الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
يحيى بن هُذيل القرطبي الكفيف
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج4، ص309-311
2-3-2018
3981
هو أبو بكر يحيى بن هذيل بن الحكم بن عبد الملك بن اسماعيل التميميّ القرطبيّ الكفيف، كان مولده نحو سنة ٣٠٠(٩١٢-٩١٣ م) . سمع الحديث من أحمد ابن غالب، و أخذ عن ابن القوطية (ت 367 ه) . و قدم يحيى بن هذيل إلى المشرق (شرق الأندلس!) فأخذ عنه الرّماديّ الشاعر (ت 4٠٣ ه) و غيره (معجم الأدباء ٢٠: ٣٩) . و كانت وفاة يحيى بن هذيل سنة ٣٨٩(٩٩٩ م) (1) .
كان يحيى بن هذيل من أهل العلم و الأدب و الشعر ذا بديهة - قيل فيه: عالم أدباء الأندلس (نفح الطيب 4:٣6) - و لكن غلب عليه الشعر. و شعره جيد رائق تكثر فيه المقطّعات الوجدانية في النسيب و الحكمة.
مختارات من شعره:
-لأبي بكر يحيى بن هذيل مقطّعات منها:
لا تلمني على الوقوف بدارٍ... أهلها صيّروا السقام ضجيعي (2)
جعلوا لي إلى هواهم سبيلا... ثمّ سدّوا عليّ باب الرجوع
- و قال في النسيب أيضا:
شاهدتهم و أنا أخاف عناقهم... شحّا على أجسامهم أن تحرقا (3)
فتركت حظّي من دنوّي منهم... و من الوفاء بأن تحبّ و تصدقا
و أقلّ فعلي يوم بانوا أنّني... قبّلت آثار المطيّ تشوّقا (4)
و لو انّ عذرة شاهدت من موقفي شيئا لحذّرها بألاّ تعشقا (5)
- في نفح الطيب (3:153-154) : قال الحميديّ: أنشد بحضرة بعض ملوك الأندلس قطعة لبعض أهل المشرق، و هي:
و ما ذا عليهم لو أجابوا فسلّموا... و قد علموا أنّي المشوق المتيّمُ (6)
سروا و نجوم الليل زهر طوالعٌ... على أنّهم بالليل للناس أنجمُ (7)
و أخفوا على تلك المطايا مسيرهم... فنمّ عليها في الظلام التبسّمُ (8)
فأفرط بعض الحاضرين في استحسانها، و قال: هذا ما لا يقدر أندلسيّ على مثله، و بالحضرة أبو بكر يحيى بن هذيل فقال بديها:
عرفت بعرف الريح أين تيمّموا... و أين استقلّ الظاعنون و خيّموا (9)
خليليّ، ردّاني إلى جانب الحمى... فلست إلى غير الحمى أتيمّم
أبيت سمير الفرقدين كأنّما... وسادي قتاد أو ضجيعي أرقم (10)
و أحور و سنان الجفون كأنّه... قضيب من الريحان لدنٌ منعّم (11)
نظرت إلى أجفانه و إلى الهوى... فأيقنت أنّي لست منهنّ أسلمُ (12)
- قال يحيى بن هذيل القرطبي في المباهاة ببناء القبور:
أرى أهل الثراء إذا توفّوا... بنوا تلك المراصد بالصخورِ (13)
أبوا إلاّ مباهاة و فخرا... على الفقراء حتّى بالقبور
عجبت لمن تأنّق في بناءٍ... أمينا من تصاريف الدهورِ
أ لم يبصر بما قد خرّبته الـ...ـدهور من المدائن و القصور (14)
و أقوام مضوا قوما فقوما... و صار صغيرهم إثر الكبير (15)
لعمر أبيهم، لو أبصروهم... لما عرفوا الغنيّ من الفقير
و لا عرفوا العبيد من الموالي... و لا عرفوا الإناث من الذكور (16)
إذا أكل الثرى هذا و هذا... فما فضل الجليل على الحقيرِ
____________________
١) من نكت الهميان و معجم الأدباء. و في معجم الأدباء أيضا: و قد جاوز التسعين. و في جذوة المقتبس و وفيات الأعيان: توفّي سنة 356 أو 358 و هو ابن ستّ و ثمانين سنة.
٢) الوقوف بدار: الوقوف في مكان كان يسكنه الأحبّة.
٣) شحّا: بخلا، ضنّا. -أخاف إن دنوت منهم (اقتربت إليهم) لأعانقهم أن يحترقوا من شدّة نار حبّي.
4) بانوا: ابتعدوا، رحلوا. المطيّ جمع مطيّة: الراحلة، الدابة التي يسافر الناس عليها.
5) عذرة-بنو عذرة. بنو عذرة قبيلة كانت تسكن في بادية الحجاز اشتهر أفرادها بالحبّ، و بأنّ أحدهم كان إذا أحبّ ترك طعامه و شرابه و نومه و ربّما مات من شدّة حبّه. يقول الشاعر: لو أنّ بني عذرة شاهدوا أثر الحبّ فيّ أنا لتركوا هم الحبّ خوفا من نتائجه على المحبّ.
6) المشوق: المشتاق، المحبّ. المتيّم: الذي ذلّله الحبّ و أضناه (أسقمه و أمرضه) .
7) سرى: سار ليلا. زهر: لامعات (لشدة ظلام الليل) . طوالع: عاليات في كبد السماء (في نصف الليل)
8) المطيّة: الدابة التي يسافر الناس عليها-سافروا على تلك المطايا في منتصف الليل حتّى يخفوا مسيرهم (سفرهم) عن المحبّ.
9) العرف: الرائحة الطيّبة. تيمّم: قصد، اتّجه. و أين استقل-و من أين استقلّ (بدأ السفر، نهض من مكانه ليسير) . الظاعن: المسافر. خيّم: نزل، نصب خيامه ليسكن.
10) أبيت: أقضي الليل. سمير الفرقدين: ساهرا مع الفرقدين. الفرقدان: النجم القطبي (و هو نجم مزدوج يتألف من نجمين) و هو لا يغيب أبدا-يقصد الشاعر أن الحبّ يجعله يسهر الليل كلّه فلا ينام أبدا.
11) الحور (بفتح ففتح) شدّة بياض بياض العين و شدّة سواد سوادها. و سنان الجفون: ناعس العينين. الريحان: نبت له رائحة طيّبة. لدن: طريّ. المنعّم: الذي لا يكلّفه أهله أعمالا متعبة، و لذلك يظلّ جسمه لينا ناعما ممشوقا.
12) منهنّ-من أجفانه.
13) المرصد: مكان رصد النجوم (المكان المرتفع) ، يقصد: بنوا (بفتح النون) قبورهم عالية مشرفة (ليراها الناس) .
14) بصر (بفتح فضمّ) به: علم، أدرك.
15) صار: انتهى إلى مصيره.
16) المولى: السيّد