1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : علوم القرآن : التفسير والمفسرون : مناهج التفسير : منهج التفسير الإجتهادي :

التبيان في تفسير القرآن لابي جعفر الطوسي : تفسير اجتهادي

المؤلف:  محمد هادي معرفة

المصدر:  التفسير والمفسرون في ثوبه القشيب

الجزء والصفحة:  ج2 ، ص849-856.

15-10-2014

2893

هـو الـشيخ ابو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ، نسبة الى (طوس ) من بلاد خراسان ، الاهلة بالعلم والثقافة والعمران ، ولاتزال معهداً للدراسات الاسلامية ، حيث مثوى الامام علي بن موسى الرضا(عليه السلام ) ، وتعد اليوم من اكبر مدن ايران الاسلامية المزدهرة .
وشيخنا العلامة الطوسي ، يُعد علماء من اعلام الطائفة وشيخها المقدم وإمامها الأسبق ، سباق العلوم والـمـعارف الاسلامية ، والقدوة العليا لمن كتب وألف في شتى شؤون العلوم الاسلامية ، من فقه وتفسير وكلام ، فضلاً عن الاصول والرجال والحديث .
ولقب بشيخ الطائفة ، لأنه زعيمها وقائدها وسائقها ومعلمها الاول في مختلف العلوم . ولـد بـطـوس فـي شـهر رمضان سنة (385هـ) . وهاجر الى بغداد سنة (408هـ) ايام زعامة عميد الـطـائفـة مـحـمد بن محمد بن النعمان المشتهر بالشيخ المفيد . فلازمه ملازمة الظل ، وعكف على الاسـتـفادة منه ، وأدرك ابن الغضائري وشارك النجاشي . وبعد وفاة شيخه المفيد سنة (413هـ) وانتقال الزعامة الى علم الهدى السيد المرتضى ، انحاز الشيخ اليه ولازم الحضور تحت منبره ، وعنى بـه المرتضى وبالغ في توجيهه وتلقينه وبقي ملازماً له طيلة (23) سنة ، حتى توفي السيد سنة (436هـ) فـاستقل شيخ الطائفة بأعباء الامامة ، وظهوره على منصة الزعامة ، وأصبح علماً من أعلام الشيعة ومناراً للشريعة ، وكانت داره في الكرخ مأوى الأمة ومقصد الوُفّاد ، يأتونه من كل صوب ومـكان . وتَصدّر كرسي الكلام في بغداد ، بطلب من الخليفة القادر باللّه العباسي ، حيث لم يكن في بغداد يومذاك من يفوقه قدراً او يفضل عليه علماً ومعرفة ، بمباني الشريعة وأصول الكلام فيها.

ولم يزل شيخنا المعظم امام عصره وعزيز مصره ، حتى ثارت القلاقل وحدثت الفتن في بغداد ، واتسع ذلك على عهد طغرل بيك اول ملوك السلاجقة ، فإنه ورد بغداد وكان أول ما فعل أن شن الاغارة عـلـى الـكـرخ ، واحرق مكتبة الشيعة هناك ، و التي أنشأها ابو نصر سابور بن أردشير ، وزير بهاء الـدولـة البويهي . وكان قد جمع فيها من كتب فارس والعراق ، واستجلب من بلاد الهند والصين والـروم .  فـكـانت مكتبة ضخمة ثرية ، ربما تنوف كتبها على عشرات الالوف ، واكثرها نسخ الأصل بخطوط المؤلفين .

ومن ثم اضطر شيخنا ابو جعفر الى الهجرة الى النجف الاشرف سنة (449هـ) ، واستفرغ للعكوف عـلى التأليف والتصنيف ، و فيها خرجت أمهات كتبه وتآليفه ، امثال : المبسوط ، والخلاف ، والنهاية فـي الـفـقه ، والتبيان في التفسير ، والتهذيب ، والاستبصار في الحديث ، والاقتصاد ، والتمهيد في الكلام ، وسائر كتبه الرجالية وغيرها.

فـيـا لـه من منبع علم ومدخر فضيلة ، ازدهر به العالم الاسلامي ، نوراً وعلماً وحياة نابضة ، فقد بارك اللّه فيه وفي عمره (385 ـ 460) = 75.

