الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
ابن الربيب القيرواني
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج4، ص465-468
7-2-2018
4467
هو أبو عليّ الحسن (1) بن محمد بن الربيب (2) التميميّ القيروانيّ، أصله من تاهرت (3) و مولده نحو سنة ٣٨٠(٩٩٠ م) (4) . نشأ ابن الربيب في القيروان و طلب العلم فيها، و قد عني به محمّد بن جعفر القزّاز القيروانيّ (ت 4١٢) عناية صحيحة فبلغ به نهاية الأدب (التأديب: التعليم) و نهاية علم الخبر (التاريخ) و النسب (أنساب القبائل) . و تولّى ابن الربيب القضاء في تاهرت حينا فصار يعرف بالقاضي التاهرتيّ أيضا.
صحب ابن الربيب بني أبي العرب فنال بهم وجاهة و مكانة: سئل عبد الكريم النهشليّ يوما عن أشعر أهل بلده فقال: أنا ثمّ ابن الربيب. و كانت وفاة ابن الربيب في القيروان، سنة 4٣٠ (5)(1040 م) .
كان ابن الربيب القيروانيّ لغويا نحويا و عارفا بأنساب الناس حتّى اكتسب لقب «النسابة الإفريقيّ» . و كان أيضا أديبا ناثرا و شاعرا مجيدا قويّ الكلام يقول في المدح و الرثاء، و ربّما تكلّف في النظم. ثمّ هو مصنّف له كتاب في النسب.
مختارات من آثاره:
- كتب ابن الربيب التاهرتيّ إلى أبي المغيرة عبد الوهّاب بن حزم رسالة يذكر له فيها فضل أهل الأندلس و اتّساع الثقافة و الحضارة في بلادهم و هم مع ذلك مقصّرون في تخليد آثار علمائهم و في تدوين فضائل بلادهم. قال:
. . . فكّرت في بلادكم إذ كانت قرارة كلّ فضل و منهل (6) كلّ خير و نبل و مصدر كلّ طرفة و مورد كلّ تحفة (7). . . إن بارت تجارة فإليها تجلب، و إن كسدت بضاعة ففيها تنفق، مع كثرة علمائها و وفرة أدبائها و جلالة ملوكها و محبّتهم للعلم و أهله. . .
ثمّ هم مع ذلك في غاية التقصير و نهاية التفريط. . . فعلماؤكم مع استظهارهم على العلوم (8) كلّ امرئ منهم قائم في ظلّه لا يبرح، و راتب (9)على كعبه لا يتزحزح. يخاف إن صنّف أن يعنّف، و إن ألّف أن يخالف و لا يؤالف. لم يتعب أحد منهم نفسا في جمع فضائل أهل بلده، و لم يستعمل خاطره في مفاخر ملوكه، و لا بلّ قلما بمناقب كتّابه و وزرائه، و لا سوّد قرطاسا بمحاسن قضاته و علمائه. على أنّه لو أطلق ما عقل (10) الإغفال من لسانه، و بسط ما قبض الإهمال من بيانه، لوجد للقول مساغا (11) و لم تضق عليه المسالك و لم تخرج به المذاهب و لا اشتبهت عليه المصادر و الموارد (12) . و لكنّ همّ أحدهم أن يطلب شأو (13) من تقدّمه من العلماء ليحوز قصبات السّبق بقدح ابن مقبل بكظم دغفل، و يصير شجا في حلق أبي العميثل (14) . فإذا أدرك بغيته و اخترمته (15) منيّته دفن معه أدبه و علمه، و انقطع خبره. . . و علماء الأمصار احتالوا لبقاء ذكرهم احتيال الأكياس (16) فألّفوا دواوين بقي لهم بها ذكر مجدّد طول الأبد. فإن قلت: إنّه كان مثل ذلك من علمائنا فألّفوا كتبا لكنّها لم تصل إلينا (17) . فهذه دعوى لم يصحبها تحقيق لأنّه ليس بيننا و بينكم غير روحة راكب أو رحلة قارب، لو نفث من بلدكم مصدور (18) لأسمع من ببلدنا في القبور، فضلا عمّن في الدور و القصور.
- و قال من قصيدة يمدح بها محمّد بن أبي العرب:
و لمّا التقى الجمعان و استمطر الأسى... مدامع منّا تمطر (19) الدّمع و الدّما
بدا مأتم للبين غنّى به الهوى... بشجو، و حنّ الشّوق فيه فأرزما (20)
تصدّت فأشجت، ثمّ صدّت فأسلمت... ضميرك للبلوى عقيلة أسلما (21)
- و قال يرثي المنصور بن محمّد بن أبي العرب:
يا قبر، لا تظلم عليه فطالما... جلّى بغرّته دجى الإظلام (22)
أعجب بقبرٍ قيد شبر قد حوى... ليثا و بحر ندى و بدر تمام (23)
- و رثى جماعة قتلوا (في معركة بعد أن قتلوا من خصومهم خمسين) :
و هوّن وجدي أنّهم خمسة مضوا ... و قد أقعصوا خمسين قرما مسوّما (24)
و كان عظيما لو نجوا، غير أنّهم... رأوا حسن ما أبقوا من الذّكر أعظما
________________________
1) أو الحسين (راجع حاشية في نفح الطيب 3:156، من مسالك الأبصار لابن فضل اللّه العمري عن ابن رشيق) .
2) كذا سمّاه حسن حسني عبد الوهّاب (مجمل تاريخ الأدب التونسي، ص 214) و ابن رشيق و ابن فضل اللّه العمري (نفح الطيب 3:156، الحاشية الثانية) . و سمّاه السيوطي (بغية الوعاة ٢٣٠) ابن الزبيب (بالزاي أخت الراء) نقلا عن ياقوت الحموي. و كذلك سماه عادل نويهض (تاريخ أعلام الجزائر 96) .
3) يقول حسن حسني عبد الوهّاب (ص 124) : «هو قيرواني صميم» .
4) معجم أعلام الجزائر 6٩. و قال حسن حسني عبد الوهّاب: كانت وفاته (سنة 4٣٠ ه) و قد جاوز الخمسين.
5) في بغية الوعاة: سنة 4٢٠ ه. و في معجم أعلام الجزائر:340-4٢٠ ه.
6) قرارة: مكان منخفض إذا حلّ به شيء بقي هناك. المنهل: مكان يشرب منه الناس الماء.
7) الطرفة: الشيء المستحدث (الجديد) العجيب. التحفة: الطرفة إذا كانت ثمينة (غالية الثمن) تستحقّ أن يتحف (بالبناء للمجهول) بها الناس (أن تهدى إليهم)
8) استظهارهم: استيلاؤهم، ظفرهم.
9) راتب: ثابت في مكانه لا يتزحزح.
10) عقل: ربط.
11) المساغ: المجرى، الطريق.
12) اشتبه: غمض، خفيت. المصادر و الموارد (سير الأمور: أوائلها و أواخرها، أسبابها و نتائجها) .
13) الشأو: الأمد و الغاية (النقطة التي يحاول أن يصل إليها المتسابقون) .
14) حار قصبات السبق: سبق غيره و تقدّم عليه (كان على السابق أن يصل إلى آخر الشوط و يتناول هنالك قصبة قبل أن يصل إليها غيره) . ابن مقبل: شاعر كان في صدر الإسلام الأوّل. قدح ابن مقبل (النصيب الأكبر، الظفر التامّ) راجع ديوان ابن مقبل بتحقيق عزّة حسن (ص ١٩-٢٠ من المقدّمة) . دغفل بن حنظلة (ت 65 ه) يضرب به المثل في معرفة الأنساب. بكظم دغفل (و بكظم دغفل!) : . . . أبو العميثل هو عبد اللّه بن خليد (ت 240 ه) كان حاضر البديهة سريع الجواب مع الإصابة.
15) اخترمته منيّته (مات باكرا) .
16) الأكياس جمع كيّس: عاقل.
17) لم تصل إلينا (أي لم تصل من الأندلس إلى المغرب) .
18) المصدور: المصاب بالسلّ (و يكون نفثه: تفله، بصاقه ضعيفا) .
19) في إنباه الرواة: (١:٩) : مدامع ما تمطو به الدمع و الدما!
20) المأتم: اجتماع النساء (لمناسبة الموت) . البين: الفراق، البعاد (كان النساء يبكين لفراقي كأنّهنّ كنّ في مأتم) . غنّى به الهوى (التي بكت كانت تحبّني فكان بكاؤها بدافع حبها لي لا بدافع حزنها عليّ) . أرزم: صوّت، رفع الصوت عاليا.
21) تصدّت: تعرضت (ظهرت أمامي، رأيتها) . أشجى: حزن و أحزن. صدّت: أعرضت (لم توافقني على طلب لي) . عقيلة (امرأة كريمة من بني) أسلم.
22) جلّى: كشف. الغرّة: الشعر في مقدّم الرأس (هنا) : الجبهة، الوجه، و الغرّة توصف بالبياض.
23) أعجب (صيغة للتعجّب) : ما أعجب! قبر قيد (بمقدار) شبر: ضيّق.
24) قعصه: طعنه بالرمح طعنا متواليا (قتله) . القرم: السيّد. المسوّم: الذي له علامة (دلالة على شرفه و مكانته في قومه) .