف ، وكانوا أقواماً ذوي نجدة وشدة حسب ما نقرأه في السير والتاريخ ، ثم أخبر سبحانه عن أنّهم يأخذون مغانم كثيرة بقوله : { وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَعَدَكُمُ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا } ( الفتح : 19 ـ 20 ).
فقد أخذوا بعد غنائم خيبر التي أشار إليها بقوله : ( فَعَجَّلَ لَكُمْ هَٰذِهِ ) غنائم كثيرة في محاربة قبائل حنين وهوازن.
ثمّ إنّه أخبر عمّا أضمره المنافقون وأسرّوه من الكفر والعصيان وأنهم ليعدون وعداً ثم يخالفونه قال سبحانه :
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنصَرُونَ } ( الحشر : 11 ـ 12) .
وحاصل الآيات : أنّه سبحانه يخاطب النبي ويقول : ألم تر يا محمد إلى الذين نافقوا فأبطنوا الكفر وأظهروا الإيمان يقولون لأخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب يعني يهود بني النضير لئن اخرجتم من دياركم وبلادكم لنخرجن معكم مساعدين لكم ولا نطيع في قتالكم وفي مخاصمتكم أحداً أبداً أي محمداً وأصحابه ، بل وعدوهم النصر بقولهم : وإن قوتلتم لننصرنكم ، ثم كذبهما الله في ذلك بقوله : { وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } فإنّه لو خرج أهل الكتاب لا يخرج المنافقون معهم ، ولئن قوتلوا لا ينصرهم هؤلاء المنافقون ، ولئن نصروهم ليولنّ الأدبار وينهزمون.
وقد نقل المفسرون أنّ الآية نزلت قبل إخراج بني النضير واُخرجوا بعد ذلك فلم يخرج معهم منافق ولم ينصرونهم (2)
وقال سبحانه في بني النضير من اليهود ومن مال إليهم من المنافقين : { لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } (الحشر ـ 14).
أخبر سبحانه عن أحوال المنافقين مخاطباً للمؤمنين ، بأنّهم لا يقاتلونكم إلاّ في قرى محصّنة لا يبرزون لحربكم وإنّما يقاتلونكم متحصّنين بالقرى أو من وراء جدر يرمونكم من ورائها بالنبل والحجر بأسهم بينهم شديد ، فعداوة بعضهم لبعض شديدة فليسوا بمتّفقي القلوب تحسبهم جميعاً متجمعين في الظاهر وقلوبهم شتى ، خذلهم الله باختلاف كلمتهم ذلك بأنّهم قوم لا يعقلون.
والآية تنطبق كل الانطباق على بني النضير ، فلاحظ سيرة ابن هشام ج 2 ص 191.
___________________
1- مجمع البيان ج 3 ص 33.
2- مجمع البيان ج 5 ص 263.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|