أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-11-2018
525
التاريخ: 28-11-2018
608
التاريخ: 1-12-2018
587
التاريخ: 25-11-2018
3233
|
ونريد الآن أن نشرح ما تردد من قبل من أن اللغة منظّمة من مجموعة من الأنظمة؛ منها: النظام الصوتي, والنظام الصرفي, والنظام النحوي, فما المقصود بالنظام هنا؟
المعروف أن الجسم الإنساني جهاز حيوي واحد ذو وظيفة معينة, ربما صحَّ أن نسميها "تحقيق الوجود البيولوجي" للإنسان, ولكن هذا الجهاز الحيوي مركَّب من أجهزة فرعية كالجهاز الهضمي والعصبي والإفرازي والدوري والتنفسي وغير ذلك. وهذه الأجهزة جميعًا تقوم بوظائف يمكن فهم كلٍّ منها على حدة إذا نظرنا إلى الجهاز الذي يؤديها مستقلًّا عن بقية الأجهزة, ولكن هذه الأجهزة لا يستقلّ أحدها عن بقيتها من الناحية العملية؛ إذ يجري بينها نوع من تنسيق الوظائف والتكافل في نطاق الجهاز الحيوي الأكبر ولصالحه. وكما أنّ جسم الإنسان جهاز أكبر مكون من أجهزة فرعية نجد اللغة جهازًا أكبر مكونًا من أجهزة فرعية, والخلاف الوحيد بين هذا الجهاز الأكبر وذاك أن الجسم جهاز حيوي وأن اللغة جهاز رمزي عرفي. وكما أنّ المرء يستطيع فهم الأجهزة الفرعية في الجسم مستقلًّا بعضها عن بعض في الذهن لا في الحقيقة, يمكن أن يفهم المرء الأجهزة الفرعية في اللغة فرادى، مع أنَّ وظائفها لا تتحقق عمليًّا إلّا والأجهزة متناسقة متكاملة متكافلة في إطار اللغة، فلا يقوم جهاز منها مستقلًّا عن بقيتها إلّا في مقام الوصف والتحليل. وكما أن وظيفة الجسم الإنساني هي تحقيق الوجود البيولوجي للفرد, نجد وظيفة اللغة تحقيق الوجود الاجتماعي للفرد نفسه.
فاللغة إذن منظمة عرفية للرمز إلى نشاط المجتمع, وهذه المنظمة تشتمل على عدد من الأنظمة -وقد سميناها من قبل بالأجهزة- يتألف كل واحد منها من مجموعة من "المعاني" تقف بازائها مجموعة من الوحدات التنظيمية أو "المباني" المعبرة عن هذه المعاني، ثم من طائفة من "العلاقات" التي تربط ربطًا إيجابيًّا، والفروق "القيم الخلافية" التي تربط سلبيًّا -بإيجاد المقابلات ذات الفائدة- بين أفراد كل من مجموعة المعاني أو مجموعة المباني, وكما أن "المعاني" الصرفية غير المعاني النحوية على نحو ما سنرى بعد قليل, نجد "المباني" تتنوع بين فرعٍ وآخر من فروع الدراسات اللغوية.
فالمباني المأخوذة من النظام الصوتي حروف phonemes, وهي في النظام الصرفي وحدات صرفية morphemes, ويعتمد النحو في التعبير عن معانيه وعلاقاته السياقية على هذين النوعين من المباني كالحركات والحروف والزوائد واللواصق والصيغ. وأما "العلاقات" الرابطة، و"القيم الخلافية" المفرقة فهي عناصر هامة جدًّا في نظام اللغة بعامة, على أن "القيم الخلافية" وهي المقابلات, أو نواحي الخلاف بين المعنى والمعنى, أو بين المبنى والمبنى, أهم بكثير جدًّا من العلاقات الرابطة؛ لأنها أقدر من تلك العلاقات على تحقيق أمن اللبس, وهو الغاية القصوى للاستعمال اللغوي، فإنه ليمكن الزعم أن كل نظام لغوي ينبني أساسًا على مجموعة من القيم الخلافية التي يدونها لا يكون اللبس مأمونًا ولا الكلام مفهومًا. وقد كان ابن مالك محقًّا حين لخَّص هذه القضية في شطرة واحدة من ألفيته تقول:
"وإن بشكل خیف لبس يجتنب" .
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|