الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
لا تتشددوا في الزواج
المؤلف:
الخطيب الشيخ حسين انصاريان
المصدر:
الاُسرة ونظامها في الإسلام
الجزء والصفحة:
ص 22 ــ 26
2025-10-06
95
ان حاجة الرجل للمرأة وحاجة المرأة للرجل لا سيما أوان تفتح براعم الغرائز والشهوة، واشتدادها وتصاعد قوتها حين الحاجة إلى الزواج، هي من الأمور الطبيعية والانسانية المهمة ولا يمكن لأي انسان انكارها.
فالآمال والرغبات والتطلعات المشروعة الكامنة في نفوس الشباب ذكوراً كانوا أم اناثاً ازاء المستقبل وفي مقدمتها بناء الحياة الزوجية، هي من الحقائق الواضحة للجميع كوضوح الشمس في رابعة النهار لا سيّما الوالدين ممن لديهم ابناء وبنات في سن الزواج.
والأهم من ذلك كله، ان السبيل الامثل والمنهج الأسمى للحد من الموبقات، وأقوى تدبير لصيانة المجتمع من الانحدار في مستنقع الفحشاء والمنكرات هو تزويج الابناء والبنات في الوقت المناسب لحاجتهم إلى ذلك، وهذه حقيقة لا يتوقع انكارها الا من قبل الحمقى والجهلة وفاقدي الشعور.
بناءً على ذلك فإن المسؤولية تقع في بداية الأمر على الوالدين والأقربين ومن لهم دور في مسألة زواج أبناء الأسرة وبناتها، وذلك يتمثل في تيسير مقدمات هذه السنّة الالهية وتوفير الارضية الملائمة للزواج بأيسر السبل وأحسن الطرق، ومن ثم يأتي دور الابناء والبنات ممن توفرت لديهم الرغبة في الزواج، إذ يتعين عليهم تجنب الطموحات غير المبررة وفرض الشروط المرهقة. كي تأخذ الرغبات والغرائز والطموحات طريقها الطبيعي بيسر وسهولة، ويوضع حجر الاساس للحياة السعيدة، ويُشيد البناء الذي يرتجى منه خير الدنيا والآخرة.
مما لا شك فيه واستناداً للآيات القرآنية والروايات والاخبار أن الله سبحانه سيتسامح مع الذين يتسامحون في شؤون الحياة لا سيما قضية زواج ابنائهم وبناتهم، وييسر أمورهم في الدنيا والآخرة وبالذات عند الحساب وتطاير الكتب والميزان في عرصات يوم المحشر، وأن الغضب الالهي في الدنيا والآخرة وسوء الحساب و عذاب جهنم سيحيق بالمتزمتين والمعرقلين لهذا الأمر ويتسببون في ان يئن ابناؤهم وبناتهم تحت وطأة الغرائز والشهوات، ويبتلون بالأمراض العصبية والنفسية، وتسوء اخلاقهم ويتلوثون بالمعاصي والموبقات، ومن ثم تذهب امالهم وطموحاتهم ادراج الرياح.
ان التدقيق الزائد في مسألة الزواج يجر الانسان إلى التشدد دون علم منه، فالتزاوج بين اثنين في النظام الكوني يجري بسهولة بالغة، فلو كان التزاوج في عالم الحيوان صعباً وعسيراً لفقد النظام القائم حالياً رونقه وصورته المشرقة.
فيا أيها الآباء والامهات، وأيها الابناء والبنات! لا تتشددوا في تمهيد مقدمات هذه السنة الالهية، من قبيل فرض المهر واقامة المراسيم واجراء احتفال عقد القرآن والزفاف والتمسك بالعادات والتقاليد، ولا تفرضوا ما هو خارج عن طاقة أسرتي العريسين كي يجري الزواج بسهولة ويمن عليكم الباري تعالى بتيسير أموركم في الدنيا والآخرة.
