المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2777 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الشكر قناة موصلة للنعم الإلهية
2025-01-12
أسباب ودوافع الكفران وطرق علاجه
2025-01-12
عواقب كفران النعمة
2025-01-12
معنى كفران النعمة
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 2
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 1
2025-01-12

معنى كلمة غنا
3-10-2021
الإضافة
20-10-2014
William Barron Coutts
19-6-2017
ويدمان غوستاف هنريش
8-12-2015
OTHERS
2023-03-23
Dealing with multiple oxidation states
3-1-2017


تاريخ البحوث اللغوية في الغرب  
  
4521   11:09 صباحاً   التاريخ: 28-11-2018
المؤلف : د. علي عبد الواحد وافي
الكتاب أو المصدر : علم اللغة
الجزء والصفحة : ص52- 67
القسم : علوم اللغة العربية / علم اللغة / ماهية علم اللغة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-12-2018 809
التاريخ: 13-12-2018 598
التاريخ: 1-1-2019 643
التاريخ: 28-11-2018 1365

تاريخ البحوث اللغوية في الغرب
ظلت البحوث اللغوية عند أمم أوروبا، حتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي محصورة في دائرة ضيقة لا تعدو كثيرًا مسائل علوم البنية والتنظيم والأسلوب -المورفولوجيا والسنتيكس والستيليستيك- في أشكالها التعليمية.
ص52
فلم يكن معظم العلماء ليعرضوا لغير هذه البحوث الثلاثة إلّا استطرادًا، وفي صورة ناقصة، وبطريقة تبعد كثيرًا عن مناهج البحث العلمي؛ فمن ذلك: بعض نظرات في أصوات اللغة -الفونيتيك- وردت في مؤلف لكورديموا Cordemoy ظهر في سنة 1668، وبعض ملاحظات وتجارب على الصوت، قامت بها المدارس المنشأة في القرن الثامن لتعليم الصم البكم، وبعض آراء لسانت أوجيستان Saint Augustin بصدد تطور اللغة، وبعض آراء في أصول الكلمات الفرنسية والإيطالية والأسبانية -ايتيمولوجيا- لكلود فوشيه Claud Fauchetوبيريون Joachen Perion وهنري إتيان Henre Estienne وميناج Menage -الذي ألف سنة 1650 معجمًا في أصول الكلمات الفرنسية، أودان Oudinوابنه، وبعض بحوث لغوية عامة خاصة قامت بها "الأكاديميات"، "المجامع اللغوية" التي أنشئت في صدر العصور الحديثة؛ كالأكاديمية الفرنسية، والأكاديمية الأسبانية، وأكاديمية فلورنسا -أكاديمية كروسكا Crusca، وغيرها، وقام بها مؤلفو المعجمات الكبيرة ودوائر المعارف في هذا العصر.
وثَمَّ مظهر آخر لضيق البحوث اللغوية في هذه المرحلة، وذلك أنها كانت مقصورة على اللغتين الإغريقية واللاتينية، وبعض اللغات الأوربية الفصحى، فلم يكن للهجات الشعبية ولا لغير اللغات الأوربية في هذه المرحلة الطويلة حظ يعتد به من الدراسة(1).
وفي أواخر القرن الثامن عشر حدث بهذا الصدد نهضة كبيرة يرجع معظم الفضل فيها إلى كشف اللغة السنسكريتية Sanscrit وحل رموزها، فقد أزاح هذا الكشف الستار عما بين اللغات الهندية والإيرانية من
ص53
جهة، واللغات الإغريقية واللاتينية والجرمانية من جهة أخرى؛ من تشابه وصلات قرابة وروابط وثيقة، ومهد السبيل لإنشاء علوم القواعد التاريخية والمقارنة(2)، ووسَّع بذلك نطاق الدراسات اللغوية.
وكان من أشهر من افتتح هذه السبيل العلامة الألماني شليجيل Schlegel، فقد نبَّه أذهان العلماء إلى صلات التشابه الكثيرة التي تربط اللغات الأوربية والهندية الآرية بعضها ببعض؛ تلك اللغات التي رجعها العلماء من بعده إلى فصيلة واحدة سموها: "الفصيلة الهندية _ الأوربية" كما سيأتي بيان ذلك(4).
ومن ذلك الحين أخذ العلماء يدرسون هذه الفصيلة دراسة علمية عميقة، ويكشفون عما بين أفرادها من تشابه في أصول الكلمات، وفي قواعد الصرف والاشتقاق والتنظيم، فبلغوا بعلم "القواعد المقارن" شأوًا راقيًا. وكان من أنبه أفراد هذه الحلية ذكرًا وأجلهم أثرًا في هذه النهضة عالمان ألمانيان هما: بوب(5) Franz Bopp، وجريم4 Jacques Louis Crimm.
