الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الإجراءات الضرورية بالتعامل مع الانحرافات
المؤلف: د. علي قائمي
المصدر: علم النفس وتربية الايتام
الجزء والصفحة: ص 94-98
19-4-2017
1967
يجب القيام بإجراءات اساسية فيما يتعلق بالتعامل مع الانحرافات والعثرات، أي التعامل مع امور جذرية واساسية، فالتربية عمل دائم ومستمر وتحتاج الى برمجة وتنظيم، وهي في حين انها قصيرة الأمد إلا انها مديدة البقاء، وعادة ما تظهر نتيجة المساعي والجهود التربوية بعد عدة سنوات، وليس الآن، ولذلك علينا الأخذ بعين الاعتبار المستقبل البعيد في برمجتنا اليومية.
ـ أهم الاجراءات التي ينبغي القيام بها، هي كما يلي :
1ـ ترسيخ الاسس الاخلاقية: من العوامل المساعدة في إضعاف البنى السلوكية، والانسياق وراء الانحراف، والتي لا تقل درجة تأثيرها عن درجة تأثير الفقر والظروف المشابهة، هي الاخلاق وانهيار بناها التحتية، فأولئك الذين لا يتمتعون ببناء اخلاقي راسخ، اكثر تعرضاً للانحراف والخطأ من غيرهم، وفي الحقيقة فإن التربية الاخلاقية تعد ركناً اساسياً من واجبات الوالدين والآباء، وحق طبيعي للأطفال من جهة اخرى فالأخلاق تضمن حصول كل عمل وسلوك سوي.
2ـ الاستفادة من الدين: إن قبول الدين بمعنى التدين الحقيقي عملياً والتعود على الشكر والمناجاة وقبول الاحكام والتعاليم الدينية، امر متأصل في نفس الإنسان، وقد خلق الإنسان بطريقة يتقبل بها هذه الامور ويرضى بها، وعادة ما يظهر الإيمان بالله ويوم الحساب في السنوات بين (7-10) من العمر وبشكل نسبي، ويترسخ هذا الإيمان وهذا الاعتقاد مع مرور الزمن بشرط المتابعة الجادة من قبل الاهل.
إن الطفل وبسبب حبه لأبيه يقوم بأعمال معينة، ومع مرور الزمن سيقبل بأن ما يقوم به من اعمال يجب ان تكون محلاً لرضى الله تعالى، وإلا فإنه مسؤول وسيعاقب، فالعقائد الدينية يمكن ان تكون مقوماً جيداً للسلوك، بشرط ان يكون الاعتقاد بذلك راسخاً وتستطيع الام هنا من التقدم بشكل جيد في هذا الطريق.
3ـ تقوية الجرأة: إن السبب الرئيسي في الكثير من الاحيان للانسياق وراء الانحراف والفساد هو توفر الجرأة للوقوف في وجه هذه الزلات ومقاومتها، او ان يكون الخجل قد وصل فيهم الى درجة عدم قدرتهم على رفض دعوات الآخرين المريبة، او عدم امتلاك الجرأة والجسارة الكافية للرد عليهم بالنفي، أو خوفهم من نبذ الآخرين لهم وعدم قبولهم في اوساطهم، إن مثل هؤلاء لا شخصيات لهم ويفتقدون الجرأة الكافية، وقد سلبت قدرتهم على مواجهة الفساد والشر.
فليسعى الاقرباء وخصوصاً الام وفي ظل تقوية معنويات الطفل على إعادته الى حالته الطبيعية ليستطيع الدفاع عن نفسه وشخصيته، وفهم ان رفض طلبات المنحرفين امر لا قيمة له، و ليسعى للحفاظ على شرفه واصالته، وليبتعد عن كل ما هو ملوث ومريب.
4ـ تعريفه بنفسه: يحتاج الطفل بعد استشهاد والده قبل كل شيء للانتباه والالتفات الى مكانته ووضعه وقيمته المعنوية ومنزلة عائلته، ليعرف من هو واين هو؟ ولماذا من واجبه اكثر من غيره ان يكون في مستوى اخلاقي عالٍ؟ ولماذا يجب عليه السعي للحفاظ على مكانته ومكانة عائلته؟...
