أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2016
2425
التاريخ: 2-2-2021
2455
التاريخ: 2023-12-22
1238
التاريخ: 2023-04-08
1328
|
إن ترك من يجب عليه الإنفاق النفقة جاز لمن يجب الإنفاق له أن يرفع أمره الى الحاكم الشرعي، الذي يقوم بدوره بإلزامه بذلك، وهنا ينقسم الأمر الى نوعين:
أ- في نفقة الزوجة:
إن لم يقم الزوج بالإنفاق على زوجته جاز لها رفع أمرها الى الحاكم الشرعي الذي يستدعي بدوره الزوج ويأمره بأحد أمرين: إما أن ينفق على زوجته أو أن يطلقها، فإن امتنع عن كلا الأمرين يقوم الحاكم الشرعي بإجراء طلاقها منه مع تحميله كافة المسؤوليات الشرعية المترتبة على الطلاق من مهر ونفقة وخلافه، ويدل على ذلك ما رواه ابو بصير عن الإمام الباقر (عليه السلام) حيث قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقا على الإمام أن يُفَرِق بينهما)(1) .
وهنا يتبادر الى الذهن سؤالاً مفاده: ماذا لو لم ترد الزوجة رفع أمرها للحاكم الشرعي، أو لم تكن قادرة على ذلك نتيجة لظروفها؟ هل يجوز لها أن تأخذ من مال زوجها مقابل نفقتها ولو من دون علمه؟ وهل يعتبر هذا الامر سرقة؟
في الحقيقة إن الزوج إن لم ينفق على زوجته وكان قادراً على ذلك يجوز لزوجته أن تأخذ من ماله مقابل نفقتها الواجبة، والأحوط أن يكون الأمر بعد استئذان الحاكم الشرعي، وقد ورد في ذلك روايات منها ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن هنداً امرأة أبي سفيان جاءت الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: إن أبا سفيان شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما آخذ منه سراً وهو لا يعلم، فهل علي في ذلك من شيء؟ فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) (2).
وعليه فإن الزوجة تستطيع إذا لم تستطع تأمين نفقتها بشكل مباشر من الزوج وبرضاه، ولم تستطع أن ترفع أمرها للحاكم الشرعي لظروف خاصة جاز لها بعد الرجوع الى الحاكم الشرعي بمفردها لتستجيز منه أن تأخذ نفقتها من دون علم زوجها.
قصة وعبرة:
تقدم أحد الأزواج أمامنا بدعوى يطلب فيها أن يطلق زوجته، وكان غاضباً ويتكلم بعصبية وبعد سؤاله عن السبب رفض تبيانه وأصر على الطلاق، وحيث إننا لا نجري طلاقاً من دون الاستماع إلى الزوجة تم استدعاء الزوجة أمامنا وسؤالها عن الأسباب التي يريد زوجها من أجلها الطلاق، فأجابت بأن السبب هو أن زوجي إنسان مدمن على القمار وكان دائما يصرف كل أمواله على طاولة القمار من دون أن يترك لي ولأولادي ما يكفينا لمعيشتنا، وقد اخترت أن أقوم بأخذ مبالغ معينة على فترات من دون علمه كي أنفق على نفسي وأولادي، وهو لم يكن ليعلم بذلك كونه لا يعد أمواله قبل الذهاب الى طاول القمار لكنه في الفترة الأخيرة لاحظ أني لم أعد أطالبه بالمال مع العلم أني أقوم بتأمين نفقة الأولاد ونفقة نفسي، فشك بذلك وقام بعد أمواله ليجد بعد عدها أنها ناقصة، فصب عليّ جام غضبه، وضربني ضرباً مبرحاً، وقال عني إني سارقة، وإنسانة غير محترمة، ولا أستأهل أن أكون زوجة له، ولذلك يريد طلاقي، وبعد سؤاله عن صحة ما أفادت به زوجته فقال: إنه صحيح واستغرب من جرأتها بالاعتراف بما فعلت، فقلت له: لو أن شخصاً سرق لك مالك وأنكره عليك ولم يكن لك عليه موثقاً تستطيع من خلاله أن تقاضيه أمام القضاء المدني أو الشرعي، ووقع تحت يدك مال له، هل يكون أخذك لهذا المال سرقة؟ فقال: طبعا لا، فما آخذه هو حقي الشرعي، فقلت له ومن الناحية الشرعية نفقتك على زوجتك وأولادك حق شرعي لهم وواجب عليك، فلو تركته تكون سارقاً ويجوز لزوجتك أن تسترجع حقها منك بالأسلوب الذي اقترحته أنت في استرجاع مالك من الشخص الذي أنكره عليك، فالقضية هي نفسها فلماذا تجيز لنفسك ما تمنعه عن غيرك؟ هنا ومع أنه أحس بالإحراج وانزعج إلا أنه كابر ليقول إنه لا يقبل أن يكون مُستغفلاً وغبياً وأصر على إجراء الطلاق، وإن هذه العادات والتقاليد التي يجيز فيها الرجل لنفسه ما لا يسمح لزوجته به مما أجازه الشرع لها هو عادات وأعراف وتقاليد لا قيمة لها من الناحية الشرعية، والإسلام جاء ليمنعها في المجتمع، يجب علينا أن نعمل كي نتخلص من هذه الأمور ونعيد المجتمع إلى تعاليم الإسلام السمحاء.
ب - في نفقة الأقارب:
إذا كان الذي يجب الإنفاق عليه هم الأقارب وامتنع المنفق عن القيام بواجبه جاز لمن تجب له النفقة أن يرفع أمره الى الحاكم الشرعي الذي يلزمه بدفعها، فلوا امتنع عن تنفيذ هذا الأمر يقوم الحاكم الشرعي بأخذ حق من تجب له النفقة من مال الممتنع عن الإنفاق، وإن كان لا يملك مالاً ولكنه يملك عقاراً، أو متاعاً قام الحاكم الشرعي بإلزامه ببيع شيء مما يملك، وهذا ما صرح به صاحب الجواهر رضوان الله سبحانه وتعالى عليه حيث قال: (إن كان له مال ظاهر جاز له – أي الحاكم – أن يأخذ من ماله ما يصرف على النفقة، وإن كان له عروض، أو عقار أو متاع جاز له بيعه لأن النفقة حق كالدين)(3) .
نعم لو لم يرفع من تجب له النفقة أمره الى الحاكم الشرعي لسبب أو لآخر كأن يكون خائفاً منه أو من سطوته جاز له كما قلنا سابقاً أن يلجأ الى الحصول على حقه من خلال أخذه من دون علم المنفق الممتنع ولا يعد ذلك سرقة بل هو استنقاذ حق معلوم من مغتصبه، والأحوط أن يكون ذلك بإذن من الحاكم الشرعي
__________________
1ـ من لا يحضره الفقيه ج3 الصحفة 441.
2ـ مسالك الأفهام ج8 ص438.
3ـ جواهر الكلام ج31 ص 388.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف وحوزة قمّ المقدسة يبحثان سبل تعزيز التعاون في مجال التأليف والتحقيق والفهرسة
|
|
|