التعريف بهذا التفسير

هو تفسير حافل جامع ، وشامل لمختلف ابعاد الكلام حول القرآن ، لغة وادباً ، قراءة ونحواً ، تفسيراً وتأويلاً ، فقهاً وكلاماً ... بحيث لم يترك جانبا من جوانب هذا الكلام الالهي الخالد ، الا وبحث عنه بحثاً وافياً ، في وجازة وايفاء بيان .

يـبـدو مـن إرجاعات الشيخ في تفسيره الى كتبه الفقهية والاصولية والكلامية ، انه كتب التفسير متأخراً عن سائر كتبه في سائر العلوم ، ومن ثم فان هذا الكتاب يُحظى بقوة ومتانة وقدرة علمية فائقة ، شأن اي كتاب جاء تأليفه في سنين عالية من حياة المؤلف .
وبحق فإن هذا التفسير حاز قصب السبق من بين سائر التفاسير التي كانت دارجة لحد ذاك الوقت ، والتي كانت أكثرها مختصرات ، تعالج جانباً من التفسير دون جميع جوانبه ، مما اوجب ان يكون هذا التفسير جامعاً لكل ما ذكره المفسرون من قبل ، وحاوياً لجميع ما بحثه السابقون عليه .

قـال الشيخ في مقدمة تفسيره : فان الذي حملني على الشروع في عمل هذا الكتاب ، اني لم اجد احداً مـن اصـحـابنا قديماً وحديثاً من عمل كتاباً يحتوي على تفسير جميع القرآن ، ويشتمل على فنون معانيه ، وانما سلك جماعة منهم في جمع ما رواه ونقله وانتهى اليه في الكتب المروية في الحديث ، ولـم يتعرض احد منهم لاستيفاء ذلك وتفسير ما يحتاج اليه ، فوجدت من شرع في تفسير القرآن من علماء الامة ، بين مطيل في جميع معانيه ، واستيعاب ما قيل فيه من فنونه ـ كالطبري وغيره ـ وبين مقصر اقتصر على ذكر غريبه ، ومعاني الفاظه . وسلك الباقون المتوسطون في ذلك مسلك ما قويت فـيـه مُنّتهم (1)  ، وتركوا ما لا معرفة لهم به قال : وانا ان شاء اللّه تعالى اشرع في ذلك على وجـه الايـجاز والاختصار لكل فن من فنونه ، ولا أطيل فيملّه الناظر فيه ، ولا أختصر اختصاراً يقصر فهمه عن معانيه .
فـهـو تفسير وسط جامع شامل ، حاوياً لمحاسن من تقدمه ، تاركاً فضول الكلام فيه مما يمل قارئيه ، فجا في احسن ترتيب واجمل تأليف ، فللّه دره وعليه اجره .

منهجه في التفسير

امـا الـمـنـهج الذي سلكه في تفسير القرآن ، فهو المنهج الصحيح الذي مشى عليه اكثر المفسرين الـمـتقنين ، فيبدأ بذكر مقدمات تمهيدية ، تقع نافعة في معرفة اساليب القرآن ، ومناهج بيانه وسائر شـؤونـه ، مـمـا يرتبط بالتفسير والتأويل ، والمحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، ومعرفة وجـوه اعـجـاز الـقرآن ، واحكام تلاوته وقراته ، وانه نزل بحرف واحد ، والكلام عن الحديث الـمعروف : نزل القرآن على سبعة احرف والتعرض لأسامي القرآن وأسامي سوره وآياته ، وما الى ذلك .

امـا صـلـب التفسير ، فيبدأ بذكر الآية ، ويتعرض لغريب لغتها ، واختلاف القراءة فيها ، ثم التعرض لـمـختلف الأقوال والآراء وينتهي الى تفسير الآية تفسيراً معنوياً في غاية الوجازة والإيفاء . وهكذا يـذكـر أسـباب النزول ، والمسائل الكلامية المستفادة من ظاهر الآية ، حسب إمكان اللغة والادب الـرفيع ، كما يتعرض للمسائل الخلافية في الفقه والاحكام ، ومسائل الاعتقاد ونحوها . كل ذلك مع عف اللسان وحسن الادب في التعبير.