وقد مهدت بحوث "علم القواعد المقارن" السبيل إلى بحوث "علم القواعد التاريخي"؛ فانتقل العلماء من الموازنة بين اللغات الهندية الأوربية إلى الموازنة بين مظاهر كل لغة منها في مراحلها المختلفة، ومن البحث في تفرع هذه اللغات بعضها من بعض، وتفرعها عن أصل واحد، إلى البحث في الطريقة التي تسلكها كل لغة منها على حدتها في تطورها وارتقائها من جميع نواحيها، وبخاصة من ناحية قواعدها، وكان مِن أشهر مَن افتتح هذا السبيل جاك لويس جريم
ص54
السابق ذكره، ودييز(6) Friedrich، وبراشيه(7) Auguste Brachet، وقد استمدت هذه الدراسات اللغوية بعض موادها من بحوث في آداب اللغات الأوربية بالعصور الوسطى، قام بها قبيل ذلك العصر وفي أثنائه جماعة من مؤرخي الأدب، ومن أشهرهم: بولان باريس(8) Paulan Paris، وربنو آر(9) Francois Reynouar.
ثم انتقل البحث من هذه الدائرة المقصورة على اللغات الهندية -الأوربية إلى دائرة عامة ترمي إلى كشف القوانين التي تخضع لها كل لغة إنسانية في تطورها وارتقائها؛ من حيث أصواتها وقواعد تصريفها.. وما إلى ذلك، وق افتتح هذه الحلبة العلامة الألماني ماكس مولر5 Max Muller، وتبعه كثيرون، من أشهرهم: العلامة الإنجليزي سيس6 Archibald-Henry Sayce.
ص55
وقد كان لزامًا أن يصل العلماء في تعقبهم لأصول اللغات ومراحل ارتقائها إلى أقدم مرحلة للتعبير الإنساني، وأن يحاولوا الكشف عن منشأ اللغة في الفصيلة الإنسانية، وعن الأسس الأولى التي قام عليها التخاطب بالأصوات ذات الدلالات الوضعية، وقد استأثرت هذه المشكلة بقسط كبير من نشاطهم في منتصف القرن التاسع عشر، وانقسموا بصددها إلى فرق كثيرة -سيأتي الكلام عنها في الباب الأول من هذا الكتاب، ومن أشهر من عرض لهذا الموضوع: الفيكونت دوبونالد(10) Viconte de Bonald وماكس مولر، وسيس، ورينان(11) Renan.
وفي أواخر القرن التاسع عشر، ظهر عند المشتغلين بالبحوث اللغوية اتجاهان هامَّان، كان لكل منهما أثر كبير في النهوض بهذا العلم.
الاتجاه الأول: يتمثل في جعل البحوث اللغوية بحوثًا علمية بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة، وذلك بإخضاعها لمناهج البحث العلمي، وتوجيهها إلى الأغراض نفسها التي ترمي إليها العلوم، وجعل غايتها الأساسية الوصول إلى كشف القوانين الخاضعة لها الظواهر اللغوية
ص56
وتخليصها من جميع المسائل الفلسفية التي لا يتفق منهج البحث فيها مع ما ينبغي أن تكون عليه مناهج البحث فثي العلوم، والتي لا يمكن الوصول فيها إلّا إلى فروض وآراء ظنية لا تسمو إلى درجة اليقين، ولا يطمئن إلى مثلها التحقيق العلمي.
وقد كان لهذا الاتجاه آثار جليلة في مختلف فروع هذا العلم؛ فبفضله وضحت حدود كل فرع منها ومناهجه، وهذبت أساليبه وطرق دراسته، واجتذب إليه عددًا كبيرًا من أعلام الباحثين، فكثر الإنتاج ورقي نوعه، وكان من آثاره كذلك أن انصرف العلماء عن البحث في موضوع نشأة اللغة، وتركوا دراسته للفلاسفة والميتافيزيقيين -الباحثين فيما وراء الطبيعة.
ويرجع الفض في توكيد هذا الاتجاه إلى مدرسة ألمانية الأصل، أطلق على أفرادها اسم: "المحدثين من علماء القواعد" Neo-Grammairiens، فقد ذهبت هذه المدرسة إلى جبرية الظواهر اللغوية، فقررت أن هذه الظواهر لا تسير وفقًا لإرادة الأفراد، أو تبعًا للأهواء والمصادفات، وإنما تسير وفقًا لقوانين لا يستطيع الفرد إلى تعويقها أو تغييرها سبيلًا، ولا تقل في ثباتها وصرامتها واطرادها وعدم قابليتها للتخلف عن النواميس الخاضعة لها ظواهر الفلك والطبيعة، وأن واجب الباحث في هذه الظواهر ينبغي أن ينحصر في تحليلها لكشف القوانين الخاضعة لها، ومن أشهر أفراد هذه الدراسة: ليسكين Leskien، وبروجمان Brugmann، وأستوف Ostof، وهرمان بول Hermann Paul، ودلبروك Belbruck.
وقد لقي مذهبهم هذا في مبدأ أمره مقاومة كبيرة من طوائف كثيرة، وبخاصة من ثلاث طوائف:
ص57
إحداها: "المدرسة الإيطالية" التي كان العلامة أسكولي Ascoli من أبرز أعضائها، فقد ذهبت هذه المدرسة في تعليل كثير من الظواهر اللغوية مذهبًا يختلف عن آراء المحدثين من علماء القواعد، ولا يتفق في بعض مظاهره مع القول بجبرية الظواهر اللغوية.
وثانيتها: "المدرسة الإنجليزية" التي كان الأستاذان سيس Sayce وسويت Sweet الإنجليزيان، والعلامة جيسبرسن Jespersen الدانيمركي من أظهر ممثليها، فقد أنكرت هذه المدرسة جبرية الظواهر اللغوية، وذهبت إلى أن جميع هذه الظواهر بما في ذلك التطورات الصوتية نفسها، ترجع أهم أسبابها إلى أمور يقوم بها الأفراد، وتنتشر عن طريق التقليد(12)، ولعل هذه المدرسة قد تأثرت فيما ذهبت إليه بنظرية العلامة الفرنسي جبرائيل تارد Tarde، الذي يذهب إلى أن جميع الظواهر الاجتماعية فردية المنشأة وتصبح اجتماعية عن طريق التقليد(13).
وثالثتها: طائفة يمثلها العلامة الفرنسي بريال Breal، فقد سلمت هذ الطائفة، مع شيء من التحفظ، بمذهب الجبرية فيما يتعلق بظواهر الصوت "موضوع الفونيتيك"، ولكنها خالفت هذا المذهب فيما يتعلق بظواهر الدلالة "موضوع السيمنتيك"، فذهبت إلى أن كل التغيرات التي تحدث في مدلولات اللغة عبارة عن إصلاحات مقصودة أو شبه مقصودة، تعتمد على جهود يقوم به الناطقون بهذه اللغة، وتسير بها دائمًا إلى حيث الكمال، وأن من أهم هذه الجهود
ص58
ما يبذله الأدباء والكُتَّاب في كل عصر للنهوض باللغة.
والاتجاه الثاني: يتمثل في التخصص في دراسة فرع واحد أو بعض مسائل من فرع من بحوث اللغة، ولذلك انصرف المحدثون من علماء اللغة عما كان يحاوله القدامى من معالجة جميع المسائل، وآثر كلٌّ منهم التفرع لناحية من البحوث اللغوية، وكان لهذا الاتجاه فضل كبير في النهوض بمختلف شعب هذا العلم.
ومن بين هذه الشعب، خمس شعب اتسع نطاق البحث فيها اتساعًا كبيرًا في هذا العصر، وتخصص في دراستها كثير من العلماء، واستأثرت بقسطٍ وافر من نشاطهم، فوصلت إلى شأو عظيم في النضج والكمال بعد أن لم تكن شيئًا مذكورًا في المراحل السابقة، وهي: الفونيتيك" Phonetique، أو دراسة اللهجات العامية، و"السيكولوجيا اللغوية " Psychologie Linguistique، أو علم النفس اللغوي، وهو دراسة العلاقة بين الظواهر اللغوية والظواهر النفسية بمختلف أنواعها، وبيان أثر كل منها في الآخر، "والسيمنتيك " Semantique، أو دراسة اللغة من ناحية الدلالة، و"السوسيولوجيا اللغوية " Sociologie Linguistique، أو علم الاجتماع اللغوي، وهو دراسة العلاقة بين اللغة والظواهر الاجتماعية، وبيان أثر المجتمع ونظمه وتاريخه وتركيبه وبنيته ... في مختلف الظواهر اللغوية.
ص59
1- أما شعبة "الفونيتيك"، فيرجع الفضل في النهوض بها إلى طائفة كبيرة من العلماء في أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، وخاصة مدرسة "المحدثين من علماء القواعد Neo-Grammairiens، التي سبقت الإشارة إليها. فقد وجد أعضاء هذه المدرسة في مسائل "الفونيتيك"، ما يؤيد مذهبهم في "جبرية الظواهر اللغوية"، فخصّوا هذه الشعبة بعنايتهم، ووجهوا نحوها قسطًا كبيرًا من جهودهم، فبلغوا بها شأوًا راقيًا، وكشفوا عن الأسباب الصحيحة التي يرجع إليها تطور الأصوات اللغوية، ومن أشهر المبرزين في هذه الحلبة من أعضاء هذه المدرسة وغيرهم:
ليسكين Leskien، وبروجمان Brugmann، وأستوف Ostoff، وهرمان -بول Hermann-Paul. وأربعتهم من أقدم الأعضاء الألمان لمدرسة "المحدثين من علماء القواعد"، وإلى رابعهم يرجع النصيب الأكبر من الفضل في توجيه الأنظار إلى أثر التغيرات الجسمية الخاصة بأعضاء النطق في تطور اللغة من ناحيتها الصوتية، وقد مهَّد بذلك السبيل إلى علم الفونيتيك التجريبي، الذي أشرنا إليه فيما سبق.
وحاستون باريس Caston Paris، وهو أول فرنسي فكَّر في إنشاء معمل للتجارب المتعلقة بدراسة الأصوات، وقد أنشأه بالكوليج دو فرانس College de France، وإلى جهوده العظيمة في دراسة تطور الأصوات في اللغات الرومانية -وهي اللغات المتفرعة من اللاتينية- يرجع أكبر قسط من الفضل في النهوض بهذه الشعبة، وفي تأييد نظرية "المحدثين من علماء القواعد".
وبول باسي Paul Passy، الذي تُعَدُّ بحوثه في التطورات الصوتية وعواملها من أجل ما ألف في هذه الشعبة(14).
ص60
وروسلو Rousselot، وهو أول من استخدم الآلات في دراسة الصوت، وأنشأ بذلك الشعبة الشهيرة التي سماها: "الفونيتيك التجريبي"، ويرجع الفضل في توجيه روسلو هذا الاتجاه الجديد إلى الأساتذة ماري Marey، وهرمان بول Hermann Paul، وجاستون باريس Gaston Paris، كما سبقت الإشارة إلى ذلك(15).
2- وأما الدياليكتولوجيا، أو دراسة اللهجات الشعبية واللغات العامية، فقد كان مهملًا كل الإهمال قبل أواخر القرن التاسع عشر لأسباب كثيرة؛ منها أن العلماء كانوا يحاربون اللغات العامية، ويرون فيها مصدر خطر على الأدب، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، ومنها أنهم وجدوا في اللغات الفصيحة وفي اللغات القديمة مجالًا واسعًا للبحث استأثر بكل نشاطهم، ومنها أن دراسة اللغات الشعبية والعامية كانت تتطلب الأسفار والرحلات والاختلاط بسكان الريف، وعلماء اللغة في ذلك العصر كانوا يؤثرون الدراسة الهادئة في المكاتب والتنقيب في بطون المؤلفات.
ولم تبد العناية بهذه الشعبة إلّا منذ عهد قريب، ولكنها خطَّت في هذا الأمد الوجيز خطوات واسعة حتى كادت تلحق الفروع الأخرى بل سبقت بعضها، ويرجع الفضل في النهوض بها إلى طائفة من أعلام الباحثين في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين؛ من أشهرهم:
"جاستون باريس": الذي سبقت الإشارة إليه بين المبرزين من علماء الفونيتيك، وهو أول فرنسيّ نادى بوجوب دراسة اللهجات الشعبية واللغات العامية، وقد أنشأ بمعهد الدراسات العالية بفرنسا
ص61
Ecole Pratique des Hautes Etudes قسمًا خاصًّا لهذه الشعبة، وإليه يرجع الفضل في تمهيد الطريق لدراسة كثير من اللغات الشعبية الفرنسية.
والإيطاليان "كورنو" و"أسكولي" Cornu et Ascoli، اللذان تعد مؤلفاتهما في هذه الشعبة من أجَلِّ البحوث.
والأساتذة الفرنسيون: "تورتولون" Tourtoulon، و"برنجييه" Bringuiet، و"أنطوان توماس" Antoine Tomas، و"ألبرت دوزا" Albert Dauzat، الذين كان لجهودهم المشكورة في دراسة اللغات الشعبية الأوربية، وبخاصة اللغات الرومانية -وهي المتفرقة من اللاتينية- واللهجات الفرنسية، أثر كبير في النهوض بهذه الشعبة(16).
وأشهر من هؤلاء جميعًا عالمان اقتسما بينهما دراسة "الدياليكتولوجيا"؛ فعني أحدهما بناحيتها الصوتية "الفونيتيكة"، وهو الأب روسلو، الذي سبقت الإشارة إليه أكثر من مرة، وعني الآخر بناحيتها الدلالية "السيمنتيكية"، وهو العلامة جيليرون Gillieron.
ثم انتشر الاشتغال بهذه الشعبة بين جميع علماء "الفونيتيك" وجميع علماء "السيمنتيك"، وذلك لما تبين لهم من أهمتيها في دراستهم، وقد أصبح الآن من المتعذر أن يدرس أيّ موضوع لغوي بدون الاستعانة بهذه الشعبة.
3- وأما علم النفس اللغوي Psychologie Lingistique، فقد تضافر على النهوض به عوامل كثيرة، من أهمها اتساع البحوث المتعلقة بكسب الطفل للغة، وارتقاء الدراسات الخاصة بأمراض اللغة "الأفازيا Aphasie".
