الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
صاعد البغدادي
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج4، ص362-365
28-2-2018
2203
هو أبو العلاء صاعد بن الحسن بن عيسى الرّبعيّ (1) الموصليّ البغداديّ الأندلسيّ اللغويّ، أصله من بلاد الموصل. و لعلّ مولده فيها كان قبيل 340 ه (951 م) .
دخل صاعد بن الحسن بغداد و تلقّى فيها اللّغة و الأدب على أبي سعيد السيرافيّ (ت 368 ه) و أبي عليّ الفارسي (ت ٣٧٧ ه) و أبي سليمان الخطّابيّ.
و في سنة ٣٨٠(٩٩٠ م) جاء إلى الأندلس و اتّصل بالمنصور بن أبي عامر، فأكرمه المنصور ثمّ استوزره (جعله كاتبا له) . و بعد سقوط دولة العامريّين في قرطبة و استبداد مجاهد العامريّ بدانية (4٠٨ ه) انتقل صاعد إلى دانية و اتّصل بمجاهد.
و لمّا زاد الاضطراب في الأندلس (ربّما حوالي 4١٢ ه) انتقل صاعد إلى جزيرة صقلّية حيث توفّي، سنة 4١٧(1026 م) ، و قد أسنّ.
كان صاعد البغداديّ أديبا عالما باللغة و كاتبا و شاعرا. غير أنّ براعته في اللغة قد غطّى عليها أنّه كان يختلق الروايات و التفاسير في بعض الأحيان. و أما شعره فكان عادّيا إلاّ بعض ما فيه من اللفتات. و لعلّ شهرته الحقيقية تقوم على أنه كان كاتبا. و يبدو أنّه كان يهتمّ بالتاريخ و بالقصص.
و لصاعد كتب منها: كتاب الفصوص (نحى فيه منحى القالي في «كتاب الأمالي» و لكنّه كان فيه قليل الأمانة في الرواية) -كتاب الجوّاس بن قعطل المذحجي مع ابنة عمّه عفراء-كتاب الهجفجف بن غيدقان اليثربي مع الخنّوت بنت محرمة بن أنيف.
مختارات من آثاره:
- كتب صاعد البغداديّ رسالة إلى الوزير أبي جعفر الدّب يرجوه فيها أن يشفع عند الخليفة سليمان المستعين بالوزير عبد اللّه بن مسلمة، و كان سليمان قد نكب ابن مسلمة و سجنه مقيّدا (و كان صاعد لمّا دخل الأندلس قد اتّصل بابن مسلمة هذا) :
. . . لمّا جمع اللّه طوائف الفضل عليك و أذلق بك الألسن و أرهف فيك الخواطر (2)، و رفرف عليك طير الآمال و نفضت إليك علائق الرجال (3) لم أجد لابن مسلمة-حين عضّه الثقاف (4) و ضاق به الخناق و انقطع به الرجاء و كبا به الدهر- ملجأ غيرك. فعطفك على واله نبّههه النحس من سنة السعد (5) و أيقظته الآفات من رقدة الغفلة. . . فحنانك عليه و عليّ فيه، و اذكر تعلّق الآمال به و تعلّق أمله بك، و حاجة الرؤساء إليه و حاجته إليك. . .
- جيء يوما إلى المنصور بن أبي عامر بوردة في غير أيّامها لم يتمّ تفتّحها بعد، فقال فيها صاعد مرتجلا (راجع، فوق، ص ٣١٢) :
أتتك، أبا عامر، وردة... يذكّرك المسك أنفاسها
كعذراء أبصرها مبصرٌ... فغطّت بأكمامها راسها (6)
- و طلب المنصور منه أن يعارض قصيدة أبي نواس: «أجارة بيتينا، أبوك غيور» . فاعتذر إجلالا لأبي نواس و هيبة من ذلك فقال:
إنّي لمستحي علا... ك من ارتجال القول فيه
من ليس يدرك بالرويّة... كيف يدرك بالبديه (7)
- من عجائب الاتّفاق أنّ صاعدا أهدى إلى المنصور بن أبي عامر ذات يوم أيّلا مقيّدا بحبل، و قد سمّاه «غرسيه» ؛ يتفاءل بذلك أن يأسر المنصور بن أبي عامر عدوّه غرسيه الأوّل بن شانجه ملك قشتالة، و قد كتب إلى المنصور بالأبيات التالية. و كان ذلك في أحد أيام ربيع الأول من سنة 385- نيسان - أبريل 995 م:
يا حرز كلّ مخوّف و أمان كلْ...لِّ مشرّد و معزّ كلّ مذلّلِ
جدواك إن تخصص به فلأهله... و تعمّ بالإحسان كلّ مؤمّلِ (8)
كالغيث طبّق فاستوى في وبلهِ... شعث البلاد مع المراد المبقل (9)
اللّه عونك، ما أبرّك بالهدى... و أشدّ وقعك في الضلال المشعل
مولاي مؤنس غربتي، متخطّفي... من ظفر أيامي ممنّع معقلي
عبد، نشلت بضبعه و غرسته... في نعمة، أهدي إليك بأيّل (10)
سمّيته غرسيّة و بعثته... في حبله ليتاح فيه تفاؤلي
فاتّفق أن غرسيه هذا جيء به، في ذلك اليوم عينه، أسيرا إلى المنصور.
_______________________
١) نسبة إلى أمّ الربيع و أمّ الربيعين: مدينة الموصل.
2) جعل الألسن تكثر الثناء عليك و جعل الخواطر تأتي بالمعاني الجمّة فيك (لكثرة فضائلك) .
3) (فتشت الصلات بين الرجال-نظر في أيهم. أفضل) .
4) الثقاف أداة تقوّم بها الرماح: يمرّون بالقناة (القصبة) المعوجّة على النار ثمّ يقوّمون اعوجاجها بالثقاف. عضّ به الثقاف: اشتدّ عليه الأمر.
5) الواله: الحزين الخائف الذي كاد الحزن (أو الخوف) يذهب. بعقله. السنة (بكسر السين) : الاغفاء، النوم.
6) أكمام الوردة: الأوراق الخضر (الكأس) التي تتفتّح عن البتلات (الأوراق الملوّنة) .
7) الرويّة: التفكير و التأمل. البدية: القول ارتجالا.
8) الجدوى (يبدو من القاموس أن اللفظة مذكّرة) : المطر العام؛ العطيّة، الكرم.
9) الغيث: المطر. الوبل و الوابل: المطر الكثير. شعث البلاد: البلاد المغبّرة (لقلة سقوط المطر فيها) . المراد: المقصود (الذي يقصده الناس لرعي أنعامهم فيه، لكثرة نباته و لخصبه) . المبقل: الذي يكثر فيه البقل (النبات).
10) الضبع: جانب البدن. نشلت بضبعه-أخذت بضبعه، أعنته، ساعدته، أنهضته من كبوته، أنقذته من مشكلة. الأيّل: نوع من الوعول (يشبه المعزى الجبلية! !) .