1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية العلمية والفكرية والثقافية :

حق التربية والتثقيف والتعليم

المؤلف:  محمد بن محمود آل عبد الله

المصدر:  دليل الآباء في تربية الأبناء

الجزء والصفحة:  ص141-144

26-1-2016

3083

باعتبار أن الأطفال هم (مجمع الغد تحت الإعداد) فقد أولاهم الإسلام بالغ الرعاية وعظيم الاهتمام ، فاعتبر التربية – والتي يعبر عنها علماء الشريعة (أدب الطفل وتأديب النشء ورياضة الصغار) والذي ينصب على الإعداد السلوكي للطفل ببناء مفاهيمه القيمية على أسس وقواعد الآداب الإسلامية ، وإعداده بالتعليم المطلوب لمواجهة الحياة – اعتبرها الإسلام فرائض واجبة لا يسع الوالدين أو المكلفين برعاية الصغار إهمالها أبدا .

يقول الله تعالى في كتابه الكريم :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}[التحريم: 6] . قال المفسرون في هذه  الآية (علموهم وأدبوهم)(1) وقال (عليه الصلاة والسلام): (ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن)(2) , وقال (عليه السلام) : (من كانت له ابنة فأدبها فأحسن تأديبها  وعلمها فأحسن تعليمها ، وأوسع عليها من نعم الله التي أوسع عليه كانت له سترا من النار) رواه مسلم .

وأما التعليم للصغير فهو من الفرائض الواجبة على الوالدين في دور الحضانة والتأديب  وواجب على الأمة أن تهيئه لجميع الراغبين من المسلمين ، يقول الحق سبحانه مرغبا في طلب العلم :{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر: 9] ، ويقول جل ذكره :{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة: 11]. ويقول رسول الله (صلى الله عليه وآله):(طلب العلم فريضة على كل مسلم)(3).

ويستدل من ذلك على وجوب تأديب الطفل وتعليمه وتثقيفه , وقد عني علماء المسلمين قديما (4) وحديثا بهذا الجانب عناية بالغة , ونورد فيما يلي نموذجا يوضح ذلك من كلام الفقيه (ابن قدامة المقدسي من كتابه : مختصر القاصدين) (5) وذلك كنموذج يوضح مدى العناية , إلى جانب أسلوب التناول الذي يوضح منهج التربية في البيئة الإسلامية .

ـ يقول ابن قدامة :

(اعلم أن الصبي أمانة عند والديه , وقلبه جوهرة ساذجة , وهي قابلة لكل نقش فإن عود الخير نشأ عليه وشاركه أبواه ومؤدبه في ثوابه ، وإن عود الشر نشأ عليه  ، وكان الوزر في عنق وليه ، فينبغي أن يصونه ويؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق ويحفظه من قرناء السوء , ولا يعوده التنعم , ولا يحبب إليه أسباب الرفاهية فيضيع عمره في طلبها إذا كبر ، بل ينبغي أن يراقبه من أول عمره ، فلا يستعمل في رضاعه وحضانته إلا امرأة صالحة متدينة تأكل الحلال ، فإن اللبن الحاصل من الحرام لا بركة فيه ، فإذا بدت ــ في الولد – مخايل التمييز وأولها الحياء – وذلك علامة النجابة , وهي مبشرة بكمال العقل – فهذا يستعان على تأديبه بحيائه .

وأول ما يغلب (على الطفل) من الصفات شره الطعام ، فينبغي أن يعلم آداب الأكل .. ويقبح عنده كثرة الأكل ، ويشغله في المكتب بتعليم القرآن والحديث ، وأحاديث الأخبار ليغرس في قلبه حب الصالحين ، ولا يحفظ من الأشعار التي فيها ذكر العشق .

ومتى ظهر في الصبي خلق جميل وفعل محمود فينبغي أن يُكرم عليه ، ويجازى بما يفرح به ويمدح بين أظهر الناس ، فإن خالف ذلك في بعض الأحوال تغوفل عنه ولا يكاشفه ، فإن عاد عوتب سرا وخوف من اطلاع الناس عليه , ولا يكثر عليه العتاب ؛ لان ذلك يهون عليه سماع

الملامة ، وليكن حافظا هيبة الكلام معه .

وينبغي أن يمنع من النوم نهارا؛ لأنه يورث الكسل .. ويتعود الخشونة في المفرش والملبس والمطعم ، ويعود المشي والحركة والرياضة لئلا يغلب عليه الكسل , ويمنع أن يفتخر على أقرانه بشيء مما يملكه أبواه أو بمطعمه أو ملبسه ، ويعود التواضع والإكرام لمن يعاشره , و يمنع أن يأخذ شيئا من صبي مثله , ويعلم أن الأخذ دناءة وأن الرفعة في الإعطاء .

ويقبح عنده حب (المال) الذهب والفضة ، ولا يعود أن يبصق في مجلسه ،ولا يتمخط ولا يتثاءب بحضرة غيره ، ولا يضع رجلا على رجل ,ويمنع من كثرة الكلام .

ويعود ألا يتكلم إلا جوابا , ,أن يحسن الاستماع إذا تكلم غيره ممن هو اكبر منه , وأن يقوم لمن هو فوقه ويجلس بين يديه .

ويمنع من فحش الكلام ومن مخالطة من يفعل ذلك , فإن أصل حفظ الصبيان حفظهم من قرناء السوء .

ويحسن أن يفسح له بعد خروجه من المكتب في لعب جميل , ليستريح به من تعب التأديب كما قيل : (روح القلوب تعب الذكر) , وينبغي أن يعلم طاعة والديه ومعلميه وتعظيمهم .

وإن بلغ سبع سنين أمر بالصلاة , ولم يسامح في ترك الطهارة ليتعود ويخوف من الكذب والخيانة , وإذا قارب البلوغ القيت إليه الامور)(6) .

وبعد .. فهذا نموذج من النماذج الفذة التي جمعت بين مدلولات النصوص من الكتاب والسنة  ووقائع من التجارب حيث شكلت جملة من الأساليب والوسائل التربوية للآباء والأمهات والمربين ، وهنا نموذج آخر من نماذج التربية الإسلامية التي حواها كتاب الله الكريم وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) ، من أساليب التربية التي استقصاها الشيخ محمد قطب (7) فبين أن الإسلام يربي إنسانه (بالقدوة الصالحة ، ويربي بالموعظة الحسنة ، ويربي بالعقوبة غير المبرحة، كما يربي بالقصة والعبرة ، ويربي بالعادة والتعويد , ويربي بأسلوب تفريغ الطاقة  ويربي الأحداث والوقائع) .

_____________

1ـ مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة ص 109 ، دار الدعوة 1398هـ دمشق .

2- الفتح الكبير ح 3 ص 126 .

3- رواه ابن ماجه في سننه برقم (224) .

4- مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة , وإحياء علوم الدين للغزالي ، وأدب الدنيا والدين للماوردي .

5- ص 159 وما بعدها .

6- ابن قدامة – المرجع السابق ص 159 ح 161 .

7- راجع كتابه ، منهج التربية الإسلامية جـ 1 ص 180 – 222 .

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي