قصة ايمان مدينة انطاكية قوله {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ}
المؤلف:
الفيض الكاشاني
المصدر:
تفسير الصافي
الجزء والصفحة:
ج4، 247 -250
2025-09-29
310
قال تعالى: { إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} [يس: 14]
{ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا} فقوينا {بِثَالِثٍ } هو شمعون {فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ}.
القمي عن الباقر (عليه السلام) انه سئل عن تفسير هذه الآية فقال بعث الله رجلين الى اهل مدينة انطاكية فجاءاهم بما لا يعرفون فغلظوا عليهما فأخذوهما وحبسوهما في بيت الاصنام فبعث الله الثالث فدخل المدينة فقال ارشدوني الى باب الملك قال فلما وقف على الباب قال انا رجل كنت اتعبد في فلاة من الارض وقد احببت ان اعبد اله الملك فأبلغوا كلامه الملك فقال ادخلوه الى بيت الآلهة فأدخلوه فمكث سنة مع صاحبه فقال لهما بهذا ينقل قوم من دين الى دين بالخرق افلا رفقتما ثم قال لهما الا تقران بمعرفتي ثم ادخل على الملك فقال له الملك بلغني انك كنت تعبد الهي فلم ازل وانت اخي فسلني حاجتك فقال ما لي من حاجة ايها الملك ولكن رأيت رجلين في بيت الآلهة فما حالهما قال الملك هذان رجلان أتياني ببطلان ديني ويدعواني الى إله سماوي فقال ايها الملك فمناظرة جميلة فان يكن الحق لهما اتبعناهما وان يكن الحق لنا دخلا معنا في ديننا وكان لهما ما لنا وعليهما ما علينا قال فبعث الملك اليهما فلما دخلا إليه قال لهما صاحبهما ما الذي جئتماني به قالا جئنا ندعوه الى عبادة الله الذي خلق السماوات والارض ويخلق في الارحام ما يشاء ويصور كيف يشاء وانبت الاشجار والثمار وانزل القطر من السماء قال فقال لهما الهكما هذا الذي تدعوان إليه وإلى عبادته ان جئنا بأعمى أيقدر أن يرده صحيحا قالا ان سألناه أن يفعل فعل ان شاء قال : أيها الملك عليّ بأعمى لم يبصر شيئا قط قال فاتي به فقال لهما ادعوا الهكما ان يرد بصر هذا فقاما وصليا ركعتين فإذا عيناه مفتوحتان وهو ينظر الى السماء فقال ايها الملك عليّ بأعمى آخر فأتي به قال فسجد سجدة ثم رفع رأسه فإذا الاعمي يبصر فقال ايها الملك حجة بحجة عليّ بمقعد فاُتي به فقال لهما مثل ذلك فصلينا ودعوا الله فإذا المقعد قد اطلقت رجلاه وقام يمشي فقال ايها الملك عليّ بمقعد آخر فأتى به فصنع به كما صنع اول مرة فانطلق المقعد فقال ايها الملك قد اتيا بحجتين واتينا بمثلهما ولكن بقي شيء واحد فان كان هما فعلاه دخلت معهما في دينهما ثم قال ايها الملك بلغني انه كان للملك ابن واحد ومات فان احياه الههما دخلت معهما في دينهما فقال له الملك وانا ايضا معك ثم قال لهما قد بقيت هذه الخصلة الواحدة قد مات ابن الملك فادعوا الهلكما ان يحييه قال فخرا ساجدين لله عز وجل وأطالا السجود ثم رفع رؤسهما وقالا للملك ابعث الى قبر ابنك تجده قد قام من قبره ان شاء الله قال فخرج الناس ينظرون فوجدوه قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب قال فاُتي به الملك فعرف انه ابنه فقال ما حالك يا بني قال كنت ميتا فرأيت رجلين بين يدي ربي الساعة ساجدين يسألانه ان يحييني فأحياني قال يا بني تعرفهما إذا رأيتهما قال نعم قال فاخرج الناس جملة الى الصحراء فكان يمر عليه رجل رجل فيقول له ابوه انظر فيقول لا ثم مروا عليه بأحدهما بعد جمع كثير فقال هذا احدهما واشار بيده إليه ثم مروا ايضا بقوم كثيرين حتى رأى صاحبه الآخر فقال وهذا الآخر قال فقال النبي (عليه السلام) صاحب الرجلين اما انا فقد آمنت بالهكما وعلمت ان ما جئتما به هو الحق قال فقال الملك وانا ايضا آمنت بالهكما وآمن اهل مملكته كلهم.
