أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-02-2015
20334
التاريخ: 17-02-2015
16334
التاريخ: 23-02-2015
1470
التاريخ: 17-02-2015
23938
|
مقدمة
المصدر عند علماء اللغة العربية ما دل على الحدث مجردا من الزمن، وتجرده من الزمن يميزه من الفعل الذي يدل على الحدث مقترنا بالزمن. فاذا قلنا مثلا : (قاتل الجندي العراقي عدوه قتال الابطال) كانت كلمة (قاتل) فعلا، لأنها دلت على الحدث المقترن بالزمن الماضي، وكانت كلمة (قتال) مصدرا لأنها دلت على فعل القتال من غير اقتران بالزمن.
وقد وقع الخلاف بين علماء اللغة العربية في ايهما اصل للآخر، وقد ذهب علماء البصرة الى ان المصدر هو الاصل للفعل ولجميع المشتقات (1). وذهب علماء الكوفة الى ان الفعل اصل للمصدر ولغيره من الأسماء المشتقة (2) كما سبقت الاشارة الى ذلك. وذهب السيرافي وأبو علي الى ان المصدر اصل للفعل وان الفعل اصل للمشتقات (3).
وأورد السيوطي (4) رأياً لبعضهم زعموا فيه ان الكلم كله اصل وليس منه شيء اشتق من غيره. واشهر الأقوال في ذلك القولان الأول والثاني وهما اللذان ذكرناهما في بحث المشتقات السابق.
ص205
وقد احتج البصريون والكوفيون على قوليهما في اصل الاشتقاق بادلة استندوا اليها في صحة ما يذهب إليه كل فريق وقد جمع ابن الانباري هذه الادلة في كتابه الانصاف في مسائل الخلاف (5)
فقد احتج الكوفيون بما يأتي :
1- ان المصدر يصح لصحة الفعل نحو (قاوم قواما) ويعتل لاعتلاله نحو (قام قياما). ولما صح لصحته واعتل لاعتلاله دل على انه فرع عليه.
2- ان الفعل يعمل في المصدر نحو قولك : (ضربت ضربا) فتصب (ضربا) بـ(ضربت) فوجب ان يكون المصدر فرعا على الفعل.
3- ان المصدر يذكر تأكيدا للفعل، ولا شك ان رتبة المؤكد قبل رتبة المؤكد، فدل على ان الفعل اصل والمصدر فرع والذي يؤيد ذلك انهم يجدون افعالا لا مصادر لها نحو : نعم وبئس وعسى وليس وفعل التعجب وهذا. فلو لم يكن المصدر فرعا لا أصلاً لما خلا عن هذه الأفعال لاستحالة وجد الفرع من غير أصل.
4- ان المصدر لا يتصور معناه ما لم يكن فعل فاعل، والفاعل ضع له فعل ويفعل، فينبغي ان يكون الفعل الذي يعرف به المصدر أصلا للمصدر.
5- ان المصدر سمي كذلك لأنه مصدور عن الفعل كما قالوا : (مركب فاره) و(مشرب عذب) أي (مركوب فاره) و(مشروق عذب) والمراد به المفعول لا الموضع. واحتج البصريون على مذهبهم بما يأتي :
1- ان المصدر يدل على زمان مطلق والفعل يدل على زمان متغير والمطلق اصل للمقيد.
وتوضيح ذلك ان المصدر يشترك في الازمنة كلها من غير اختصاص
ص206
بزمن معين، ولما لم يتعين زمان حدوثه لعدم اختصاصه اشتق له من لفظه امثلة تدل على تعين الازمنة ولهذا كانت الأفعال ثلاثة : ماض ومضارع ومستقبل لأن الازمنة ثلاثة ودل ذلك على ان المصدر اصل للفعل.
2- ان المصدر اسم والاسم يقوم بنفسه ويستغني عن الفعل وأما الفعل فإنه لا يقوم بنفسه ويفتقر الى الاسم. وما يستغني بنفسه ولا يفتقر الى غيره أولى بان يكون أصلا مما لا يقوم بنفسه ويفتقر الى غيره.
3- ان الفعل بصيغته يدل على شيئين الحدث والزمان، والمصدر بصيغته يدل على الحدث فقط والواحد اصل للاثنين.
4- ان المصدر له مثال واحد نحو (الضرب)، والفعل له أمثلة مختلفة كما ان الذهب نوع واحد وما يوجد منه أنواع وصور مختلفة.
5- ان الفعل بصيغته يدل على ما يدل عليه المصدر، والمصدر لا يدل على ما يدل عليه الفعل، و(ضرب) يدل على ما يدل عليه (الضرب) و(الضرب) لا يدل على ما يدل عليه (ضرب)، واذا كان كذلك دل على ان المصدر اصل والفعل فرع، لان الفرع لابد ان يكون منه الاصل. وصار هذا كما تقول في الانية المصوغة من الفضة فانها تدل على الفضة فرع عليها وماخوذة منها فكذلك هاهنا : الفعل فرع على المصدر ومأخوذة منه.
6- ان المصدر ليس مشتقا من الفعل لانه لو كان مشتق منه لكان يجب ان يجري على سنن في القياس ولم يختلف كما لم تختلف أسماء الفاعلين والمفعولين،
ص207
فلما اختلف المصدر اختلاف الأجناس كالرجل والثوب والتراب والماء والزيت وسائر الاجناس دل على انه غير مشتق من الفعل.
7- لو كان المصدر مشتقاً من الفعل لوجب ان يدل على ما في الفعل من الحدث والزمان وعلى معنى ثالث كما دلت أسماء الفاعلين والمفعولين على الحدث وذات الفاعل والمفعول. فلما لم يكن المصدر كذلك دل على أنه ليس مشتقا من الفعل.
8- ان المصدر سمي كذلك لأنه يعني الموضع الذي يصدر عنه، ولهذا قيل للموضع الذي تصدر عنه الابل (مصدر) فلما سمي مصدرا دل على ان الفعل قد صدر عنه.
وليس للخلاف بين البصريين والكوفيين وغيرهم ثمرة في الاستعمال ولذلك اثرنا الاكتفاء بعرض الاراء دون مناقشتها لأن الخلاف بين العلماء في هذه المسالة وقع في القول ولم يقع في العمل والاعلال فالفعل اصل فيهما للمصدر كما هو معروف(6).
ولم يكتف الصرفيون في تعريف المصدر بأنه ما دل على الحدث المجردة من الزمان لتمييزه من الفعل بل وسعوا التعريف لكي يكون جامعا مانعا من دخول امور أخرى منه تتضمن الحدث المجرد من الزمان فقد قالوا : ان المصدر ما دل على حدث مجرد من الزمان يتضمن احرف فعله لفظا او تقديرا او معرضا مما حذف بغيره كقولنا (علم علما) و(قاتل قتالا) و(وعد عدة) و(سلم تسليما).
فالعلم مشتمل على احرف (علم) لفظا، و(القتال) مشتمل على الف (قاتل) تقديرا لانه اصله (قيتال) بدليل ثبوت هذه الياء في بعض المواضع، فقد نطق بها في بعض المواضع نحو (قاتل قيتالا) و(ضارب ضيرابا، والاصل (قاتالا) و(ضارابا) لكن انقلبت الالف ياء لكسر ما قبلها(7) و(العدة) مصدر (وعد)، وأصلها (الوعد)، وقد خلا المصدر (العدة) من الواو التي في الفعل لفظا وتقديرا، ولكن عوض عنها التاء(8). والتسليم مصدر (سلم)
ص208
وأصله (السليم) قياسا بتشديد اللام، وقد حذف احد التضعيفين وعوض منه ثاء (التفعيل) الظاهرة في المصدر(9).