ص62
فقد كثرت الإصابات بهذه الأمراض في أثناء الحرب العالمية الأولى بين الجنود وغيرهم، فأتاح هذا فرصًا واسعة للبحوث والتجارب في هذه السبيل، وقد ظهر للعلماء على ضوء هذه الدراسات قوة الصلة التي تربط مظاهر اللغة بمختلف المظاهر العقلية، وتبين لهم أن كل دراسة لغوية لا تقوم على دراسة القوى النفسية، وكل دراسة نفسية لا تقوم على دراسة اللغة تكون ناقصة مبتورة، قليلة الجدوى، فاسدة النتائج؛ فعكف علماء النفس وعلماء اللغة على دراسة "علم النفس اللغوي"، وجعله كل فريق منهم شعبة مستقلة من بحوث علمه، وتوفر على دراسته عدد كبير من أعلامهم؛ فبلغوا به شأوًا راقيًا في النضج والكمال، ومن أشهر من برز فيه الأساتذة: ريبو(17) Ribo، وبالي(18) Bally، وبولان(19) Paulgan، وبوردون(20) Bourdon، وبرونو(21) Brunot، وجويوم(22) Guillaume، وفان جينيكين(23) Van Ginnken، وباولو فيتش(24) Pavlovitch، وبياجيه(25) piaget، وسان –بول(26) Saint-Paule، وسيجلاس Segla(27)، والعلامة فرديك جارلاندا(28) Frederic Garlanda، وأستاذي المأسوف عليه العلامة هنري دولاكروا Henri Delacroix، عميد كلية الآداب بجامعة السربون، وأستاذ علم النفس بها سابقًا؛ فقد وقف قسطًا كبيرًا من جهوده
ص63
العلمية على هذه الشعبة، وقام فيها ببحوث قيّمة، ألقى بعضها علينا في جامعة السربون، ونشر بعضها في كثير من المجلات النفسية والفلسفية، وضمن كثيرًا منها كتابه الشهير: "اللغة والتفكير"(29) Le Lengage et La Pensee.
4- وأما "السيمنتيك" أي: "دراسة اللغة من ناحية الدلالة" فقد كان لنهضة الشعب الثلاث السابقة أثر كبير في الارتقاء به من ناحيتي الطريقة والمادة، فقد تهذبت طريقته تحت تأثير "الفونيتيك"، واتسعت مادته وكثر إنتاجه بفضل دراسات "الدياليكتولوجيا" "علم اللهجات" و"علم النفس اللغوي".
وذلك أن علماءه قد أعجبوا بالاتجاه العلمي الذي نحا إليه زملاؤهم علماء "الفونيتيك"، والذي أشرنا إليه فيما سبق، فأخذوا يسيرون على غرارهم، ويختطون لأنفسهم في علاج مسائل الدلالة خططًا جديدةً أدنى إلى الكمال، وأقرب إلى مناهج البحث العلمي، فأهملوا جميع الطرق التي يسيطر عليها النظر الفلسفي ولا تؤدي إلى نتائج يقينية، واستخدموا زيادة على طريق الملاحظة التي كان يقتصر عليها كثير من القدامى، طرقًا حديثة أخرى؛ كطريقة التجارب وقياس الغابر على الحاضر، والموازنة، والاستنباط، واتخذوا في جميع هذه الطرق من وسائل الحيطة ما يكفل عصمتها من الزلل، ويبعد بها عن مظانِّ الانحراف؛ فأتيح بذلك لمناهج البحث السيمنتيكي ما أتيح لمناهج البحث الفونيتيكي من وسائل الرقي والتهذيب.
وكما ارتقت طريقة الدراسة في هذه الشعبة، اتسعت مادتها وكثر إنتاجها، وكان ذلك بفضل بحوث "الدياليكتولوجيا" -دراسة اللهجات العامية، وبحوث "علم النفس اللغوي"، فقد قدمت "الدياليكتولوجيا" مادة وفيرة لعلماء السيمنتيك، وكشفت لهم عن
ص64
آفاق واسعة كانت مجهولة من قبل، وحلّت لهم كثيرًا من المشكلات التي استعصى حلها عن القدامى منهم، وقد تبين لهم على ضوء "علم النفس اللغوي" أن أهم العوامل التي تتأثر بها اللغة من ناحية الدلالة ترجع إلى أمور نفسية، وأن كشف القوانين الخاضعة لها ظواهر شعبتهم يتوقف على الإلمام بمختلف العلاقات التي تربط الظواهر اللغوية بظواهر علم النفس، فاتجهوا إلى هذا العلم يستمدون منه المعونة من جهة، ويعملون على تهذيبه وتكملته وربط مسائله ببحوث شعبتهم من جهة أخرى، فأفاد من جهوهم أيَّمَا فائدة، وأصابت شعبتهم بفضله حظًّا كبيرًا من النهوض والكمال.
هذا، ومن أظهر علماء السيمنتيك أثرًا في هذه النهضة: من الإنجليز: العلامة "وتنى"(30) Withney، ومن الفرنسيين: "دار مستيتير" Arsene Darmesteter(31) ، و"بريال"(32) Michel Breal، وألبير دوزا(33) Albert Dauzat، ومن الإيطاليين: "كروس" Croce، ومن الألمان: فونت Wundt، وثام Thumb، ومارب Marbe.
5- وأما "علم الاجتماع اللغوي" Sociologie Linguistique، فقد تضافر على النهوض به "أعضاء المدرسة الاجتماعية الفرنسية Ecoles Sociologiques Francaise، التي أنشأها العلامة دوركايم Durkheim، في أوائل القرن الحاضر(34)، وطائفة من أئمة علماء
ص65
اللغة انضمت إلى هذه الدراسة واعتنقت مذهبها، ومن أشهرهم: الأساتذة دوسوسور De Saussure، ومييه Meillet، وفندريس Vendryes.