تعالوا واقتدوا بمنهاج اهل التقى، وخذوا من منابع الخير والبركة تلك درساً وعبرة وشيّدوا حياتكم على أساس سيرة أولئك الأولياء، إذ أن السعادة والهناء وبلوغ خير الدنيا والآخرة، والحصول على الشرف والكرامة، كل ذلك انما يتأتى في ظل الاستلهام من أولئك الذين عشقوا الجمال الازلي، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) واصفاً المتقين: (أنفسهم عفيفة، وحاجاتهم خفيفة، وخيراتهم مأمولة، وشرورهم مأمونة) (1).
على اية حال، الحري بالقائمين على أمر الزواج أن يتجنبوا الطموحات غير المبررة وفرض الشروط المرهقة، واتباع الهوى والميول النفسية، والتمسك بالتقاليد والاعراف الخاطئة، وتقليد الآخرين والتشدد في شؤون الزواج. وعليهم اقامة بناء الزوجية منذ الوهلة الأولى على أساس التقوى والخير والصلاح وتيسير الأمور وأن يجعلوا غايتهم نيل رضى الباري تعالى.
بعد أن تنتهي مراسيم الزفاف يتعين على الزوج مواصلة الحياة الزوجية مع المرأة التي سبق أن التقى بها اثناء الخطبة ورضيها زوجة له وابرم معها عقد النكاح، وان يعمل على ضمان استمرار المودة والرحمة الالهية القائمة بينهما، ويتوجب على الزوجة أن تفتح امام زوجها - الذي كانت قد التقته قبل اجراء عقد الزواج - ابواب الرأفة والتسامح وان ترعى حقوقه على كافة الاصعدة.
ان المحافظة على الشأنية لا تكمن في المهر الباهظ والاحتفالات المكلفة وكثرة المدعوين والتمسك بالتقاليد والاعراف الخاطئة المنافية للمنطق، والتشدد في الشروط، بل تكمن في اختيار الكفو واجراء المراسيم على بساطتها، ومراعاة الاخلاق الاسلامية من قبل كلتا الأسرتين، والمحافظة على الحقوق الالهية والانسانية من قبل الزوجة والزوج ازاء بعضهما البعض، والعمل على استمرار اجود المحبة والمودة من قبل الزوجين بغية استمرار الحياة الزوجية، والنأي بحياتهما عن الفوضى والاضطراب والعوامل التي من شأنها اثارة الامراض العصبية والنفسية.
أن الحياة الزوجية التي عاشها أمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة الزهراء (عليها السلام) تمثل افضل درس في الحياة بالنسبة لكل مسلم ومسلمة، فقد كانت فاطمة (عليها السلام) مصدر الاستقرار لأسرتها لا سيما بالنسبة لزوجها، وراسية لدعائم الحياة في البيت، وكان علي (عليه السلام) مثلاً اعلى للزوج والاب، والمربي الرؤوف لأولاده ومعيناً حريصاً في تسيير شؤون البيت والعائلة، فلم يأبَ يوماً عن انجاز الاعمال اليسيرة في البيت من قبيل التنظيف واعداد الخبر ومد يد العون لأبنائه، ولم يدع زوجته تشقى في انجاز اعمال البيت وتقع جميع شؤون العائلة على كاهل الزهراء (عليها السلام) لوحدها.
ينبغي للزوج والزوجة أن يراعي كل منهما حقوق الآخر وأن يساعد أحدهما الآخر في جميع شؤون الحياة، ولا يتصوروا أن إطلاق صفة الظلم ينحصر فيما فعله فرعون والنمرود وسائر الطغاة على مر التاريخ، بل ان كل عمل يرتكز على الباطل من شأنه حدس مشاعر الآخرين فهو ظلم، وأن الله سبحانه يبغض الظلم والظالمين ولا يرضى بأي نوع من الظلم مهما قل وأيا كان مصدره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- هداية العلم: 651.
الاكثر قراءة في الآباء والأمهات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