وقد احترز بقولهم (ما دل على الحدث) مما تضمن احرف الفعل ولم يدل على الحدث كقولهم : الجرح والكحل والدهن فهذه ليست مصادر، وانما هي أسماء للاثار الحاصلة بالفعل أي الاثار التي تحدثها الأفعال.
واحترز بقولهم : (متضمنا احرف فعله لفظا او تقديرا او معوضا مما حذف بغيره) مما نقص من احرف فعله لفظا او تقديرا من غير عوض وهو (اسم المصدر) الذي (ساوى المصدر في الدلالة على معناه وخالفه بخلوه – لفظا وتقديرا – من بعض ما في فعله دون تعويض) كـ(عطاء) فهو مساو لـ (إعطاء) معنى، ومخالف له بخلوه من الهمزة الموجودة في فعله. وهو خال منها لفظا وتقديرا ولم يعوض عنها شيء(10) ومثل ذلك (الوضوء) من الفعل (توضأ)، و(الكلام) من الفعل (تكلم) و(السلام) من الفعل (سلم).
والمصادر في اللغة العربية على أنواع مختلفة بحسب انواع افعالها بمنها مصادر الفعل الثلاثي، ومنها مصادر الفعل الرباعي ومنها مصادر الفعل الخماسي ومنها مصادر الفعل السداسي والملاحظ في اللغة العربية ان مصادر الأفعال الرباعية ومصادر الأفعال الخماسية ومصادر الأفعال السداسية مصادر قياسية. ونعني بالقياس هنا ان لهذه المصادر ضوابط اذا عرفناها عرفنا صياغة مصادرها من غير رجوع الى المعجمات وكتب اللغة الأخرى اما مصادر الأفعال الثلاثية فهي مصادر سماعية في الغالب. والمقصود بذلك ان المصادر لا يعرف غالبها الا بالرجوع الى كتب اللغة المختلفة لضبطها واستعمالها كما استعملها العرب الفصحاء فقد يكون للفعل
ص209
الثلاثي مصدران او اكثر فالفعل (بدا يبدو) بمعنى (ظهر) ورد في مصادره بدوا وبدوا وبداء وبداوة). والفعل (شرب) ورد في مصادره (شربا وشربا وشربا ومشربا وتشرابا) والفعل (خشي يخشى) ورد في مصادره (خشيا وخشيا وخشية وخشيانا ومخشية ومخشاة). والفعل (برأ يبرأ) بمعنى شفي من مرضه ورد في مصادره : (برأ وبرأ وبروءا). والفعل (سكب يسكب) ورد في مصادره (سكبا وتسكابا). والفعل (سار يسير) ورد في مصادره (سيرا وتسيارا ومسيرا ومسيرة وسيرورة) والفعل (ساق يسوق) ورد في مصادره (سوقا وسياقا وسياقة ومساقا). والفعل (سال يسسيل) ورد في مصادره (سيلا وسيلانا ومسيلا ومسالا). والفعل (سئم يسأم) ورد في مصادره : (سأما وسأمة وسأما وسأمة) والفعل (جرى يجري ورد في مصادره (جريا وجريانا وجرية وجرية وجراء).
وأمثلة ذلك كثيرة. ومع ذلك وضع الصرفيون ضوابط غالبة لمصادر الأفعال الثلاثية يمكن بها معرفة كثير من المصادر تلك الأفعال من غير الرجوع الى كتب اللغة.
ص210
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الانصاف في مسائل الخلاف 1 / 235.
(2) المصدر نفسه.
(3) تصريف الأسماء : محمد الطنطاوي 41.
(4) همع الهوامع 2 / 213 والمزهر 1 / 349.
(5) 1/ 235 – 236 بتصرف.
(6) تصريف الأسماء : محمد الطنطاوي 44.
(7) شرح ابن عقيل 2 / 52.
(8) المصدر نفسه.
(9) جامع الدروس العربية 1 / 175.
(10) شرح ابن عقيل 2 / 51 – 52.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|