وترمي هذه البحوث كما تقدّم(35) إلى بيان العلاقة بين اللغة والحياة الاجتماعية، وأثر المجتمع وحضارته ونظمه وتاريخه وتركيبه وبنيته في مختلف الظواهر اللغوية.
وإلى هذه الشعبة تحتاج جميع الشعب الأخرى من علم اللغة، وذلك أن نشأة اللغة الإنسانية والأدوار التي اجتازتها، وحياة كل لغة، وما يطرأ عليها من غنًى وفقر، وقوة وضعف، وسعة وضيق، وانقسامها إلى فنون وإلى لهجات، وما تقوم به من صراع مع غيرها، وما ينجم عن هذا الصراع، والتطورات التي تحدث في أصواتها ومعانيها وأساليبها وقواعدها ... كل أولئك وما إليه ترجع أهم عوامله إلى ظواهر اجتماعية؛ فموضوعات البحوث التي نحن بصددها تمتزج بجميع فروع علم اللغة وتفسر ظواهرها.
غير أن علماء الاجتماع الذين أشرنا إليهم، ومن نهج نهجهم، قد أخذوا على قدامى الباحثين من علماء اللغة، وعلى أعضاء مدرسة "المحدثين من علماء القواعد"(36) تقصيرهم في بيان العلاقة بين الظواهر اللغوية والظواهر الاجتماعية، وانحرافهم أحيانًا عن جادة الصواب في هذه السبيل، وتفسيره لكثير من ظواهر اللغة، وخاصة الظواهر الصوتية تفسيرًا خاطئًا يبعد بها عن المجتمع وشئونه، فعملوا على سد هذا النقص وإصلاح هذه الأخطاء، فأنشئوا فرعًا خاصًّا سموه: "علم الاجتماع اللغوي"، أو "السوسيولوجيا اللغوية" Sociologie Linguistique، توفروا فيه على كشف العلاقات التي تربط بين الظواهر اللغوية ومختلف الظواهر الاجتماعية؛ فنهضوا بالدراسات اللغوية نهضة مشكورة، وقد زادهم قوة انضمام عدد كبير من أئمة علماء اللغة إليهم
ص66
"كفرديناند دوسوسور" Ferdivnand De Saussure، الذي وقف قسطًا كبيرًا من جهوده العلمية على هذه البحوث(37)، والأستاذ فندريس Vendryes، الذي نشر رسائل قيمة في هذا الفرع في كثير من المجلات العلمية، وعرج في مؤلفاته على كثير من مسائله(38)، والعلامة "مييه" Meillet، الذي تعد مؤلفاته من أهم مراجع علم اللغة في العصر الحاضر، ومن أوسعها نطاقًا، وأدقها بحثًا(39)، وقد جرت العاة أن يطلق على هذه الطائفة من اللغويين اسم: "علماء اللغة المحدثين" Neo-Linguistes.
وقد أوغل بعض أفراد هذه الطائفة، كالعلامة دوسوسور، في الانتصار لنظريتهم، حتى كاد ينكر أن لغير العوامل الاجتماعية أثرًا في شئون اللغة، فانبرى للرد عليهم طائفة من الباحثين في "علم النفس اللغوي"، على رأسها المأسوف عليه دولاكروا(40) Delacroix.
ص67
وطائفة من "علماء اللغة"، على رأسها العلامة دوزا(41) Dauzat، فعادت هذه المناقشات على علم اللغة بأحسن النتائج وأطيب الثمرات(42)
ص68
_______________
(1) بل إن هذه اللهجات كانت محاربة، ومعدودة من مصادر الخطر على الأدب، وقد بلغ العداء لهذه اللغات مبلغًا كبيرًا في فرنسا، حتى لقد عهدت الجمعية الوطنية Convention Nationale التي تمخضت عنها الثورة الفرنسية إلى الأب جريجوار -أحد أعضائها- عام 1794 أن يقدم تقريرًا عما ينبغي اتخاذه للقضاء على اللهجات الشعبية الفرنسية، وتعميم اللغة الفصحى.
(2) انظر صفحات 8، 9، 10.
(3) انظر الفصل الثاني من الباب الثاني.
(4) ولد بماينس Mayence عام 1791، وتوفي عام 1867، ومن أشهر مؤلفاته كتاب "القواعد المقارنة الهندية - الأوربية".
(5) هو أول من كتب في الفيلوجيا الجرمانية، ولد عام 1785، وتوفي عام 1863.
(6) فردريك دييز من أشهر علماء الفيلولوجيا الألمان، ولد عام 1794، وتوفي عام 1879، ومن أشهر مؤلفاته "معجم في أصول مفردات اللغات الرومانية" و"قواعد اللغات الرومانية" و"اللغات الرومانية Langues Romanes هي اللغات المتفرعة من اللاتينية".
(7) ولد بتور من أعمال فرنسا سنة 1844، وتوفي بها سنة 1898، وكان أستاذًا للفيلولوجيا بمعهد الدراسات العليا بفرنسا، ومن أشهر مؤلفاته: "بحث في القواعد التاريخية للغة الفرنسية"، "معجم في أصول كلمات اللغة الفرنسية".
(8) ولد عام 1800، وتوفي عام 1881، وله مؤلفات قيمة في آداب اللغة الفرنسية بالعصور الوسطى.
4 ولد عام 1761، وتوفي عام 1836، وله بحوث قيمة في آداب اللغة الفرنسية بالعصور الوسطى.
(9) ولد ببلدة ديسو Dessau من أعمال المانيا عام 1823، وتوفي بأكسفورد عام 1900، وهو ابن الشاعر غليوم مولر، تخرج من جامعتي لببزج وبرلين، ثم رحل إلى باريس حيث حضر دروس الأستاد برنوف Burnouf في اللغة السنسيكريتية، ثم ذهب إلى إنجلترا واستقر بأكسفورد؛ حيث عُيِّنَ أستاذًا بجامعاتها للآدب واللغات الحديثة، ثم أستاذًا للقواعد المقارنة، ومن أشهر مؤلفاته "دروس في علم اللغة" ظهر عام 1861، و"دروس حديثة في علم اللغة" ظهر عام 1864، وكان لهذين الكتابين شأن كبير في القرن السابق، وله كذلك مؤلفات كثيرة في الأديان وتاريخها.
6 ولد ببلدة شيريهمتون SHIRIHEMPTON، بجوار مدينة بريستول Pristol عام 1846، وقد خلف ماكس مولر في تدريس القواعد المقارنة بجامعة أكسفورد، وله نظريات ومؤلفات كثيرة في هذا العلم من أشهرها: "أصول الفيلولوجيا المقارنة" و"مقدمة في علم اللغة"، وقد كان كذلك من شهيري المستشرقين، وله عدة مؤلفات في كثير من اللغات السامية، وبخاصة اللغة الآشورية القديمة.
(10) اسمه لويس جبرائيل امبرواز Loues-Gabriel-Ambroise، ولد في مدينة ميو Millauمن أعمال فرنسا عام 1754، وتوفي بها عام 1840، وله مؤلفات كثيرة في السياسة والفلسفة، وكان من أشهر المتعصبين لنظام الحكومة الملكية الخاضعة للنفوذ الديني الكاثوليكي.
(11) آرنست رينان Ernest Renan، من أشهر المؤرخين والفلاسفة وعلماء اللغة الفرنسيين في القرن التاسع عشر، ولد ببلدة تريجييه Treguier عام 1823، وتوفي بباريس عام 1890، درس اللاهوت واللغات الشرقية والعلوم، ومختلف فروع الفلسفة والآداب، وتولى تدريس اللاهوت واللغة العبرية والتاريخ والفلسفة في كثير من المعاهد، وعُيِّنَ عضوًا بالأكاديمية الفرنسية، ومديرًا للكوليج دوفرانس College de France، وله نحو خمسين مؤلفًا كبيرًا في التاريخ العام، وتاريخ الديانات، وفي اللغات والأخلاق والفلسفة واللاهوت والسياسة وغيرها، وقد كان لمؤلفاته أكبر أثر في الثقافة الفرنسية في القرن التاسع عشر، ومن أشهر كتبه في المؤلفات: "تاريخ اللغات السامية" و"نشأة اللغة".
(12) انظر كتاب الأستاد سيس Sayce "أصول الفيلولوجيا المقارنة" Principles of Comparative philology، وكتابي سويت Sweet "تاريخ أصوات اللغة الإنجليزية History of English Sounds و"الدراسة العملية للغة" The Practical Study of Languge، وكتابي جيسبرسن Jespersen: "تطور اللغة" The Progress of Language و"الغة طبيعتها وتطورها ومنشئوها".
Language Its nature devlopment and origen.
(13)انظر كتابه "قوانين التقليد" Lois de l lmitation.
(14) من أشهر مؤلفاته في ذلك بحث في "دراسة التطورات الصوتية في اللغة" Etudes sur les changements Phonetiques، وقد ظهر هذا الكتاب عام 1890.
(15) انظر صفحتي 45، 60، هذا، ومن أشهر مؤلفات روسلو كتابه في "التغييرات الصوتية في اللغة" Les Modifications Phonetiques du Langage، الذي كان له أكبر أثر في النهوض بهذه الشعبة.
(16) من أشهر مؤلفات "أنطوان توماس": بحث في الفيلولوجيا الفرنسية Essais de philologie Francaise "وبحوث في الإيتيمولوجيا" "أصول الكلمات" الفرنسية Melanges Etymols Framcaise، ظهر أو لهما عام 1897، وثانيهما عام 1902، ومن أشهر مؤلفات العلامة "دوزا" في هذه الشعبة كتابه "اللغات العامية أو الريفية، Les Patois وكتابه "دراسات لغوية للهجات أوفيرني السفلى" في أربعة أجزاء Etudes linguistiques sur la Basse-Auvergne، أما الأستاذان "تورتولون" و"برنجييه" فقد قضيا شطرًا كبيرًا من حياتهما في دراسة بعض اللهجات الفرنسية.
(17) انظر على الأخص الفصل الثاني من كتابه تطور المعاني الكلية Evolutin des ldees Gebnerales، وكتابه "أمراض الذاكرة" Les Maladies de la Memoire.
(18) انظر على الأخص كتابيه بالفرنسية: اللغة والحياة" و"بحث في علم الأسلوب"
(19) انظر على الأخص كتابه بالفرنسية: "الوطنية المزدوجة للغة" .Double Fonction du Langage
(20) انظر كتابه بالفرنسية: "التعبير الطبيعي عن الانفعال واتجاهات اللغة.
(21) من أشهر مؤلفاته بهذا الصدرد كتابه بالفرنسية: "اللغة والتفكير".
(22) انظر كتابه بالفرنسية: "التقليد عند الطفل"، وعلى الأخص القسم الثاني الذي وقفه على التقليد في اللغة.
(23) انظر كتابه بالفرنسية: أصول علم اللغة النفسي".
(24) انظر كتابه بالفرنسية: "لغة الطفل".
(25) انظر كتابه بالفرنسية: "التفكير واللغة عند الطفل".
(26) انظر كتابه بالفرنسية: "الكلام النفسي".
(27) انظر كتابه بالفرنسية: "أمراض اللغة".
(28) انظر كتابه بالإيطالية: "فلسفة اللغة".
(29) انظر كذلك ما كتبه في الجزء الثاني من كتاب علم النفس.
Traite de Psychologie Par Dumas et collabolateurs.
(30) من أشهر مؤلفاته: "حياة اللغة" ظهر عام 1875، و"اللغة ودراستها" ظهر سنة 1867.
(31) من أشهر مؤلفاته: "حياة الكلمات" La Vie die des mots
(32) سبقت الإشارة إلى العلامة بريال وكتبه ومذهبه في السيمنتيك بآخر صفحة 58 وأول 59.
(33) سبقت الإشارة إلى العلامة دوزا في صفحة 62 وتعليقها، ومن أشهر مؤلفاته التي عرض فيها للسيمنتيك كتاباه: "فلسفة اللغة" و"حياة اللغة".
(34) من أشهر أعضاء هذه المدرسة الأساتذة: ليفي برول Levy Bruhl، وموس Mauss، وبوجليه Bougle، وفوكونيه Fauconnet، أستاذ الاجتماع بالسربون سابقًا، وهلفاكس Halbwachs، ودافي Davy، وقد كان لي شرف التلمذة على الأربعة الأول من هؤلاء بجامعة السربون وبالكوليج دوفرانس، وشرف الاشتراك مع المرحوم فوكونيه في طائفة من البحوث الاجتماعية، وبعض مؤلفاتي باللغة الفرنسية مصدَّر بمقدمة منه.
(35) انظر صفحة 12 رقم 6، وصفحة 13.
(36) انظر الفقرة الأخيرة من صفحة 57 وتوابعها.
(37) جمع تلاميذ العلامة دوسوسور بعد وفاته طائفة من بحوثه القيمة في كتاب سموه "دروس في علم اللغة" Cours de Linguistique Generale، طبع بلوزان عام 1916.
(38) من أشهر مؤلفاته: "اللغة" Le Langage و"مقتطفات من بحوث مييه" Melange Meillet، ومن رسائله: بحث نشر بصحيفة علم النفس Journal de Psychologie، عنوانه: "اللغات وصفاتها الاجتماعية ومذهب دوسوسور".
(39) العلامة مييه من تلاميذ فرديناند دوسوسور، وهو أستاذ في الكوليج دوفرانس، ومدير معهد الدراسات العليا بباريس، ورئيس "جمعية علم اللغة" بباريس، وهو من أكثر علماء اللغة مؤلفات وأوسعهم إنتاجًا، وقد كتب أكثر من عشرين مجلدًا ضخمًا في مختلف بحوث هذا العلم، منها: "علم اللغة التاريخي، وعلم اللغة العام" و"اللغات الهندية-الأوربية"، و"اتاريخ اللغة اليونانية"، و"الصفات العامة للغات الجرمانية"، و"اللغات في أوربا الحديثة"، و"لغات العالم"، وهذا الكتاب كان بالاشتراك مع الأستاذ مرسل كوهين Marcel Cohen وآخرين، وقد اشترك مع العلامة دوركايم Durkheim وأعضاء المدرسة الاجتماعية الفرنسية في إصدار "التقويم الاجتماعي Annee Sociologique، الذي يعد أهم مجلة أوربية في علم الاجتماع في العصر الحاضر.
وللأستاذ مييه في معظم أجزاء هذا التقويم بحوث قيمة في علم اللغة، من أهمها بحث ظهر في المجلد التاسع عام 1906، تحت عنوان: "كيف تتغير معاني الكلمات".
(40) انظر الفصل الثاني من الكتاب الأول من مؤلفه "اللغة والفكر"؛ فقد وقف هذا الفصل جميعه على نقد نظرية دوسوسور.
(41)انظر صفحات 182-195 من كتابه "فلسفة اللغة".
(42) سنعالج هذا الموضوع من جميع وجوهه في الفصل الرابع من الباب الثاني.

 




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.