القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
موقف دساتير الدول الاتحادية من النظام العام الدولي
المؤلف:
اسعد كاظم وحيش الصالحي
المصدر:
التنظيم القانوني لأبرام الاتفاقيات الدولية لدى الدولة الاتحادية
الجزء والصفحة:
ص 163-166
2025-04-19
153
كان النظام العام الدولي يشكل قيداً على إرادة الدول فيما تبرمه الدولة من اتفاقيات دولية ، ويعد سبباً الأبطال تلك الاتفاقيات، إذا ما خالفت هذا المبدأ من وجهة نظر القانون الدولي . وإن تبني الدساتير الاتحادية لهذه القواعد القانونية ينهض سبباً لإبطال الاتفاقيات الدولية ليس لمخالفتها لقاعدة قانونية دولية مجسدة للنظام العام الدولي فحسب ، وإنما لانتهاك سلطة الإبرام لقاعدة دستورية ذات بعد دولي، أي القاعدة التي تضمنها الدستور المجسدة لقاعدة قانونية آمرة معترف بها دولياً . لذا فقد تضمنت الدساتير هذه القواعد الدولية ، وهذا ما يتضح من نصوص الدساتير وديباجاتها (1)، ومن أمثلة الدساتير التي أكدت مبادئ القانون الدولي العام دستور الولايات المتحدة لسنة 1787 المعدل الذي أكد في ديباجته على انشاء اتحاد اكثر كمالاً ، وفي اقامة العدالة وتوفير سبل الدفاع المشترك وتأمين نعم الحرية . كذلك أكد القانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية لسنة 1949 المعدل. في ديباجته على وَعْيَ الشعب الألماني وبروح إرادته بوصفه عضواً متكافئاً في أوربا موحدة بأن يخدم السلام في العالم ، وايضاً نص على أن ( تكون أحكام القانون الدولي العامة جزءً من تركيبة القانون الاتحادي لها الأفضلية على القوانين الاتحادية ، ويترتب عليها حقوق وواجبات مباشرة على سكان المناطق في انحاء الاتحاد ) (2) ، كذلك نص القانون ذات ( يستطيع الاتحاد من أجل الحفاظ على السلام أن ينخرط في نظام جماعي أمني متبادل ، حيث سيسمح هنا بقبول محددات لحقوق سيادية من شأنها أن تؤدي إلى إقامة وتأمين نظام سلمي دائم في أوربا بين شعوب العالم ) (3).
وأشار الدستور الإسباني لسنة 1978 المعدل في ديباجته إلى الرغبة في تحقيق التعايش السلمي والمشاركة في تكوين العلاقات السلمية والتعاون الفعال في جميع شعوب الأرض . وعد دستور النمسا لعام 1983 القواعد المعترف بها عموما للقانون الدولي جُزء لا يتجزأ من القانون الاتحادي (4). ويشير دستور اتحاد البوسنة والهرسك لعام 1994 إلى أن علاقات الاتحاد تؤسس على أساس احترام القانون الدولي والالتزام بالاتفاقيات ومبدأ حسم المنازعات بالوسائل السلمية (5) .
أما الدستور الإماراتي الصادر في 18 تموز سنة 1971 فقد تبنى هذا المفهوم ، إذ نص على أن ( تستهدف سياسة الاتحاد الخارجية نصرة القضايا والمصالح العربية والإسلامية وتوثيق أواصر الصداقة والتعاون مع جميع الدول والشعوب ، على أساس مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ، والأحداث المثلى الدولية ) (6) .
وتبنى الدستور السويسري (7) الصادر سنة 1999 مبادئ القانون الدولي المجسدة لفكرة النظام العام ، إذ نص في مادته الثانية في فقرتها الرابعة على أن ( يبذل الاتحاد الجهود . والسعي لتحقيق نظام دولي يسوده العدل والسلام ) وكذلك اشار بأن ( يحترم الاتحاد والمقاطعات القانون الدولي ) (8) ، كما اكد الدستور السويسري عدم جواز انتهاك القواعد الملزمة في القانون الدولي (9).
كما تضمنت الدساتير العراقية الاتحادية الإشارة إلى عدم تجاوز مفهوم النظام العام الدولي ، في كل من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004 ، والدستور العراقي لعام 2005، إذ أشارت ديباجة قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ، إلى احترام القانون الدولي لاسيما وهو من مؤسسي الأمم المتحدة عاملاً على استعادة مكانه الشرعي بين الأمم ، وساعياً في الوقت نفسه إلى الحفاظ على وحدة وطنه بروح الأخوة والتآزر ، كذلك قضى القانون ذاته بأن تحترم الحكومة العراقية الانتقالية وتنفذ التزامات العراق الدولية الخاصة بمنع وانتشار وتطوير وانتاج واستخدام الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية و بمنع ما يتصل بتطويرها وتصنيعها وانتاجها واستخدامها من معدات ومواد وتكنولوجيا وأنظمة للاتصال ) (10) .
وأكدت ديباجة دستور العراق لسنة 2005 أهمية التعاون في اطار القانون الدولي العام ، وهو ما يتعلق بنبذ سياسة العدوان ، إذ إنّ العدوان يمثل جريمة ضد السلم الدولي ، واشار كذلك في أكثر من مادة إلى احترام لمبادئ القانون الدولي ، إذ نص على أن ( العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب، وهو عضو مؤسس وفعال في جامعة الدول العربية ، وملتزم بميثاقها ... ) (11) ، ويتضح من هذا النص ، انه فرض التزاما على العراق باحترام المبادئ التي قررها ميثاق جامعة الدول العربية في تصرفاته القانونية كافة ، ومنها إبرام الاتفاقيات الدولية .
كذلك فرض دستور 2005 التزاماً آخراً على العراق، إذ قضى بأن ( يرعى العراق مبادئ حسن الجوار، ويلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ، ويسعى لحل النزاعات بالوسائل السلمية ، ويقيم علاقاته على اساس المصالح المشتركة والتعامل بالمثل ، ويحترم التزاماته الدولية ) (12)
وأكد الدستور على احترامه للالتزامات الدولية ، حيث نص ) تحترم الحكومة العراقية ، وتنفذ التزامات العراق الدولية الخاصة بمنع انتشار وتطوير وانتاج واستخدام الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية ، ويمنع ما يتصل بتطويرها وتصنيعها وانتاجها واستخدامها من معدات ومواد وتكنولوجيا وانظمة للاتصال ) (13) .
يتضح من نصوص دستور العراق لسنة 2005 أنّ هناك التزاماً مفروضاً على العراق باحترام المبادئ التي قررها القانون الدولي العام التي تكون بمجملها النظام العام الدولي، في تصرفاته وعلاقاته كافة . مع الدول الأخرى ، اذ يجب احترام الالتزامات الدولية بما يتلاءم مع مفهوم القانون الدولي وعلى أساس مبدأ حسن النية، بما فيها عملية إبرام الاتفاقيات الدولية .
وعلى أساس ما تقدم يتضح ، أن تكريس مبادئ القانون الدولي العام في الدساتير يعطي لتلك القواعد مجالاً أوسع يجعلها أكثر فاعلية من الناحية العملية ، إذ إنّ اضفاء الصفة الدستورية على تلك القواعد يعطيها ما للقواعد الداخلية من قوة تنفيذية في النظام القانوني الداخلي ، ويترتب على مخالفتها بطلان التصرفات كافة ، على اساس ان هذه المخالفة تعد انتهاكاً لقاعدة دولية ذات بعد دستوري التي تشكل قيدا على حرية الدول فيما تبرمه من اتفاقيات دولية.
من خلال ما تقدم يتضح ما يأتي:-
1- إن قواعد النظام العام الدولي ما وجدت الا لخدمة الجماعة الدولية ، لذا فهي قواعد وضعية ، وان إيراد اتفاقية فينا لهذه القواعد ضمن نصوصها له الدليل الاكبر على أنها وضعية ، ما تُشكل قيداً على سلطان إرادة الدول في إبرام الاتفاقيات الدولية .
2- اتضح لنا عدم وجود معيار موضوعي متفق عليه لدى الدول في تحديد ما يُعد من مثيل القواعد القانونية المتصلة بالنظام العام من عدمها ، إذ أنّ المعيار الذي تبنته اتفاقية فينا لقانون المعاهدات ضمن نصوصها ، هو أن تكون القاعدة القانونية قد تأصلت في ضمير الجماعة الدولية ، وبذلك يمكن القول بأن : هذا المعيار يفتح المجال واسعا للخلاف حول تحديد متى تعد القاعدة قد تأصلت في ضمير الجماعة الدولية إلى الذي يمكن معه أن يترتب على مخالفتها بطلان الاتفاقيات، لأن هذا التحديد يدخل في الحسبان عنصرا شخصيا قد تختلف الدول بشأنه، فقد تعده دولة ما بانها قاعدة تأصلت في ضمير الجماعة الدولية ، فيما لا تعده الاخرى من مثيل ذلك .
3- ان اتفاقية فينا لقانون المعاهدات أعطت معنى لتدرج القواعد القانونية وعدم جواز مخالفة الأدنى الذي هو الاتفاق بين الاطراف المتعاقدة للأسمى منها ، ووضعت جزاءً على ذلك وهو البطلان .
4- إن تبني الدساتير على المستوى الوطني والمقارن لمفاهيم القانون الدولي العام ، ما هو الا تأكيد على احترام التشريعات الداخلية لتلك المفاهيم ، ما يعني ان لتلك القواعد قوة دستورية ذات بعد دولي .
_____________
1- لديباجات الدساتير أهمية كبيرة إذ إنها تتضمن بعض المبادئ العامة والتي اشتقت منها نصوص الدساتير ، إذ تحتوي بعض الديباجات قواعد قانونية ذات أثر دولي من خلال التأكيد على الالتزام بالمبادئ الاساسية للقانون الدولي العام ، بوصفها قواعد دستورية توضيحية. ينظر، د. منذر الشاوي : القانون الدستوري (نظرية الدستور) ، ج 2 ، ط2، العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة، 2007 ، ص 140 وما بعدها .
2- المادة (25) من القانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية لسنة 1949 المعدل .
3- الفقرة (2) من المادة (24) من القانون الاساسي لجمهورية المانيا الاتحادية لسنة 1949 المعدل.
4- الفقرة (1) من المادة (9) من دستور النمسا لسنة 1983.
5- المادة (2) من الباب السابع من دستور اتحاد البوسنه والهرسك لعام 1994.
6- المادة (12) من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة لسنة 1971 المعدل.
7- لقد تبنى الدستور السويسري فكرة النظام العام الدولي، حيث ألزم كافة مستويات القانون الوطني منذ سنة 1999 بضرورة احترام القواعد ذات الصفة الأمرة ، وقد أبطل البرلمان السويسري مقترحاً شعبياً لتعديل الدستور والذي كان يقضي بخرق التحريم أو المنع البات لرد اللاجئين، إذ كان هذا المقترح يتضمن عبارة مضمونها أن الذين دخلوا البلاد بصورة غير شرعية سوف يتم ترحيلهم، دون أن يحق لهم إمكانية الاستئناف ، إلا أن البرلمان السويسري رفض هذا المقترح الشعبي في قراره الصادر في 1 آذار 1996 ولم يتم طرحه للاستفتاء وفي عام 1999 تم الاعتراف بصورة قطعية بوجود حدود موضوعية تشكل قيداً على سلطان إرادة الدول والذي يوجب احترامها والتقيد بها . ينظر، د . حيدر أدهم الطائي ، تطور القواعد الآمرة في القانون الدولي) ، بحث منشور في مجلة كلية الحقوق، جامعة النهرين ، العدد ( 15 ) ، المجلد (9) ، 2006 ص 231 .
8- الفقرة (4) من المادة (5) من دستور سويسرا الصادر سنة 1999.
9- الفقرة (4) من المادة (193) من دستور سويسرا الصادر سنة 1999
10- الفقرة (هـ) من المادة (27) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لسنة 2004 .
11- المادة (3) من دستور العراق النافذ لسنة 2005.
12- المادة (8) من دستور العراق النافذ لسنة 2005 .
13- الفقرة (هـ) من البند (اولا) من المادة (9) من دستور العراق النافذ لسنة 2005 .