وفي المجمع قال وهب بن منبه بعث عيسى هذين الرسلين الى انطاكية فأتياها ولم يصلا الى ملكها وطالت مدة مقامهما فخرج الملك ذات يوم فكبرا وذكرا الله فغضب وامر بحبسهما وجلد كل واحد منهما مأة جلدة فلما كذب الرسولان وضربا بعث عيسى (عليه السلام) شمعون الصفا رأس الحواريين على اثرهما لينصرهما فدخل شمعون البلدة منكرأ فجعل يعاشر حاشية الملك حتى انسوا به فرفعوا خبره الى الملك فدعاه ورضي عشرته وأنس به واكرمه ثم قال له ذات يوم ايها الملك بلغني انك حبست رجلين في السجن وضربتهما حين دعواك الى غير دينك فهل سمعت قولهما قال الملك حال الغضب بيني وبين ذلك قال فان رأى الملك دعاهما حتى يتطلع ما عندهما فدعاهما الملك فقال لهما شمعون من ارسلكما الى ههنا قالا الله الذي خلق كل شيء لا شريك له قال وما اتاكما قالا ما تتمناه فأمر الملك حتى جاؤوا بغلام مطموس العينين وموضع عينيه كالجبهة فما زالا يدعوان الله حتى انشق موضع البصر فأخذا بندقتين من الطين فوضعاهما في حدقتيه فصارا مقلتين[1] يبصر بهما فتعجب الملك فقال شمعون للملك أرأيت لو سألت الهك حتى يصنع صنيعا مثل هذا فيكون لك ولالهك شرفا فقال الملك ليس لي عنك سر ان إلهنا الذي نعبده لا يضر ولا ينفع ثم قال الملك للرسولين ان قدر إلهكما على احياء ميت آمنا به وبكما قالا إلهنا قادر على كل شيء فقال الملك ان هيهنا ميتا مات منذ سبعة ايام لم ندفنه حتى يرجع ابوه وكان غائبا فجاؤا بالميت وقد تغير وأروح فجعلا يدعوان ربهما علانية وجعل شمعون يدعو ربه سرا فقام الميت وقال لهم اني قد مت منذ سبعة ايام وادخلت في سبعة اودية من النار وانا احذركم ما انتم فيه فآمنوا بالله فتعجب الملك فلما علم شمعون ان قوله اثر في الملك دعاه الى الله فآمن وآمن من اهل مملكته قوم وكفر آخرون وقد روى مثل ذلك العياشي بأسناده عن الثمالي وغيره عن ابي جعفر وابي عبد الله : الا ان في بعض الروايات بعث الله الرسولين الى انطاكية ثم بعث الثالث وفي بعضها ان عيسى (عليه السلام) اوحى الله إليه ان يبعثهما ثم بعث وصيه شمعون ليخلصهما وان الميت الذي احياه الله بدعائهما كان ابن الملك وانه قد خرج من قبره ينفض التراب من رأسه فقال له يا بني ما حالك قال كنت ميتا فرأيت رجلين ساجدين يسألان الله ان يحييني قال يا بني فتعرفهما إذا رأيتهما قال نعم فأخرج الناس الى الصحراء فكان يمر عليه رجل بعد رجل فمر احدهما بعد جمع كثير فقال هذا احدهما ثم مر الاخر فعرفهما واشار بيده اليهما فآمن الملك وأهل مملكته الى هنا كلام صاحب المجمع.
[1] المقلة شمعة العين التي تجمع السواد والبياض.
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في القصص القرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة