الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
جميل بُثينة
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج1، ص478-482
29-12-2015
21915
هو ابو عمرو جميل بن معمر من بني عذرة من قضاعة المنتسبين إلى معدّ (من عرب الشّمال) ؛ و لكن أمّه جذاميّة من اليمن. و في عمود نسب جميل، من جهة أبيه، اختلاف حتّى في اسم أبيه نفسه (1).
ولد جميل نحو سنة 40 ه(660 م) في وادي القرى من شمال الحجاز و على مقربة من المدينة و نشأ هناك أيضا. و كان جميل في أول أمره يميل إلى ابنة عمه أم الجسير بنت حبأ، ثم تعلّق بأختها بثينة و تعلّقت به بثينة فخطبها إلى أبيها و لكن أباها ردّه (ديوان 8،188) .
و زاد ولع جميل ببثينة فجعل يقول فيها الشعر و يقصدها في حيّها مرة بعد مرة. فاستعدى أهلها عليه مروان بن الحكم، و كان واليا من قبل معاوية ابن أبي سفيان على المدينة للمرة الثانية (56-57 ه) ، و كان عامله على وادي القرى دجاجة بن ربعي (2). فتوعّد دجاجة بن ربعي جميلا إن هو زار بثينة أو تعرّض لها، فهرب جميل إلى أخواله من بني جذام في اليمن.
و في ذي القعدة من سنة 57(خريف 676 م) عزل مروان عن المدينة، و اتّفق أن انتجع أهل بثينة إلى الشام بأنعامهم، فجاء جميل إلى الشام، ثم عاد إلى وادي القرى.
و تزوّجت بثينة، تزوجها نبيه بن الاسود العذري، و ظلّ جميل يقول فيها الشعر و يزورها. و يبدو أن دجاجة بن ربعي، أو عامر بن ربعي بن دجاجة ظل عاملا لبني أمية على وادي القرى فأهدر دم جميل، فخاف جميل و هجر الحجاز إلى مصر ليمدح واليها عبد العزيز بن مروان (65-86 ه-684- 705 م) . و لم تطل إقامة جميل في مصر فمرض و مات سنة 82 ه(701 م) .
جميل بن معمر شاعر فصيح مقدّم عند النقّاد على جميع معاصريه من شعراء الغزل. و شعره رقيق سهل التراكيب واضح المعاني متأجّج العاطفة. و شعر جميل كله في النسيب سوى قطعتين أو ثلاث إحداها في المدح (ديوان 167) . و ذكر الاصفهاني أن لجميل هجاء في زوج بثينة و قومها (3).
المختار من شعره:
- واعدت بثينة جميلا على اللّقاء فعرف أهلها ذلك و حالوا دون اجتماعهما، فجعلت نساء قومه يقرّ عنه شماتة به، فقال:
أبثين، إنك قد ملكت فأسجحي... و خذي بحظّك من كريم واصل
فلربّ عارضة علينا وصلها... بالجدّ تخلطه بقول الهازل
فأجبتها بالرّفق، بعد تسترٍ... حبّي بثينة (4) عن وصالك شاغلي
لو أن في قلبي كقدر قلامة... فضلا، وصلتك أو أتتك رسائلي (5)
و يقلن إنك قد رضيت بباطل... منها، فهل لك في اعتزال الباطل
و لباطل ممن أحبّ حديثه... أشهى إليّ من البغيض الباذل
ليزلن عنك هواي ثم يصلنني... و إذا هويت فما هواي بزائل
صادت فؤادي، يا بثين، حبالكم... يوم الحجون و أخطأتك حبائلي (6)
منيّتني فلويت ما منّيتني... و جعلت عاجل ما وعدت كآجل (7)
و تثاقلت لمّا رأت كلفي بها... أحبب إليّ بذاك من متثاقل
حاولنني لأبتّ (8) حبل وصالكم... مني، و لست و إن جهدن بفاعل (9)
و يقلن إنك، يا بثين، بخيلة... نفسي فداؤك من ضنين باخل
- وقال جميل بن معمر العذريّ:
فليت رجالا فيك قد نذروا دمي... و همّوا بقتلي، يا بثين، لقوني
إذا ما رأوني طالعا من ثنيّة... يقولون من هذا و قد عرفوني (10)
يقولون لي أهلا و سهلا و مرحبا... و لو ظفروا بي ساعة قتلوني
- أوّل المودّة السباب:
وأوّل ما قاد المودّة بيننا... بوادي بغيض، يا بثين، سباب
وقلنا لها قولا فجاءت بمثله... لكل كلام، يا بثين، جواب
- ولجميل في بثينة قصيدة طويلة مطلعها:
ألا ليت ريعان الشباب جديد... و دهرا تولّى، يا بثين، يعود
- من هذه القصيدة:
ألا ليت شعري، هل أبيتنّ ليلة... بوادي القرى إني إذن لسعيد
و قد تلتقي الأهواء من بعد يأسةٍ ... و قد تطلب الحاجات و هي بعيد
يموت الهوى منّي إذا ما لقيتها... و يحيا إذا فارقتها فيعود
يقولون جاهد، يا جميل، بغزوة... و أيّ جهاد غيرهن أريد (11)
لكلّ حديث بينهنّ بشاشة... و كلّ قتيل بينهنّ شهيد
علقت الهوى منها وليدا، فلم يزل... إلى اليوم ينمو حبّها و يزيد
فما ذكر الخلاّن إلا ذكرتها... و لا البخل إلاّ قلت سوف تجود
- أقلّ الامل:
و إنّي لأرضى من بثينة بالذي... لو ابصره الواشي لقرّت بلابله (12)
بلا و بألاّ أستطيع، و بالمنى... و بالأمل المرجوّ قد خاب آمله (13)
و بالنظرة العجلى، و بالعام تنقضي... أواخره لا نلتقي و أوائله
- وقال جميل يرد على الوشاة والعذّال:
لقد فرح الواشون أن صرمت حبلي... بثينة، أو أبدت لنا جانب البخل
يقولون مهلا يا جميل وانني... لأقسم، ما بي عن بثينة من مهل (14)
أحلما فقبل اليوم كان أوانه... أم اخشى فقبل اليوم أوعدت بالقتل (15)
كلانا بكى، أو كاد يبكي، صبابة... إلى إلفه؛ و استعجلت عبرة قبلي
فلو تركت عقلي معي ما طلبتها... و لكن طلابيها لما فات من عقلي
فيا ويح نفسي، حسب نفسي الذي بها... و يا ويح أهلي ما أصيب به أهلي
أجدّي، لا ألقى بثينة مرة... من الدهر إلا خائفا أو على رحل (16)
خليليّ، فيما عشتما، هل رأيتما... قتيلا بكى من حبّ قاتله قبلي
________________________
1) غ 8:90،91. و جميل بن معمر العذري أو جميل بثينة هذا غير جميل بن معمر الجمحي (الكامل 257) .
2) غ 8:108-109؛ و قيل عامر بن ربعي بن دجاجة (غ 8:122-124) .
3) غ 8:122-123. ان الهجاء الذي في ديوان جميل نزر يسير جدا، ثم هو غير الهجاء القبلي الذي كان مألوفا في ذلك العصر. و كذلك الهجاء الشخصي القليل لم يكن مقصودا لذاته. -راجع أيضا «ديوان جميل (جمع و تحقيق و شرح حسين نصار) ، القاهرة (مكتبة مصر) بلا تاريخ، مقدمة الجامع (ص 12) .
4) «قد ملكت فاسجح» مثل معناه: قدرت علي فعاملني بالإحسان.
5) حبي لبثينة.
6) القلامة: ما يقص من الظفر. -لو بقي في قلبي مكان صغير جدا (كقلامة الظفر) لم يملأه حب بثينة لأجبتك (أيتها العارضة علي حبها) إلى ما تريدين.
7) يوم الحجون: يوم اجتمعنا في الحجون، استطعت أنت أن تأسري قلبي بشباك حبك و عجزت أنا عن أن أجعلك تحبينني.
8) لوى الدين أو الوعد: ماطل فيه، أجله، أنكره.
9) حاولنني: جربن أن يقنعنني. بت: قطع.
10) الثنية: الطريق في الجبل. المقصود (هنا) : إذا رأوني ظهرت من مكان ما.
11) اذهب في غزوة من الغزوات للجهاد (لعلك تنسى حبها) . و أي جهاد غيرهن أريد: و أي جهاد أستطيعه غير الذي أنا فيه.
12) بالمعاملة السيئة التي إذا أبصرها عدوي فرح بما نالني منها.
13) بزجري بكلمة «لا» ، و بصدي بجملة: «لا أستطيع» ....
14) مهلا: كفى اندفاعا، فكر في أمرك. ما بي من مهل: ما بي أو ما لي صبر، لا أطيق الانتظار.
15) الحلم: التعقل.
16) إلا على رحل: إلا أنا على سفر (لا أجد وقتا كافيا أتمتع فيه بلقائها) .