فالكثير من الانحرافات تنشأ عن جهل الفرد بقيمته ومكانته، وكما قال الإمام الجواد (عليه
السلام) : (من هانت نفسه فلا تأمن شره) فعلينا اذاً بذل قسم من جهودنا ومساعينا لتعريفه بنفسه، وقدره ومكانته.
5ـ ملء اوقات الفراغ: قد تنتج الانحرافات عن البطالة والفراغ، اي نقص الامور التي تشغل الإنسان وتملأ وقته بالمفيد، فيحتار الإنسان كيف يقضي وقته ويملؤه بالأشياء والامور المفيدة، وكيف ينظمه بشكل جيد.
وهذا الامر يعد من واجبات الوالدين، وخصوصاً الام، في ان تقوم بتنظيم وقت الطفل، ولا شك في ان بعض الوقت يُقضى في المدرسة، ولكن علينا إيجاد حل لساعات الفراغ الأخرى التي يقضيها الطفل في البيت، كالقيام بأعمال يدوية، او اللعب مع رفاقه او اصدقائه، والتنزه، والترويح عن النفس، والمشاركة في بعض الفعاليات الاجتماعية الخاصة بالأطفال، والحضور في بعض المجالس المناسبة، كل هذه الامور تملأ اوقات الطفل بشكل جيد، وتحميه من الانحراف والضياع.
6ـ مراقبة العلاقات والصداقات: إن الكثير من الانحرافات تنشأ عن العلاقات والصداقات السيئة التي يبنيها الطفل مع افراد تربوا في عائلات مهملة، وفي ظل تربية غير سليمة، عندما يموت الاب او يستشهد ـ و خصوصاً عندما يكون الطفل في سن التمييز والبلوغ ـ فإن الطفل يشعر بأنه اصبح حراً طليقاً، وبناءً على ذلك ـ فإن الطفل يعتبر نفسه حراً في التردد والخروج والدخول، وبناء الصداقات والعلاقات كما يشاء، فلو واجه افراداً صالحين ومتدينين فلا كلام لنا، ولكن المشكلة تكمن في وجود افراد منحرفين في طريقه يسعون لاعتراض مسير تقدمه وتكامله.
على الامهات الانتباه الى علاقات الطفل وصداقاته، والإشراف على تردده وذهابه وإيابه عن قرب، والعمل على اختيار افراد مناسبين له، والسعي لتهيئة الظروف المناسبة لبناء صداقات قوية، كإرساله الى لبيوتهم او دعوتهم الى البيت و... الخ.
7ـ إزالة العوائق: كما راينا فإن عوائق كثيرة تلعب دوراً في انحراف الطفل وتعثره كتحطم النفسية والشعور بالتفاهة والحقارة، وضعف الاعصاب والشعور بالذنب، والإحساس بالهوان والذل و.. الخ، كل هذه الامور تساعد على التمرد والتخلف والانحراف، وما دامت هذه العوائق قائمة فلا امل بالإصلاح، اي إن المحاولة والسعي في هذا المجال والنجاح في إبعاد الطفل عن الانحراف امر مؤقت ومسكن ليس إلا، بل علينا العمل على إزالة الصدمات الجسمية والنفسية عند الطفل، كي لا يشعر بالنقص والحرمان العاطفي والحسد والفشل، ولكي لا يظن بأن الدنيا عديمة الوفاء وسيئة، بل لجعله يعتبر نفسه مسؤولاً عن الاستفادة من هذه الدنيا في سبيل الحرية والخلاص.
8ـ العطف والإرشاد: إن الناس وبشكل طبيعي يطبقون كلام الآخرين ويعملون به، عندما يدركون بأن المتكلم إنما يقول ذلك عن حسن نية وطيبة قلب، ولا هدف له الا الخير والإصلاح.
هذا الامر يصدق عند الجميع، ويقبله الجميع ايضاً، ومن الطبيعي قبول ذلك عندما يصدر عن الام، فكلهم قد جربوا حنانها وعطفها ومحبتها، وتأكدوا من ذلك بالبرهان والدليل القاطع.