الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
أبو علي القالي
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج2، ص486-490
28-12-2015
4313
هو أبو عليّ اسماعيل بن القاسم بن عيذون بن هارون. . . القالي البغداديّ، ولد في بلدة منازجرد بديار بكر (شمالي العراق) . قال أبو عليّ القالي (معجم الأدباء 7:27،31-32) : «لمّا دخلت بغداد في رفقة من أهل قالي قلا، و هي قرية من قرى منازجرد و ثغر من ثغور المسلمين، و أهلها مرابطون (في وجه الروم دفاعا عن البلاد الإسلامية) ، و كان أهلها يكرمون لذلك. فانتسبت اليها رجاء ان أنتفع بذلك. ثم ثبتت عليّ تلك النسبة.
كان دخول القالي إلى بغداد سنة 303 ه فسمع من أبي القاسم عبد اللّه ابن محمّد البغوي و أبي بكر عبد اللّه بن سليمان السجستاني و قرأ على ابن دريد و أبي بكر السرّاج و نفطويه و أبي اسحاق الزجّاج و أبي الحسن عليّ بن سليمان الأخفش. و قرأ كتاب سيبويه على ابن درستويه. و في أول نزوله في بغداد صعد إلى الموصل و سمع فيها الحديث من أبي يعلى الموصلي ثم عاد إلى بغداد سنة 305 ه، ليستأنف تلقّي العلم على علمائها.
و بعد أن قضى القالي خمسا و عشرين سنة في بغداد أدرك أن لا حظّ له فيها فغادرها سنة 328 ه إلى المغرب و وصل إلى قرطبة في سنة 330 ه، في أيام الخليفة عبد الرحمن الناصر، فنال عند الناصر و عند ابنه و وليّ عهده الأمير أبي العاص الحكم حظوة عظيمة. و يقال ان أبا العاص الحكم هو الذي كتب إلى القالي يستقدمه إلى قرطبة.
و أدرك القالي ستّة أعوام من خلافة الحكم المستنصر، إذ توفّي في قرطبة في ربيع الأول سنة 356 ه(967 م) .
خصائصه الفنّيّة:
كان القالي من أعاظم علماء العربية في اللغة و الشعر واسع المعرفة و الرواية، و خصوصا لنحو البصريين؛ و كتبه على غاية التقييد و الضبط و الإتقان، و كان أكثرها مما أملاه (ألقاه على الذين يسمعون منه) في الأندلس. فمن هذه الكتب: كتاب الأمالي (في الشعر و اللغة في الأكثر) ، كتاب البارع في اللغة على حروف المعجم جمع فيه كتب اللغة في ثلاثة آلاف ورقة (ابن خلّكان 1:130 خمسة آلاف) ، كتاب المقصور و الممدود، كتاب فعلت و أفعلت، كتاب الإبل و نتاجها، كتاب حلى الإنسان و الخيل و شياتها، كتاب تفسير السبع الطوال (شرح المعلّقات) ، كتاب مقاتل الفرسان.
المختار من كلامه:
- من مقدمة كتاب الأمالي:
. . . . إنّي لمّا رأيت العلم أنفس بضاعة أيقنت ان طلبه أفضل تجارة، فاغتربت للرواية و لزمت العلماء للدراية. ثم أعملت نفسي في جمعه و شغلت ذهني بحفظه حتّى حويت خطيره و أحرزت رفيعه و رويت جليله و عرفت دقيقه.... ثم صنته بالكتمان عمّن لا يعرف مقداره و نزّهته عن الإذاعة عند من يجهل مكانه. و جعلت غرضي أن أودعه من يستحقّه.... و أنشره عند من يشرّفه و أقصد به من يعظّمه.... فمكثت دهرا أطلب لإذاعته مكانا، و بقيت مدّة أبتغي له مشرّفا، و أقمت زمانا أرتاد له مشتريا حتّى تواترت الأنباء المتّفقة.... بأن مشرّفه في عصره أفضل من ملك الورى و أكرم من جاد باللّهى (1) . . . . أمير المؤمنين و حافظ المسلمين و قامع المشركين و دامغ المارقين و ابن عمّ خاتم النبيّين محمّد صلّى اللّه عليه و سلّم، عبد الرحمن ابن محمّد (2)، محيي المكارم و مبتني المفاخر. . . . و أنّ معظّمه و مشتريه و جامعه و مقتنيه. . . . ذو الفضل و التمام و العقل و الكمال المعطي قبل السؤال. . . . الحكم وليّ عهد المسلمين و ابن سيّد العالم أمير المؤمنين عبد الرحمن بن محمّد الإمام العادل و الخليفة الفاضل (3) . . . .