ومـمـا يـجـدر الـتنبه له ، ان هذا التفسير يتعرض لمسائل علم الكلام ، في صبغة ادبية رفيعة ، ولا يـترك موضعاً من الآيات الكريمة التي جاءت فيها الاشارة الى جانب من مسائل العقيدة ، الا وتعرض لها ، واكثر في تفصيل وبسط كلام . وهذا من اختصاص هذا التفسير.
يـقـول المؤلف في المقدمة : وسمعت جماعة من اصحابنا قديماً وحديثاً يرغبون في كتاب مقتصد ، يـجتمع على جميع فنون علم القرآن : من القراءة ، والمعاني ، والاعراب ، والكلام على المتشابه ، والجواب عن مطاعن الملحدين فيه ، وأنواع المبطلين ، كالمجبرة والمشبهة والمجسمة وغيرهم ، وذكـر مـا يـخـتـص أصحابنا به من الاستدلال بمواضع كثيرة منه ، على صحة مذهبهم في اصول الـديـانـات وفروعها . وانا ان شاء اللّه تعالى اشرع في ذلك على وجه الايجاز والاختصار لكل فن من فنونه ، ولا اطيل ، فيمله الناظر فيه ، ولا اختصر اختصارا يقصر فهمه عن معانيه .

ولنذكر امثلة على ذلك :

مـثـلا عـنـد تفسير قوله تعالى : {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55] يقول :

واعـلـم ان هـذه الآية من الادلة الواضحة على امامة امير المؤمنين (عليه السلام)  بعد النبي بلا فصل وجه الدلالة فيها انه قد ثبت ان الولي في الآية بمعنى الأوْلى والأحق ، وثبت ايضا ان المعنى بقوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) امير المؤمنين فاذا ثبت هذان الاصلان ، دل على امامته .
ثـم اخـذ في بيان كون المراد من (الولي ) في الآية هو الاولى بالأمر ، لانه المتبادر من اللفظ . واستشهد بقول العرب ، وبآيات واشعار ، وشواهد اخر . واخذ في بيان دلالة (إِنَّمَا) على الحصر ، كما اثبت من رواية اكثر المفسرين على نزولها في علي (عليه السلام) (2) .

وعـنـد قـولـه تـعـالى : {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] يـروي عـن الامام ابي جعفر(عليه السلام)  : انهم الائمة المعصومون ، وقيل : هم امراء الـسـرايا والولاة ، وقيل : هم أهل العلم والفقه الملازمين للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) . قال الجبائي : هذا لا يجوز ، لان (أُولِي الْأَمْرِ) ، مـن لهم الامر على الناس بولاية قال الشيخ : والأول اقوى ، لانه تعالى بين انهم متى ردوه الى اولي العلم علموه ، والرد الى من ليس بمعصوم ، لا يوجب العلم ، لجواز الخطأ عليه بلا خلاف ، سواء اكانوا امراء السرايا ، او  العلماء (3) .

وعند قوله تعالى : {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40] .

قـال : فـيمن تعود (الهاء) اليه قولان : احدهما : قال الزجاج : انها تعود الى النبي (صلى الله عليه واله وسلم ). والثاني : قـال الـجبائي : تعود الى ابي بكر ، لانه كان الخائف واحتاج الى الامن. قال الشيخ : والاول اصح ، لان جميع الكنايات قبل هذا وبعده راجعة الى النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) فلا يليق ان يتخلل ذلك كله كناية عن غيره .

