الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
أحمد بن برد الأكبر
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج4، ص365-367
21-2-2018
2452
هو أبو حفص أحمد بن محمّد بن برد من أهل قرطبة. ولد بعيد ٣٣٨ ه (947 م) . كان وزيرا و رئيسا مقدّما في أيام المنصور بن أبي عامر (ت ٣٩٢ ه) و ولديه من بعده عبد الملك و عبد الرحمن. و كانت وفاته سنة 4١٨ ه (١٠٢٧ م) .
كان أحمد بن برد الأكبر كاتبا مترسّلا ذا حظّ وافر من البلاغة و الأدب و شاعرا محسنا مجيدا، متين السبك (في شعره و نثره) بديع الصناعة حلو القول. نظم في الغزل و الوصف، و لكنّ براعته كانت في الوصف.
مختارات من آثاره:
- قال أحمد بن برد الكاتب يصف طلوع الفجر:
تنبّه فقد شقّ النهار مغلّساً... كمائمه عن نوره الخضل الندي (1)
مداهن تبرٍ في أنامل فضّةٍ... على أذرع مخروطة من زبرجد (2)
- و قال يصف ليلة قمراء في جوّها شيء من الضباب الخفيف:
و الجوّ من عبق النسيم معنبرٌ... و النجم قد أغفى بغير نعاسِ (3)
و البدر كالمرآة غيّر صقلها... عبث الغواني فيه بالأنفاس (4)
- من إنشاء ابن برد الأكبر
كان عبد الرحمن بن أبي عامر حاجبا لأمير المؤمنين هشام المؤيّد بن الحكم في ولايته الأولى (366-٣٩٩ ه) و المستبد بأمور دولته. ثمّ طمع في أن يكون رسم الخلافة أيضا له فأجبر هشاما المؤيّد على أن يجعله وليّا للعهد. فاضطرّ هشام إلى القبول. و قد كتب ابن برد الأكبر هذه الوثيقة في ربيع الأول من سنة ٣٩٨(أواخر ١٠٠٧ م) :
هذا ما عهد به هشام المؤيّد باللّه أمير المؤمنين إلى الناس عامّة، و عاهد اللّه عليه من نفسه خاصّة. . . بعد أن أنعم النظر و أطال الاستخارة و أهمّه ما جعله اللّه إليه من الإمامة (5). . . و اتّقى حلول القدر بما لا يصرف، و خشي إن هجم محتوم ذلك عليه و نزل مقدوره به و لم يرفع لهذه الأمّة علما تأوي إليه (6) أن يلقى ربّه تبارك و تعالى مفرّطا ساهيا عن أداء الحقّ إليها. و تقصّى عند ذلك من أحياء قريش و غيرها (7) من يستحقّ أن يسند هذا الأمر إليه و يعوّل في القيام عليه، ممّا يستوجبه بدينه و أمانته و هديه و صيانته بعد اطّراح الهوى، و التحرّي للحقّ، و التزلّف (8) إلى اللّه جلّ جلاله بما يرضيه-و بعد أن قطع الأواصر و أسخط الأقارب (9) - فلم يجد أحدا هو أجدر أن يولّيه عهده و يفوّض إليه الخلافة بعده، لفضل نفسه و كرم خيمه (10) و شرف مرتبته و علوّ منصبه، مع تقاه و عفافه و معرفته و حزمه، من المأمون الغيب الناصح الجيب أبي (11) المطرّف عبد الرحمن بن المنصور بن أبي عامر، وفّقه اللّه؛ إذ كان أمير المؤمنين أيّده اللّه قد ابتلاه و اختبره و نظر إليه و اعتبره (12) فرآه مسارعا في الخيرات سابقا في الحلبات مستوليا على الغايات جامعا للمأثرات (13) . و من كان المنصور أباه و المظفّر أخاه، فلا غرو أن يبلغ من سبيل البرّ مداه و يحوي من خلال الخير ما حواه (14) ...
_________________________
١) مغلّسا (أي لا يزال الغلس، أي سواد الليل، يخالط نوره) . الكمائم جمع كمامة و هي (هنا) الكأس أي الأوراق الخضر التي تكون غلافا للزهرة (قبل أن تتفتّح الزهرة) . النور (بالفتح) : الزهر الأبيض. الخضل: المبتّل بالماء من ندى الليل. و الندي: الذي تجمّع عليه الندى.
٢) هذه الأنوار (الأزهار البيض) مداهن (أوعية صغيرة) من تبر (ذهب، لأنّ قلب الزهرة يكون عادة أصفر اللون) في أنامل (أصابع، أي بتلات الزهرة: أوراق الزهر التي تكون عادة ملوّنة) فضّة (بيضاء اللون) على أذرع (سوق جمع ساق، أي غصن) مخروطة (مصنوعة بنسبة واحدة) من زبرجد (حجارة كريمة خضراء اللون) .
٣) العبق: انتشار الرائحة الطيّبة. معنبر: يشبه العنبر (أسمر اللون) . و النجم قد أغفى بغير نعاس: أجبر نفسه على النوم من غير حاجة به إلى النوم (فهو من أجل ذلك يفتح عينيه و يغمضهما-كناية عن تلألؤ النجوم) .
4) غير صقلها-جعل صفحتها غير صافية. -لأنّ النساء الجميلات يقرّبنها من وجوههنّ فتصل أنفاسهنّ إليها فينشأ على صفحتها شيء من بخار الماء!
5) أنعم النظر: دقّقه (نظر في تفاصيل الأشياء) . في الأصل: أمعن. الاستخارة: طلب الخير (و التفكير فيما يريد الرجل أن يفعله) . و أهمّه. . . : جعل يفكّر في عواقب خلو الخلافة بعده من امام عادل.
6) اتّقى: خاف. حلول القدر (مجيء الموت) . بما لا يصرف: في حال لا يمكن معها التفكير بأمره المحتوم و المقدور: الموت. علم: شيء بارز عال يهتدي الناس به، ملجأ، حصن. تأوي إليه الأمة: تلجأ إليه و تحتمي به في الشدائد.
7) تقصّى: بحث بحثا دقيقا. أحياء قريش: قبائل العرب و بيوتاتهم (في الأندلس) و غيرهم (من البربر و من المولّدين: المسلمين في الأندلس من أصل أسباني) .
8) اطّراح: ترك، إهمال. الهوى (ميل النفس إلى شيء-إلى أن يكون الخليفة المقبل عربيا أمويّا) . التحرّي: الطلب و التفتيش. التزلّف: التقرّب.
9) قطع الأواصر جمع آصرة: القرابة. أسخط: أغضب.
10) الخيم: الطبيعة و الأصل.
11) المأمون الغيب: الذي يحفظ عهدك و لو كنت غائبا عنه. الناصح الجيب: الذي لا يخونك في ما ائتمنته عليه (و الأليق أن تقال في المرأة) .
12) ابتلاه: اختبره. اعتبره: قدّره، نظر في جميع أحواله.
13) مسارعا في عمل الخير، سابقا (متقدّما على غيره) في الحلبات (ميادين السباق) مستوليا على الغايات (يصل إلى الهدف قبل غيره من الخيل) -يشبّهه بالحصان الذي يسابق الخيل. المأثرة (بضمّ الثاء) : الفعل الحميد الكريم.
14) لا غرو: لا عجب. البر: التقوى، طاعة الرجل لقومه و طلب المنفعة لهم و لو أضرّ ذلك به. الخلال: (هنا) : الخصال: جمع خصلة (بفتح الخاء) : العادة و الطبيعة.