فخرجت (4) جائدا بنفسي. . . . أجوب متون القفاز و أخوض لجج البحار. . . مؤمّلا أن أوصل العلق النفيس إلى من يعرفه و أنشر المتاع الخطير (5) ببلد من يعظّمه. . . . فمنّ اللّه جلّ و عزّ بالسلامة. . . . حتّى حللت بعصرة الخوّاف و عصمة المضاف. . . . فناء أمير المؤمنين عبد الرحمن بن محمّد. . . و صحبت الحيا المحسب (6) و الجواد المفضل. . . . الحكم فرأيته-أيّده اللّه- أجلّ الناس بعد أبيه خطرا. . . . فتابعا لديّ النعمة و واترا عليّ الإحسان حتّى أبديت ما كنت له كاتما و نشرت ما كنت له طاويا و بذلت ما كنت به ضنينا و مذلت (7) بما كنت عليه شحيحا.
فأمللت هذا الكتاب من حفظي في الأخمسة بقرطبة، و في المسجد الجامع بالزهراء المباركة (8). و أودعته فنونا من الأخبار و ضروبا من الأشعار و أنواعا من الأمثال و غرائب من اللّغات (9). على أني لم أذكر فيه بابا من اللغة إلا أشبعته، و لا ضربا من الشعر الاّ اخترته، و لا فنّا من الخبر الاّ انتخلته، و لا نوعا من المعاني و المثل إلاّ استجدته (10). ثمّ انّي لم أخله من غريب القرآن (11) و حديث الرسول صلّى اللّه عليه[وآله] و سلّم. على أنّني أوردتّ فيه من الإبدال ما لم يورده أحد، و فسّرت فيه من الإتباع (12) ما لم يفسّره بشر ليكون الكتاب الذي استنبطه إحسان الخليفة جامعا، و الديوان الذي ذكر فيه اسم الإمام كاملا. و أسأل اللّه عصمة من الزّيغ و الأشر (13)، و أعوذ به من العجب و البطر، و أستهديه السبيل الأرشد و الطريق الأقصد(14).
____________________
1) اللهى جمع لهوة (بضم اللام) : العطية أو العطية العظيمة.
2) دامغ-الذي يدمغ: يضرب على الدماغ (يقتل بضربة واحدة) . المارق: الخارج من عصمة الدين. الثائر (و كان عبد الرحمن الناصر قد قضى على ثورة عمر بن حفصون بعد أن دامت خمسين سنة. و كان عمر ابن حفصون يظهر الإسلام و يبطن النصرانية) . عبد الرحمن بن محمد أو عبد الرحمن الناصر أعظم خلفاء الأندلس (300-350 ه) .
3) الحكم الثاني المستنصر بن عبد الرحمن الناصر تولى الخلافة في الأندلس بعد أبيه. و لما ذهب أبو علي القالي إلى الأندلس كان الحكم لا يزال وليا للعهد.
4) خرجت: غادرت بغداد.
5) أجوب: أتجول. متون جمع متن: ظهر. القفار جمع قفر: الصحراء. -يقصد أجول جميع البلاد باحثا. العلق: الشيء الثمين. النفيس: الذي يتنافس الناس في الحصول عليه. المتاع: البضاعة. الخطير: الذي له خطر (قيمة، شرف) .
6) عصرة الخواف: المكان الذي يلجأ اليه الخائفون فينجون. العصمة: المكان الذي يحتمي به الإنسان و يمتنع فيه من عدوه. المضاف: (هنا) الذي أحيط به في الحرب (كثر أعداؤه من كل جانب) . الفناء (بكسر الفاء) : باحة الدار. الحيا: المطر (الجود، الكرم) . المحسب: الذي يسقي فيروي (و يطعم فيشبع) .
7) تابع النعمة عليه: والاها، أنعم عليه مرة بعد مرة. واتر: تابع، أعطى بين الحين و الحين. حتى أبديت (أظهرت) ما كنت له كاتما. . . . : أي «كتاب الأمالي» . مذل الشيء: أفشاه؛ مذل بالشيء: سمح للآخرين باستعماله.
8) أملل: أملى (قرأ على الناس) . الأخمسة: أيام الخميس. الزهراء: مدينة بناها عبد الرحمن الناصر قرب قرطبة (عاصمة الأندلس) .
9) غرائب اللغات: الألفاظ النادرة في اللغة.
10) انتخل الشيء: انتقاه، تخيره. استجاد الشيء: اختاره من أجود الأشياء الحاضرة. لم أخله: لم أجعله خاليا.
11) غريب القرآن: الألفاظ الغريبة (التي يجهلها عامة الناس و بعض خاصتهم) .
12) الابدال اللغوي (ص 449) : استعمال ألفاظ يقوم بعضها (في المعنى مكان بعض) ؛ و هو غير الابدال في النحو. الاتباع: المجيء بألفاظ يؤكد بعضها بعضا (و لو لم يكن لعدد منها معنى) ، نحو حسن بسن، جوعا و ثوعا، الخ (راجع ص 456) .
13) استنبطه: استخرجه (من باطن) الأرض، كان سبب تأليفه و نشره. الإمام: الخليفة. الزيغ: الحيد عن الصواب. الأشر: البطر من العجب (بضم العين) بالنفس أو بما يملك الإنسان.
14) الأقصد: المستقيم، المعتدل.