ثـم قال : وليس في الآية ما يدل على تفضيل ابي بكر ، لان قوله : (ثَانِيَ اثْنَيْنِ) مجرد الاخبار ان الـنبي (صلى الله عليه واله وسلم ) خرج ومعه غيره وكذلك قوله : (إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ) خبر عن كونهما فيه وقوله : (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ) لا مدح فيه ايضا ، لان تسمية الصاحب لا تفيد فضيلة ، الا ترى ان اللّه تعالى قال في صفة المؤمن والكافر : {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ } [الكهف: 37]  ، وقوله : (لَا تَحْزَنْ) ان لم يكن ذما فليس بمدح ، بل هو نهي محض عن الخوف قوله : (إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) ، قيل :ان المراد به النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، ولو اريد به ابو بكر معه لم يكن فيه فضيلة ، لانه يحتمل ان يكون ذلك على وجـه الـتهديد. الى ان يقول : فأين موضع الفضيلة للرجل لولا العناد ثم اضاف : ولم نذكر هذا للطعن على ابي بكر ، بل بيّنا ان الاستدلال بالآية على الفضل غير صحيح (4) .
و فـي مـسـألـة (العدل ) وتحكيم العقل في معرفة الصفات ، نراه يذهب مذهب أهل الاعتدال في الـنـظـر ، فـيؤول الآيات على خلاف ما يراه اهل الظاهر من الصفاتيين ، من الاشاعرة واهل القول بالجبر والتشبيه .

مثلا ، في قوله تعالى : {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] .
يقول : (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ) اي شهد عليها بانها لا تقبل الحق يقول القائل : اراك تختم على كل مـا يـقـول فـلان ، اي تـشـهد به وتصدقه ، وذلك استعارة وقيل : (خَتَمَ) بمعنى طبع فيها أثراً للذنوب ، كالسمة والعلامة ، لتعرفها الملائكة فيتبرأوا منهم ، ولا يوالوهم ، ولا يستغفروا لهم وقيل : المعنى انه ذمهم بانها كالمختوم عليها في انها لا يدخلها الايمان ، ولا يخرج عنها الكفر قال الشاعر :

لقد اسمعت لو ناديت حيا ـــــ ولكن لا حياة لمن تنادي (5) .

ـــــ وعند قوله : {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [البقرة: 18] يقول : والمعنى انهم صم عن الحق لا يـعـرفـونه ، لأنهم كانوا يسمعون بآذانهم وبكم عن الحق لا ينطقون مع ان ألسنتهم صحيحة ، عمي لا يـعـرفـون الـحـق وأعـيـنـهـم صـحـيـحـة ، كـمـا قـال : {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [الأعراف: 198] قـال : وهـذا يـدل على ان قوله : (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ) و{طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا} [النساء: 155] ليس هو على وجه الحيلولة بينهم وبين الايمان ، لأنه وصفهم بالصم والبكم والـعـمى مع صحة حواسهم ، وانما اخبر بذلك عن الفهم الكفر واستثقالهم للحق والايمان ، كأنهم ما سـمـعـوه ولا رأوه ، فـلـذلـك قال : {طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [محمد: 16] و[النحل: 108] و {وَأَضَلَّهُمُ } [طه: 85] و {فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 23] و {جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} [الكهف: 57] و {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5] . وكان ذلك اخباراً عما أحدثوه عند امتحان اللّه اياهم ، وامره لهم بالطاعة والايمان ، لانه ما فعل بهم ما منعهم من الايمان .

وقـد يـقول الرجل : حب المال قد اعمى فلانا وأصمه ، ولا يريد بذلك نفي حاسته ، لكنه اذا شغله عـن الـحـقوق والقيام بما يجب عليه ، قيل : أصمه وأعماه وكما قيل في المثل : حبك الشيء يُعمي ويُصم ، ويريدون ما قلناه . وقال مسكين الدارمي :

اعمى اذا ما جارتي خرجت ـــــ حتى يواري جارتي الخدر.

ويصم عما كان بينهما ـــــ سمعي وما بي غيره وقر.

وقال آخر : أصم عما ساه سميع ، فجمع الوصفين  (6) .

وعند قوله : {كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ} [يونس: 74] يقول : وليس المراد بالطبع ـ في الآية ـ المنع من الايمان ، لان مع المنع من الايمان لا يحسن تكليف الايمان (7) .
________________________

1- المُنة – بضم الميم - : القوة والكلمة من الأضداد .
2- التبيان ، ج3 ، ص559 .
3- التبيان ،ج3 ، ص273 .
4- التبيان ، ج5 ، ص220-223 .
5- التبيان ، ج1 ، ص63-64.
6- التبيان ،ج1 ، ص88-90 .
7- التبيان ، ج5 ، ص412 .

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي