أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-14
1259
التاريخ: 17-2-2019
2242
التاريخ: 14-10-2015
3581
التاريخ: 12-4-2016
3361
|
كان قد مرّ أكثر من عشرين سنة والدين الإسلامي المعادي للشرك ظل في أرجاء الحجاز بين القبائل العربية المشركة، و قد كان أكثرهم قد تعرف على رأي الدين الإسلامي حول الأوثان والوثنية طيلة هذه الفترة، وعلموا بأن الوثنية ليست إلاّ تقليداً أعمى للأجداد والآباء.
إن أوثانهم الباطلة على درجة من الذلة والعجز بحيث إنّها عاجزة ليس فقط على أن تفعل شيئاً للآخرين، بل تعجز حتى عن دفع أي مكروه عن نفسها أو أن تفيدها، فليس هذا النوع من الآلهة الحقيرة والبائسة جديراً بالثناء والخضوع اذن، وكانت هناك مجموعة تحمل ضميراً حياً وقلباً مستنيراً بسماع كلام الرسول الكريم قد أحدثت انقلاباً عميقاً في حياتها متجهة من الوثنية إلى التوحيد خاصة عندما فتح رسول اللّه مكّة حيث استطاع الدعاة ممارسة الدعوة إلى هذا الدين في أجواء تسودها الحرية، وبالتالي مارست جموع كثيرة معتد بها عملية كسر الأصنام في المدن والنواحي والقرى، ودوّى نداء التوحيد الباعث على الحياة في أكثر أرجاء الحجاز، ولكن كانت هناك مجموعة أُخرى متعصبة جاهلة صعب عليها كثيراً ان تقلع عن تقاليدها السابقة، وهي في نزاع دائم مع طبيعتها الإنسانية وضميرها، فظلت متمسكة بعاداتها القبيحة ومعتقدة بالخرافات والأوهام المفعمة بالانحرافات الخلقية والاجتماعية وعليه كان قد حان ذلك الزمن الذي يدك الرسول الكريم فيه أي نوع من مظاهر الوثنية واللا إنسانية بقوة عسكرية يستخدمها وبشدّة لاستئصال تلك الوثنية التي هي مصدر الفساد الأخلاقي والاجتماعي وتمثل نوعاً ما اعتداءً على حرمة الإنسانية.
في هذه الفترة نزلت آيات سورة البراءة وكلف رسول اللّه بأن يعلن عن براءة اللّه ورسوله من المشركين في مناسك الحجّ في تلك الجموع الغفيرة التي يجتمع الحجاج فيها ويأتون من كان حدب وصوب إلى مكة وتبليغهم وبأعلى صوته بأن يوضحوا موقفهم خلال الأربعة أشهر الآتية، فإن أسلموا فحالهم كحال المسلمين وسوف يتمتعون كالآخرين بمزايا الإسلام المادية والمعنوية، وإذا استمروا في عنادهم فيجب أن يستعدوا للقتال بعد هذه المدّة وأن يعلموا انّهم حيثما قبض عليهم أو أُسروا فسيقتلون.
ونزلت آيات سورة البراءة في الوقت الذي لم يقرر الرسول فيه المشاركة في مناسك الحجّ، لأنّه كان قد زار بيت اللّه في عام الفتح الماضي، وكان ينوي الحجّ في السنة التالية، وهي ما سمّيت فيما بعد بحجّة الوداع، لذلك لم يجد غير أن يبعث أحداً ليبلغ الرسالة الإلهية فاستدعى أبا بكر في البداية واقرأه بعضاً من الآيات الأُولى لسورة البراءة ،وأرسله برفقة أربعين نفراً إلى مكة كي يقرأ هذه الآيات عليهم في عيد الأضحى وبينما أبو بكر في طريقه إلى مكة، فإذا بالوحي الإلهي يهبط ويأمر الرسول بأن لا يؤديها عنك إلاّ أنت أو رجل منك.
فمن يا ترى هذا الإنسان الذي هو من رسول اللّه في رأي الوحي ولا يجدر بشخص آخر أن يقوم بهذه المسؤولية غيره؟ لم تمض فترة حتى استدعى الرسول (صلى الله عليه واله) علياً (عليه السلام) وأمره بأن ينطلق إلى مكة ويدرك أبا بكر في الطريق ويأخذ منه الآيات ويقول له بأنّ اللّه تعالى أمر الرسول بأن لا يقرأ هذه الآيات للناس إلاّ أنت أو رجل منك وكلّفت أنا بهذه المهمة.
انطلق علي (عليه السلام) ومعه جابر ومجموعة من الصحابة وهو راكب على ناقة رسول اللّه (صلى الله عليه واله) الخاصة باتجاه مكة وأبلغ أبا بكر كلام رسول اللّه فأعطاه هو الآيات وسلّمها.
دخل أمير المؤمنين مكة وصعد في العاشر من ذي الحجة على جمرة العقبة وقرأ الآيات الأُولى من سورة البراءة بصوت عال عليهم، وأتبعها بإنذار رسول اللّه وتحذيره المؤلف من أربعة بنود، وأسمعهم جميعهم أن يمنع المشركون من دخول المسجد الحرام.
وبهذه الرسالة علم المشركون جميعاً بأنّ أمامهم أربعة أشهر فقط كي يحدّدوا موقفهم تجاه الحكومة الإسلامية.
وأثرت الآيات وانذار الرسول تأثيراً عجيباً على الكفّار حيث أسلموا ودخلوا دين التوحيد زرافات ووحداناً والأربعة الأشهر لم تنته بعد و لم تأت نهاية السنة العاشرة من الهجرة حتى استئصل الشرك في الحجاز كله، وعند ما علم أبو بكر بتنحيته عاد إلى المدينة منزعجاً وجاء إلى رسول اللّه (صلى الله عليه واله) معاتباً وقال: «مالي يا رسول ؟!» قال (صلى الله عليه واله): «خير؟! غير انّه لا يبلّغ عني غيري أو رجل مني».
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|