الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
تأثير الشعر في الهيأة الإجتماعية
المؤلف:
جرجي زيدان
المصدر:
تاريخ آداب اللغة العربية
الجزء والصفحة:
ج1، ص359-360
24-03-2015
3578
ان فطرة العرب شعرية ونفوسهم حساسة ولغتهم أدبية، ولذلك كانوا أكثر الناس شعرا وشعراء .. فمن لم ينظم الشعر حفظه وتناقله وأمثالها. ثم عقدوها في زمن الأمويين بالمربد في البصرة. وأما في العصر العباسي فلولا اشتغال الناس بالعلوم القديمة ونقلها وتفهمها لأصبح كل منزل من منازل أهل الادب ناديا للمذاكرة والمناشدة. ومع ذلك فان الشعر كان عندهم فكاهة المجالس ومضرب الأمثال وديوان العبر ومختزن الحكمة، حتى كانوا لكثرة محفوظهم منه يرمزون باسم الشاعر الى بيت من ابياته مشهور بمعنى ويريدون ذلك المعنى .. كما اتفق للرجل الجالس على جسر بغداد والمرأة التي مرت به قادمة من الرصافة فاستقبلها بقوله: (رحم الله علي بن الجهم) فقالت له المرأة: (رحم الله ابا العلاء المعري) وما وقفا بل سارا مشرقا ومغربا. قال الراوي: (فتبعت المرأة، وقلت لها والله ان لم تقولي لي ما أراد وما اردت لأفضحنك). قالت: (أراد بعلي بن الجهم قوله):
عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
وأردت بأبي العلاء قوله:
فيا دارها بالخيف ان مزارها قريب ولكن دون ذلك أهوال (1)
والحادثة المذكورة جرت بعد العصر الأول الذي نحن بصدده، ولكنها يصح ان تكون مثالا عنه. لان أهل هذا العصر بلغ من شغفهم بالشعر انهم نقشوه على جردان منازلهم وأنديتهم وعلى فصوص خواتمهم، وكتبوه في صدور مجالسهم وعلى القباب والمستنظرات والابواب، وطرزوه على الستائر والطنافس والكلل والاسرة والوسائد والمرافق والمقاعد وعلى القناني والاقداح والكاسات والارطال والجامات وسائر آنية الفضة والذهب والصيني، ونقوشه على العيدان والمضارب والسرنايات والطبول والمعازف والدفوف، وزينوا به الثياب، فطرزوه على ذيول الاقمصة والاعلام وطرز الاردية
والاكمام، وعلى العصائب ومشاد الطرر والزنابير والتكك والمناديل والمذاب والمراوح حتى النعال والحقاف. وزينوا به ظاهر ابدانهم فكتبوه بالحناء على الجبين والخد والاقدام والراح. ونقشوا به التفاح والاترج وغيرهما.. فكنت حيثما توجهت رأيت الشعر منقوشا او مطرزا او مكتوبا او منسوجا. ونجد أمثلة من ذلك في كتاب الموشى الآتي ذكره.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حلبة الكميت