الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
غانم المخزومي
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج4، ص602-604
2-3-2018
2430
هو أبو محمد غانم بن وليد بن عمر (1) بن عبد الرحمن المخزوميّ القرشيّ الأشوني (نسبة إلى أشونة و هي حصن بالأندلس من نواحي أستجة) .
روى غانم المخزوميّ علومه في النحو و اللغة و الأدب عن نفر منهم أبو عمر يوسف ابن عبد اللّه بن خيرون و أبو عبد اللّه بن السرّاج. و اشتغل بالتدريس و كان قديرا محمود الطريقة في ذلك.
و عاش غانم في مالقة مدّة و نال حظوة كبيرة عند صاحبها إدريس العالي بالله (4٣4-4٣٨ ه) ، كما عاش (بعد ذلك) في غرناطة متّصلا ببلاط باديس بن حبّوس (4٣٠-466 ه) .
و يبدو أن وفاة غانم المخزومي كانت نحو 465 ه لأنّه شهد، فيما يبدو، مقتل القاضي أبي عبد اللّه محمّد بن الحسن بن يحيى بن الحسن الجذامي النباهي في قرطبة، سنة 46٣ ه (2) ، و لم يرو له ابن بسّام في الذخيرة (1:2:345-361) رثاء في باديس بن حبّوس (ت 466 ه) . و يبدو أنه عاش طويلا.
كان غانم المخزوميّ فقيها و لغويّا و نحويّا و أديبا ناثرا ناظما، و كان مقتدرا في تدريس هذه الفنون محمود الطريقة في ذلك.
و كان في شعره صاحب بديهة و مقتدرا. و أكثر شعره الذي بين أيدينا في المديح و الرثاء و الوصف و الغزل و الحكمة و الزهد. و كذلك له ترسّل أكثره إخوانيّات و بعضه مديح في مجرى الخطابة أو الكتابة.
مختارات من آثاره :
- دخل غانم على باديس بن حبّوس، و كان باديس يجلس في مكان ضيّق، و مع ذلك فقد وسّع لغانم مكانا يجلس فيه. عند ذلك قال غانم بديهة:
صيّر فؤادك للمحبوب منزلة... سمّ الخياط مجال للمحبّين (3)
و لا تسامح بغيضا في معاشرة... فقلّما تسع الدنيا بغيضين!
- و قال في الصبر و التجمّل بالوقار:
الصبر أولى بوقار الفتى... من ملك يهتك ستر الوقار (4)
من لزم الصبر على حالةٍ ... كان على أيّامه بالخيار
- و له في مطلع غزليّ لقصيدة في مدح ادريس العالي باللّه؛ و هذه الأبيات تقليد ظاهر لمقطوعة الشريف الرضيّ:
يا ظبية البان ترعى في خمائله... ليهنك اليوم أنّ القلب مرعاك
قال غانم المخزوميّ:
لو لا التحرّج لم يحجب محيّاك... حيّيت عنّا، و حيّينا بمحياك (5)
أ يا غزالتنا، شمس الضّحى طلعت... على اتّفاق فسيماها كسيماك (6)
بدوت في حلّة زرقاء، و هي كذا... فقال قاضي الهوى: «هذي و لا ذاك»
أظمأتني منك، يا ظمياء، جائرة... ما كان ضرّك لو أحظى بسقياك (7)
إنّي أراك بقتل النفس حاذقة... قولي، بفضلك، من بالقتل أوصاك؟
إن كان واديك ممنوعا فموعدنا ... وادي الكرى ثمّ تلقاني و ألقاك (8)
دمعي ببغداد ممدود بدجلتها ... و أنت من روض نجد نشر ريّاك (9)
- توفّي لغانم المخزوميّ أخوان أحدهما مات غرقا فقال غانم يرثيهما بمقطوعة يقلّد فيها مقطوعة غزلية لابن زيدون:
يا دمع، لا تخذل و كن مسعدا... لا تخش من صبري أن يمنعك (10)
أخ غريق و أخ في الثّرى... و ترتجي السلوّة؟ ما أطمعك!
إنّ جمود العين-خوف العدى... و رقبة الحسّاد-لن ينفعك (11)
يا عمرا، أعمرت قلبي أسى... و ودّع (؟) صبري مثلما ودّعك (12)
رزئت في الدنيا يدي نصرتي ... يا دهر، تباً لك، ما أفجعك! ( 13)
- و له من رقعة خاطب بها أبا الحسن الحصريّ:
ما أفصح لسانك و أفسح ميدانك و أوضح بيانك و أرجح ميزانك و أنور صباحك و أزهر مصباحك، أيّها السابق المتمهّل في ميدان النّبل، و السامق (14) المتطوّل بفضائل الذكاء و الفضل: أرحتني من غلّ الهمّ فازدهتني أريحيّة (15) ، و أزحتني عن ظلّ الغمّ فلاحت لي شمس الأمنيّة بما أطلعته عليّ و أنفذته مكارمك إليّ. فقلت: أعصر الشباب رجع، أم كوكب السعد طلع، أم بارق الإقبال لمع؟ كلاّ، و اللّه، إنّها لمكرمة فهريّة (16) أهدتها نفس سخيّة و همّة عليّة. . . بلى، و اللّه، أرتني زهر الربيع في غير أوانه، و حسن الصنيع على عدمه في أهل زمانه. . . فأنت واحد البلاغة الذي لا يجارى، و فارس الفصاحة الذي لا يبارى.
____________________
١) في كتاب الصلة، ص 4٣٣: غانم بن وليد بن محمّد بن عبد الرحمن. و في جذوة المقتبس، ص 306: غانم ابن الوليد بن عمر بن عبد الرحمن.
٢) راجع كتاب قضاة الأندلس، ص ٩٣، السطر ١٣، ثمّ ص ٩٣، السطر الثالث.
3) سمّ الخياط: ثقب الابرة.
4) هتك: شقّ، مزّق.
5) المحيّا (بتشديد الياء) : الوجه. المحيا (بلا تشديد) : الحياة.
6) الغزالة: الشمس و المرأة الجميلة. السيما: العلامة، الهيئة.
7) الظمياء: الناقة السوداء، الشفة الرقيقة السمراء، العين الرقيقة الجفون (المرأة الجميلة) .
8) واديك: بلدك. وادي الكرى (كناية عن النوم) .
9) النشر (هنا) : الانتشار. الريّا: الرائحة الطيّبة.
10) المسعد: المساعد. الدمع المسعد هو الذي يسيل بسرعة و بكثرة.
11) الرقبة: المراقبة. رقبة الحسّاد (رجاء الحسّاد أن تزول النعمة عن غيرهم) .
12) الأسى: الحزن. ثم اقرأ: ودّعت صبري الخ.
13) رزئت: فقدت. يدي نصري: نصرتي بكلتا يدي (بكل قوتي) . بتا: قطعا. ما أفجعك: ما أكثر انزالك الفجيعة (فقدان الأحباب بالموت) منك.
14) السامق: العالي.
15) ازدهتني: أخذتني خفة (سرور) بالأريحيّة (الارتياح للكرم أو للعمل الجميل و السرور به) .
16) فهرية: نسبة إلى فهر بن مالك من جدود العرب القدماء (عربية صحيحة) .