الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الشفاء بالماء
المؤلف:
السيد حسين نجيب محمد
المصدر:
الشفاء في الغذاء في طب النبي والأئمة (عليهم السلام)
الجزء والصفحة:
ص543ــ552
2025-05-31
35
الماء هو أحد العناصر الأربعة - وهي الماء والنار والهواء والأرض ـ التي هي قوام وجود كل مخلوق على اختلاف نسبة أجزاء التركيب فيه، كما أنَّه العنصر الأساسي في تكوين الأجسام الحية من حيوان ونبات، وهو يدخل في خلايا الأجهزة والعصارات جميع والسوائل والدم وغيرها بدون استثناء.
قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: 30].
وقال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النور: 45].
وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} [الفرقان: 54].
يقول العلم الحديث بأنَّ الماء يكون من (80 – 90 %) من وزن الكائنات الحية المختلفة، كما أنَّ جميع المواد الغذائية اللازمة للأحياء أصلها من النبات وقد اتحدت هذه المواد من اتحاد كيماوي حيوي بين الماء وثاني أكسيد الكربون ويتكوّن من ذرة كربون وذرّتين أوكسجين(1).
أهمية المياه:
إن المياه أكسير الحياة وطاقة البقاء وهي ضرورة كما هو الأوكسجين للإنسان والحيوان والنبات، وفوائدها لا تعد ولا تحصى فهي تنظم عملية هضم المواد الغذائية ودرجة الحرارة في الجسم وتساعد على تنشق الهواء بسهولة وتحمي المفاصل والأنسجة والأعضاء وفقرات الظهر والرقبة من التلف، يمكننا ببساطة الامتناع عن الأكل شهرين لكننا حتماً نموت عطشاً في خلال بضعة أيام.
تتراوح نسبة المياه بين 55 و 75 في المئة من وزن الإنسان وتزيد عن 80٪ من ومن الأجنة و 74 في المئة من وزن الطفل الحديث الولادة.. المياه التي نشربها تصبح جزءاً من أجسامنا وأشكالنا و85 في المئة من زنة أنسجة الدماغ من المياه وإذا تقلصت الكمية يقل مستوى طاقة الإنسان وتظهر أعراض الإحباط والتعب المزمن عليه.
حتى الإرهاق الذي قد نشعر به صباحاً مرده في بعض الحالات إلى تدني نسبة المياه في أجسامنا والثابت طبياً أن معظم الناس لا يشربون ما يكفي من المياه بدليل الحالات المرضية الكثيرة التي يمكن تلافيها بتناول إكسير الحياة. كما إنَّ المياه ضرورية جداً في تنظيم التفاعلات الكيميائية والأنزيمات في الجسم وتؤدي دوراً أساسياً في تخفيف الوزن فهي لا تحوي وحدات حرارية ولا كولسترول ولا صوديوم، وينصح الأطباء الأشخاص البدينين بتناول ليترين من المياه على الأقل يومياً، وتساعد المياه في عملية هضم المأكولات الجامدة وتساعد أيضاً في حالات الإمساك، ويُقال طبياً إنَّ تناول المياه وبعض الألياف كفيل بحل تلك المشكلة وما قد ينتج عنها أحياناً من التهابات في الأمعاء.
إنَّ العطش إشارة إلى فقدان الجسم نسبة من مياهه، ويقل هذا الشعور مع التقدم في العمر لكن الحاجة تزيد لكون الجفاف يزيد نسبة تراكم السموم في الجسم ويضعف العضلات والعظام والمفاصل ويبطئ عملية الهضم ويعطل وظيفة غالبية الأعضاء ويزيد نسبة المياه في مفاصل الجسم كما تعمل الشحوم بها مفاصل السيارة. فتجعلها أكثر ليونة وقابلية لمواجهة خطر احتكاك الفقرات العظمية بما أن المياه تنشط خلايا الدم وتخفف من آلام المفاصل ((الروماتيزم)) وتحد من عوارض الربو إنَّ دأب المريض على الشرب يساعد أيضاً على تنظيم عمل الكليتين.
المرأة الحامل بحاجة إلى تناول المياه أكثر من غيرها ويُقال إنَّ أحد أسباب الإرهاق قد تشعر به الحامل خلال أشهرها الأولى هو حاجة خلايا الجنين إلى المياه التي تدفع له المغذيات في الدم وتساعده على النمو.
ثمة فرق شاسع بين مياه الشرب النقية وأنواع المشروبات الأخرى مثل المرطبات الغازية والعصير الطبيعي والاصطناعي والمشروبات المصنوعة من الكافيين مثلاً تحرك غدد الأدرينالين وتؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم، أما العصير المصنع فيحتوي السكريات التي تتلف البنكرياس والصوديوم يحتوي على الصوديوم وتحوي المشروبات الغازية ((الفوسفور)) الذي يدمر الكالسيوم في العظام، وبذلك تتلف تلك الأنواع المختلفة أعضاء جسم الإنسان عوض تنظيفه وإعادته.
وبقي أن من ليس معتاداً على شرب المواد قد يشعر بداية بصعوبة في الحفاظ عليها ويهرع بالتالي إلى المرحاض إثر تناوله هذا المشروب الشفاف، لكن مثانته ستعتاد تناول هذه المادة مما يسهل عليها مهمة حصر المياه مدة أطول(2).
التداوي بالماء:
يعتبر الماء من الأدوية الطبيعية التي تعالج الأمراض الداخلية والخارجية في جسم الإنسان، كما أنَّها تساهم في صحته العقلية والنفسية.
وجاء الإسلام ليؤكد على أهمية الماء في الشفاء فقد ورد:
عن الإمام الصادق (عليه السلام): ((ولكننا أهل البيت نتداوى بالتفاح والماء البارد))(3).
عن الإمام الرضا (عليه السلام) في الماء البارد: ((إنَّه يطفئ الحرارة، ويسكن الصفراء، ويهضم الطعام، ويذيب الفضلة التي على رأس المعدة، ويذهب بالحمى))(4).
يقول الدكتور لبيب بيضون: ((قرّر القرآن الكريم مبدأ المعالجة بشقيها الداخلي (شرب الدواء) والخارجي (الدهون والغسل) ويظهر ذلك من قوله تعالى لأيوب (عليه السلام) حين ابتلى بمرض جلدي: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42] أي ادفع برجلك الأرض فتنبع لك منها نبعة أولى فاغتسل منها.
ثم تنبع لك نبعة أخرى فاشرب منها تبرأ بإذن الله تعالى، وبذلك تم شفاء أيوب (عليه السلام)(5).
ويقول الدكتور (بلز) في كتابه الطب الطبيعي: ((إنَّ شرب الماء بكثرة يفيد المصابين بأمراض مزمنة، وأنَّ الإنسان لو شرب كل نصف ساعة أو ربع ساعة جرعة من الماء فهذا الأمر يساعد على شفاء التهابات المعدة والأمعاء)).
وأما الطب الحديث فقد صار يعتمد مؤخّراً على الماء وذلك بعد أن أدرك أهميته في شفاء الأمراض العديدة، وقبل عصرنا الحاضر بقليل أدخل ثلاثة أطباء إلى الطب نظرية ((مياه الأب نياب الشافية)) وهي نهج للشفاء اكتشفه كاهن ألماني كاثيوليكي كي يُعطي إلى الفقراء بدون ثمن، وطريقته ترتكز على استعمال الماء لأجل الاستحمام وتورد البشرة، وللرش وسواه تارة حاراً وطوراً بارداً، وقد برهن الأب «نياب» فعالية اكتشافه بتمكينه من شفاء جميع الآلام تقريباً، ووجد أن استخدام الماء الساخن أو البارد على القروح يمكّن الطبيعة من إصلاح هذا الاضطراب بنصف الوقت المطلوب عادة للشفاء ويخبرنا التاريخ بأن الطبيب «تشارمس» من فرنسا كان له علاج واحد لمداواة الأمراض وهو الحمام البارد وكان يُعطي مبالغ خيالية لتشخيص الأمراض(6).
بالرغم مِمَّا سبق فإنَّ العلاج بالماء لم يصبح وسيلة معترفاً بها من ضمن طرق العلاج الطبيعي إلا عندما أصدر (السيرجون فلوير) في عام 1697م في إنجلترا كتاباً عن الحمامات الباردة ناصحاً المرضى أن يلتفوا في ملاءة مبللة بالماء ويغطوا أجسامهم بالبطاطين حَتَّى يتصبب العرق من أجسادهم، وبعد ذلك يأخذون حماماً بارداً، وهذه هي نفس الطريقة التي أوصى بها المزارع الألماني (برميستز عام 1799 - 1851م) الذي يعتبر من أشهر دعاة العلاج المائي في ذلك الوقت وكان قد عالج نفسه وهو في سن السابعة عشر من حالة مرضية زعم فيها الأطباء أنها ميئوس منها، وبعد ذلك عالج نفسه من عدّة إصابات، ومن بينها كسر مضاعف في الضلوع باستخدام مكمدات الماء البارد. وقد أرسلت إليه فرنسا مندوباً من الجيش ليتعلم طريقته في العلاج المائي التي عمّمت بعد ذلك في القوات المسلحة الفرنسية في مستهل القرن التاسع عشر، وكانت أول دولة تفعل ذلك ثم تبعتها دول أخرى. ويدّعي البعض أن الفضل الأول في وضع الأسس العلمية للعلاج المائي يرجع إلى الطبيب النمساوي فنتز، وقد تابع أعماله كثيرون، ولكن لم يصل أحد منهم إلى نتائج تعادل ما ادعى من الوصول إليها.
والسر في إمكانية علاج الأمراض بالماء أنَّ الله تعالى أودع فيه خصائص عديدة تعيد الاستقرار لجسد الإنسان، كما أنَّ جسد الإنسان من الماء فهو يعالج بالماء.
ثم أنَّه من ناحية العلاج للأمراض الداخلية فهو يقوم بتنظيف الجهاز الهضمي والمعي والأمعاء وقد تقدم أنه إذا صلح الجهاز الهضمي صلح الجسد كله.
وأما من الناحية الخارجية فإنَّه يقوم بتحريك الدم وإعادة جريانه بالشكل الطبيعي وبالتالي يصلح الجسد كُلّه، كما أنه يقوم بإيصال الدم إلى العضو المُصاب بالمرض وهذا ما نراه واضحاً في الكمادات المائية.
الأمراض التي تُعالج بالماء:
يستعمل الماء لعلاج الأمراض الداخلية والخارجية في جسم الإنسان فهو:
1- يزيل السمنة خصوصاً لمن يشرب الماء على الريق.
2- يمنع تكوين الحصوة أو زيادة حجمها وذلك لأن شرب الماء بكثرة يقلل من تركيز الأملاح في البول ويقلل بالتالي من احتمال تكوين الحصوة.
3ـ يطرد البلغم.
4- يلين الجلد فإنَّ نقص الماء يؤدي إلى جفاف الجلد وزيادته تؤدي إلى تليينه ونضارته.
5- يقوي الشعر والأظافر.
6ـ يزيل التعب ـ سواء بشرب كوب من الماء أو بالاستحمام – ويبعث على النشاط والحيوية.
7- يرفع وجع الرأس.
جاء خراساني إلى الصَّادق (عليه السلام) وقال له: يابن رسول الله ما زلت شاكياً منذ خرجت من منزلي من وجع الرأس. فقال له: ((قم من ساعتك هذه فادخل الحمام، فلا تبتدئنَّ بشيء حَتَّى تصبُّ على رأسك سبعة أكف ماء حاراً، وسمّ الله تعالى في كل مرة، فإنَّك لا تشتكي بعد ذاك إن شاء الله تعالى(7).
عن الصادق (عليه السلام): ((اغسلوا أرجلكم بعد خروجكم من الحمام (لعَلَّه يقصد بالماء البارد) فإنَّه يذهب بالشقيقة ...))(8).
8- يعالج الحمى.
طرق العلاج بالماء:
1- شرب الماء وخصوصاً ماء المطر وماء زمزم.
2- النظر إلى الماء فإنه يقوي البصر.
3- التدليك.
عن الإمام الصَّادق (عليه السلام): ((إني ربَّما أمرت بالنقي فيلت بالزيت فأتدلك به))(9).
4- الكمادات بالماء البارد أو الساخن.
بأن توضع على الجزء المجاور للعضو المريض، فهي تجلب الدم من باطن الجسم إلى المكان الدافئ وكمادات الماء البارد تلطف الاحتقان كما في الالتهابات.
5- حمامات القدم الساخنة في أحوال البرد والزكام والإجهاد وضعف الدورة الدموية ويضاف إليها بذر الكتان.
6- الموجات المائية.
تعالج بعض أمراض الجهاز الهضمي وتيبس العضلات وترهل البطن، والسُمنة المفرطة، بالموجات المائية، وذلك بأن ينام المريض في حوض من الماء (بانيو) ويمسك المعالج بقطعة مربعة من الخشب منشورة على شكل هلال من الداخل ومفرغة بحيث تأخذ شكل دوران الجسم وتكسى بالقماش، ويحركها المعالج بقوة داخل الماء فوق الأماكن المراد علاجها فيحدث تموجات شديدة تؤثر على العضلات والأحشاء الداخلية بحركة تحاكي شكل الموجة فتنشط العضلات المريضة، وتحرك الأحشاء الداخلية فتوقظها وتنشطها وتساعد على جريان الدماء في هذه المناطق وزيادة حيويتها ونشاطها.
ويمكنك أنت أن تفعل ذلك بنفسك في أثناء استحمامك على البحر أو النهر أو في أثناء حمامك بالبانيو، وذلك بأن تمد يدك مفرودة الأصابع ومنضمة إلى جوار جسمك بحيث لا تلتصق به وتكون عمودية على الجسم وتحركها أمام بطنك بقوة، أو خلف ظهرك أمام عضلات الأليتين حسب حاجتك، فتحدث ذبذبات قوية وحركة تموجية تحرك معها العضلات بعمق يصل إلى الأحشاء الداخلية، أو العظم وستشعر بالحركة في عضلاتك، وسوف تحس أنك انتعشت وعضلاتك قد استرخت ونشطت وتجدّدت خلاياها واكتسبت حيوية جديدة.
7- الحمّام.
وهو أحد الأدوية التي ورد ذكرها عن الإمام الباقر (عليه السلام) فعنه (عليه السلام): ((خير ما تداويتم به الحقنة والسعوط، والحجامة، والحمام))(10).
وقد استفاضت الأخبار في مدح الحمّام ففي الحديث: ((نعم البيت الحمّام يذكر بالنّار ويذهب بالدرن والأذى)).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((إنَّه دواء البلغم))(11).
وللحصول على فوائد الحمام لا بد من أمور:
1- الاستمتاع بالحمّام فإنَّه لا يقتصر على نزع الأوساخ من الجسد فقط بل لا بُدّ من نزع الانفعالات والمشاكل النفسية.
2- استخدام الحمّام الساخن في الشتاء والبارد في الصيف.
3- تدليك الجسم قبل الاستحمام ومعه.
4- استرخ بعد الفراغ من الحمّام فإنه يزيد الدورة الدموية نشاطاً.
__________________________
(1) تفكّر: ص 85.
(2) مجلة (الطب البديل) عدد 7.
(3) طب المعصومين (عليهم السلام): ص 367.
(4) المصدر نفسه: ص 368.
(5) المصدر نفسه: ص 168.
(6) العلاج بعشب القمح: ص 114.
(7) طب المعصومين (عليهم السلام): ص 262 - 263.
(8) المصدر نفسه: ص 251.
(9) الموسوعة الفقهية: باب الإسراف.
(10) طب الأئمة (عليهم السلام): ص 134.
(11) مرآة الكمال: ج2، ص 8.