1

شَرُّ الْإِخْوَانِ مَنْ تُكُلِّفَ لَهُ

في حيٍّ عتيقٍ من أحياء الكوفة، عاش هلال، رجلٌ بسيط يفتح بابه لكل عابر، ويقاسِم رغيفه قبل أن يقاسِم حديثه. كان له صديق يُدعى سليم، لا يظهر إلا في أبهى صورة حين يحتاج شيئًا، ويتوارى خلف الأعذار حين يُطلَب منه القليل.

كان سليم يبتسم أكثر مما ينبغي، ويثني أكثر مما يُصدَّق، ويزور هلال في المناسبات التي تتطلّب أداءً لا صداقة.

في أحد الأيام، مرض هلال وتقطّعت به السبل. طرق أبواب من ظنهم إخوة، فلم يُفتح له إلا القليل. أما سليم، فبعث برسالة اعتذار طويلة، مزيّنة بالعبارات، فارغة من الفعل.

شفاه الله بعد شهور، وعاد إلى بيته، أضعف جسدًا، وأقوى بصيرة. جلس في مجلس الحي، فدخل سليم يحمل هدية فاخرة وابتسامة عريضة.

قال هلال بهدوء:
– تعلمتُ في المرض ما لم تعلّمه لي العافية. كنتُ أراك أخًا، لكنك كنتَ ضيفًا على قلبي، لا ساكنًا فيه.

ابتسم سليم وقال مدافعًا:
– كنتُ مشغولًا، والله يعلم نيّتي.

ردّ هلال بنظرة نافذة:
– شرّ الإخوان من تُكُلِّف له؛ لا يُواسيك إلا إذا استقام له مزاجه، ولا يراك إلا حين يرى مصلحة فيك.

سكت المجلس، صمتٌ يحترم الحقيقة لا المجاملة. وفهم الجميع أن الصداقة لا تُطلب، بل تُختبر.

ومنذ ذلك اليوم، لم يُرَ سليم في مجلس هلال، ولم يفتقده هلال قط.

----------------

روي عن الإمام علي (عليه السلام): "شَرُّ الْإِخْوَانِ مَنْ تُكُلِّفَ لَهُ"

شَرُّ الْإِخْوَانِ مَنْ تُكُلِّفَ لَهُ

إِذَا احْتَشَمَ الْمُؤْمِنُ أَخَاهُ فَقَدْ فَارَقَهُ

أعجز الناس من عجز عن اكتساب الأخوان

إذا قدرت على عدوك ؛ فاجعل العفو عنه شكراً للقدرة عليه

خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ

إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ

اعْجَبُوا لِهذَا الْإِنْسَانِ يَنْظُرُ بِشَحْمٍ

وَأَعْمَالُ الْعِبَادِ فِي عَاجِلِهِمْ، نُصْبُ أَعْيُنِهِمْ فِي آجالِهِمْ

الصَّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنْجِحٌ

والبشاشة حِبَالَةُ الْمَوَدَّةِ

والإحتمال قبر العيوب

صَدْرُ الْعَاقِلِ صُنْدُوقُ سِرِّهِ

وَالْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ

وَالْأَدَبُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ

الْعِلْمُ وِرَاثَهٌ كَرِيمَةٌ

الراشي والمرتشي في النار

1

المزيد
EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي